بسبب الاتفاق الأخير.. جدل واسع بين الحكومة اليمنية والحوثيين
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
أثار الاتفاق الأخير المُبرم بين وفد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ووفد جماعة أنصار الله (الحوثيين) في المفاوضات التي جرت في العاصمة العمانية، بخصوص صفقة تبادل أسرى حوثيين بالقيادي في حزب الإصلاح، محمد قحطان، المخفي منذ 9 سنوات، لدى الجماعة، جدلا واسعا، في ظل عدم الحسم حول ما إذا كان "قحطان"، على قيد الحياة أم أنه قد توفي.
وأمس الأربعاء، أفاد مصدر يمني مشارك في مفاوضات مسقط لـ"عربي21" أنه "تم الاتفاق بين الوفد الحكومي والحوثي، على إجراء تبادل 50 أسيرا حوثيا مقابل السياسي والقيادي في الإصلاح، قحطان". قبل أن تتواتر تفاصيل الاتفاق التي توصف بـ"المثيرة" في هذا السياق.
"50 جثة مقابل جثة قحطان"
قال رئيس لجنة الحوثيين لشؤون الأسرى ورئيس الوفد المفاوض، عبد القادر المرتضى، إن "الاتفاق تضمّن الإفراج عن محمد قحطان مقابل الإفراج عن 50 من أسرى الجماعة لدى الطرف الآخر (الحكومة اليمنية)".
وأضاف المرتضى وفق ما نقلته وكالة "سبأ" بنسختها الحوثية، أنه "إذا كان متوفيا فيتم تسليم جثته مقابل تسليم الطرف الآخر 50 جثة من مسلحي الجماعة".
الرواية الحوثية غير الحاسمة بشأن السياسي قحطان، وتماهي الوفد الحكومي مع هذه السردية، أشعلت ردودا غاضبة في أوساط يمنية مختلفة، حيث هاجمت الفريق الحكومي المفاوض واتهمته بالفشل، وسط تساؤلات عن كيف يبرم اتفاقا قائما على احتمالات أن السياسي اليمني "قحطان" على قيد الحياة أم مات في سجون الطرف الآخر.
"قحطان حي"
وفي أحدث تعليق رسمي من حزب التجمع اليمني للإصلاح بخصوص قحطان، الذي يشغل عضو هيئة رئاسة الحزب، قال عدنان العديني، وهو المتحدث باسم الحزب إن "لدينا في الإصلاح معلوماتنا المؤكدة بأن الأستاذ محمد قحطان، عضو الهيئة العليا للحزب، على قيد الحياة".
وأضاف العديني عبر موقع التواصل الاجتماعي "إكس": "نحمّل المليشيا الحوثية التي تختطفه وتخفيه قسريا منذ عشر سنوات كامل المسؤولية عن حياته، خاصة بعد التصريحات اللا أخلاقية التي ترددها بعض قيادات المليشيا"، مؤكدا في الوقت ذاته أن "الإفراج العاجل عنه أولوية قصوى".
لدينا في الإصلاح معلوماتنا المؤكدة بأن الأستاذ محمد محمد قحطان عضو الهيئة العليا للحزب، على قيد الحياة، ونحمّل المليشيا الحوثية التي تختطفه وتخفيه قسريا منذ عشر سنوات كامل المسؤولية عن حياته خاصة بعد التصريحات اللا أخلاقية التي ترددها بعض قيادات المليشيا، ونؤكد أن الإفراج العاجل… — عدنان العديني (@AdnanOdainy) July 4, 2024
"مجرد احتمالات"
من جهته، قال نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة التابعة لمجلس القيادة الرئاسي، عبد الملك المخلافي، إنه "لا يجوز تحت ذريعة الواقعية السياسية تحويل حياة وحرية شخصية سياسية ووطنية كبيرة، وقضية بحجم تغيّب القيادي المختطف المناضل محمد قحطان، إلى مجرد احتمالات بعد عشر سنوات من إخفائه قسريا".
وأكد المخلافي عبر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" على أنه "لا يجوز أيضا، بناء اتّفاقات عن مصيره على احتمالات من المعيب أخلاقيا الترويج لها، ومن الخطأ قانونيا التسليم بها، ومن غير المقبول سياسيا الموافقة عليها في تفاوض مع طرف هو الذي اختطف وأخفى قحطان ويعرف تماما أين هو".
