حتّى الساعة، لا يُمكن القول إنّ فرنسا نجحت في إقناع اللبنانيين بالذهاب للحوار لمناقشة الأزمة الرئاسيّة، لأنّ هناك ملاحظات كثيرة على برنامجه، في وقتٍ، لوّحت فيه الدول الخمس في آخر إجتماع عقدته حول لبنان، بفرض عقوبات على معرقلّي الإنتخابات. وسريعاً رأى البعض وخصوصاً في المعارضة، أنّ الضغط على فريق الثامن من آذار يُعتبر الحلّ الأبرز لإنجاز الإستحقاق الرئاسيّ، بينما رفضت القوى "الممانعة" منطق العقوبات، ورأت فيه تدخّلا في شؤون اللبنانيين.


 
ولعلّ البيان الخماسيّ صدر لمصلحة المعارضة، إذ دعا الأفرقاء إلى ضرورة إنتخاب الرئيس إنطلاقاً من إحترام الدستور، أيّ دعوة مجلس النواب إلى الإنعقاد، والإقتراع في دورات متتاليّة لاختيار إحدى الشخصيّات المرشّحة. وحتّى الآن، يبدو أنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي لن يدعو لجلسة إنتخاب جديدة، بانتظار الإتّصالات الداخليّة، وعودة الموفد الفرنسيّ جان إيف لودريان إلى بيروت في أيلول المقبل.
 
وإذا لم يتترجم التقارب بين "التيّار الوطنيّ الحرّ" و"حزب الله" إلى اختيار إسمٍ موحّد للرئاسة، وبقي الإنقسام النيابيّ بين داعمٍ لوزير الماليّة السابق جهاد أزعور، ومؤيّدٍ لرئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة، فإنّ العقوبات ستكون سلاح الدول الخمس ضدّ جميع النواب الذين لا يقومون بواجبهم الدستوريّ. ويُشير المراقبون إلى أنّ لا شيء يُوحي حتّى اللحظة بحلحلة في الملف الرئاسيّ، على الرغم من أنّ برّي أعلن بعد لقائه بلودريان أنّ هناك تقدّماً، علماً أنّ موقف النائب جبران باسيل لا يزال رافضاً لفرنجيّة، بينما قدّم شروطه لـ"الثنائيّ الشيعيّ"، وأعلن أنّه يُريد ضمانة لإقرار المجلس النيابيّ لقانونيّ اللامركزيّة الإداريّة والصندوق الإئتمانيّ، لانتخاب رئيس "المردة" أو أيّ أحد سواه.
 
وبالعودة إلى موضوع العقوبات، يقول المراقبون إنّ الدول الغربيّة لم تُبدِ جدّية في فرضها سابقاً، ويُذكّرون أنّ وزارة الخزانة الأميركيّة وضعت على سبيل المثال النائب علي حسن خليل على لائحة العقوبات، بينما لا تزال سفيرة واشنطن لدى لبنان دوروثي شيا تتواصل مع برّي للبحث معه في مواضيع مختلفة، أكانت رئاسيّة، أم حول ترسيم الحدود البحريّة التي جرت منذ أقلّ من سنة، حيث أنّ الإدارة الأميركيّة أرادت التضييق على رئيس المجلس من خلال العقوبات على حسن خليل، بينما رأت أنّه من دون برّي كان يستحيل إنجاز ملف الترسيم مع العدوّ الإسرائيليّ، لأنّه صلة الوصل بينها وبين "حزب الله".
 
ويُدرك "الثنائيّ الشيعيّ" مدى حاجة الدول الخمس للبنان، وخصوصاً بعدما أصبح دولة نفطيّة، بانتظار بدء التنقيب عن الغاز في البلوكات اللبنانيّة. فالعقوبات تعني أنّ الولايات المتّحدة والمملكة العربيّة السعوديّة وفرنسا وقطر ومصر لن تتعامل مع أيّ شخصيّة يتمّ إدراجها في لائحة العقوبات، فيما يُعتبر برّي ممرّاً إلزاميّاً لكلّ زائر لبيروت. ففي عين التينة يبدأ أيّ مسؤول عربيّ أو دوليّ جولته إلى لبنان. من هنا، يرى المراقبون أنّه إذا كان رئيس المجلس يُعتبر أحد أبرز المعطّلين للانتخابات الرئاسيّة، فإنّ "معاقبته" تعني أنّ الدول الخمس ستعزل نفسها عن فريقٍ لبنانيّ وازن، يتخطّى "حركة أمل"، ليشمل "حزب الله" وغيره من مكوّني "الثامن من آذار".
 
