قالت مصادر عسكرية -للجزيرة- إن قوات الدعم السريع سيطرت اليوم الخميس على منطقة "الميرم" الحدودية مع دولة جنوب السودان بولاية غرب كردفان، وذلك بعد انسحاب قوة قليلة من الجيش السوداني كانت تتمركز في مقر اللواء 92 واتجهت نحو مدينة بابانوسة القريبة فجر اليوم.

والشهر الماضي شنّت قوات الدعم السريع هجوما على مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان والقريبة من حقول إنتاج النفط، وأعلنت سيطرتها على مقر اللواء 91 التابع للجيش بغرب كردفان.

وبهذا الإعلان أصبحت قوات الدعم السريع تسيطر على أجزاء واسعة من إقليم دارفور الشاسع غربي البلاد، وذلك بعد أيام من إعلانها السيطرة على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنّار في جنوب شرقي السودان التي يقول الجيش إنه لا يزال يحتفظ بأجزاء منها واستطاع استرداد مناطق عدة خارج المدينة منها منطقتا الدندر وكركوج.

ومنطقة الميرم التي تقع في جنوب غربي السودان تتاخم منطقة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان وتقطنها مجموعات سكانية تعد من حواضن الدعم السريع.

اشتباكات مسلحة

وأضافت المصادر العسكرية -للجزيرة- أن اشتباكات بالأسلحة الثقيلة تدور بين الجيش والدعم السريع في محلية أمبدة غربي أم درمان حيث يسعى الجيش لتوسيع نطاق سيطرته.

وجنوبا، شنّ طيران الجيش غارات على مواقع الدعم السريع في منطقة جبل موية بولاية سنار.

وتشهد الولاية موجة نزوح غير مسبوقة باتجاه ولايتي النيل الأزرق والقضارف، وذلك بعد إعلان الدعم السريع سيطرته على مدينة سِنجة.

وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 136 ألف شخص فرّوا من الولاية منذ أن بدأت قوات الدعم السريع سلسلة هجمات على بلدات في المنطقة.

وبدأت قوات الدعم السريع في 24 يونيو/حزيران حملة للاستيلاء على سنار، وهي مركز تجاري، لكنها سرعان ما تحولت إلى مدينتين أصغر هما سنجة والدندر، مما أدى إلى نزوح جماعي من المدن الثلاث، خاصة إلى ولايتي القضارف والنيل الأزرق المجاورتين.

وأظهرت صور نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أشخاصا من جميع الأعمار يحاولون عبور النيل الأزرق.

25 غريقا

وقالت لجان مقاومة سنّار -في بيان لها اليوم- إن 25 شخصا على الأقل لقوا مصرعهم غرقا في نهر النيل الأزرق أثناء محاولتهم الفرار في زورق خشبي من سنّار.

وقالت اللجان إنه "بسبب دخول الدعم السريع إلى المنطقة توفي نحو 25 مواطنا، أغلبهم من النساء والأطفال، في حادث غرق مركب بشرق مدينة أبوحجار بين قرية الدبيبة ولوني.. وأن من بين الضحايا أسرا كاملة من الدبيبة".

مساع إثيوبية

من ناحية أخرى، قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إن بلاده تسعى جاهدة لاستعادة السلم والاستقرار في السودان، "دون الانحياز لأي طرف من أطراف الصراع"، داعيا المجتمع الدولي إلى "إنهاء الحرب وإنقاذ السودان من صراع لا نهاية له".

من جانبه، قال توم بريليو، المبعوث الأميركي الخاص للسودان، إن البلاد تواجه "المجاعة" بسبب هجمات قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور، وإعاقة الجيش السوداني لانسياب المساعدات الإنسانية.

وأشار بريليو إلى أنه "لتفادي مزيد من الخسائر في الأرواح، تواصل واشنطن جهودها لكسر الجمود بين الجيش والدعم السريع؛ للتوصل إلى وقف لإطلاق النار يسمح بانسياب المساعدات".

وأكد بريليو أن الأمم المتحدة جمعت مساعدات إنسانية مقدرة في معبر الطينة الحدودي مع تشاد، ومن المقرر أن تصل إلى الفاشر لكن الوقت يتبدّد أمامها.

وأضاف أن "هذه اللحظة مهمة ليهتم قادة الجيش والدعم السريع بحاجة المدنيين ويسمحوا بانسياب المساعدات".

حرب دامية

يشار إلى أن السودان يشهد منذ 15 أبريل/نيسان 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أدت إلى أزمة إنسانية كبيرة.

