كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن الضرب سواء كان للأطفال أو من هم في سن المراهقة فنجد البعض يشترط أحكاما كثيرة والآخر لا يراها لازمة ونجد أيضا من الصالحين كما يقال من يضرب الضرب المبرح إلى أن تكسر العصا على المضروب ويفتخر بذلك ويقول هذا أفضل له من نار جهنم، نريد ضابطا عاما لهذه القضية؟

تقدمت أجوبة في مناسبات عديدة سابقة في هذه القضية ولا مانع من إعادة تلخيص ما ورد في تلك الأجوبة، لكن لا بد من التنبيه أولا إلى أن الذي حدا بطرح مثل هذا الموضوع، هو ما يقع فيه كثير من الناس من أخطاء في التربية عموما وفي استعمال التأديب بالضرب خصوصا، ولعل بعض الحالات بلغ فيها الحال إلى حد مجاوزة الحدود، واستعمال العنف الذي لا يرضاه شرع الله تبارك وتعالى، ولا تقره الأخلاق ولا المروءات وكان ذلك العنف المبالغ فيه سببا لحصول عكس مقصود التأديب وحسن التربية عند الناشئة وفي المجتمع عموما لذلك فإن هذه القضية قضية مهمة باعتبار أنها تتصل بشيء من الأحكام الشرعية ثم هي مهمة كذلك لما ينتج عنها من آثار

في نفوس الذين يتلقون التربية والتأديب من الأولياء والمربين، وهذا يدفعنا إلى ضرورة التأكيد على هؤلاء من الآباء والأمهات والمربين أن يتقوا الله تبارك وتعالى في هذه الأمانات التي كلفهم الله تبارك وتعالى بحسن رعايتهم، وبجميل تأديبهم، وبتنشئتهم التنشئة الصالحة، وباتباع أساليب الخلق القويم، والكلمة الطيبة، والترغيب والترهيب، وعدم اللجوء إلى ما يمكن أن يورث الناشئة شيئا من النفور، أو أن يكون في ذاته من القسوة والغلظة التي لا يرضاها دين الله تبارك وتعالى، هذا مما يجب على الأولياء وأقصد هنا الآباء والأمهات والمربين أن يتنبهوا له وأن يولوه عنايتهم.

ولهذا نجد أن فقهاء الإسلام كانوا شديدي الحرص في بيان الضوابط والآداب التي تحقق عند اللجوء إلى الضرب كوسيلة، تدور حول ما يأتي أولا من أن تستفرغ الوسائل الأخرى دون الضرب فلا يصح أن يعمد مرب إلى الضرب أول الأمر حينما وجه لتعليم الأولاد الصلاة،

قال: «علموهم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر» يعني ثلاث سنوات هذه السنوات الثلاث كلها استفراغ للوسع وبذل لغاية العناية في توجيه الناشئة للمحافظة على الصلاة فالشرط الأول هو استفراغ الوسع في وسائل التربية الأخرى في وسائل الإصلاح دون الضرب وهذا يشمل الترغيبية والترهيبية والموعظة والقدوة والكلمة الطيبة وضرب المثال وضرب القصة إلى آخر الوسائل التي على الأولياء أن يتقنوها.

الشرط الثاني أن يكون المقصود الإصلاح، ليس تنفيسا لغضب أو ردة فعل لخطأ وقع فيه المربَى وهذا يعني أن يكون الضرب مؤديا إلى الصلاح، وألا تكون عاقبته إلا عاقبة طيبة. والشرط الثالث وهو أن يحسب للعاقبة حسابها فينظر هل هذا الضرب يمكن أن يؤدي إلى إصلاح وهو بذلك استفرغ الوسائل الأخرى في التربية، ثم إنه يقصد فعلا إلى حسن التربية وجميل التأديب وأن هذا الضرب سيؤدي إلى هذه النتيجة وسيكون مقصود الضرب واضحا عند المتلقي.

والشرط الرابع هو الاعتدال فيجب أن يقتصر على ما يحقق الغرض وفي كل الأحوال ليس له أن يجاوز الحد الذي يمكن أن يكون مبرحا وأن يبلغ إلى حد إفساد الولد المربَى، لا بد أن يكون ضربا بقدر يحقق الغرض ويكسر نفسه أكثر مما يؤلم جسده.

والشرط الخامس هو أن يتقي الظاهر من البدن كالوجه وظاهر البدن حتى لا يوصم من قبل أترابه وأقرانه أو من المجتمع بما يورثه شيئا من الأمراض أو يكون مفضيا إلى غير مقصود التأديب والتربية، كوجود علامات في الوجه، ويمكن أن تورثه شيئا من الأمراض النفسية، أو غير ذلك من العلل التي يجب أن يتم تجنبها.

