إشارة الذئاب الرمادية تتسبب بأزمة بين تركيا وألمانيا.. ما القصة؟
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
تركيا- أثارت احتفالية مدافع المنتخب التركي، ميريح ديميرال، بعد تسجيله الهدف الثاني في مرمى منتخب النمسا وضمان تأهل فريقه إلى ربع نهائي بطولة أوروبا "يورو 2024″، جدلا واسعا في الأوساط الرياضية والسياسية على المستويين الرسمي والشعبي.
وقام ديميرال بالتلويح بإشارة "بوزكورت" التي تتضمن رفع الإصبع الصغير والسبابة، وهي شعار حركة "الذئاب الرمادية" التي يمثلها سياسيا "حزب الحركة القومية"، والمحظورة في كثير من الدول الأوروبية ومن بينها النمسا وفرنسا.
هجوم واسع ضد ديميرال
بدأ الجدال بعد نشر وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر تغريدة، عبرت فيها عن استيائها من قيام ديميرال برفع إشارة "بوزكورت"، وقالت: "لا مكان لرموز اليمين المتطرف التركي في ملاعبنا. وإن استخدام بطولة أمم أوروبا كمنصة للعنصرية غير مقبول. كما نتوقع من اليويفا التحقيق في هذا الحادث وتقييم العقوبات المحتملة".
كما شاركت فيزر رابط تحليل مكتب حماية الدستور حول حركة الذئاب الرمادية في ألمانيا، موضحة: "أجهزتنا الأمنية تتابع عن كثب المتطرفين اليمينيين الأتراك في ألمانيا".
وهو ما يعني خضوع حركة الذئاب الرمادية لمراقبة مكتب حماية الدستور في ألمانيا، لكن الحركة وإشارة الذئب الرمادي غير محظورين فيها.
من جانبه، فتح الاتحاد الأوروبي للكرة "ويفا" تحقيقا بحق المدافع التركي بسبب "احتمالية سلوك غير لائق" خلال المباراة بموجب البند الرابع من المادة 31 للائحة التأديبية للاتحاد. وقال في بيان إنه تم تعيين "محقق للبت في مسألتي الأخلاقيات والانضباط".
وفي السياق، دعت الجمعية الألمانية الإسرائيلية، التي وصفت "الذئاب الرمادية" بأنها تشكل تهديدا لليهود، وكذلك الأرمن واليونانيين والأكراد، السلطات الألمانية إلى حظر هذه الجماعة اليمينية. وقال رئيسها فولكر بيك في بيان: "الأفكار الأيديولوجية لهؤلاء القوميين الفاشيين تعرض السلامة العامة للخطر".
#تركيا تندد بفتح "اليويفا" تحقيقا بحق أحد لاعبيها في بطولة أمم أوروبا بزعم أنه "قام بسلوك غير لائق" pic.twitter.com/1GIS4mFq2R
— قناة الجزيرة (@AJArabic) July 4, 2024
ردود فعل رسميةاستدعت الخارجية التركية، الأربعاء، سفير ألمانيا لدى أنقرة إلى مقر الوزارة على خلفية مطالبة برلين لـ"اليويفا" بفرض عقوبات على لاعب المنتخب الوطني ديميرال.
بينما استدعت الخارجية الألمانية، الخميس، سفير تركيا في برلين للاحتجاج على رفع ديميرال لإشارة اعتبرتها الخارجية "متطرفة".
ونشرت وزارة الخارجية التركية بيانا، دانت فيه ردود الفعل ذات الدوافع السياسية على استخدام رمز تاريخي وثقافي بشكل لا يستهدف أي شخص خلال احتفال فرح في منافسة رياضية.
وأضاف بيان الوزارة أنه: "من غير المقبول أن يفتح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تحقيقا تأديبيا ضد لاعبنا الوطني لكرة القدم ميريح ديميرال".
وفي السياق، صرح وزير الشباب والرياضة التركي، عثمان أشقين باك، قائلا إن "الضجة حول هذه الاحتفالية مبالغ فيها". ونشر على منصة "إكس" صورة لديميرال أثناء قيامه بأداء التحية، معلقا: "لا داعي للإسهاب في الكتابة عن هذا الموضوع".
أما عمر جليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، فعلق قائلا: "أولئك الذين يشعرون بالقلق من العنصرية والفاشية ينبغي أن يوجهوا انتباههم إلى الانتخابات الأخيرة في أوروبا".
وفي تعليقه على الموضوع، انتقد رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ووصف التحقيق بأنه "منحاز وغير عادل"، مؤكدا أن "مشاركة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في هذه الحملة المعادية لتركيا والأتراك تأتي ضمن سلسلة من الاستفزازات المتواصلة".