وأسفرت الحرب عن عشرات آلاف القتلى، لكن لم تتضح بعد الحصيلة الفعلية للنزاع، في حين تفيد تقديرات بأنها تصل إلى "150 ألفا"، وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بريليو.

كما نزح نحو 10 ملايين شخص داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، في حين دمرت المعارك إلى حد كبير البنية التحتية للبلاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قوات الدعم السریع والدعم السریع على مدینة

إقرأ أيضاً:

بالبرهان السودان في كف عفريت

عبد الفتاح البرهان هو رئيس الدولة السودانية، والقائد العام للجيش السوداني منذ نيسان/ أبريل من عام 2019، وطوال السنوات الخمس الماضية، ظل السودان "يقوم من نقرة يقع في دحديرة"، كما يقول المثل المصري، عمن ينهض من كبوة ليقع في كبوة أفدح، ثم دخل الجيش السوداني في حرب ضد قوات الدعم السريع، التي أشرف الجيش على تشكيلها وتدريب عناصرها، حتى انقلب السحر على الساحر في 15 نيسان/ أبريل من العام الماضي، فاشتعلت الحرب، وما زالت رحاها تهرس عظام السودان وأهله.

في جميع بلدان العالم يعتبر الجيش أقوى مؤسسات الدولة، لأنه يتسم بالانضباط في أداء مهامه، ولأنه يملك القوة الفيزيائية (العتاد الحربي)، التي لا تملكها مؤسسات الدولة الأخرى، ولكن وقائع حرب السودان تشي بأن الجيش شديد الهشاشة، بدليل أنه عاجز عن الدفاع عن نفسه، وها هي قلاعه تتهاوى كقطع الشطرنج أمام قوات الدعم السريع، التي لا تملك طائرات مقاتلة أو دبابات أو مدفعية ميدان، وتتألف في معظمها من شباب دون الثلاثين، لم ينالوا تدريبات كتلك التي يتلقاها عناصر الجيش النظامي، الذين يتخرجون من مدارس عسكرية، وينخرطون في مناورات تدريبية، وبعضهم يحمل شهادة "أركان حرب"، التي هي درجة الماجستير في العلوم العسكرية.

أسفرت الحرب في السودان حتى الآن، عن خضوع نحو ثلثي مساحة البلاد لسيطرة قوات الدعم السريع، التي غنمت العاصمة وإقليم دارفور بأكمله (ما عدا مدينة الفاشر كبرى مدن الإقليم، والتي دعا مجلس الأمن الدولي قوات الدعم السريع لعدم اقتحامها)، وولاية غرب كردفان، وولاية الجزيرة، ثم سقطت حاضرة ولاية سنار، وإذا بالجيش ينسحب طوعا من بلدة المزموم، ثم فُجع السودانيون بسقوط اللواء 92 في الميرم في كردفان، يوم الأربعاء الماضي (3 تموز / يوليو الجاري) وبهذا سقطت منطقة غنية بالغاز والنفط في أيدي قوات الدعم السريع.

لم يكن للبرهان ما يقوله عن كل تلك الانكسارات للجيش سوى: خسرنا معركة ولم نخسر الحرب، وهي المقولة التي نطق بها الجنرال الفرنسي شارل ديغول، في حزيران/ يونيو من عام 1940، عن انهزام بلاده أمام جيش المانيا النازية، ودارت الدوائر على النازيين، وعاد ديغول إلى فرنسا الحرة، ثم صار رئيسا لها، ومن ثم لا يجوز للبرهان النطق بتلك المقولة، لأنه لم يخسر معركة بل خسر جميع المعارك، وصار السودان مرشحا للوقوع بالكامل في قبضة قوات الدعم السريع، التي ولاؤها الأول لقادتها من آل دقلو وعلى رأسهم محمد حمدان (حميدتي) وشقيقه عبد الرحيم، وبقية أبناء العمومة والخؤولة.

حرب السودان، كما كل الحروب، ستقف بالتفاوض، وما لم يدرك قادة الجيش أن خير التفاوض عاجله، يبقى الاحتمال القوي بأنه سيأتي يوم يكون فيه التفاوض، وقوات الدعم السريع في موقع قوة، يجعلها الطرف الذي يملي الشروط، والبرهان يتحمل وزر كل ما هو حادث، وكل ما سيحدث من ويلات، فهو الذي أدخل حميدتي القصر الجمهوري، نائبا له في مجلس السيادة، وأعطاه شيكا على بياض كي يزيد عديد قواته ويزودها بالسلاح كيفما أراد، وها هو السودان يحصد الهشيم الذي تسبب فيه البرهان.ودون أدنى مزعة من حياء تباهى البرهان في مخاطبة لجنوده قبل أيام، بأن "السودانيين كُثْر"، ويساندون القوات المسلحة، ولا عليه أن الجيش رفع يده تماما عن حماية المواطنين، ثم صار يدعو المواطنين لحماية تلك القوات، وقد سبق له ان قال ان 75% من عناصر الجيش حاليا من المستنفرين (المتطوعين)، ولم يقل أين ذهب ال75% من عناصر الجيش "الأصليين"، ليحل محلهم متطوعون. ثم أضاف في أيار/ مايو الماضي خلال جولة في الولاية الشمالية: "الحرب بدت يا داب"، أي الحرب بدأت الآن، وهو بهذا يريد إلغاء 13 شهرا من القتال من ذاكرة المواطنين، لأنها مثقلة بالهزائم.

