بيروت- شهدت الجبهة الجنوبية اللبنانية تطورات لافتة وتصعيدًا كبيرًا في إطار رد حزب الله على اغتيال القيادي محمد نعمة ناصر، المعروف بـ"أبو نعمة"، المسؤول عن وحدة "عزيز" في الجنوب، والذي يعادل في منصبه القيادي طالب سامي عبد الله الحاج "أبو طالب" الذي اغتالته إسرائيل في يونيو/حزيران الماضي.

وردا على عملية الاغتيال، أطلق حزب الله نحو 200 صاروخ وشن هجومًا جويا بالطائرات الانقضاضية على مواقع في الجليل الأعلى والأدنى والغربي والجولان ومنطقة عكا، ومنها مقر قيادة الفرقة 91 المستحدث في ثكنة "إييلايت"، ومركز استخبارات المنطقة الشمالية في قاعدة "ميشار" الإسرائيلية، وقاعدة "إيلاينا" للفرقة 143 على بُعد 35 كيلومترًا من حدود لبنان الجنوبية.

تطور كبير

وفيما تعتبر هذه الهجمات هي الأكبر والأوسع بين حزب الله وإسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية وقوع إصابات خطيرة بين الجنود بعد استهداف مركبة عسكرية، وقالت القناة الـ13 الإسرائيلية إنه تم رصد إطلاق مئات من القذائف الصاروخية والطائرات المسيّرة خلال الساعة الأخيرة.

وصرح رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين أثناء تأبين القائد أبو نعمة أن "سلسلة الردود ما زالت متتالية إلى ساعتنا هذه، وستبقى هذه السلسلة تستهدف مواقع جديدة لم يكن يتخيل العدو أنها ستصاب".

وفي قراءة لتداعيات اغتيال القيادي "أبو نعمة"، اعتبر الباحث السياسي هادي قبيسي أن ما حدث اليوم يمثل تقدما كبيرا من قبل حزب الله من حيث حجم العمليات والأهداف، بالإضافة إلى العمق الجغرافي، وذلك بعدما دخلنا في الفترة الماضية في مرحلة الرد الروتيني المعتاد، والتوازن النسبي بين الطرفين.

وبالنسبة لسيناريوهات الرد بعد تطورات اليوم، يعتقد أن هناك احتمالا لرد إسرائيلي في مكان ما، ولكن بشكل مدروس، "إذا تحول الأمر إلى تدحرج ورد مكافئ بالسعة والحجم والعمق، فقد نكون أمام نوايا متأججة لدى الإسرائيليين للتصعيد إلى حد ما والدخول في مسار جديد".

ويشير قبيسي إلى أن المقاومة ستذهب باتجاه الاستمرار في الرد، وقد تكون بنفس الوتيرة التي حصلت اليوم أو بأشكال وطرق أخرى، وبجدول زمني مختلف، وليس بالضرورة يوميا.

القيادي في حزب الله الحاج أبو نعمة كان مسؤولا عن وحدة عزيز في الجنوب اللبناني (مواقع التواصل) استمرارية الرد

من جهته، وصف العميد المتقاعد هشام جابر عملية الاغتيال بـ"الضربة الموجعة للحزب"، مضيفا أن الرد جاء سريعا مثلما حدث عندما اغتيال "أبو طالب"، ويقول للجزيرة نت "إذا سُئلنا اليوم عما إذا كان هذا الرد كافيا، ستكون إجابتي أنه لا يزال هناك جزء ثان إذا رأى حزب الله أن الرد الأول لم يكن كافيا ولم يكن موجعا، فهو سينتظر تأثيراته الميدانية".

وفيما يتعلق بالسيناريوهات المحتملة لتوسيع الحرب، يضيف العميد المتقاعد أن الاحتمالات مفتوحة، وستشمل توسيع نطاق العمليات العسكرية من حيث الكم والنوع والجغرافيا.

وبحسب جابر، فإن إسرائيل ستواصل عمليات الاغتيال دون تردد، وهو ما يدفع لطرح سؤال عما إذا كانت ستخرق خطوطًا حمراء معينة أو تنفذ عملية كبرى تُعتبر جزءًا من إطار "الحرب الواسعة"، أو ستكون "عملية محدودة" كما تم الإشارة إليها سابقًا، سواء كانت برّا أو بحرا أو جوا.

وفي جوابه عن سؤال إذا ما كان حزب الله سيعتبر العملية محدودة إن تمت؟ أو أنه سيعتبر أن العدو قد فتح الجبهة الواسعة وسيبدأ بالرد خلال أقل من ساعة؟ فأجاب جابر أنه يعتقد أن "الحرب الواسعة لن تفتح حاليًا، خاصةً بعدما صرح خبراء إسرائيليون ورئيس الموساد السابق والجنرالات السابقون بأن الجيش الإسرائيلي يعاني من التعب، ويحتاج إلى عامين لإعادة التأهيل والتنظيم".

