طناء النخيل إرث اجتماعي يسهم في الحراك الاقتصادي
تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT
«طناء النخيل» عادة اجتماعية يحرص الأهالي على إحيائها بشكل سنوي في مختلف ولايات سلطنة عمان، لاسيما خلال فترة القيظ، وهي عبارة عن بيع وشراء ثمار النخيل قبل نضجه، وتنتهي تلقائيا بعد حصاد تلك الثمار؛ ومن المتعارف أنه يبدأ نهاية شهر مايو ويستمر حتى نهاية القيظ، ولا يزال المجتمع العماني يحافظ عليها بشكل مستمر لما لها من حقوق ومسؤوليات تجاه مُلاكها من الأهالي أو الأوقاف أو الأفلاج.
ولمعرفة أهمية ومردود هذه العادة على المجتمع العماني، التقت «عُمان» عددا من القائمين والمشرفين على طناء النخيل، فقد أشار عبدالله بن حمد الرحبي وكيل فلج الأوسط لبلدة سرور التابعة لولاية سمائل بمحافظة الداخلية أن الطاني يقوم بتحديد اليوم ووقت بداية طناء النخيل، مشيرًا إلى أن الطناء في بلدة سرور مقسم لثلاث فترات؛ الفترة الأولى تبدأ بطناء نخلة النغال، أما الفترة الثانية فيتم فيها طناء نخيل الخنيزي والخلاص ونشو الخرماء وبعض الأصناف التي تقيض مباشرة بعد النغال، أما بالنسبة للفترة الثالثة فيتم فيها طناء نخلة الخصاب وبعض النخيل التي تقيض متأخرة.
معاناة
وعلق الرحبي في حديثه على بعض التحديات التي تعاني منها النخلة العمانية قائلا: إن النخيل عامة تعاني من حشرة الدوباس أو المعروفة «بالمتق» لأكثر من ثلاث سنوات؛ وأدت هذه الحشرة إلى ضعف بعض النخيل، كما تسببت في موت بعضها؛ وما تبقى من ثمارها أصبح ضعيفا جدًّا ولا يصلح للأكل.
وأكد أن الأهالي ناشدوا المختصين في وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بعمليات الرش بالمبيدات للقضاء على حشرة دوباس النخيل، إلا أن ذلك لم يقلل من انتشار تلك الحشرة، وبيّن أن الأهالي قاموا أيضا باستئجار شركة خاصة للرش في جميع أنحاء البلدة عن طريق طيران الدرون بتكلفة بلغت ٢٩٠٠ ريال عماني.
«الدلال»
من جهته قال عبدالله بن خلف السيابي وكيل سابق لفلج أبو جدي بقرية سرور: إن الطناء في السابق يكون في السوق الموجود في البلدة وهو مختص ببيع الأسماك والمنتجات الزراعية المحلية، حيث يجتمع حشد من القرية فيقوم «الدلال» بإبلاغهم أن الطناء سيكون في الوقت والتاريخ المتفق عليه لعدم وجود وسائل تواصل في ذلك الوقت؛ ويقوم بتكرار ذلك لمدة ثلاثة أيام تقريبا للأشخاص الذين لم يسمعوا النداء الأول، فيتناقلون هذا الخبر فيما بينهم ويقومون بإخبار القرى المجاورة لهم، فكان يوجد أكثر من ثلاثة أشخاص للمناداة «الدلال»، ويقوم كل شخص يرغب في الطناء بإخبار الدلال الذي يريده، أما بالنسبة للوقت الحاضر فإنهم يقومون بتحديد الوقت المناسب للطناء وتداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ لإخبار جميع أهالي القرية والقرى المجاورة بالموعد المحدد للطناء، فيحضر الأشخاص الذين لا يملكون نخيلا أو يرغبون في الطناء، حيث يوجد شخص واحد للمناداة المسمى بالدلال لطناء جميع نخيل البلدة.
وتطرّق السيابي في حديثه إلى أنهم يبدأون بطناء النخيل المتقدمة في النضج مثل النغال وقش ثميد والمنحي وقش بطَّاش، ويقومون بوضع الأسعار عليها، فبعضها يكون بخمسة ريالات، والأخرى تكون بسبعة أو عشرة وهكذا على حسب المزايدة مقارنًا في حديثه بوضع الطناء في السابق حيث كانت أسعارها تصل إلى ٣٠ أو ٢٥ ريالا عمانيا، فيباشرون الطناء من شريعة البلد إلى نهايتها.
فترات الطناء
وأوضح أن الناس أصبحوا لا يهتمون بالنخيل كالسابق ويفضلون شراء التمر جاهزا من السوق لذلك قلت أسعارها، أما الفترة الثانية من الطناء فتبدأ بعد ثلاثة أسابيع أو بعد شهر من طناء الفترة الأولى وتكون لنخلة الخنيزي والخلاص وأبو نارنجة وتسمى بـ«الساير» وهي المعروفة بالخرايف أيضا، وتسير العملية على نهج الطناء الأول، وذكر أيضا أن هناك نوعا آخر من الطناء يسمى «بالمساومة» وهو أن الشخص يريد شراء نخيل فيقول لمالك النخلة إذا كان بإمكانه الطناء وهذا يحدث بين البائع والمشتري ويتم الاتفاق على السعر دون الحاجة لوجود الدلال، أما بالنسبة للأوقات التي يكون فيها الدلال موجودا فإنه يأخذ من الطناء نصيبا ويكون قدره عُشر المبلغ، أما بالنسبة للفترة الثالثة فتتم بعد شهر لنخلة الخصاب والزبد والفرض، والمبسلي الذي أصبح وجوده نادرا في البلدة.
