بوابة الوفد:
2024-11-08@20:57:15 GMT

الاستاذ مصطفى شردى جعلنى «حوادثاجية»

تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT

كأننى أراه الآن يحدثنى ويلقى إلينا بتعليماته بطريقته الهادئة، فعلى الرغم أننى تتلمذت على يديه لمدة عامين و«شوية»، إلا أننى أحفظ عنه حكم كثيرة وملاحظاته الدقيقة التى كان يبديها بهدوءه الدائم، فقد كان له بصمات فى تعليم كل من عمل معه سواء بالشكل المباشر أو من خلال رؤساء الأقسام، فهو لا يغلق باب مكتبه نهائى، إنه الأستاذ الصحفى الكبير مصطفى شردىن فهو عندما تدخل مكتبه لا تجد من يسألك فى إيه؟ أو عنده اجتماع، فقد كنا أسرة واحدة نتجمع ساعات وسرعان ما ينطلق كل منا إلى حاله بحثا عن الأخبار ومشاكل الناس لنشرها وعرضها على المسئولين لإيجاد حلول لهم، وبحثا عن جلب الأخبار والمتابعات، فلم يكن تسلل النت إلى الصحافة ليقضى عليها مثل الأن أو يتناقل البعض أخباره عن مواقع أو غير ذلك، فلم يكن هناك صحافة «إنقل من البعض وإجرى»، لكنه علمنا الصحافة الحقيقية فعلا أو الصحافة الحقة التى لا ميل فيها ولا هوى، كما علمنا أن نحافظ على مصادرنا وأن تكون علاقتنا بهم قوية، فبلأمس القريب كانت ذكرى رحيل فارس الكلمة والرأى الذى خاض معارك ضارية من أجل الوطن وانحياذه الدائم للفقراء، وكان دورى أن أجرى حوارات فنية مع أساطير الفن أو حوارات سياسية، فتلك الحوارات كانت سببا فى دخولى الجريدة أو أجرى تحقيقات تخص المشاكل الحياتية للناس وأعطيها للأستاذ محمود السنجرى أنذاك، وفى ذات يوم من بداية عام 1988 أخبرنى الأستاذ مصطفى شردى أمام الأستاذين جمال بدوى كان مدير التحرير ومساعده أستاذ سعيد عبد الخالق، بأننى أعمل بالحوادث، وهنا كانت الطامة الكبرى فأمام كاريزمته أجبت، ياريس أنا لم أدخل قسم شرطة إلا لاستخراج البطاقة الشخصية فقط ولا أستطيع أن أرى حادثة، فانا أجرى حوارات بصحف عربية ومحلية مع الفنانين والسياسين ومنهم الباشا، فقال لى عارف وأنا ماعنديش غير الحوادث، ثم وجه كلامه للأستاذ سعيد: خليها تحت إشرافك أنت وعباس بيه، وهنا أسقط فى يدى فأنا اقف بين أساطين الصحافة ولا أملك رفاهية الاختيار، فظللت أبكى حتى تم توزيعى من خلال رئيس الديسك المركزى وأعطانى مصادر، وفى اليوم التانى وقع حادث تصادم كبير وأنا ذاهبة للاجتماع الصباحى  وكان هناك ضحايا على الأرض فتحديت نفسى ونزعت الخوف من قلبى وأعصابى ونزلت من الميكروباص وهات يا تدوين أسماء المصابين ووصفت الحادث فى بضعة وريقات الدشت التى كانت معى ولم يكن آنذاك بحوزتى أية تليفونات ولم يكن المحمول أكتشف بعد، وأثناء دخولى الجريدة ومعى صيدى الثمين هذا أبلغنى مسؤل H R أننى اليوم غياب ومحولة للتحقيق فلم أهتم سوى بما حصلت عليه من تغطية حادث راح ضحيته وقتها 21 متوفى بالإضافة لأعداد المصابين وكتبته وكنت أول مرة أكتب حادث أو أغطيه لأفاجأ فى اليوم التالى بتعليق ورقة على اللوحة بحصولى على مكافأة مالية قدرها عشرون جنيها وكانت قيمتها كبيرة جدا فى ذلك الوقت، ثم ذهب المصور مجدى حنا الجهبذ لتصوير الحادث الذى سود الصفحة الاولى والثالثة بمفردى، وبعد ذلك تغيب الزميل حمدى شفيق عن تغطية قضية ثورة مصر التى كانت تضم ابن رئيس سابق وأخرين لأقوم بتغطية هذه القضية حتى الحكم، ثم قمت بتغطية جميع الحوادث الإرهابية جميعها ومن بينها قضية مفتى الجماعة الاسلامية عمر عبدالرحمن وقضية اغتيال المحجوب ومرافقية وحوادث قتل السائحين على مستوى مصر لتتهافت على الصحف ووكالتين أنباء لكبريات الدول الأوروبية، وهنا ينتهى هذا المشهد بأن أصاب استاذنا مصطفى شردى وكنت أنا على خطاء، وأصبحت طبقا لكلام أساتذتى وزملائى نجمة الحوادث، حقا كما قال العلى القدير فى كتابه «وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ»، لقد نجح أستاذنا مصطفى شردى ومعه الكوكبة الصحفية التى شرفت أن أكون أنا من بين هذه الكوكبة فى أن تكون أداة رقابية على كل متسكع أو محتال أومن يستحل مال الوطن والمواطنيين فتبنت الجريدة الكثيرمن قضايا الفساد، حتى أصبح يخشاها ويهابها الكثير من المسئولين وكادت أن تتلاشى أمامها كبريات الصحف الحكومية آنذاك، لقد صنع أجيال تتباهى بها الجماعة الصحفية للأن فيقول الزملاء بالصحف «دول من مدرسة مصطفى شردى» وهى جملة تعنى أننا تعلمنا الصحافة على أصولها و تعبنا وشقينا فى بلاط صاحبة الجلالة أيام صولجانها الحقيقى، أما المشهد الثانى والأخير فكان عندما استيقظنا اليوم الأول من يوليو عام 1989 على سحائب كثيفة قاتمة خيمت علينا وعلى محبيه بالحزن لتتساقط دموعنا عليه فى ميدان التحرير والشوارع المؤدية لجامع عمر مكرم وطوال رحلتنا خلف نعشه حتى مثواه الأخير فى مسقط رأسه المدينة الباسلة بورسعيد التى خرجت تودعه أيضا حتى مقابر الأسرة بسرادق على طول الطريق رحم الله الاستاذ.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نجوى عبدالعزيز بين السطور الجريدة مصطفى شردى