أكثر العسكريين السودانيين اعتلاء للمنابر، هو الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش وعضو مجلس السيادة منذ عام 2019، الذي يستعرض عضلاته الخطابية في جيب صغير شمال مدينة ام درمان، لا يخضع لسيطرة قوات الدعم السريع، وقبل أيام قليلة حدد العطا شروط الجيش للتفاوض على وقف الحرب، وأولها استسلام قوات الدعم السريع، مع جلائها من جميع المواقع التي تحتلها، ليتم نقل عناصرها الى خمسة معسكرات "مع التعهد بعدم التعرض لها"، وخروج تلك القوات نهائيا من العمل العسكري والسياسي، وأكّد العطا في نفس الوقت ان مجلس السيادة بعضويته من الجنرالات، سيبقى على رأس السلطة الحاكمة لفترة انتقالية، تسبق قيام الانتخابات العامة.

وبهذا فإن الفريق العطا يدعو قوات الدعم السريع، للتنازل طوعا عما حققته من انتصارات، لتصبح تحت حماية الجيش في معسكرات "إيواء"، وهذا كأن يطالب فريق كرة قدم منهزم، من الفريق الخصم الفائز في مباراة، بسحب لاعبيه من الملعب كي تنقلب الآية، فيصبح المنتصر مهزوما بانسحابه.

منذ انتقال الحرب في السودان من العاصمة إلى الأطراف، ظلت المبادرة والمبادأة في يد قوات الدعم السريع، فهم من يحددون بوصلة المعارك، ويحققون الانتصار تلو الانتصار، بعد أن انكشف حال الجيش، من حيث افتقاره للقوة من حيث عدد الجنود والعتاد، وبهذا صار السودان بكامله في كف عفريت، فقد كانت المخاوف في بدايات الحرب، واشتداد وطيسها في دارفور، بأن آل دقلو سيعلنون دولتهم في غرب البلاد، كما فعل أهل جنوب السودان "القديم"، فإذا بوقائع الحرب تكشف عن ارتفاع سقف طموحهم، بعد أن تمددوا في الإقليم الأوسط ثم زحفوا شرقا.

وحرب السودان، كما كل الحروب، ستقف بالتفاوض، وما لم يدرك قادة الجيش أن خير التفاوض عاجله، يبقى الاحتمال القوي بأنه سيأتي يوم يكون فيه التفاوض، وقوات الدعم السريع في موقع قوة، يجعلها الطرف الذي يملي الشروط، والبرهان يتحمل وزر كل ما هو حادث، وكل ما سيحدث من ويلات، فهو الذي أدخل حميدتي القصر الجمهوري، نائبا له في مجلس السيادة، وأعطاه شيكا على بياض كي يزيد عديد قواته ويزودها بالسلاح كيفما أراد، وها هو السودان يحصد الهشيم الذي تسبب فيه البرهان.

مقالات مشابهة

  • السودان.. منظمة تتحدث عن فقدان أكثر من 500 نازح في ولاية سنار
  • «طوارئ الدندر»: الدعم السريع هاجمت قرية «حويوا» وقتلت مواطنين
  • بالبرهان السودان في كف عفريت
  • الدعم السريع تعلن استعادتها لمدينة الدندر من القوات المشتركة
  • الأمم المتحدة تدعوا الجيش السوداني والدعم السريع لمفاوضات الأسبوع المقبل
  • قوات الدعم السريع تعلن سيطرتها على “الميرم”
  • الأمم المتحدة: الحرب تشرد 136 ألفاً من جنوب شرق السودان
  • بالفيديو : الجيش والقوات المشتركة يعلنان إستعادة “الدندر” من الدعم السريع وكشف حجم الدمار بعد معركة ست ساعات ودعوة عاجلة للمنظمات
  • «تجمع شباب سنار»: الدعم السريع تواصل اجتياح قرى وبلدات الولاية
  • غرق 25 شخصًا خلال فرارهم من المعارك بوسط السودان