أكد  الإمام الأكبر على أن ظاهرة جرأةُ البعض على التَّكفيرِ والتَّفسيقِ والتَّبديعِ، وما تُسوِّغُه من استباحةٍ للنُّفوسِ والأعراضِ والأموالِ، هي ظاهرةٍ كفيلةٍ بهدمِ المجتمعِ الإسلاميِّ والإتيانِ عليه مِن قواعدِه، لو تُرِكَت ولم تُواجَه بالفقهِ الصَّحيحِ والعلمِ الخالصِ الصَّريحِ، وأنّ الحل الأنجع لانحسار تلك الظاهرة هو التمسك بخاصية الأمة الإسلامية الكبرى وهي الوسطية، وهي وسطيَّة فكريَّة، بين المحكِّمين للعقل حتى وإن خالف النُّصُوص القطعيَّة والصَّريحة، وبين الباخسين لدورِه المحوري والشرعي في تأمل النُّصُوص وإدراك دلالاتها، كما أنها وسطية في أصل التشريع والغاية منه، إذ الإسلام وسط في تشريعِه ونظامِه القانونيِّ والاجتماعيِّ، وأبرز ما تتجلَّى فيه الوسطيَّة هنا هو: التوازن بين الفرديَّة والجماعيَّة.

وأشار شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها جامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM، بمناسبة منح فضيلته الدكتوراة الفخرية في دراسات القرآن والسنة، إلى أن تجلِّيات ذلك التوازن المطلوب اليوم، إنَّما تقع في المساحة الوسط بين اتِّجاه المقدِّسين للتراث، وإنْ بدا فيه قصور البشر، واتِّجاه المتقاطعينَ مع التُّراث، وإنْ تجلَّت فيه روائع الهداية الإلهيَّة، أو في المساحة بين الحَرفيَّة النَّصِّيَّة التي تجمد على ظواهر النُّصُوص، وبين التأويليَّة التي تشتط في التعامل مع دلالة نصوص الوحي ومصادر الدين وحدودها، حتى تُفقدها معانيها وتعطل مصادر الهداية والتوجيه فيها، متجاهلة المنهج الذي مضى عليه المسلمون في تراثهم الزاخر، حين كانوا يتعاملون مع الدِّين نصوصًا وروحًا ومقاصِدَ، قبل أن يؤول الأمر إلى ما نشهده الآن، حيث وَقَفَ كثيرٌ منَّا عند ظَواهِرِ بعض النُّصوص، وجَمَد على فهوم السَّابقين، ونظرَ إليها نظرتَه للنَّصِّ المعصومِ، مع أنَّها نصوصٌ قابلةٌ للفَهم المتجدِّدِ والقراءة الواعيةِ لأهدافِ النَّصِّ ومقاصِده، حتى لا يقع المُسلم في الشُّعورِ بالاغترابِ أو الانفصام النَّفسي بين فكرِه وسُلوكِه.

وأكد فضيلة الإمام الأكبر أن منهجُ الأزهرِ التَّعليميُّ -منذ بدايتِه- مَنهجًا يحرِصُ على أن يُرسِّخَ في عقولِ الطُّلَّابِ ووُجدانِهم صورةَ الوجهِ الحقيقيِّ للإسلامِ، عَبْرَ ترجمةٍ صادِقةٍ لطبيعةِ التُّراثِ الإسلاميِّ وجوهرِهِ، في أبعادِه الثَّلاثَةِ: النَّقليَّةِ والعقليَّةِ والذَّوقيَّةِ، وكيف أنَّ هذه الأبعادَ الثَّلاثةَ تمتزِجُ امتزاجًا كامِلًا متناغِمًا في طبيعةِ «التَّكوينِ العلميِّ الأزهريِّ» مِن خِلالِ دِراسةِ علومِ النَّصِّ، والعقلِ، والذَّوقِ.
وهذا المَنهجُ يُمثِّلُ وسَطيَّةَ الإسـلامِ الَّتي هي أخصُّ وصفٍ لهذا الدِّينِ القَيِّمِ، كما يُمثِّلُ الفَهمَ المُعتدِلَ لنصوصِ الكتابِ والسُّنَّةِ، وما نشَأَ حولَهما مِن إبداعاتٍ علميَّةٍ وفكريَّةٍ وروحيَّةٍ، يحقق التكامل بين ثوابت الشرع ومتغيرات العصر، بالاجتهاد المنضبط لثوابت الدين ومقاصده، المنفتح على المتغيرات المستجدة باستمرار.

