يدلي الناخبون في إيران، الجمعة، بأصواتهم في الدورة الثانية من انتخابات رئاسية يتواجه فيها المرشح الإصلاحي، مسعود بيزشكيان، الذي يدعو للانفتاح على الغرب، والمفاوض السابق في الملف النووي المحافظ المتشدّد، سعيد جليلي، المعروف بمواقفه المتصلّبة إزاء الغرب.

وهذه الانتخابات التي جرت دورتها الأولى، في 28 يونيو، نظّمت على عجل لاختيار خلف لإبراهيم رئيسي الذي قُتل في حادث مروحية في 19 مايو.

وتلقى هذه الدورة الثانية متابعة دقيقة في الخارج، إذ أن إيران هي في قلب الكثير من الأزمات الجيوسياسية، من الحرب في غزة إلى الملف النووي الذي يُشكل منذ سنوات عدة مصدر خلاف بين الجمهورية والغرب.

وتجري هذه الانتخابات وسط حالة سخط شعبي عارم ناجم خصوصا عن تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب العقوبات الغربية التي أعيد فرضها على إيران. 

وفي الدورة الأولى التي جرت قبل أسبوع، بلغت نسبة الإقبال على التصويت 39,92 في المئة من أصل 61 مليون ناخب، في أدنى مستوى لها على الإطلاق منذ قيام الجمهورية قبل 45 عاما، علماً بأن نسبة المشاركة في التصويت كانت في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته تناهز 80 في المئة.

وسيفصل الناخبون في الدورة الثانية بين بيزشكيان (69 عاما) الذي يدعو إلى الانفتاح على الغرب، وجليلي (58 عاما) المعروف بمواقفه المتصلبة في مواجهة القوى الغربية.

وفي الدورة الأولى نال بيزشكيان 42,4 في المئة من الأصوات في مقابل 38,6 في المئة لجليلي بينما حلّ ثالثا مرشحّ محافظ آخر هو محمد باقر قاليباف.

المرشح الإصلاحي، مسعود بيزشكيان "الناس غير راضين"

وكان بيزشكيان شبه مغمور حين دخل الانتخابات لكنه تمكن من تصدّر السباق مستغلا انقسام المحافظين الذين فشلوا في الاتفاق على مرشح واحد.

ودعا قاليباف أنصاره للتصويت لجليلي في الدورة الثانية، بينما يحظى بيزشكيان بدعم الرئيسين السابقين الإصلاحي محمد خاتمي والمعتدل حسن روحاني.

بالمقابل، دعت شخصيات معارضة داخل إيران وكذلك في الشتات، إلى مقاطعة الانتخابات، معتبرة أنّ المعسكرين المحافظ والإصلاحي وجهان لعملة واحدة.

وبيزشكيان طبيب جرّاح ونائب عن مدينة تبريز (شمال غرب) ولديه خبرة محدودة في العمل الحكومي تقتصر على شغله منصب وزير للصحة بين 2001 و2005 في حكومة الرئيس خاتمي.

وعُرف بيزشكيان بكلامه الصريح، إذ لم يتردد في انتقاد السلطات خلال الحركة الاحتجاجية الواسعة التي هزت إيران إثر وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر عام 2022 بعد توقيفها لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة في البلاد.

وخلال مناظرة متلفزة جرت بينهما مساء الإثنين، ناقش الخصمان خصوصا الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد والعلاقات الدولية وانخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات والقيود التي تفرضها الحكومة على الإنترنت.

وقال بيزشكيان إن "الناس غير راضين عنا"، خاصة بسبب عدم تمثيل المرأة، وكذلك الأقليات الدينية والعرقية، في السياسة.

وأضاف "حين لا يشارك 60 في المئة من السكان (في الانتخابات)، فهذا يعني أن هناك مشكلة" مع الحكومة.

أنصار المحافظ المتشدّد، سعيد جليلي

من جهته، أعرب جليلي عن قلقه إزاء انخفاض نسبة المشاركة لكن من دون إلقاء اللوم على السلطة.

