عين ليبيا:
2025-03-04@04:28:15 GMT

قف للمعلم.. بل قف من غش فليس منا

تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT

خلال الأسبوع الماضي، حضرت مناسبة اجتماعية التقيت فيها بأستاذي عبداللطيف القروي، الذي أكنّ له احتراماً وتقديراً فبادرته بقبلة على رأسه، تعبيرا عن الامتنان العميق الذي يحمله قلبي لذاك الجيل الرائع من المدرسين الذين أدوا رسالتهم بإخلاص وتفانٍ، لو أن ذلك الجيل من الأساتذة صادف في زمانهم وجود قادة سياسيين بمثل وفائهم، لكانت ليبيا اليوم في مصاف الدول المتقدمة.

لكن أولئك الساسة دمروا التعليم وطمسوا الأثر، عام 1976 في خطاب سلوق طالب القذافي “الطلاب بالاستيلاء على المؤسسات التعليمية والمدارس والمعاهد والجامعات، وحدث ذلك وشكلت لجان شعبية من المدرسين والطلاب والعاملين والموظفين والفراشين لإدارة هذه المرافق، 30% منها صارت خرابا ووقعت بها تجاوزات، فالطلاب حين قاموا بثورة [التي حرضهم عليها القذافي بالطبع] أخذوا ينتقمون من أساتذتهم… واختلط الحابل بالنابل.. وهرب الأساتذة من طغيان الطلاب”.

فلا عجب أن ينهار التعليم برمته، ومن غير المستغرب أن يشرف مدرسون غير مؤهلين على تعليم أبنائنا، لا يتمتعون بالكفاءة اللازمة للتدريس ولا يتقنون الطرق التعليمية الفعالة.

في إحدى المرات، زار رئيس وزراء سابق في نظام القذافي إحدى المناطق، حيث قُدمت له قائمة من 500 شخص يلتمسون “التعيين” في إحدى مؤسسات الدولة، فاعتذر رئيس الوزراء إليهم بأنه ليس هناك سوى مؤسسة التعليم.

وبالفعل، نُسِّبَ الـ500 للتعليم بجرة قلم، دون أن تراعى كفاءاتهم أو تخصصاتهم حتى، مما جعلهم معيقين للتعليم بدلاً عن أن يكونوا مسهمين في تطويره.

هكذا سرنا نحو الهاوية، وهكذا قُضِي على الكفاءات التعليمية وتحولت وزارة التعليم إلى مكب “تعيينات”، وفي آخر المطاف يصل الطالب إلى مشارف لجنة الامتحان خالي الوفاض من أي تحصيل في أي مادة، لتكشف النتيجة سوءة من علمه، فيلجأ إلى تغطيتها بمأسسة الغش، فيتواطأ عليه المدرسون ولجان الامتحانات، مثال ذلك في إحدى المنطقة التعليمية، نجح كافة الطلبة نتيجة الغش، عدا واحد لم ينجح، لأنه غاب عن الامتحانات!!.

هذا الكلام ليس من عندي، بل تصريح أدلى بها السيد أحمد مسعود، مدير المركز الوطني للامتحانات، عن ظاهرة الغش في امتحانات الشهادة الإعدادية، وقال إن الغش يحدث برعاية المعلمين والمعلمات ولجان الامتحانات، وذكر تلك الحادثة.

السيد أحمد مسعود استقال من منصبه احتجاجا على إساءة بعض الموظفين العموميين (وهذا التوصيف الذي استخدمه المشرع الليبي) لسلطاتهم. كل المسؤولين عن العملية التعليمية وكل من له سلطات وظيفية تطالهم المسؤولية.

بالرجوع إلى القواعد العامة، حيث لم يقم المشرع الليبي بمعالجة ظاهرة الغش بنصوص جنائية مخصصة، نجد أن المادة 235 عقوبات تنص على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر كل موظف عمومي يسيئ استعمال سلطات وظيفته لنفع الغير، أو الإضرار به، وذلك إذا لم ينطبق على فعله نص جنائي آخر في القانون)، كما تنص المادة 237 من قانون العقوبات الليبي بشأن تقصير وامتناع الموظف عن القيام بالواجب (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تجاوز 200 جنيه ليبي كل موظف عمومي يمتنع بدون وجه حق عن أداء عمل من أعمال وظيفته أو يهمله أو يعطله…).

نلاحظ هنا استعمال المشرع لمصطلحات “موظف عمومي”، و”لنفع الغير”، و”الإضرار به”، بالتالي من المدرس إلى المدير إلى الوزير جميعهم يدخل تحت معنى (الموظف العمومي)، وكل من شارك في هذه الجريمة ارتكب جريمة إساءة استعمال الوظيفة، وأن سلوكه الإجرامي كان يقصد به تحقيق “نفع للغير”، وهم الطلبة بتسهيل الغش لهم، وتحقق بهذا السلوك “إلحاق الضرر” بالطالب والأسرة والمجتمع والدولة ككل.