وتحدث فضيلة الإمام الأكبر عن قضايا التجديد مبينا أن واقع المسلمين اليوم يطرح سؤالًا كبيرًا عن مآل مسار التجديد، ومدى تحقيقه لأهدافه في فعاليةِ التجديدِ بشكلٍ عامٍّ، وأهم هذه الأسبابِ، عــدمُ التفرقةِ- عملِيًّا- بين ما هو ثابِتٌ في الدينِ وما هو مُتغيرٌ، إذ مِن المسلَّمِ به عند المسلمين جميعًا: أن الإسلام يشتمل على ثوابت خالدةٍ، وعلى متغيراتٍ مُتحركةٍ، وأنه في مجالِ الثوابتِ جاء بضوابط قطعيةٍ خالدةٍ لا تتأثرُ بتقلباتِ الزمانِ ولا بحركاتِ التطورِ، وهي قابلةٌ للتطبيقِ في عصرِ الذرةِ وسُفُنِ الفضاءِ، مثلما كانت كذلك في عصرِ الصحراءِ والإبِلِ تمامًا بتمام.

وأشار شيخ الأزهر إلى أن الأمرُ في مجالِ المتغيراتِ، خُوطِب فيه الناسُ بمبادئ عامةٍ، ومُجملاتٍ مرِنةٍ، وظنيَّاتٍ واسعةٍ، يُمكنُ أن تنزِل على الواقعِ بوجوهٍ شتى؛ تبعًا لتطورِ ظـروفِ الحياةِ وعلاقاتها، وعلمِ الإنسانِ وتجاربِه، مبينا فضيلته أن ثوابتُ الدينِ -التي لا تقبلُ التغيير- هي العقيدةُ، وأركانُ الإسلامِ الخمسةُ، وكل ما ثبت بدليلٍ قطعي من المُحرماتِ وأُمهاتِ الأخلاقِ، وما ثبت بطُرقٍ قطعيةٍ في شئونِ الأسرةِ من زواجٍ وطلاقٍ وميراثٍ، ومعاملاتٍ، مشيرا إلى أن الثنائيةُ بين ثوابت ومتغيراتٍ في رسالةِ الإِسلامِ تكشفُ عن إعجازِ هذه الرسالةِ، وأنها- بحق- دِيـنُ الفطـرةِ.

ومنحت جامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM، الدكتوراة الفخرية في دراسات القرآن والسُّنَّة، لفضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، حيث سلمها لفصيلته سمو ولي العهد السيد، تونكو علي رضاء الدين، ولي عهد ولاية نجري سمبيلان بماليزيا، بحضور السيد، داتؤ سري أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا، والبروفيسور محمد رضا وحيدين، رئيس جامعة العلوم الإسلامية الحكومية الماليزية USIM، ولفيف من الوزراء والعلماء والأساتذة والباحثين والطلاب الماليزيين.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: شيخ الأزهر جامعة العلوم الإسلامية الماليزية أحمد الطيب التكفير هدم المجتمع شیخ الأزهر

إقرأ أيضاً:

قرارات مجلس الوزراء – تفاصيل

#سواليف

#ناقش #مجلس_الوزراء في جلسته التي عقدها اليوم، برئاسة رئيس الوزراء الدكتور #جعفر_حسَّان، #آليَّة #ضبط #أسعار_السِّلع والمواد الغذائيَّة والرقابة عليها.