وهنا اختلفوا في الحد في هذه الحالة قيل لا يجاوز ثلاث ضربات، ولكن هذا يعتمد على قوة الضارب وعلى الأداة المستعملة، ومقصود الفقهاء في مناقشة ما لا يصح أن يجاوز هو منع هذا الذي خول هذه المسؤولية من التعدي ومجاوزة الحدود، فالمقصود هو قدر من الإيلام يؤدي إلى الغرض، وهذا الإيلام يشمل الإيلام الجسدي ويشمل الإيلام المعنوي، ويتفاوت المتربون في ذلك، فمنهم من يؤلمه الجانب المعنوي وهذا يكفيه، ومنهم من يزيده الضرب الخفيف عتوا ونفورا ويمكن أن يكون سببا للاستهزاء فلا يصلح له أن يكون الضرب إلا ضربا يشعر به ويحس به، بعض الفقهاء نص على أن يكون دون غضب لأن الغضبان لا يدرى أين يصل به غضبه، فعليه أن يتذكر قدرة الله تبارك وتعالى عليه. وبعضهم ذكر الشروط الفرعية كأن يكون السبب معلوما يعني ألا يضربه دون أن يبين له السبب، فلا بد أن يكشف له سبب ضربه وأن يتبين أولًا قبل أن يضربه.

والضرب ليس بالوسيلة المختارة في الفقه الإسلامي المتعلق بالتربية ونظرا لجهل لكثير من الناس أو لعدم امتثالهم لهذه الشروط فإن الحذر واجب والتوقف عن الضرب في أحيان كثيرة هو الأولى، ومما ينبغي أن ينبه إذا وجدت من التشريعات والقوانين ما تحد من سلطة الضرب فيجب الوقوف عندها، لأن الأصل أنه فيما يتعلق بتربية الوالد أو الوالدين لأولادهم أن هذا الحق مكفول لهما بالشروط المتقدمة، لكن في غير الوالدين، بل حتى الخلاف في الأم دون الأب، خلاف طويل في المعلم والمربي والمحتسب كلهم، يدور في فقه السماح لهم بالضرب وحدود الضرب خلاف فقهي كبير.

وقد اطلعت بنفسي على أخطار جسيمة تحملها الأولاد بسبب جور الآباء عليهم في التعنيف والضرب، فجهل الناس اليوم هو من الأسباب التي تدعو في الحقيقة إلى الحد من هذه الوسيلة التربوية، مع التأكيد على الوسائل التي تقدمت الإشارة إليها، والله تعالى أعلم.

مسافرون يعملون في الصحراء يصلون في غرفة متنقلة، والشركة تتنقل من موقع إلى آخر بين فترات طويلة، هل يصح لهم أن يقيموا صلاة الجمعة في هذا المصلى، للعلم أن عدد المصلين يصل من خمسين إلى ثمانين مصليا، وما حكم صلواتهم السابقة التي أقاموا فيها صلاة الجمعة إذا كان ذلك لا يصح؟

لا يكون الجواب عن فقه المسألة دون تخصيص بهذا المكان الذي لم يسمه هو في السؤال، وإن كان يريد جوابا عنه فلا بد أن يبين التفاصيل، كيف أقاموا الجمعة هل أخذوا إذنا بذلك، أو استصدروا فتوى شرعية، فينظر في كل الاعتبارات والظروف التي احتفت بخصوص مسألتهم، أما في فقه المسألة، فيوجد لها خلاف هل من شروط إقامة الجمعة القرار في المكان أو يمكن أن يرخص فيما يشبه القرار كأن تطول مدة الإقامة في ذلك المكان لسنوات فهذا أشبه بالاستقرار والسكون في المكان، أو أنهم ما داموا يعلمون أنهم سيرتحلون عن ذلك المكان إلى آخر بسبب طبيعة عمل هذه الشركة، فإن هذا ليس بقرار، وعلى هذا ينخرم هذا الشرط الذي هو من شروط إقامة الجمعة.

وواضح من مثل هذه الصورة أن هذا المخيم أو هذه المساكن الخاصة بالشركة أو مقر الشركة هذا بعيد عن عمران المتأهلين فهم يتحدثون عن خصوص المخيم أو مقر الشركة دون ما يجاورهم من عمران مستقر.

