حقق حزب العمال البريطاني بقيادة، كير ستارمر، انتصارا ساحقا في الانتخابات العامة بالمملكة المتحدة، ليصبح الرجل الأكثر انتماء إلى الطبقة العاملة من بين الذين تعاقبوا على رئاسة "العمّال" منذ عقود، هو رئيس الحكومة المنتظر.

اعترف رئيس الحكومة البريطاني الحالي، ريشي سوناك، الجمعة، بهزيمة المحافظين في الانتخابات التشريعية، قائلا إنه يتحمل "المسؤولية".

وأقر سوناك بأن "حزب العمال فاز في هذه الانتخابات التشريعية"، مضيفا بعد إعادة انتخابه في دائرته الانتخابيّة في ريتشموند بشمال إنكلترا، أن "الشعب البريطاني أصدر حكما واضحا الليلة.. وأنا أتحمل مسؤولية" هذه الهزيمة.

وحقق حزب العمال انتصاراً ساحقاً، لينهي بذلك 14 عاماً متتالية من حكم المحافظين ويفتح أبواب داونينغ ستريت أمام زعيمه، ستارمر.

عكس أوروبا.. لماذا توجهت بريطانيا "يسارًا" نحو العمّال؟ منح الناخبون البريطانيون حزب العمال (يسار وسط) الأغلبية البرلمانية في البلاد، لينتهي بذلك حكم حزب المحافظين الذي استمر لحوالي 14 عاما، في بدأ اليمين المتشدد في أوروبا يحكم قبضته وتشهد القارة "طفرة شعبوية".

وقالت  قناة "آي.تي.في"، الجمعة، إن الحزب المعارض فاز بما يصل إلى 326 مقعدا في الانتخابات البرلمانية، مما يعني أنه يتمتع الآن بالأغلبية في مجلس العموم المؤلف من 650 مقعدا، حسب وكالة رويترز.

وفي هذا السياق، قال ستارمر: "بريطانيا أولا والحزب (العمال) ثانيا.. سيتعين علينا التحرك على الفور، لكن لا أعدكم بأن الأمور ستكون سهلة".

"طموح بلا حدود"

كشف تقرير لوكالة فرانس برس، أن ستارمر قبل أن يتولى رئاسة حزب العمال، تدرج في مناصب مختلفة، من محام في مجال حقوق الإنسان إلى مدع عام للدولة، لكن يبدو أن "طموحه الذي لا حدود له وإمكاناته الهائلة للعمل" سيدفعانه إلى أعلى منصب سياسي في بريطانيا.

وأضافت الوكالة أن ستارمر (61 عاما) يعد الزعيم "الأكثر انتماء إلى الطبقة العاملة من بين الذين تعاقبوا على رئاسة الحزب المعارض منذ عقود".

وخلال جولة انتخابية، قال ستارمر للناخبين: "والدي كان صانع أدوات، وأمي كانت ممرضة"، رافضا تصوير منافسيه له على أنه ينتمي إلى النخبة الليبرالية المتعجرفة في لندن.

ويصف بعض المنتقدين ستارمر بأنه "انتهازي"، لكن مؤيديه يصرون على أنه "إداري براغماتي يتعامل مع منصب رئيس الوزراء بالطريقة نفسها التي مارس بها مسيرته المهنية، دون كلل وباستخدام الحجة القانونية"، وفق فرانس برس.

مشجع لأرسنال يميل للدعابة

وسيشغل المحامي السابق منصب رئيس الوزراء، بعد 9 سنوات فقط على دخوله عالم السياسة، و4 سنوات على توليه منصب زعيم حزب العمّال.

وكان ستارمر قد صرح في خطاب ألقاه بعد إعادة انتخابه في دائرته الانتخابية بشمال لندن: "الناخبون هنا وفي كل أنحاء البلاد قالوا كلمتهم، وهم مستعدون للتغيير ولإنهاء سياسة الاستعراض، وللعودة إلى السياسة بوصفها خدمة للجمهور".