وتابع وزير الخارجية اليمني الأسبق: "فيتم القبول منه (الحوثي) أن لا يشمل الاتفاق- ابتداء- الإفصاح عن مكان وجوده والسماح بزيارة أسرته له، وتأجيل ذلك إلى اتفاق يقبل احتمالات تتضمن احتمال قتله وعودته جثة".
لا يجوز تحت ذريعة الواقعية السياسية تحويل حياة وحرية شخصية سياسية ووطنية كبيرة، وقضية بحجم تغيب القيادي المختطف المناضل "محمد قحطان"، إلى مجرد احتمالات بعد عشر سنوات من إخفائه قسريا
كما لا يجوز بناء اتفاقات عن مصيره على احتمالات من المعيب أخلاقيا الترويج لها، ومن الخطأ قانونيا… — عبدالملك المخلافي (@almekhlafi59) July 4, 2024
وحسب المخلافي فإن "الإفصاح عن مكان قحطان لا يحتمل التأجيل، ويسبق أي اتفاق للتبادل، كما أن من الخطأ الذهاب لتحديد مقابل الإفراج عنه بتلك الطريقة المفتقدة الحصافة والأخلاق والمنتهكة لحقوقه الإنسانية ولحقوق أسرته بل لحقوق المجتمع كله وحقوق الإنسان".
وشدّد المسؤول اليمني على أن "إفصاح الحوثي عن مكان قحطان- بعد عشر سنوات- يجب أن يكون أساسا وبداية الاتفاق للكل مقابل الكل، ودليل على مصداقية مليشيا الحوثي المسؤولة عن جريمة خطفه وإخفائه القسري".
"سذاجة وتواطؤ"
وفي السياق، نفسه، قال الكاتب والباحث اليمني في الشؤون الدبلوماسية، مصطفى ناجي إن "التلاعب بمصير القيادي الإصلاحي محمد قحطان يعود لثلاثة أشياء منها: سذاجة وغباء وانقياد الطرف الحكومي".
والأمر الثاني يضيف ناجي عبر "إكس" أنه "يكمن في سياسة إجرام ممنهجة من الإخفاء وسادية في التعامل من طرف الحوثيين".
أما الأمر الثالث، فأرجعه الكاتب والباحث اليمني إلى "تواطؤ من طرف الوسيط الأممي وغياب مسطرة أخلاقية لدى مكتب المبعوث في التعامل مع المختطفين والمخفيين والمعتقلين".
التلاعب بمصير القيادي الاصلاحي محمد قحطان هو حاصل ثلاثة أشياء :
- سذاجة وغباء وانقياد من طرف الشرعية،
-سياسة اجرام ممنهجة من الإخفاء وسادية في التعامل من طرف الحوثيين،
- تواطؤ من طرف الوسيط الاممي وغياب مسطرة اخلاقية لدى مكتب المبعوث في التعامل مع المختطفين والمخفيين… — mustafa naji مصطفى ناجي (@mustafaAljabzi1) July 4, 2024
وقال إنه ليس صحيحا أن الأمم المتحدة تعمل كوسيط يسهل اتفاق أطراف الصراع فقط، بل هي تعمل وفق منظومة مبادئ أخلاقية وإنسانية وأولها "حفظ وصيانة كرامة الفرد إما حيا أو ميتا معتقلا أو حراً طليقاً"، موضحا أن "اتفاق المتخاصمين على شيء يخالف هذه المبادئ، لا يعفي الوسيط من تهمة التواطؤ والإخلال بالعهد"، وفق تعبيره.
وكان مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، قد أعلن الأربعاء، أنّ جولة المفاوضات الجارية والتي انطلقت في سلطنة عمان بشأن ملف المحتجزين على خلفية النزاع تجري في أجواء إيجابية وبناءة حتى الآن"، مضيفا أن "الأطراف قد توصلت لتفاهم حول إجراءات لإطلاق سراح محتجزين على ذمة النزاع بينهم محمد قحطان".
وفي بيان صادر عن مكتب "غروندبرغ"، قال: "يشدد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن على أهمية استكمال التفاوض حول هذا التفاهم بروح من المسؤولية لتحقيق نتائج ملموسة على طريق الإفراج عن جميع المحتجزين على خلفية النزاع بموجب مبدأ "الكل مقابل الكل".
