عين ليبيا:
2024-07-07@23:38:46 GMT

قف للمعلم.. بل قف من غش فليس منا

تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT

خلال الأسبوع الماضي، حضرت مناسبة اجتماعية التقيت فيها بأستاذي عبداللطيف القروي، الذي أكنّ له احتراماً وتقديراً فبادرته بقبلة على رأسه، تعبيرا عن الامتنان العميق الذي يحمله قلبي لذاك الجيل الرائع من المدرسين الذين أدوا رسالتهم بإخلاص وتفانٍ، لو أن ذلك الجيل من الأساتذة صادف في زمانهم وجود قادة سياسيين بمثل وفائهم، لكانت ليبيا اليوم في مصاف الدول المتقدمة.

لكن أولئك الساسة دمروا التعليم وطمسوا الأثر، عام 1976 في خطاب سلوق طالب القذافي “الطلاب بالاستيلاء على المؤسسات التعليمية والمدارس والمعاهد والجامعات، وحدث ذلك وشكلت لجان شعبية من المدرسين والطلاب والعاملين والموظفين والفراشين لإدارة هذه المرافق، 30% منها صارت خرابا ووقعت بها تجاوزات، فالطلاب حين قاموا بثورة [التي حرضهم عليها القذافي بالطبع] أخذوا ينتقمون من أساتذتهم… واختلط الحابل بالنابل.. وهرب الأساتذة من طغيان الطلاب”.

فلا عجب أن ينهار التعليم برمته، ومن غير المستغرب أن يشرف مدرسون غير مؤهلين على تعليم أبنائنا، لا يتمتعون بالكفاءة اللازمة للتدريس ولا يتقنون الطرق التعليمية الفعالة.

في إحدى المرات، زار رئيس وزراء سابق في نظام القذافي إحدى المناطق، حيث قُدمت له قائمة من 500 شخص يلتمسون “التعيين” في إحدى مؤسسات الدولة، فاعتذر رئيس الوزراء إليهم بأنه ليس هناك سوى مؤسسة التعليم.

وبالفعل، نُسِّبَ الـ500 للتعليم بجرة قلم، دون أن تراعى كفاءاتهم أو تخصصاتهم حتى، مما جعلهم معيقين للتعليم بدلاً عن أن يكونوا مسهمين في تطويره.

هكذا سرنا نحو الهاوية، وهكذا قُضِي على الكفاءات التعليمية وتحولت وزارة التعليم إلى مكب “تعيينات”، وفي آخر المطاف يصل الطالب إلى مشارف لجنة الامتحان خالي الوفاض من أي تحصيل في أي مادة، لتكشف النتيجة سوءة من علمه، فيلجأ إلى تغطيتها بمأسسة الغش، فيتواطأ عليه المدرسون ولجان الامتحانات، مثال ذلك في إحدى المنطقة التعليمية، نجح كافة الطلبة نتيجة الغش، عدا واحد لم ينجح، لأنه غاب عن الامتحانات!!.

هذا الكلام ليس من عندي، بل تصريح أدلى بها السيد أحمد مسعود، مدير المركز الوطني للامتحانات، عن ظاهرة الغش في امتحانات الشهادة الإعدادية، وقال إن الغش يحدث برعاية المعلمين والمعلمات ولجان الامتحانات، وذكر تلك الحادثة.

السيد أحمد مسعود استقال من منصبه احتجاجا على إساءة بعض الموظفين العموميين (وهذا التوصيف الذي استخدمه المشرع الليبي) لسلطاتهم. كل المسؤولين عن العملية التعليمية وكل من له سلطات وظيفية تطالهم المسؤولية.

بالرجوع إلى القواعد العامة، حيث لم يقم المشرع الليبي بمعالجة ظاهرة الغش بنصوص جنائية مخصصة، نجد أن المادة 235 عقوبات تنص على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر كل موظف عمومي يسيئ استعمال سلطات وظيفته لنفع الغير، أو الإضرار به، وذلك إذا لم ينطبق على فعله نص جنائي آخر في القانون)، كما تنص المادة 237 من قانون العقوبات الليبي بشأن تقصير وامتناع الموظف عن القيام بالواجب (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تجاوز 200 جنيه ليبي كل موظف عمومي يمتنع بدون وجه حق عن أداء عمل من أعمال وظيفته أو يهمله أو يعطله…).