ومن شروط الجمعة أيضا ما يتعلق بأن يكونوا مواطنين في ذلك المكان أي ألا يكونوا مسافرين نظرا لعدم لزوم الجمعة على المسافرين ففي هذه الحالة ينظر هل إذا كان هناك منهم مواطنون يصلون حضرا في ذلك المكان هل يبلغون الحد الأدنى الذي تقام به الجمعة وهو محل خلاف أيضا، وكثير من الفقهاء يرى أن الجمعة تقام بأربعين رجلا واختلف هل هذا الشرط هو شرط أيضا لاستمرار الجمعة أو هي بعد كسائر الجماعات يمكن أن تعقد لأقل من ذلك.

ولذلك فإن النظام المتبع هو أن يتقدم إلى الجهة المعنية لطلب إقامة الجمعة وتدرس الحالة وينظر في اعتباراتها الشرعية والسكانية وغيرها من الشرائط المطلوبة لإقامة الجمعة ثم بعد ذلك يكون الجواب، وأما فقه المسألة في خصوص هذه المسألة التي وردت أو في عموم هذا النوع من المسائل فإن الذي تختلف فيه عن غيرها هو الذي تقدم ذكره. والله تعالى أعلم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الله تبارک وتعالى ذلک المکان یمکن أن أن یکون فی ذلک فی هذه

إقرأ أيضاً:

” عندما يكون الفن القوة التي تتحكم في التعايش السلمي ونبذ الاعراف البالية “فصلية “

بقلم : سمير السعد ..

” فصلية “الاغنية التي اثارت جدلا واسعا في احترام المرأة اوائل السبعينات
الذائقة في الاستماع واصالة الماضي بعبقها الجميل وحين كان الفن في صراع لايصال الصوت النقي واللحن الذي يرتقي بأي صوت من اجيال العظماء والسلسة طويلة لجادة الفن العربي برمته حيث كانت الكلمة هي القوة التي تسكن القلب والاذن وتؤثر في استلاب روحك لتكن انت مؤديها دون ان يشغلك شاغل او هاجس هكذا انطلق عبادي العماري كما يحلو للبعض تسميته انذاك.حيث تُعَدّ أغنية “فصلية” للفنان عبادي العبادي من أشهر الأغاني في عقد السبعينات، وهي من كلمات الشاعر جودت التميمي. تميّزت هذه الأغنية ليس فقط بجمال لحنها وكلماتها، بل بإثارتها لجدل مجتمعي هام حول احترام المرأة وحقوقها، الأمر الذي ساهم في تغيير بعض المواقف تجاه النساء ورفع الوعي بقيم احترامهن.وكان المستهل فيها :

جابوها دفع للدار
لا ديرم ولا حنة ولا ملكة
ولا دف النعر بالسلف
لا هلهولة لا صفكة
سألت الناس عن قصة هابنية
عجب جارو عليها لغير حنية
رديت بقلب مكسور
من كالولي فصلية