وفي خطوة تأتي في إطار دعم المنتخب التركي بحسب ناشطين، يستعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحضور مباراة بلاده أمام هولندا في برلين يوم السبت، في دور الثمانية بكأس أوروبا "يورو 2024″، بعدما ألغى رحلة كانت مقررة إلى أذربيجان في نفس اليوم.
في حديثه للجزيرة نت، استبعد الصحفي عمر بيرم أن تتصاعد الأزمة الحالية بين أنقرة ولندن إلى مستويات أعلى، مؤكدا أنها ستظل في إطار المناكفات السياسية حتى لو قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم فرض عقوبة على اللاعب ميريح ديميرال، على الرغم من احتمالية عدم فرض تلك العقوبة.
أشار بيرم إلى موجة الغضب التي اجتاحت أوروبا بعد أن احتفل لاعبو المنتخب التركي برفع "التحية العسكرية" خلال مباراة في الجولة الثامنة من التصفيات المؤهلة لكأس أمم أوروبا 2020، إلا إن الواقعة لم تسفر عن أكثر من تبادل الرسائل بين الأطراف المعنية.
في زمن الذئاب لا مكان لـ النعاج بيننا #اليورو ????????????pic.twitter.com/U06MqgHw3r
— اسراء أردوغان – Esra ???????? (@EssraTurke) July 4, 2024
ردود فعل شعبيةلاقى لاعب المنتخب الوطني التركي دعمًا كبيرا من جميع فئات المجتمع التركي بعد إعلان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم نيته فتح تحقيق بحقه.
الصحفية والكاتبة سيفدا توكوسيف أعلنت دعمها لديميرال منذ اللحظة الأولى وقالت: "مليح ديميرال، نحن معك. اليويفا فتحت تحقيقا بحق ابننا الذي رفع علامة الذئاب الرمادية والتي تدل على الهوية التركية، أليس كذلك؟ هيا من هنا..".
وفي السياق، نشر الحساب الرسمي لمشجعي نادي فنربخشة التركي صورة لديميرال أثناء رفعه إشارة الذئاب الرمادية وعلق: "هناك أشخاص منزعجون، لنستمر في إزعاجهم".
من ناحية أخرى، هاجم النائب السابق في البرلمان التركي عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي فرحات إينجو ما قام به اللاعب التركي وعلق قائلا: "لن أقف أبدا مع العنصريين والفاشيين. اليوم فقط أحيينا ذكرى ماديماك… أولئك الذين أحرقوا ماديماك كانوا يضعون هذه العلامة. فلتسقط الفاشية".
ما هي الذئاب الرمادية؟جماعة تأسست في الستينيات على يد العقيد ألب أرسلان توركش، الذي لعب دورا بارزا في انقلاب 1960 في تركيا وأسس حزب "الحركة القومية"، الحليف الحالي لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
تعود تسميتها إلى أسطورة قديمة تتحدث عن حرب إبادة تعرض لها الترك ولم ينج منها سوى طفل واحد اضطر إلى الزواج بذئبة وأنجب منها 12 شخصا أعادوا بناء القبائل التركية.
تتبنى الجماعة فكرة تفوق العرق التركي وتعارض منح حق المواطنة للأكراد والعلويين الأتراك، وتواجه اتهامات بكونها حركة "فاشية متطرفة". وتصنفها عدة دول أوروبية كمنظمة إرهابية، حيث تتهم بتنفيذ هجمات دموية مثل اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني عام 1981 في البرتغال، وقتل أكثر من 100 علوي في مرعش عام 1978، وعشرات المتظاهرين اليساريين في ميدان تقسيم بإسطنبول عام 1977.
شاركت الجماعة المحظورة في كثير من الدول الأوروبية في النزاعات الإقليمية، منها الصراع بين القبارصة الأتراك واليونانيين في قبرص، ودعم الأويغور في إقليم شينغيانغ الصيني، والمشاركة في حربي الشيشان الأولى والثانية ضد الروس.
كما يعتقد أن المنظمة قاتلت في أذربيجان ضد أرمينيا، قبل أن تتورط في محاولة انقلاب أدت إلى حظرها هناك، كما أنها حظرت في كازاخستان في العام 2005.
تقرير الوكالة الفدرالية للتعليم المدني في عام 2017 أشار إلى أن الجماعة هي أكبر حركة يمينية متطرفة في ألمانيا، متفوقة على الحركات النازية الجديدة. وتؤكد تقارير أوروبية أن "الذئاب الرمادية" تنشط بشكل غير مسلح في الدول التي تشهد جالية تركية كبيرة، مثل ألمانيا، هولندا، النمسا، فرنسا، وبلجيكا.