نلاحظ هنا استعمال المشرع لمصطلحات “موظف عمومي”، و”لنفع الغير”، و”الإضرار به”، بالتالي من المدرس إلى المدير إلى الوزير جميعهم يدخل تحت معنى (الموظف العمومي)، وكل من شارك في هذه الجريمة ارتكب جريمة إساءة استعمال الوظيفة، وأن سلوكه الإجرامي كان يقصد به تحقيق “نفع للغير”، وهم الطلبة بتسهيل الغش لهم، وتحقق بهذا السلوك “إلحاق الضرر” بالطالب والأسرة والمجتمع والدولة ككل.

فما العمل إذا؟

خلال تجربة تدريبيّة مع التعليم الأساسي في ثلاث مدارس عامة ليبية استمرت عامًا كاملاً، قدمت كخدمة للمجتمع بالتنسيق مع مكتب الخدمات بتلك المنطقة التي تقع فيها هذه المدارس الثلاث، قمنا بتعيين مركز تدريب أردني متخصص في التعليم، حيث تم تدريب أكثر من 275 معلمًا وإداريًا في هذه المدارس، كشفت هذه التجربة عن مشاكل عدة، منها الضعف الواضح والشديد في كفاءة المعلمات من الناحية الأكاديمية، وعدد معلمي الاحتياط يفوق عدد معلمي جدول التدريس بما يزيد عن الضعفين!! ما يعيق العملية التعليمية كثيرا. وعند التدقيق في كفاءة هؤلاء المعلمين والمعلمات، تبين لنا أن تخصصاتهم بعيدة جدا عن التعليم، مما يجعلهم غير مؤهلين للتدريس؛ فمن بينهم تقني أسنان، وخريجون بيطرة وتمريض تم تعيينهم كمعلمين!!.

إسعافات أولية ضرورية

في سبيل تحسين نظام التعليم، يتعين القيام بإسعافات أولية ضرورية وعاجلة من خلال تعيين مركز دولي يشرف على هذه الإسعافات، أولها، إعادة التدقيق في مؤهلات جميع المعلمين الحاليين لضمان كسبهم المهارات والخبرات اللازمة للتدريس بكفاءة عالية، وصرف معلمي الاحتياط الذين يعيقون العملية التعليمية وإحالتهم إلى القوى العاملة.

ثانياً، إعادة تدريب المعلمين المؤهلين بانتظام ومنحهم تراخيص تؤكد على تحديث مهاراتهم وتطويرها. على سبيل المثال، الحصول على رخصة تعليمية تجدد كل فترة، حيث يتعين على المعلمين إثبات قدرتهم على مواكبة التطورات التعليمية، وإلا فسيتم تحويلهم إلى القوى العاملة.

ثالثاً، ينبغي إصدار تشريعات تؤمن العملية التعليمية -كما هو واضح من النصوص التي ذكرناها، فإن التشريعات قديمة ولم يتم تطويرها، وهي بحاجة إلى تطوير لتواكب التغييرات المتسارعة في العالم والمجتمع- وتضع عقوبات صارمة ضد المخالفين وتتبني نظام صارم لإعادة النزاهة والثقة في العملية التعليمية، مثل مدونة أخلاقية تحدد معايير السلوك المهني للمعلمين وتنظيم آليات لمراقبة التزامهم بها.

رابعاً، من الضروري إصلاح وتحديث البنية التحتية التعليمية. وأخيراً، تطوير مناهج تعليمية علمية قوية ومتناسبة مع احتياجات المجتمع، تعزز من المهارات وتواكب التطورات الحديثة في مجالات العلم والتكنولوجيا.

باعتماد هذه الإجراءات، يمكننا تعزيز جودة التعليم وتعزيز مهارات المعلمين والطلاب على حد سواء، مما يسهم في الحد من ظاهرة الغش وجعلها جريمة قابلة للمساءلة القانونية والمجتمعية، ودعم التقدم الشامل والتنمية المستدامة للمجتمع.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: العملیة التعلیمیة فی إحدى

إقرأ أيضاً:

وزير التربية والتعليم يناقش تحديات منظومة التعليم على أرض الواقع

عقد الدكتور محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، اليوم الأحد، اجتماعًا مع عدد من قيادات الوزارة ومديرى مديريات التربية والتعليم ومديرى ووكلاء الإدارات التعليمية، ومديرى المدارس بمديريات القاهرة والجيزة والشرقية. 