وأشار إلى أن "جولة المفاوضات الحالية تأتي كجزء من الجهود الأممية المستمرة في دعم الأطراف لتنفيذ التزاماتها بموجب اتفاق ستوكهولم"(وقع في ديسمبر/ كانون أول 2018).
ولا يزال القيادي في حزب الإصلاح اليمني، محمد قحطان، مخفي قسراً في سجون جماعة الحوثي، للعام التاسع على التوالي، فيما ترفض الجماعة الكشف عن مصير قحطان أو السماح له طيلة هذه السنوات بالتواصل مع أسرته.
ويعتبر قحطان أحد الشخصيات الأربع الذين شملهم قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والذي طالب فيه الحوثيين بالإفراج عنهم.
والأحد الماضي، بدأت في مسقط، جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة اليمنية المعترف بها، وجماعة الحوثيين لبحث ملف الأسرى والمختطفين، في ظل حالة من عدم الثقة تسود أجواء هذه المفاوضات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية اليمنية العمانية الحكومة اليمنية مجلس الأمن الدولي اليمن عمان مجلس الأمن الدولي الحكومة اليمنية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة الیمنیة على قید الحیاة مکتب المبعوث الإفراج عن فی التعامل محمد قحطان عشر سنوات لا یجوز من طرف
إقرأ أيضاً:
أين تتجه سوريا بعد الاتفاق بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية؟
سوريا- في خطوة اعتبرت تاريخية، وجاءت بوقت حساس ومفصلي، وبينما تعالج الحكومة السورية قضية التمرد بالساحل السوري، أعلن عن التوصل لاتفاق بين الرئاسة السورية وقوات سوريا الديمقراطية لرسم خارطة الطريق في استكمال وحدة الأراضي السورية ولا سيما شمال شرق سوريا "منطقة الجزيرة" الغنية بالثروات الباطنية النفطية، وبها سلة زراعية ومنفذ حدودي على دولتين عربيتين.
ظهر الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي في صورة واحد وهما يوقعان وثيقة اتفاق تتضمن 8 بنود، في وقت كان يظن الكثير أن المسافة بين الطرفين بعيدة وتحتاج وقت لإنجاز هذا التقارب.
واعتبر الدكتور كمال عبدو عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال السوري، في حديث خاص للجزيرة نت، أن هذا الاتفاق سيدعم التوافق السياسي ويعزز وحدة الأراضي السورية، ما سيؤدي لظهور الجمهورية السورية مجددا.
ومعروف أنه خلال سنوات الثورة السورية تم تمزيق وحدة الجغرافية السورية بناء على استقطابات طائفية وإثنية.
وأضاف المتحدث ذاته أن هذا الاتفاق، الذي جاء بين أكبر مكونين في سوريا العربي والكردي، يؤكد على إعادة وحدة سوريا في ظل دولة مركزية واحدة يتمتع فيها جميع المواطنين بالواجبات والحقوق نفسها، بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية والعرقية.
إعلانبدوره، قال الباحث السياسي في الشأن السوري رضوان الأطرش، للجزيرة نت، إن التحقيق السياسي من هذا الاتفاق هو حكومة سورية شاملة لجميع أبناء الشعب السوري تشترك فيها قوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة لإشراكهم في التمثيل بالمجلس التشريعي المؤقت المزمع تشكيله.
وأضاف أن جولات التفاوض التي كانت سابقا بين السلطة في دمشق وقوات سوريا الديمقراطية أثمرت اليوم عن هذا الاتفاق الذي سيؤدي إلى استقرار سياسي في المنطقة، من خلال عودتها سياسيا وعسكريا واقتصاديا وأمنيا واجتماعيا إلى الدولة السورية بأمن وسلام.
لماذا الآن؟
مع انفتاح السلطة السورية المؤقتة على العالم، وحضور الرئيس السوري قمة جامعة الدول العربية، والزيارات العربية التي قام بها، تبقى هناك إرهاصات تعيشها الحكومة السورية ولا سيما على الصعيد الاقتصادي في ظل المؤسسات المدمرة، وارتفاع نسب البطالة، والخصاص النقدي في خزينة الدولة، بالإضافة إلى عدم إزالة العقوبات عن سوريا.