ستارمر مشجع لنادي أرسنال

وذكرت فرانس برس أن ستارمر، مشجع فريق أرسنال لكرة القدم الذي دخل السياسة في وقت متأخر من حياته، "غير مرتاح في دائرة الضوء، ويكافح من أجل التخلص من صورته العامة باعتباره شخصية مملة".

ويحاول رئيس الحكومة البريطانية المنتظر أن يكون "مختلفا" بشخصية "تميل للدعابة" في مجالسه الخاصة.

وتعهد ستارمر بوقت سابق، بأنه في حال انتخابه فإنه سيحافظ على عادته المتمثلة بعدم العمل بعد الساعة السادسة مساء من أيام الجمعة، وتمضية هذا الوقت مع عائلته.

ولستارمر وزوجته فيكتوريا، التي تعمل في الخدمة الصحية الوطنية، ابن وابنة في سن المراهقة.

الموسيقى وقضايا اليسار

وُلِد كير رودني ستارمر في 2 سبتمبر 1962، ونشأ في منزل ضيق في ضواحي لندن برعاية أم تعاني من مرض خطير وأب بعيد عاطفيا.

تعلم ستارمر في المدرسة العزف على الكمان على يد نورمان كوك، عازف الغيتار السابق الذي أصبح منسق موسيقى مشهورا، وانضم إلى مدرسة موسيقى مرموقة في لندن خلال عطلات نهاية الأسبوع.

بعد دراساته القانونية في جامعتي ليدز وأكسفورد، حوّل ستارمر انتباهه إلى القضايا اليسارية، ودافع عن النقابات العمالية.

انتخابات بريطانيا.. سوناك يقر بالهزيمة وزعيم "العمّال" يعترف بـ"صعوبة المهمة" اعترف رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، الجمعة، بهزيمة المحافظين في الانتخابات التشريعية، قائلا إنه يتحمل "مسؤولية" ذلك، بعد فوز ساحق لحزب العمال. 

ستارمر صديق لمحامية حقوق الإنسان، أمل كلوني، التي تدرب معها على ممارسة المحاماة، وروى أنه تناول وجبة غداء معها ومع زوجها الممثل جورج كلوني ذات مرة.

وعام 2003، بدأ يقترب من المؤسسة السياسية، مما سبب صدمة لأصدقائه وزملائه.

في البداية تولى وظيفة تضمن امتثال الشرطة في إيرلندا الشمالية لتشريعات حقوق الإنسان. وبعد 5 سنوات، تم تعيينه مديرا للنيابة العامة في إنكلترا وويلز، عندما كان زعيم حزب العمال، غوردون براون، رئيسا للوزراء.

بين عامي 2008 و2013، أشرف على محاكمة أعضاء برلمان بتهمة استغلال نفقاتهم، وصحفيين بتهمة التنصت على الهواتف، ومثيري شغب شبان شاركوا في الاضطرابات في جميع أنحاء إنكلترا.

وحصل على لقب "سير" من الملكة إليزابيث الثانية، لكنه نادرا ما استخدم هذا اللقب.

وعام 2015 تم انتخابه عضوا في البرلمان عن منطقة في شمال لندن، حيث تغلب على ناخبيها الميول اليسارية، وفق فرانس برس.

وقبل أسابيع فقط من انتخابه، توفيت والدته بسبب مرض نادر في المفاصل، جعلها غير قادرة على المشي لسنوات عديدة.

واقعة مؤلمة

بكى ستارمر عام 2021 خلال مقابلة تلفزيونية وهو يروي كيف "حطّم" وفاة والدته والده.

وبعد عام واحد فقط من انتخابه عضوا في البرلمان، انضم ستارمر إلى مجموعة من النواب المتمردين في حزب العمال ضد اليساري، جيريمي كوربن، متهمين إياه بالافتقار إلى القيادة خلال حملة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

فشل التمرد في وقت لاحق من ذلك العام، لكن ستارمر انضم مجددا إلى فريق القيادة في حزب العمال بصفته متحدثا باسم بريكست، وبقي يؤدي هذا الدور حتى خلافته كوربن، الذي قاد الحزب إلى أسوأ هزيمة له في الانتخابات منذ عام 1935.