جاء ذلك في مستهل سلسلة لقاءات دورية سيتم تنظيمها على مستوى الجمهورية، وذلك لاستعراض أهم القضايا التي تواجه العملية التعليمية وفقًا للتحديات على أرض الواقع، وطرح مقترحات وحلول عاجلة قابلة للتنفيذ قبل بداية العام الدراسى ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥.

ورحب وزير التربية والتعليم بقيادات الوزارة، مؤكدًا أن العمل والتعاون الوثيق مع المديريات التعليمية والإدارات وكذلك داخل المدارس على رأس أولوياته، لمواجهة مشاكل وتحديات العملية التعليمية.

وزير التربية والتعليم يستهدف معرفة المشكلات الواقعية

وأكد وزير التربية والتعليم أن اللقاءات الدورية تستهدف الاستماع لكافة المشكلات الواقعية وتلقي المقترحات والحلول الفعلية فى إطار الإمكانات المتاحة.

وأشار وزير التربية والتعليم إلى أن هناك أربعة تحديات رئيسية تواجه منظومة التعليم سيتم التركيز على مواجهتها بكافة السبل والوسائل خلال المرحلة المقبلة، وهي الإتاحة لمواجهة الكثافات الطلابية بالفصول وعجز المعلمين وتدريبهم بما يتواكب مع المناهج المطورة وجذب الطلاب للمدارس وعبء المناهج الدراسية بمرحلة الثانوية العامة، مشيرا إلى أن وضع حلول تناسب الواقع وتقضي على التحديات المزمنة يأتي من خلال جهود جماعية بمشاركة كافة الأطراف في العملية التعليمية.

وشهد اللقاء نقاشا موسعا حول الأوضاع القائمة داخل المدارس والتحديات على أرض الواقع، حيث استمع الوزير لكافة الآراء والمقترحات المختلفة، مؤكدا أن التحديات الأربعة الرئيسية تمثل تحديات طويلة الأمد، يعاني منها الطلاب وأولياء الأمور منذ سنوات طويلة، مشددا على أنها ستكون أهم محاور عمله.

جاء ذلك بحضور الدكتور أحمد ضاهر نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، والدكتور أيمن بهاء الدين البصال نائب الوزير للتعليم الفنى، واللواء علاء عطاوية الوكيل الدائم بالوزارة، والدكتورة شيرين حمدي مستشار الوزير للعلاقات الدولية والاتفاقيات والمشرف على الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير، والدكتور أحمد المحمدي مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجي والمتابعة، والدكتورة هالة عبد السلام رئيس الإدارة المركزية للتعليم العام، وخالد عبد الحكم رئيس الإدارة المركزية لشئون المديريات التعليمية، ومحمد عطية رئيس الإدارة المركزية للتعليم بمصروفات، وأيمن موسى مدير مديرية التربية والتعليم بالقاهرة، وأشرف سلومة مدير مديرية التربية والتعليم بالجيزة، وعلى عبد الرؤوف مدير مديرية التربية والتعليم بالشرقية، وعدد من مديرى ووكلاء ومديرى الإدارات ومديرى المدارس بالمحافظات الثلاثة.

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم: طرح حلول عاجلة قابلة للتنفيذ للكثافات الطلابية وعجز المعلمين
  • وزير التعليم: طرح حلول عاجلة للكثافات الطلابية وعجز المعلمين قبل ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥
  • وزير التربية والتعليم يناقش تحديات منظومة التعليم على أرض الواقع
  • جامعة حلوان تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة من برنامج تأهيل المعلمين بـ"التكنولوجيا والتعليم"
  • جامعة حلوان تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة من برنامج تأهيل المعلمين
  • جامعة حلوان تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة من برنامج تأهيل المعلمين بكلية التكنولوجيا
  • ضبط حالات غش إلكتروني في امتحانات الثانوية العامة
  • التعليم: ضبط 4 طلاب بتهمة الغش بامتحاني الكيمياء والجغرافيا في امتحانات الثانوية
  • وصول ورق أسئلة امتحانات الكيمياء والجغرافيا إلى لجان الثانوية العامة
  • المقريف: الوضع الأمني السائد في الدولة يؤثر وبشكل كبير على سير الامنتحانات