لكن المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، الذي دعا الأربعاء الناخبين إلى المشاركة في الاقتراع، قال إنه "من الخطأ تماما الاعتقاد بأن أولئك الذين لم يصوّتوا في الجولة الأولى هم ضد النظام".

وعلى الصعيد الاقتصادي، أكد جليلي خلال المناظرة قدرته على تحقيق نمو بنسبة 8 في المئة، في مقابل 5,7 في المئة بين مارس عام 2023 ومارس عام 2024.

كما ذكّر جليلي بمعارضته أي تقارب بين إيران والدول الغربية.

صلاحيات محدودة

كان جليلي، المفاوض في الملف النووي بين عامي 2007 و2013، معارضا بشدّة للاتفاق الذي أُبرم في نهاية المطاف بين إيران والقوى الكبرى بينها الولايات المتحدة، والذي فرض قيودا على النشاط النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات.

من جهته، أعلن بيزشكيان أنه سيضع في أعلى سلم أولويات حكومته إحياء الاتفاق، المجمّد منذ أن انسحبت واشنطن منه، عام 2018، في خطوة أحادية ترافقت مع إعادة فرض عقوبات على إيران.

وأيا تكُن نتيجة الانتخابات، فتأثيرها سيكون محدودا على توجّه البلاد لأنّ للرئيس في إيران صلاحيات محدودة. وتقع المسؤولية الأولى في الحكم على عاتق المرشد الأعلى الذي يُعتبر رأس الدولة، أما الرئيس فهو مسؤول على رأس حكومته عن تطبيق الخطوط السياسية العريضة التي يضعها المرشد الأعلى. 

وفي العاصمة، طهران، قال جواد عبد الكريم، وهو طباخ يبلغ 42 عاما، لوكالة فرانس برس إنه سيدلي بصوته الجمعة لكن "ما زلتُ لا أعرف لمن"، آملا في أن تساهم الحكومة الجديدة في إبطاء وتيرة التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية.

من جهتها، قالت فاطمة، المتقاعدة البالغة 75 عاما، إنها ستمتنع عن التصويت لأن "كلا المرشحين.. لا يهتمان بالناس إطلاقا".

أما علي، الطالب البالغ 24 عاما الذي فضّل عدم ذكر اسمه كاملا، فقال إن الخيار الأفضل بالنسبة إليه هو بيزشكيان لأنه "قادر على فتح البلاد أمام بقية العالم". 

وكان المرشح الإصلاحي دعا إلى "علاقات بنّاءة" مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية من أجل "إخراج إيران من عزلتها".

بالمقابل، جدد جليلي تأكيد موقفه المتشدد تجاه الغرب، معتبرا أن طهران لا تحتاج لكي تتقدم أن تعيد إحياء الاتفاق النووي الذي فرض قيودا مشددة على نشاطها النووي مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها.

وقال إن هذا الاتفاق "انتهك الخطوط الحُمر لطهران" من خلال القبول بـ"عمليات تفتيش غير عادية للمواقع النووية الإيرانية".

وخلال مشاركتها في مهرجان انتخابي مساء الأربعاء، قالت مريم الناروي، (40 عاما) إن جليلي يمثل "الخيار الأفضل لأمن البلاد".

وطوال مسيرته المهنية، تمكن جليلي بفضل ثقة المرشد الأعلى به من أن يتبوأ مناصب رئيسية في النظام.

وجليلي هو حاليا أحد ممثلي المرشد الأعلى في المجلس الأعلى للأمن القومي، أعلى هيئة أمنية في البلاد.

ومن المقرر أن تُعلن نتائج الدورة الثانية ظهر السبت.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الدورة الثانیة المرشد الأعلى فی الدورة فی المئة

إقرأ أيضاً:

إيران تشاور روسيا وتطالب بضمانات قبل جولة التفاوض الثانية مع أميركا

استبقت إيران جولة التفاوض الثانية مع الولايات المتحدة المقرر عقدها الأسبوع المقبل في العاصمة الإيطالية روما وطالبت اليوم بـ"ضمانات لتنفيذ الوعود برفع العقوبات عنها، معلنة أنها ستستقبل هذا الأسبوع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي. كما ستجري مشاورات مع روسيا.