إقرأ أيضاً:

منتدى الإعلام السوداني: مقتل (13) صحفيا.. لن ننسى ولن نغفر والقصاص قادم

يستضيف مقر الاتحاد الافريقي بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا يومي الاربعاء والخميس، السادس والسابع من هذا الشهر، الفعالية الرئيسة للاحتفال باليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، تحت شعار: سلامة الصحفيين خلال الأزمات وحالات الطوارئ.

الافتتاحية المشتركة

التاريخ: 6 نوفمبر 2024
يستضيف مقر الاتحاد الافريقي بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا يومي الاربعاء والخميس، السادس والسابع من هذا الشهر، الفعالية الرئيسة للاحتفال باليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، تحت شعار: سلامة الصحفيين خلال الأزمات وحالات الطوارئ.
لقد شهد السودان خلال الحرب الحالية بحسب نقابة الصحفيين السودانيين مقتل ثلاثة عشر صحفيا بينهم صحفيتان أثناء ممارستهم مهنتهم المقدسة، إما بالقتل المباشر المتعمد، أو نتيجة القيام بعمليات عسكرية في المناطق المدنية دون وضع أي اعتبار لسلامة المدنيين، ومن بينهم الصحفيين. كما يتعرض الصحفيون والصحفيات الذين يعملون على تغطية وقائع الحرب لانتهاكات خطيرة من الاطراف المتقاتلة تشمل الاعتقال والتعذيب والتهديد بالقتل والعنف الجنسي والإخفاء القسري، بجانب المنع من التغطية المتوازنة واتهامات التخوين، ما يجعلهم عرضة للخطر.