فما العمل إذا؟

خلال تجربة تدريبيّة مع التعليم الأساسي في ثلاث مدارس عامة ليبية استمرت عامًا كاملاً، قدمت كخدمة للمجتمع بالتنسيق مع مكتب الخدمات بتلك المنطقة التي تقع فيها هذه المدارس الثلاث، قمنا بتعيين مركز تدريب أردني متخصص في التعليم، حيث تم تدريب أكثر من 275 معلمًا وإداريًا في هذه المدارس، كشفت هذه التجربة عن مشاكل عدة، منها الضعف الواضح والشديد في كفاءة المعلمات من الناحية الأكاديمية، وعدد معلمي الاحتياط يفوق عدد معلمي جدول التدريس بما يزيد عن الضعفين!! ما يعيق العملية التعليمية كثيرا. وعند التدقيق في كفاءة هؤلاء المعلمين والمعلمات، تبين لنا أن تخصصاتهم بعيدة جدا عن التعليم، مما يجعلهم غير مؤهلين للتدريس؛ فمن بينهم تقني أسنان، وخريجون بيطرة وتمريض تم تعيينهم كمعلمين!!.

إسعافات أولية ضرورية

في سبيل تحسين نظام التعليم، يتعين القيام بإسعافات أولية ضرورية وعاجلة من خلال تعيين مركز دولي يشرف على هذه الإسعافات، أولها، إعادة التدقيق في مؤهلات جميع المعلمين الحاليين لضمان كسبهم المهارات والخبرات اللازمة للتدريس بكفاءة عالية، وصرف معلمي الاحتياط الذين يعيقون العملية التعليمية وإحالتهم إلى القوى العاملة.

ثانياً، إعادة تدريب المعلمين المؤهلين بانتظام ومنحهم تراخيص تؤكد على تحديث مهاراتهم وتطويرها. على سبيل المثال، الحصول على رخصة تعليمية تجدد كل فترة، حيث يتعين على المعلمين إثبات قدرتهم على مواكبة التطورات التعليمية، وإلا فسيتم تحويلهم إلى القوى العاملة.

ثالثاً، ينبغي إصدار تشريعات تؤمن العملية التعليمية -كما هو واضح من النصوص التي ذكرناها، فإن التشريعات قديمة ولم يتم تطويرها، وهي بحاجة إلى تطوير لتواكب التغييرات المتسارعة في العالم والمجتمع- وتضع عقوبات صارمة ضد المخالفين وتتبني نظام صارم لإعادة النزاهة والثقة في العملية التعليمية، مثل مدونة أخلاقية تحدد معايير السلوك المهني للمعلمين وتنظيم آليات لمراقبة التزامهم بها.

رابعاً، من الضروري إصلاح وتحديث البنية التحتية التعليمية. وأخيراً، تطوير مناهج تعليمية علمية قوية ومتناسبة مع احتياجات المجتمع، تعزز من المهارات وتواكب التطورات الحديثة في مجالات العلم والتكنولوجيا.

باعتماد هذه الإجراءات، يمكننا تعزيز جودة التعليم وتعزيز مهارات المعلمين والطلاب على حد سواء، مما يسهم في الحد من ظاهرة الغش وجعلها جريمة قابلة للمساءلة القانونية والمجتمعية، ودعم التقدم الشامل والتنمية المستدامة للمجتمع.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: العملیة التعلیمیة فی إحدى

إقرأ أيضاً:

عقوبات تواجهك بسبب السلع في رمضان.. احذر الوقوع فيها

بالتزامن مع دخول شهر رمضان الكريم، يستغل بعض ضعاف النفوس من التجار وأصحاب المحال التجارية، إقبال المواطنين على شراء السلع الغذائية لترويج المنتجات والسلع الفاسدة والمغشوشة.

وتصدى المشرع المصري لهذا النوع من المخالفات بعقوبات مغلظة لمنع استغلال المواطنين خلال الشهر الكريم.

وحدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994، القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، ونص القانون على "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق".


وحدد القانون حالات الغش فى:

• ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه.
• حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة فى تركيبها.
• نوع البضاعة أو منشأها أو أصلها أو مصدرها فى الأحوال التى يعتبر فيها بموجب الاتفاق أو العرف النوع أو المنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشا إلى البضاعة سببا أساسيا فى التعاقد.
• عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو عيارها.

تكون العقوبة هى الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر او بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت أو شرع فى ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أو كيلها أو فحصها غير صحيحة".

مقالات مشابهة

  • محمد بن زايد.. وفاء القائد للمعلم
  • أسعار اللحوم في لبنان إلى ارتفاع.. وتنبيه للمواطنين
  • محافظ الدقهلية يتفقد مدرسة بن لقمان بشارع الجمهورية للتأكد من سير العملية التعليمية وانتظامها
  • مدير تعليم القليوبية يتابع انتظام سير العملية التعليمية بمدارس إدارة بنها
  • جولة ميدانية لوكيل "تعليم الفيوم" لمتابعة سير العملية التعليمية
  • عقوبات تواجهك بسبب السلع في رمضان.. احذر الوقوع فيها
  • محافظ كفر الشيخ يناقش سير العملية التعليمية
  • مدير إدارة الساحل يواصل جولاته الميدانية لمتابعة سير العملية التعليمية
  • مدير تعليم القليوبية يتفقد سير العملية التعليمية بمدارس بنها
  • مدير التعليم بالقليوبية يتفقد التدريبات العملية لطلاب الفندقية بالمطبخ والمطعم