زعيم حزب العمال البريطاني السابق جيريمي كوربين - أرشيف

ومنذ ذلك الحين، أظهر ستارمر تصميما من خلال إعادة الحزب إلى موقع الوسط، و"قيادته حملة تطهير لإرث كوربن، إضافة إلى اجتثاث معاداة السامية داخل الحزب"، وفق فرانس برس.

اتهم اليسار ستارمر بـ"الخيانة"، لإسقاطه عددا من التعهدات التي قطعها خلال حملته الانتخابية، بما في ذلك إلغاء الرسوم الجامعية، لكن دفعه لإعادة التموضع الاستراتيجي لحزب العمال ووضعه مرة أخرى على سكة السلطة، يدل على أن النجاح أمر ثابت في حياة ستارمر، وفق فرانس برس.

وقال ستارمر مرة: "إذا ولدت دون امتيازات، فلن يكون لديك وقت للعبث"، مضيفا: "لا يمكنك الالتفاف حول المشكلات من دون حلها".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی الانتخابات وفق فرانس برس حزب العمال حزب العم

إقرأ أيضاً:

تعرف على رئيس وزراء بريطانيا الجديد كير ستارمر

حسم حزب العمال فوزه بأغلبية كبيرة في الانتخابات البرلمانية، تسلط الأضواء على كير ستارمر رئيس الوزراء بريطانيا المقبل بعد قرار رسمي من الملك. ستارمر محامٍ وشغل منصب محرر لمجلة تروتسكي في شبابه، وكان مناهضاً للملكية، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".

فقد اعترف أحد كتاب سيرته الذاتية بأنه "من الصعب تحديد هوية ستارمر"، حيث استخدم ستارمر، البالغ من العمر 61 عاماً، هذا الغموض لصالحه.

كما أن ستارمر أول زعيم منذ جيل جاء من الطبقة العاملة في بريطانيا حيث أتى بعد رئيس الوزراء ريشي سوناك الذي وجهت له تهم بأنه أكثر ثراء من أفراد العائلة المالكة.

وخلال الحملة الانتخابية، قدم ستارمر نفسه قائلا: "كانت أمي ممرضة، وكان والدي صانع أدوات".
كما تحدث عن نشأته مع فواتير غير مدفوعة وانقطاع الهاتف.

وسجل ستارمر نتائج جيدة في الاختبارات، وتمكن من الالتحاق بمدرسة ثانوية راقية. وكان من أوائل الأشخاص الذين التحقوا بجامعة ليدز، ثم قضى عاما في جامعة أكسفورد.

فيما يقول ستارمر إن والده شعر "بعدم الاحترام" بسبب عمله في أحد المصانع، وإنه كان بعيدا عاطفيا.

وبصفته أبا، يقول إنه يحاول "تخصيص وقت للأطفال" والتوقف عن العمل أيام الجمعة الساعة 6 مساءً.

أما حياته العملية كمحام، ففي بداية حياته المهنية، انضم ستارمر إلى شركة Doughty Street Chambers، المعروفة بتوليها قضايا حقوق الإنسان الكبيرة والمثيرة للجدل.

وقد حارب عقوبة الإعدام في دول الكومنولث، ودافع، على حد تعبير الصحف الشعبية، عن "قتلة الأطفال وقتلة الفؤوس".

كذلك كان جزءا من الفريق القانوني الذي دفع المحكمة الدستورية الأوغندية إلى إبطال الأحكام الصادرة بحق جميع الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام البالغ عددهم 417 شخصا.

وعمل ستارمر أيضا مجانا مع اثنين من الناشطين النباتيين الذين وزعوا منشورات تتهم مطاعم ماكدونالدز بتدني الأجور والقسوة على الحيوانات ودعم إزالة الغابات.

في حين رفع المطعم دعوى قضائية بتهمة التشهير، واستمرت هذه القضية والطعون العديدة فيها عقدا من الزمن، وهي واحدة من أطول المعارك القانونية في التاريخ البريطاني وانتهت القضية بنوع من التعادل.