السودانيون والسودانيات في حاجة لمعرفة ما يدور في بلادهم وهو حق مقدس، مثلما هو واجب مهني وأخلاقي ووطني على الصحفيين والصحفيات، وهو اساس مهنة الصحافة ورأسمالها واساسها المتين، وتشتد الحاجة في أوقات الحروب والكوارث للتغطية المهنية المتوازنة حتى يستطيع الجمهور تحديد مواقفه وممارسة تأثيره على صانعي القرار لاتخاذ الخطوات الصحيحة لوقف الحرب والاتجاه نحو السلام.
يعمل الصحفيون والصحفيات السودانيين اليوم في ظل ظروف بالغة التعقيد تفتقر لأبسط مقومات الأمن والسلامة، ويقدمون تضحيات كبيرة في سبيل تأدية واجبهم المهني، ويواجهون محاولات التعمية والتغطية وإخفاء الحقائق، والضغوط والإغراءات لتشويه الحقائق لإرضاء أحد الاطراف وتغليب وجهة نظره، ويدفعون ثمنا غاليا للتمسك بالقيم المهنية والاخلاقية للعمل الصحفي.
وفي هذه الاحتفالية باليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، نتذكر زملائنا الثلاثة عشرة الذين قتلوا خلال هذه الحرب ضمن عشرات الالاف من المدنيين، ونشدد على ضرورة ردع مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين ومحاسبتهم على جرائمهم وعدم السماح بإفلاتهم من العقاب.
وفي هذا اليوم الدولي يراجع الصحفيون والإعلاميون ايضا مع المنظمات الدولية والإقليمية والمهتمين بحقوق الإنسان في العالم الخطوات التي تتبعها الدول والمنظمات لضمان عدم إفلات مرتكبي الجرائم والانتهاكات ضد الصحفيين، وملاحقتهم، بما في ذلك وضع القوانين اللازمة لذلك وتعديل القوانين الموجودة لتكون أكثر صرامة، واتخاذ خطوات فعلية من أجهزة تطبيق القانون لتنفيذ هذا الالتزام.
وبهذه المناسبة، نؤكد نحن في منتدى الإعلام السوداني، ان بلدنا السودان لايزال بعيدا عن هذا الالتزام، وعن أي محاولة جادة لضمان سلامة الصحفيين والصحفيات وضمان حقهم في ممارسة عملهم في جو يضمن أمنهم وسلامتهم، بل أن الدولة تتخذ كثير من الخطوات التي تعرقل عمل الصحفيين والصحفيات وتهدد أمنهم وسلامتهم، وتشجع على الانتهاكات والجرائم التي ترتكب ضدهم. بالإضافة إلى ذلك، نلاحظ بقلق الاعتداء العشوائي الذي شنته قوات الدعم السريع والجماعات التابعة لها ضد الصحفيين الذين يغطون الهجمات المتعمدة ضد المدنيين والصحفيين على حد سواء.
يجب أن تتوقف هذه الجرائم والانتهاكات، ونحث المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهود للضغط على الأطراف المتحاربة لاحترام حرية الصحافة والحق في التغطية الإعلامية.

وفي هذا اليوم نجدد العزم في منتدى الإعلام السوداني بالوقوف بصلابة ضد محاولات ترهيب الصحفيين والصحفيات ومنعهم من أداء مهنتهم، والضغط والتواصل مع المنظمات الإقليمية والدولية للضغط على أطراف الحرب لضمان سلامة الصحفيين والصحفيات والتشديد على ضرورة إنهاء حالة الإفلات من العقاب ومحاسبة المجرمين والمنتهكين.
ولن يتحقق ذلك إلا بالعمل الجاد لفضح الانتهاكات والجرائم المصاحبة للحرب، خاصة تلك التي ترتكب ضد الصحفيين والصحفيات، والتضامن فيما بينهم لنصرة كل فرد منهم يتعرض لهذه الانتهاكات.
أخيرا، نجدد نحن في منتدى الإعلام السوداني تأكيدنا والتزامنا القوي والصارم بالعمل وفقا لمعايير وقواعد الصحافة المهنية والاخلاقية مهتدين في ذلك بإرشاداتنا التحريرية ووثيقة قواعد التغطية الاعلامية والصحفية في زمن الحرب المجازة من المنتدى، في سبيل تمليك الحقائق الموثوقة للشعب السوداني، وضمان حصوله المستمر على المعلومات والاخبار الصحيحة، والدقيقة، والمنصفة، والمستقلة.
الرحمة والمغفرة لشهداء الصحافة السودانية، الشفاء العاجل للمصابين، الحرية للمعتقلين والمختفين قسريا.



منتدى الإعلام السوداني
6 نوفمبر 2024

Tarig Algazoli  

مقالات مشابهة

  • يين المحاكمات والاعتداءات.. أيّ مستقبل لحرية الصحافة في تونس؟
  • الصحافة الألمانية تتغنى بـ«الساحر» مرموش والهدف «الحُلم»
  • "انتهت الرحلة".. الصحافة البرازيلية تكشف موعد رحيل نيمار عن الهلال
  • تشكيل الاتحاد السكندري وحرس الحدود فى لقاء اليوم
  • «الصحافة الفرنسية»: هاريس اتصلت بترامب لتهنئته على الفوز بانتخابات الرئاسة
  • تحليل سياسي يكتبه محمد مصطفى أبوشامة: وانتصرت «أمريكا أولاً».. وسقطت العولمة
  • منتدى الإعلام السوداني: مقتل (13) صحفيا.. لن ننسى ولن نغفر والقصاص قادم
  • ماذا قالوا عن الفجر بمناسبة إصدار العدد الـ1000؟
  • إقالة غالانت في الصحافة الإسرائيلية: نتنياهو يقودنا للهاوية
  • والي الشمالية يطلع على ترتيبات تاركو للطيران لبدء رحلاتها بمطار دنقلا