وتوالت اليوم الاثنين التصريحات المتعلقة بالمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة بشأن برنامج طهران النووي حيث صرّح مصدر إيطالي بأن الجولة المقبلة من المفاوضات ستُعقد في روما.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مصدر في الحكومة الإيطالية رفض ذكر اسمه تأكيده أن الجولة المقبلة من المفاوضات ستُعقد في روما يوم السبت المقبل.

أما وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني فصرح للصحفيين في أوساكا باليابان، بأن الحكومة الإيطالية وافقت على استضافة المحادثات.

وقال تاجاني "تلقينا طلبًا من الأطراف المهتمة، من عمان، التي تلعب دور الوسيط، وقدمنا ​​ردا إيجابيا، ونحن مستعدون للترحيب، كعادتنا، بالاجتماعات التي يمكن أن تسفر عن نتائج إيجابية، وفي هذه الحالة بشأن القضية النووية".

(شترستوك) مطالب إيرانية

وفي طهران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، للصحفيين اليوم "من المرجح أن تعقد الجولة المقبلة من المحادثات في مكان آخر غير سلطنة عُمان التي استضافت الجولة الأولى من المحادثات يوم السبت الماضي في العاصمة مسقط".

إعلان

وأكد بقائي على أنه "لا بد من وجود ضمانات للوفاء بالالتزامات"، مضيفا أن "مسألة الضمانات تكتسب أهمية خاصة بالنظر إلى تاريخ الوعود المنقوصة في الماضي. إن شاء الله، سيواصل فريق التفاوض عمله مع مراعاة جميع هذه العوامل والنقاط".

وحذر من أنه "ما دامت لغة العقوبات والضغط والتهديد والترهيب مستمرة، فلن تُجرى مفاوضات مباشرة"، معتبرا أن "المواقف الأميركية المتناقضة هي السبب الرئيسي الذي يدفع طهران للحوار بشكل غير مباشر معها".

وأكد المتحدث أن المفاوضات غير المباشرة تقتصر على رفع العقوبات والملف النووي دون أي ملفات أخرى، مضيفا أنه "لا يمكن لواشنطن أن تدعي سعيها للحوار، بينما تواصل الضغوط والتهديدات في نفس الوقت".

مشاورات إيرانية روسية

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن وزير الخارجية عباس عراقجي سيزور روسيا خلال الأسبوع الجاري وسيتشاور مع موسكو بشأن المحادثات التي جرت في الآونة الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عُمان.

وأضاف بقائي أن زيارة وزير الخارجية لموسكو من المقرر أن تكون بنهاية الأسبوع. وأشار إلى أن الزيارة "كان مخططا لها سلفا، لكن ستكون هناك مشاورات بشأن المحادثات مع الولايات المتحدة".

وتلعب روسيا، التي لها مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي وتتمتع بحق النقض (الفيتو)، دورا في المفاوضات النووية بين الغرب وإيران بصفتها حليفا لطهران ومن الموقعين على الاتفاق النووي المبرم في 2015 الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018.

ودعت موسكو إلى التركيز على الاتصالات الدبلوماسية بدلا من الإجراءات التي قد تؤدي إلى تصعيد.

وفي الأسبوع الماضي، أجرت روسيا والصين وإيران مشاورات على مستوى الخبراء بشأن البرنامج النووي الإيراني في موسكو.

غروسي إلى طهران بعد غد الأربعاء (الأوروبية) زيارة غروسي

وعلى صعيد متصل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن بلاده ستستقبل هذا الأسبوع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.

إعلان

كما نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عن نائب وزير الخارجية كاظم غريب آبادي أن غروسي سيصل إلى إيران مساء بعد غد الأربعاء، وسيلتقي عراقجي والرئيس مسعود بزشكيان.

من جهته، قال غروسي إنه سيزور إيران في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، لمناقشة سبل تحسين وصول مفتشيه إلى برنامج طهران.