وكانت السلطة تسير نحو إنجاز اتفاق مع "قسد" ذات القوة العسكرية المنظمة، والتي تسيطر على أهم جزء في سوريا من حيث وجود الثروة النفطية في مناطق نفوذها.
المحلل السياسي مصطفى النعيمي قال للجزيرة نت، إن الاتفاق جاء في سياق سجال مطول بين الطرفين على مدار الأشهر الثلاث السابقة، وخلص إلى البنود التي تم نشرها.
ويعتقد النعيمي أن التأخر القصير كان بسبب الموقف الأميركي الذي تبلور اليوم بشكل واضح نحو ضرورة عوده الاستقرار الشامل إلى سوريا.
وأضاف أن بقاء مناطق خارج نطاق سيطرة الدولة السورية يعني عدم الاستقرار، وبالتالي كان من أولويات الأمن السوري والأمن الإقليمي والدولي عودة سوريا إلى مكانتها المؤثرة لا المتأثرة.
واستطرد المتحدث أن الضغوط القصوى التي نفذتها أميركيا على قسد ساهمت أيضا في عقد الاتفاق في هذا الوقت بالتحديد.
إعلان
استقرار أمني
ويرى النعيمي أن حالة الانقسام على الأراضي السورية كانت تشكل شرخا مجتمعيا وعدائيا بين القوى، التي كانت تسيطر على شمال غرب وشمال شرق سوريا، بين قوات قسد المدعومة أميركيا والجيش الوطني المدعوم من تركيا وهذا جعل منطقة شمال شرق سوريا التي تضم المكون الكردي والعربي منفصلة عن سوريا حتى بعد وصول الثورة السورية إلى السلطة في دمشق.
من جهته أوضح الدكتور كمال عبدو، في حديثه للجزيرة نت، أن هذا الاتفاق سيشكل خطوة نحو الأمام في سبيل تعزيز الأمن والاستقرار في سوريا.
وقال: "جميعنا يعلم حالة العداء التي كانت بين فصائل الجيش الوطني وقسد، وأيضا بين الجيش العربي السوري بالدولة الجديدة وقسد بالفترة الأخيرة".
ولفت إلى ضرورة ضبط السجون التي يحتجز بها عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة الشرقية، معتبرا أن هذا الملف بحاجة إلى معالجة أمنية بالإضافة لمساعدة أجنبية لاستعادة هؤلاء المقاتلين إلى بلادهم لخلق حالة جيدة من الاستقرار الأمني في سوريا.
رضوان الأطرش أكد أيضا، أن ملف تنظيم الدولة الإسلامية هو ملف كبير جدا في سوريا ومن المهم أن تعود إدارة سجونه للدولة السورية لضبطه والعمل عليه.
وأشار إلى أن هناك ملف عناصر الـ"بي كا كا" الأجنبية الموجودة في قسد، الذي يُعد من الملفات الأهم في هذه المرحلة من بناء سوريا، معتبرا أن هذه العناصر ستعود إلى موطنها الأصلي، ما يدفع لمشهد اتفاق سوري-سوري من أجل سوريا الجديدة تضم جميع أبناء الشعب السوري.
اعتبر توقيع الاتفاق بين الطرفين من دون الانجرار إلى معركة عسكرية وخاصة بعد إخماد التمرد في منطقة الساحل خطوة مهمة لتجاوز التحديات التي تشكل عائقا أمام الحكومة ولا سيما عسكريا واقتصاديا.
إعلانواعتبر النعيمي أن حتى هذه لحظة لا توجد صعوبة إذا ما تم تجاوز المرحلة الأولى من التحديات المتمثلة في وجود مناطق نفوذ دولية خارج نطاق سيطرة الدولة السورية. وبناء عليه يعتقد المحلل السياسي أن مخرجات هذا الاتفاق سيكون لها انعكاسات إيجابية على المناطق التي شهدت التمرد.
وأضاف أن إفشال التمرد يؤكد على أن هنالك حكمة سياسية كبيرة يتمتع بها رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع في إدارته لكامل الدولة السورية.
وقال إن الشرع عمل على تفكيك وتذليل الأزمات تدريجيا وصولا إلى إيصال سوريا إلى بر الأمان كهدف إستراتيجي. ويعتقد أن المرحلة القادمة ستشهد مزيدا من النهوض السوري في كافة مناحي الحياة.