وشدَّد مجلس الوزراء على ضرورة إيلاء هذا الأمر أولويَّة قصوى للحدِّ من تأثيره على المواطنين، وتكثيف الكشف والرَّقابة المستمرَّة على الأسواق، وتفعيل الآليَّات والأدوات التي يمكن استخدامها لضبط الأسعار، خصوصاً للسِّلع التي شهدت أسعارها ارتفاعاً خلال الأيَّام الماضية ومنها الدَّواجن.

ووجَّه مجلس الوزراء، الوزارات والمؤسَّسات المعنيَّة إلى ضرورة تكثيف حملات الرَّقابة والتَّفتيش وإدامتها خلال الأشهر المقبلة، ووضع خطَّة واضحة منذ الآن؛ لتفادي أيَّ ارتفاع غير مبرَّر للأسعار خلال شهر رمضان المبارك.

مقالات ذات صلة مشاهد مؤثرة .. غزة تنتصر وتبدأ “اليوم التالي” بالتكبير وهتافات للمقاومة 2025/01/19

وأكَّد وزير الصِّناعة والتِّجارة والتَّموين المهندس يعرب القضاة استمرار الوزارة بتكثيف إجراءات الرَّقابة والتَّفتيش، واستخدام الأدوات الفنيَّة والرَّقابيَّة اللازمة لضبط الأسعار وفق أحكام التَّشريعات النَّافذة، لافتاً إلى أنَّ هذه الإجراءات التي تمَّ اتِّخاذها من وزارتيّ الصِّناعة والتِّجارة والتَّموين والزِّراعة، خلال الأيَّام الماضية أدَّت إلى زيادة الإنتاج؛ ما ساهم في خفض أسعار الدَّواجن عن نسب الارتفاع التي طالتها أخيراً بنسبة بلغت أكثر من 15%، وأنَّ الإجراءات مستمرَّة لضمان إعادة الأسعار إلى معدِّلاتها الطَّبيعيَّة.

وفي إطار الإجراءات المتعلِّقة بالتوسُّع في مشاريع الطَّاقة المتجدِّدة، قرَّر مجلس الوزراء منح موافقات جديدة على مشاريع طاقة متجدِّدة استراتيجيَّة، وذلك في ضوء صدور النِّظام المعدِّل لنظام تنظيم ربط منشآت الطاقة المتجددة على النظام الكهربائي وإعفاء نظم مصادر الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة النِّظام الجديد رقم 110 لسنة 2024م، والذي تمَّ بموجبه منح مجلس الوزراء صلاحيَّة تحديد حجم وطبيعة وآلية ربط منشآت الطاقة المتجددة في أيّ مشروع يقرِّر اعتباره استراتيجياً.

وتضمَّن القرار منح الموافقة لشركة البوتاس العربية للسير في إجراءات تنفيذ مشروع توليد الكهرباء من الطاقة المتجدِّدة ضمن المناطق التَّابعة لمنطقة امتياز الشَّركة في الأغوار الجنوبية، باستطاعة توليديَّة 30 ميجاواط، بالإضافة الى مشروع طاقة شمسيَّة عائم على برك المياه الداخلية للشَّركة باستطاعة توليدية 6 ميجاواط، وذلك باعتبارهما مشروعين استراتيجيَّن.

وتستهدف شركة البوتاس العربية من خلال تنفيذ هذين المشروعين تقليل الاعتماد على توليد الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وزيادة نسبة مساهمة الطَّاقة المتجددة في خليط الكهرباء المستخدمة في الشركة، وذلك باعتبارها متطلباً رئيسياً ومهمَّاً للتصدير للعديد من الأسواق العالمية خصوصاً الأوروبية منها، وبشكل ينسجم مع محرِّك الموارد المستدامة الوارد في رؤية التَّحديث الاقتصادي.