وكتب غروسي على موقع "إكس" قائلا: "إن استمرار التواصل والتعاون مع الوكالة أمر ضروري في وقتٍ تشتد فيه الحاجة إلى حلول دبلوماسية".

ولعب وفد الوكالة دورا محوريا في التحقق من امتثال إيران للاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى العالمية، وواصل عمله في الجمهورية الإسلامية، حتى مع تقليص طهران تدريجيا لصلاحياته في الوصول إلى المواقع بعد انسحاب الرئيس الأميركي  دونالد ترامب الأحادي الجانب من الاتفاق عام 2018.

قرار ترامب

على الجانب الأميركي، توقع الرئيس دونالد ترامب سرعة اتخاذ قرار بشأن إيران وذلك بعد جولة المباحثات بين بلاده وطهران في مسقط، وسط توقعات بجولة مباحثات ثانية بينهما في العاصمة الإيطالية روما.

وقال ترامب، أمس الأحد، إنه يتوقع اتخاذ قرار بشأن إيران على نحو سريع للغاية، بعد أن ذكر البلدان أنهما عقدا محادثات "إيجابية" و"بناءة" في سلطنة عمان أول أمس السبت واتفقا على الاجتماع مجددا هذا الأسبوع.

وأوضح ترامب، في تصريحه للصحفيين على متن طائرة الرئاسة، أنه اجتمع مع مستشاريه بشأن إيران ويتوقع اتخاذ قرار سريعا جدا. ولم يذكر مزيدا من التفاصيل. وقال "سنتخذ قرارا بشأن إيران على نحو سريع للغاية".

وأول أمس السبت، قال ترامب للصحفيين إن المحادثات الأميركية الإيرانية مضت على نحو "جيد"، وأضاف "لا شيء يهم حتى ننتهي من المحادثات، لذلك لا أفضل الحديث عنها. لكنها مضت على ما يرام. أعتقد أن الوضع المتعلق بإيران جيد للغاية".

إعلان

ولا يزال تخفيف العقوبات وتخصيب اليورانيوم من أبرز القضايا، وقد شهد الاتفاق النووي لعام 2015 موافقة إيران على خفض مخزونها من اليورانيوم بشكل كبير وتخصيبه بنسبة تصل إلى 3.67% فقط – وهي نسبة كافية لتشغيل محطة بوشهر للطاقة النووية.

واليوم، تخصب إيران ما يصل إلى 60%، وهي خطوة تقنية قصيرة من مستويات صنع الأسلحة، ولديها مخزون كافٍ لصنع قنابل نووية متعددة، إذا ما قررت صنعها.

وفي حين أن الولايات المتحدة تستطيع تقديم تخفيف للعقوبات على اقتصاد إيران المتعثر، فإنه لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى ستكون إيران مستعدة للتنازل.

مقالات مشابهة

  • مهرجان شباب الجنوب يفتتح دورته التاسعة ويكرم 10 رموز مسرحية ومحافظ قنا ونائبه
  • انطلاق الدورة السادسة لترينالي مصر الدولي للطبعة الفنية بعد غياب 19 عاما
  • ويتكوف: الاتفاق مع إيران مرهون بـ "شرطين"
  • إيران: جولة ثانية للمباحثات مع واشنطن تعقد في روما
  • ترامب يلوح بضرب منشآت إيران النووية قبل أيام من محادثات روما
  • عراقجي يكشف الدولة التي ستستضيف جولة المفاوضات الثانية مع واشنطن
  • إيران تشاور روسيا وتطالب بضمانات قبل جولة التفاوض الثانية مع أميركا
  • الخفيفي: بنغازي تخوض حربًا شاملة ضد الهجرة غير النظامية دون دعم دولي
  • جامعة أسيوط تعقد اجتماعًا لاختيار قيادات إدارية جديدة وتؤكد التزامها بالشفافية والكفاءة
  • الخارجية الإيرانية: واشنطن هي التي حرمت مواطنيها من الاستثمار في #إيران عبر وضع قوانين معقدة