كما أشرف على أول محاكمة بريطانية لإرهابيي تنظيم القاعدة، ووجه اتهامات ضد سياسيي حزب المحافظين والعمال المتورطين في فضيحة النفقات المتفجرة، التي كشفت عنها الصحافة لأول مرة.

واتُهم هو والمدعون العامون معه بالتحيز الشديد عندما تعاملوا بشدة مع الاعتقالات والتهم للأشخاص الذين قاموا بأعمال شغب في لندن بعد مقتل رجل أسود يُدعى مارك دوغان بالرصاص على يد الشرطة في عام 2011.

لم يدخل ستارمر في السياسة حتى بلغ الثانية والخمسين من عمره. كان ذلك قبل تسع سنوات فقط، في بلد بدأ فيه العديد من أعضاء البرلمان بالتخطيط لصعودهم إلى السلطة في أيام الدراسة الجامعية.

تم انتخابه لتمثيل منطقة هولبورن وسانت بانكراس في لندن في عام 2015 وعمل "وزير الظل" في المعارضة، نظرا للمهمة الناكرة للجميل المتمثلة في التفاوض على موقف حزب العمال الهش بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وكان ستارمر ضد مغادرة الاتحاد الأوروبي، لكن العديد من ناخبي حزب العمال كانوا يؤيدون ذلك.

فيما كانت التسوية الغامضة التي توصل إليها الحزب هي أنه ليس مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ولا ضده، ولكنه يريد إجراء استفتاء ثان.

وربما ساهمت هذه القضية وستارمر أيضا في خسارة حزب العمال الهائلة أمام المحافظين في عام 2019.

لكن بعد تلك الانتخابات، خرج زعيم حزب العمال جيريمي كوربين، ودخل ستارمر. وقد شرع في إعادة تشكيل حزب العمال.

إلى ذلك يشكك النقاد من اليسار في أن ستارمر لن يكون جريئا عندما يصبح رئيسا للوزراء، لكنه سيلتزم بالوسطية الناعمة.

وسينصب الكثير من تركيزه على السياسة الداخلية في محاولة لدعم الاقتصاد البريطاني ومعالجة شعور الناس بأن التكاليف اليومية أصبحت خارجة عن السيطرة.

وهو يريد خفض تكاليف الكهرباء المرتفعة من خلال إنشاء شركة مرافق خضراء جديدة تديرها الدولة.

كذلك يريد تقليل أوقات الانتظار للمواعيد الطبية وطب الأسنان.

يشار إلى أنه نادراً ما تتغير سياسة بريطانيا الخارجية في ظل حكومة جديدة، وفق مراقبين لا سيما أن السياسة الخارجية تبقى دون تغيير لافت خلال التحول من حكم المحافظين إلى حكم حزب العمال.

وقال ستارمر في وقت سابق إن بريطانيا ستظل عضوا قويا في حلف شمال الأطلسي، وستدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، وتدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس، بينما يدعو إلى وقف إطلاق النار.

وعلى الرغم من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يُنظر إليه على أنه فشل، وعدم وجود حماس لإجراء استفتاء آخر، فمن المحتمل أن تسعى بريطانيا تحت قيادة ستارمر إلى إقامة علاقة أوثق مع الاتحاد الأوروبي.

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء بولندا يأمل في التعاون الدولي المثمر بين بلاده وبريطانيا
  • رئيس الفلبين يهنئ رئيس وزراء بريطانيا الجديد بفوزه في الانتخابات التشريعية
  • تعيين كير ستارمر رسميًا رئيس وزراء بريطانيا
  • رد فعل ألمانيا على فوز حزب العمال في بريطانيا
  • من هو كير ستارمر رئيس وزراء بريطانيا الجديد؟
  • جلالة السلطان يبعث برقية تهنئة لرئيس وزراء بريطانيا الجديد
  • تعرف على رئيس وزراء بريطانيا الجديد كير ستارمر
  • من هو كير ستارمر رئيس وزراء بريطانيا ؟
  • بعد فوز حزب العمال.. كير ستارمر الأقرب لرئاسة الوزراء في بريطانيا