ويُضيف المراقبون أنّ كافة المساعي الفرنسيّة أو الخارجيّة، على الرغم من أنّ أوليّات أميركا والسعوديّة ليست لبنان، تقوم على مساعدة اللبنانيين في إنجاز الإستحقاقات وليس فرض العقوبات. وكما يبدو، فإنّ الدول الخمس تُلوّح بالعقوبات ولا تُنفّذ تهديداتها، لأنّها تعلم أنّ هذه الخطوة ستدفع المعطّلين إلى التمسّك أكثر بخياراتهم، وما يقوم به لودريان بعدما أدرك أنّه يستحيل تفضيل أيّ طرفٍ على الآخر بعد فشل المبادرة الفرنسيّة الأولى، هو محاولة تقريب وجهات النظر بين المتخالفين، لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة.
وتوقفت الاوساط المراقبة عند قول بري امس ان الموفد الفرنسي جان إيف لودريان "تكلم معه نقلا عن اللقاء الخماسي طارحا الحوار الوطني وليس الحوارات المتفرقة". وحول العقوبات ووصفه بأنّه امتداد لـ"حزب الله" قال بري: "انا امتداد لكل شيء ومتل ما قلت قبل "انا بريّ وبحلاش عالرص".
وأشار الى انه "مستمر بترشيح فرنجية حتى النهاية ولما يصير في نتائج بموضوع الحوار بين الحزب والتيار سألوني اذا كنت مرتاح".
 
ويختم المراقبون قولهم إنّ موضوع العقوبات جاء لحثّ وتشجيع اللبنانيين على التوافق، ولبنان مهمّ بالنسبة لفرنسا، وهي لم ولن تتخلى عنه في أصعب ظروفه، من العام 2019 إلى انفجار مرفأ بيروت، وصولاً إلى الإنتخابات الرئاسيّة. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الدول الخمس حزب الله

إقرأ أيضاً:

بغض النظر عن المفاوضات.. كاتس: إسرائيل ستبقى بمواقعها في لبنان

بغداد اليوم - متابعة 

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة (14 آذار 2025)، أن قوات الجيش ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان بعد انتهاء مهلة اتفاق وقف إطلاق النار في 18 فبراير 2025.

وقال كاتس إن "إسرائيل ستبقى في المواقع الخمس التي أنشأتها في جنوب لبنان، بغض النظر عن المفاوضات مع دولة لبنان حول نقاط الخلاف على الحدود البرية".

وكانت رئاسة الوزراء الإسرائيلية أعلنت قبل ايام أنها وافقت على إجراء محادثات تهدف إلى ترسيم الحدود مع لبنان، وأنها ستفرج عن خمسة لبنانيين كانوا محتجزين لديها في خطوة وصفتها بأنها (بادرة حسن نية تجاه الرئيس اللبناني).

وأعلنت أنه تم الاتفاق على تشكيل ثلاث مجموعات عمل مشتركة مع لبنان وفرنسا والولايات المتحدة، بهدف مناقشة قضايا تتعلق بترسيم (الخط الأزرق)، والمواقع الخمس التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى ملف المحتجزين اللبنانيين.

ورغم انتهاء مهلة سحب إسرائيل لقواتها من جنوب لبنان بموجب وقف إطلاق النار في 18 شباط/ فبراير، إلا أنها أبقت على وجودها في خمس نقاط استراتيجية في جنوب لبنان على امتداد الحدود، ما يخولها الإشراف على بلدات حدودية لبنانية والمناطق المقابلة في الجانب الاسرائيلي للتأكد (من عدم وجود تهديد فوري).

المصدر:  وكالات

مقالات مشابهة

  • تح.رش بأجنبية أثناء توصيلها.. عقوبات رادعة لسائق النقل الذكي
  • محللون: سوريا تواجه تحديات داخلية وتدخلات خارجية
  • رابطة الأندية المصرية تفرض 3 عقوبات على الأهلي بعد غيابه عن مواجهة الزمالك
  • كاتس: باقون بالنقاط الخمس في جنوب لبنان إلى أجل غير مسمى
  • متحدث الحكومة الإيرانية ترد على عقوبات الغرب ضدها
  • الاتحاد الأوروبي يمدد العقوبات على روسيا
  • وفد من تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين زار وزير العمل محمّد حيدر
  • كاتس: إسرائيل ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان
  • كاتس: (إسرائيل) ستبقى في المواقع الخمسة في جنوب لبنان
  • بغض النظر عن المفاوضات.. كاتس: إسرائيل ستبقى بمواقعها في لبنان