جاءت الأغنية في وقت كان المجتمع بحاجة إلى هذا الصوت الفني الذي يدعو لاحترام المرأة بشكل أوسع، حيث أُحدثت ضجة في الرأي العام واستدعت مراجعة سلوكيات وقيم اجتماعية من شأنها أن ترفع من مكانة المرأة في المجتمع. وهذا الدور الذي قامت به أغنية “فصلية” يجسد بوضوح كيف يمكن للفن أن يكون رسالة سامية إذا تم توظيفه بشكل صحيح، إذ أن الفن ليس مجرد وسيلة ترفيه، بل هو أداة لنشر القيم وتعزيزها.
الفن “كوسيلة لتعزيز التعايش السلمي ومكافحة التطرف”
إلى جانب قضايا المرأة، يمكن أن يمتد تأثير الفن إلى تعزيز قيم التعايش السلمي ومحاربة الأفكار المتطرفة التي تؤدي إلى العنف. وبوصفه يدعو إلى السلم والاعتدال ونبذ العنف. ومن هنا، يمكن للفنانين والشعراء توجيه رسائل تعزز من هذه القيم، وإثارة الوعي حول مخاطر التطرف بأشكاله المختلفة.
إن تجربة أغنية “فصلية” في السبعينات تعد نموذجًا حيًا على قدرة الفن على التأثير في مسار المجتمع، فالأغاني والقصائد التي تُعنى بقضايا مجتمعية أساسية يمكنها أن تكون سببًا في تغيير نظرة المجتمع، وترسيخ قيم تتماشى مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. الفن هنا ليس مجرد رسالة ترفيهية، بل دعوة إلى احترام الآخر، وتجنب التطرف، واحتضان قيم التسامح والاعتدال.
يتجلى دور الفن كصوت للضمير المجتمعي، ليكون رسالة
أمل وسلام، وليحمل في طياته قيمنا الأصيلة ويعزز الوعي بأهمية احترام المرأة ونبذ العنف والتطرف. الفن، حين يتم توجيهه بحكمة، يبقى وسيلة فعّالة لبناء مجتمع أكثر تماسكًا وسلامًا، قادرًا على التعايش بسلام مع اختلافاته، ورافضًا لكل أشكال العنف والتعصب.
في سياق تكريس الفن كأداة لتعزيز القيم الإيجابية في المجتمع، تأتي أعمال الفنانين والمبدعين كرسائل سلام ودعوات للتعايش، بما يتماشى مع روح العصر التي تدعو إلى الوسطية. إن الفن قادر على التأثير في العقول والقلوب، وهو وسيلة فعّالة لنشر الذائقة التي تسمو بالجمال والتسامح، لا سيما عندما تتبنى الأغاني والشعر والدراما مواضيع اجتماعية تمس القضايا التي يعاني منها المجتمع، كنبذ العنف والتطرف.
إن تأثيره لا يقتصر على التسلية أو التعبير عن المشاعر، بل يتعداه ليصبح موجهًا للمجتمع نحو تبني سلوكيات إيجابية، وحافزًا للتغيير. ففي السبعينات، كانت أغنية “فصلية” نموذجًا رائدًا لتحدي المفاهيم التقليدية السائدة حول المرأة والمطالبة بتعزيز مكانتها وحقوقها. ومع تكرار مثل هذه الرسائل في الأعمال الفنية، يُزرع في المجتمع وعي جديد وراسخ حول أهمية احترام الآخر، بغض النظر عن جنسه أو فكره أو خلفيته الثقافية.
يمكن النظر إليه على أنه مرآة للمجتمع، تعكس قضاياه وتطلعاته وتعبر عن همومه. فعندما يستخدم الفن في نقل القيم النبيلة ،والتجذر من أسس واعية وبذلك يكون وسيلة فعالة للارتقاء بالمجتمع. إن الأغاني التي تناولت قضايا المرأة في السبعينات، كأغنية “فصلية”، كانت خطوة جريئة وضعت النقاط على الحروف بشأن ضرورة احترام المرأة ومكانتها في المجتمع.
لقد حملت هذه الأغاني رسائل واضحة تدعو لإعادة النظر في المعايير الاجتماعية، وتأكيد أهمية المعاملة العادلة والمساواة. ومع مرور الوقت، بدأت هذه القيم تأخذ حيزها في وعي المجتمع، لتصبح جزءًا من ثقافته وتطلعاته نحو بناء مجتمع أكثر اعتدالاً وتسامحًا.
في النهاية، يمكن القول بأن الفن هو بوصلة أخلاقية تعبر عن ضمير المجتمع، وتشكل أحد أهم الوسائل لإيصال الرسائل الإنسانية السامية. فعندما يعبر الفنان عن قضايا مهمة مثل احترام المرأة، والتعايش السلمي، ونبذ العنف والتطرف، فإنه لا يقدم مجرد أغنية أو قصيدة، بل يبني جسرًا يصل بين الماضي والمستقبل، ويعزز قيمًا ستظل راسخة في نفوس الأجيال.
إذن “الفن” بهذا المعنى، هو رسالة سامية تستحق أن تُوظّف بالشكل الذي يعكس قيمنا الإسلامية السمحاء، ويعزز بناء مجتمع يزدهر بالتسامح والاعراف المجتمعية القادرة على خلق نواة تسمو بالفرد واحترام احقيته بالعيش الكريم .

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • ما نوعية الصاروخ الذي ضرب تل أبيب؟ وما أسباب الفشل باعتراضه؟ / الدويري يجيب
  • المفتي العام للسلطنة يوجه رسالة للمواطنين بمناسبة العيد الوطني
  • المفتي العام للسلطنة يوجه رسالة للمواطنين بمناسبة العيد الوطني.. عاجل
  • مساعد وزيرة التضامن: أسعار حج الجمعيات الأهلية سيتم الإعلان عنها خلال أسبوعين
  • لماذا يبتلينا الله؟.. الشيخ رمضان عبدالمعز يجيب
  • بالفيديو.. لماذا يبتلينا الله؟.. الشيخ رمضان عبدالمعز يجيب
  • ” عندما يكون الفن القوة التي تتحكم في التعايش السلمي ونبذ الاعراف البالية “فصلية “
  • مفوضية الانتخابات تؤكّد: النتائج التي تنشر عبر مواقع التواصل لم تصدر عنها بتاتاً
  • السعدي: حكومة أخنوش تحملت كلفة الإصلاح الذي تهربت منه الحكومات السابقة
  • فضيلة العبيد تفتتح مسرح الشارع بمهرجان شرم الشيخ أمام حشود جماهيرية