ويشير العميد المتقاعد إلى استمرار الحرب النفسية والتهديدات، وكذلك الحرب الأمنية والاستخباراتية، بما في ذلك عمليات الاغتيال، مع وجود احتمالية أن الحرب النفسية والضغط على حزب الله قد يسهمان في تجنب الحرب الميدانية، وفقا لجابر.

مستويات غير مسبوقة

يؤكد المحلل السياسي فيصل عبد الساتر أن حزب الله ضاعف من ضرباته اليوم بعد اغتيال القيادي أبو نعمة، ووُصف هذا التصعيد بغير المسبوق على كل المستويات، سواء من حيث عدد الصواريخ التي أُطلقت، أو عدد المواقع التي استُهدفت، "حتى أن العدو الإسرائيلي اعترف بحدوث شيء ما في عكا، مما يشير إلى أن حزب الله يمتلك زمام المبادرة".

ويوضح عبد الساتر للجزيرة نت أن الإسرائيليين يدركون تمامًا أن أي معركة أو حرب واسعة يشنونها على حزب الله ستكون تكلفتها كبيرة جدا عليهم، بحُكم القدرة والخبرة القتالية والقيادة لدى حزب الله وضباطه وعناصره، بالإضافة لقدراته التسليحية التي بات الجميع يعترف بقوتها.

ومن وجهة نظره، فإن "الإسرائيلي معدوم الخيارات في هذا الإطار، وأن كل ما كان يروج له يعكس رغبته في إشراك الأميركيين والحلف الغربي معه في أي حرب واسعة على حزب الله، لأنه يدرك تماما أن هذه الحرب لن تكون نزهة على الإطلاق".

ويشير إلى أن الإسرائيليين يحاولون تقبل هزيمة جيشهم وقوتهم الأمنية والعسكرية في مواجهة حزب الله تحت مسميات متعددة، مثل رغبتهم في عودة سكان المناطق الشمالية إلى بيوتهم التي تم إخلاؤهم منها.

ويعتقد عبد الساتر أنه سيكون هناك سيناريو "الضربة الكبيرة"، تليه محاولة الذهاب إلى مفاوضات غير مباشرة، ولكن ليس من المؤكد أن يتغاضى حزب الله عن هذا الأمر، خاصة إذا تجاوز الأمر اغتيال بعض القادة أو الشخصيات الميدانية إلى ما هو أكبر من ذلك، أو في حال وُجّهت ضربة كبيرة إلى قيادة حزب الله، وهو ما قد يؤدي إلى الانزلاق نحو حرب شاملة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب الله أبو نعمة

إقرأ أيضاً:

السهام الشمالية تصيب المنطقة بالخطر والرد الإيراني يفتح فوهة الحرب الشاملة - عاجل

بغداد اليوم - بغداد 

أكد الباحث في الشؤون السياسية والإقليمية هاني الجمل، اليوم الخميس (3 تشرين الأول 2024)، وجود خطورة كبيرة على المنطقة بعد العملية العسكرية الإسرائيلية البرية في لبنان.

وقال الجمل في حديث لـ"بغداد اليوم"، ان "هناك خطورة كبيرة ليس فقط علي لبنان من عملية "السهام الشمالية" التي اطلقها الجيش الكيان الصهيوني ضد أهداف لحزب الله بل على عموم المنطقة، ولكنها ستستمر وفقا لتقييم الوضع وقد بدأت مداهمات محدودة ومستهدفة لحزب الله في منطقة الحدود بجنوب لبنان و التي كانت قد شكل تهديدًا مباشرًا للتجمعات السكانية في شمال إسرائيل".

وبين، ان "هذه العمليات تمت الموافقة عليها وتنفيذها وفق قرار القيادة السياسية وهذا ما دفع الجيش اللبناني الى الانسحاب مسافة 5 كيلومترات من الحدود مع إسرائيل لتفادى مواجهة غير متكافئة وازاء ذلك قد تقوم إسرائيل بعمل منطقة عازلة حتى خلف نهر الليطاني او التمركز في مناطق داخل لبنان ومن ثم القضاء على اذرع المقاومة في فلسطين ولبنان وسوريا وهو ما قد ينسحب أيضا على الحوثيين في اليمن".