كما قرر مجلس الوزراء الموافقة على السَّير في إجراءات تنفيذ مشروع توليد الطاقة الكهربائية باستخدام الخلايا الشمسية باستطاعة 100ميجاواط للقوات المسلحة الأردنيَّة – الجيش العربي، والذي يهدف لتخفيض قيمة فاتورة الكهرباء على القوات المسلحة، ويسهم في تحقيق أهداف وزارة الطاقة والثروة المعدنية في رفع مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الكهرباء.

وسيتم إنشاء هذا المشروع في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وربطه على شبكة شركة الكهرباء الوطنية.

يُشار إلى أنَّ عدد الموافقات التي صدرت عن هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن لتنفيذ مشاريع طاقة متجدِّدة وصلت الى 3649 موافقة منذ صدور نظام تنظيم ربط منشآت الطاقة المتجددة على النظام الكهربائي وإعفاء نظم مصادر الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة رقم 110 لسنة 2024م.

وعلى صعيد متَّصل، قرَّر مجلس الوزراء الموافقة على تمديد مُهلة إعفاء نُظُم مصادر الطَّاقة المتجدِّدة وأجهزتها ومعدَّاتها وترشيد استهلاك الطَّاقة ومدخلات إنتاجها من الرُّسوم الجمركية والضَّريبة العامَّة على المبيعات حتى تاريخ 28/2/2025م.

ويأتي القرار لغايات تشجيع الجهات العاملة في قطاع الطَّاقة المتجدِّدة، التي لم تتمكَّن من استكمال طلبات الإعفاء خلال الفترة الممنوحة بموجب قرار مجلس الوزراء السابق بهذا الخصوص.

واشترط القرار أن تكون طلبات الإعفاء المقدَّمة قد تمَّتْ قبل تاريخ 2024/6/1م.

وقرَّر مجلس الوزراء أيضاً الموافقة على تسديد متأخِّرات حكوميَّة مستحقَّة لصالح شركة مصفاة البترول الأردنيَّة، ومستودعات وشركات الأدوية، والمركز الوطني للسُّكري والغدد الصمّ والوراثة، والمستشفيات الجامعيَّة، وشركات توزيع الكهرباء الوطنيَّة.

ويأتي القرار استمراراً لنهج الحكومة بتسديد جميع المتأخِّرات المتراكمة عليها خلال أربع سنوات، بشكل متدرج وحسب الأولويات؛ وذلك لغايات ضخ السيولة في السوق المحليَّة، والحدّ من زيادة هذه المتأخِّرات، وتمكين المؤسَّسات المستحقَّة لهذه المتأخِّرات من إدامة عملها وتقديم خدماتها للمواطنين بكفاءة.

على صعيد آخر، قرَّر مجلس الوزراء إحالة أمين عام وزارة الشَّباب الدكتور حسين الجبور على التَّقاعد، حيثُ سيتمّ السَّير في إجراءات تعيين أمين عام جديد وفقاً لنظام التَّعيين على الوظائف القياديَّة.

مقالات مشابهة

  • محافظ جنوب سيناء يوجه الشكر لشيخ الأزهر لدعم أبناء المحافظة عن طريق بيت الزكاة والصدقات
  • المحافظات العراقية التي قررت تعطيل الدوام الرسمي الأحد المقبل
  • المحافظات العراقية التي قررت تعطيل الدوام الرسمي الأحد المقبل - عاجل
  • فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر يستقبل محافظ جنوب سيناء لبحث سبل التعاون
  • توافق بين الأزهر والكنيسة.. علي جمعة يعلق على إضافة الدين للمجموع
  • «أهمية الأمن في الحفاظ على استقرار المجتمع وتقدمه» أمسية دينية لخريجي الأزهر بمطروح
  • وزير التعليم: التنسيق مع الأزهر والكنيسة لوضع منهج الدين.. ومقترح لإضافة مادة الأخلاق
  • باحث أزهري يحصل على الدكتوراه في التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين
  • قرارات مجلس الوزراء – تفاصيل
  • محافظ جنوب سيناء والمدير التنفيذي لبيت الزكاة والصدقات يسلمان جهازي تابلت لطالبتين مكفوفتين