وفي 2020، أصدرت فرنسا قرارا بحظر الجماعة بعد تشويه نصب تذكاري للإبادة الجماعية للأرمن بالقرب من مدينة ليون، حيث كتبت عليه عبارة "الذئاب الرمادية". وردت الحكومة التركية على القرار بقولها إنه "لا يوجد منظمة اسمها الذئاب الرمادية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاتحاد الأوروبی لکرة القدم الذئاب الرمادیة فی ألمانیا
إقرأ أيضاً:
هكذا تستعد أوروبا لمواجهة حرب ترامب التجارية
رأت مجلة "ذا إيكونوميست" أن الاتحاد الأوروبي يعاني انقسامات حول قضايا عدة، من الدفاع إلى السياسة الاقتصادية والتجارة والعلاقات مع الصين، ويجعل ذلك من الصعب الاتفاق على تكتيكات موحدة في مواجهة رئيس أمريكي مستعد لاستخدام كل أدوات القوة لتحقيق أهدافه.
لا شيء يحفز الاتحاد الأوروبي على التحرك مثل تهديد خارجي
وفي 31 يناير (كانون الثاني)، أعلن دونالد ترامب عزمه فرض تعريفات جمركية على الاتحاد الأوروبي، مشتكياً من ضعف الإقبال على المنتجات الأمريكية.
وبعد يومين، وصف ممارسات الاتحاد التجارية بأنها "فظيعة"، مما أدى إلى تراجع اليورو بنسبة 1% أمام الدولار، وانخفاض الأسهم الأوروبية بشكل أكبر.
From my colleague @COdendahl's new piece. It's coming. ???????? https://t.co/kMxkntQarS pic.twitter.com/muPBo2NlHc
— Tom Nuttall (@tom_nuttall) February 3, 2025 استراتيجيات الرد الأوروبيإذا فرض ترامب رسوماً جمركية على أوروبا، كما فعل مع كندا والصين، سيسعى الاتحاد الأوروبي إلى مزيج من الردع والتفاوض. في 2018، عندما فرضت واشنطن تعريفات على الصلب والألمنيوم، ردت بروكسل بإجراءات مماثلة. ومنذ ذلك الحين، عزز الاتحاد أدواته الدفاعية التجارية، مثل آلية مكافحة الإكراه، التي تسمح برد سريع على الضغوط الاقتصادية.
لكن هناك تحديات:
قد تتطلب تعريفات ترامب المقترحة، التي تتراوح بين 10% و20%، استجابة تتجاوز الأدوات المتاحة حالياً، ما قد يستدعي اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية أو تشريعات استثنائية. أي رد أوروبي قد يؤدي إلى تصعيد إضافي.“The overall message is: we have common interests, on defense, Ukraine and China, and we are willing to do more, but that will be harder if you hit us with tariffs,” says our expert @Mij_Europe on the EU's race to confront America's trade war:https://t.co/GIamSuFbJ1
— Eurasia Group (@EurasiaGroup) February 3, 2025 خيارات أوروبا في مواجهة التصعيد يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تقليل تأثير التعريفات عبر ثلاثة مسارات رئيسية: زيادة شراء الطاقة والأسلحة الأمريكيةاقترحت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين زيادة استيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة.
وقد تشمل الخطوات أيضاً فرض قيود إضافية على واردات الغاز الروسي.
وفي قطاع الدفاع، قد تتجه أوروبا إلى شراء مزيد من المعدات الأمريكية، خاصة لدعم أوكرانيا
موقف أكثر صرامة تجاه الصينتواجه الشركات الأوروبية تهديداً متزايداً من المنتجات الصينية، خاصة إذا أدت إجراءات أمريكية إلى تحويل فائض الصادرات الصينية إلى أوروبا.
وقد يفرض الاتحاد تدابير تجارية على الصين، وإن كانت مختلفة عن تعريفات ترامب.
صفقة اقتصادية محتملةقد يعرض الاتحاد الأوروبي التزام بعض دوله بخفض فوائضها التجارية عبر تعزيز الطلب المحلي، مما قد يرضي ترامب دون المساس مباشرة بالتجارة الثنائية.
سباق بين الضغوط السياسية والمصالح الاقتصاديةويريد ترامب إظهار أنه أجبر أوروبا على تقديم تنازلات في مجالي الدفاع والتجارة. في المقابل، تحتاج بروكسل إلى بعض الدراما السياسية لدفع أعضائها نحو قرارات صعبة، مثل زيادة الإنفاق الدفاعي وتعزيز الطلب المحلي.
وكما خلصت "ذا إيكونوميست"، فإن التهديدات الخارجية غالباً ما تكون المحفز الأهم لتحرك الاتحاد الأوروبي.