وأضاف الباحث في الشؤون السياسية والإقليمية ان "هذا التغيير الجيوسياسي للمنطقة قد يشعل فتيل الازمة ويقود إلى حرب اقليمية ودولية في المنطقة في حال تدخلت ايران بعد العملية البرية في لبنان، او تدخلها ربما يكون من باب الرد على اغتيال امين عام حزب الله حسن نصر الله، وهذا متوقع، لكن هذا ربما يجعل المنطقة ككل ساحة حرب".

وتابع، ان "الرد الإيراني على إسرائيل، زاد من خطورة الحرب الواسعة في المنطقة، خصوصاً ان إسرائيل سوف ترد على الهجوم الصاروخي الأخيرة ضدها، والرد الإسرائيلي المرتقب سيكون نوعي وسيضرب اهداف استراتيجية في ايران، وهذا ما سيدفع نحو حرب إقليمية خطيرة وكبيرة".

وصعّدت إسرائيل هجومها ضد حزب الله، مع استعداد المنطقة لردها على هجوم صاروخي من طهران، أدى إلى تكثيف المخاوف من حرب شاملة، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

وذكرت الصحيفة أن الهجوم الصاروخي المفاجئ الذي شنته إيران، والذي قالت إنه جاء رداً على اغتيال إسرائيل لكبار قادة حزب الله وحماس، أدى إلى تقريب المنطقة من صراع شامل مع تصعيد إسرائيل لهجومها ضد وكلاء طهران.

وعدَّ تقرير لموقع المونيتور الأمريكي، أنه وفي أعقاب أكبر هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، يجد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه بين المطرقة والسندان، حيث يضغط عليه أتباعه للرد بقوة، ولكن الإدارة الأمريكية تحثه على تجنب حرب إقليمية شاملة.

وبينما تفكر القيادة الإسرائيلية في ردها على وابل الصواريخ الباليستية الإيرانية الذي بلغ نحو 200 صاروخ مساء الثلاثاء، يستعد الإسرائيليون للاحتفال ببدء العام العبري الجديد، مساء الأربعاء.

وقال مصدر سياسي إسرائيلي كبير للموقع: "تخيل لو كانت إيران تمتلك بالفعل قدرة نووية وكان أحد الصواريخ التي اخترقت الدفاعات الجوية يحمل رأساً نووياً. إذا أصبحت إيران نووية، فلن نتمكن من تحمل حتى صاروخ واحد يخترق سماءنا. إننا نحظى بفرصة تاريخية نادرة لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وإزالة التهديد النووي الإيراني، وتثبيت قوة الردع الإسرائيلية الجديدة والمعززة للأجيال القادمة".

وفي سياق الرد الإسرائيلي على إيران، قال مصدر سياسي إسرائيلي كبير: "إن الأمريكيين يدركون تمام الإدراك أننا مضطرون إلى الرد بقوة كبيرة ضد إيران"، مضيفاً أن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة مستعدة للمشاركة.

والخيار الأول هو مهاجمة صناعة النفط الإيرانية، وهي مهمة غير معقدة نسبياً مع نتائج مهمة محتملة، نظراً لتركيز معظم المرافق النفطية على جزيرة خرج في الخليج العربي.

والخيار الثاني، هو إلحاق الضرر برموز الحكومة والنظام، بشكل رئيسي ولكن ليس فقط في طهران، والخيار الثالث، هو أن إسرائيل قد تستهدف أيضاً كبار المسؤولين الحكوميين الإيرانيين، بما في ذلك قادة الجمهورية أنفسهم، بينما الخيار الرابع، هو تحقيق هدف إسرائيل المتمثل في مهاجمة وتدمير المنشآت والبنية الأساسية النووية الإيرانية.

مقالات مشابهة

  • السهام الشمالية تصيب المنطقة بالخطر والرد الإيراني يفتح فوهة الحرب الشاملة - عاجل
  • إسرائيل تدرس الرد على إيران باستهداف منشآت الطاقة لديها.. فما السيناريوهات المتوقعة؟
  • عادل حمودة يكتب: سنة على الحرب فى غزة انتهت بمشهد اغتيال «نصر الله»
  • نص خطبة الجمعة المقبلة.. «نعمة النصر والإستفادة بدروسها في الثبات»
  • لماذا لم يتوعّد حزب الله بالرد على اغتيال أمينه العام؟!
  • الردّ الإيراني سيُقابل حتمًا بردّ إسرائيلي... إنها الحرب الشاملة
  • خبيران إيرانيان: الحرب في مرحلة جديدة وهذه السيناريوهات المقبلة
  • حماس تبارك الرد الإيراني على اغتيال هنية ونصر الله ونيلفوروشان
  • بعد اغتيال نصرالله... كيف سيكون وضع حزب الله عند انتهاء الحرب؟
  • قلق وترقب.. دلالات الرد الحوثي على عملية اغتيال «حسن نصرالله»