وقال السيابي: إن النخيل موجودة في أراض متجاورة موزعة على أهالي البلدة حسب الفلج أو المسمى بـ «سقي الفلج»، وأنه في الوقت الحالي ارتفع سعر نخلة الخلاص حيث وصلت قيمتها إلى ٤٠ أو ٤٥ أو ٣٠ ريالا عمانيا؛ وكذلك نخلة الزبد والفرض بسبب سهولة التسويق لها. أما في السابق فكان لنخلة الخصاب قيمة أكثر حيث يصل سعرها إلى ٦٠ أو ٧٠ ريالا عمانيا أما الآن فأصبحت بقيمة ريالين أو ثلاثة ريالات فقط.
مناشدة
ونوّه السيابي في نهاية حديثه إلى أن المزارعين أصبحوا الآن يواجهون مشكلة حشرة الدوباس المعروفة «بالمتق» وسوسة النخيل، حيث قامت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بدورها بعد مطالبات من الأهالي، مشيرًا إلى أن الوزارة تحتاج إلى تكثيف جهودها لرش النخيل على الأقل مرتين في العام؛ مطالبًا بالاهتمام ودعم الأهالي في صيانة الأفلاج لاستمرار تدفقها وسقيها للمزروعات؛ فهي من الموروثات التي يجب المحافظة عليها لاستمرارها عبر الأجيال القادمة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: طناء النخیل أما بالنسبة إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف يسهم اقتناء دمى الأطفال في تحقيق السلام النفسي للكبار؟
لا يقتصر الولع باقتناء الدمى على الأطفال، بل يستمر مع البعض حتى مراحل عمرية متقدمة، ليتحول إلى عالم كامل، وربما مستقبل يمكن أن ترسمه "دمية الطفولة".
تشير الأبحاث العلمية إلى ما توفره الدمى من إشباع نفسي وعلاج لمشكلات تتعلق بالشعور بالأمان والهوية، لكن الأمور تذهب إلى ما هو أبعد عند البعض حيث الكثير من الأسرار والفوائد والحكايات.
هؤلاء ما زالوا يحتفظون بدماهمحين كانت طفلة، طرحت المهندسة والكاتبة والروائية المصرية لمياء نجيب سؤالا على والدتها لم تنسه حتى الآن. تقول للجزيرة نت، "تعجبت: لماذا لا يلعب الكبار بالدمى والعرائس يا أمي؟ فقالت لي حين تكبرين ستجدين أنك توقفت فجأة عن اقتنائها من دون مقدمات، لن تفكري بها، أو ترغبي في اللعب بها مرة أخرى، لكنني قلت لها غير مصدقة، لا يمكن أن يحدث هذا أبدا، وقد كان".
تخضع الكاتبة والروائية المصرية لمياء نجيب مجموعتها إلى جلسات تصوير وتحرص على شراء الملابس لهم (الجزيرة)استمر ولع لمياء حتى الآن، هي لا تفضل ذكر عدد سنوات عمرها، لكنها تعلم جيدا أنه لا أحد من أصدقائها يمتلك تلك الهواية.
تقول، "أمتلك دمى وعرائس بكميات كبيرة، إناثا وذكورا، لكنني لا أشتري بشكل عشوائي، المسألة ليست مجرد اقتناء وحسب، فأنا مثلا لا أوافق أن يهديني أصدقائي دمى أو عرائس، الأمر يتعلق بشعور معين يسيطر علي فيدفعني لشراء واحدة بعينها، كتلك العروسة التي رأيتها في أحد المحال، وكان إلى جوارها العشرات تشبهها، لكنها وحدها التي كانت تتميز بعين واحدة نصف مغلقة، وكأنها مصابة أو تؤلمها، رق قلبي لها كأنها بحاجة لي، واشتريتها فورا، ثمة دمى بعينها أشعر كأنها تناديني كي أقتنيها، وأنا أمنحها أسماء أيضا، منها مثلا برتقالة، وأبو حلموس وأنوس، وياقوت وياقوتة، ولولي ولولو".
تخضع لمياء مجموعتها إلى جلسات تصوير، وتحرص على شراء الأكسسوارات والملابس لهم، مسألة تفسرها بقولها "هذه هي الطريقة التي يمكن بها العودة إلى الطفولة أحيانا، أو التحليق معهم إلى عالم آخر خيالي بالكامل، عامر بالمواقف والحكايات التي لا تنتهي للواقع، إنني أتخيل مواقف بالذات مع الألعاب ذات الشكل الكوميدي، العرائس بالنسبة لي مصدر بهجة وسعادة لا تنتهي، يقول البعض إنها تشبع احتياج الأمومة عند الناس لكنني لا أرى أنها تشبع هذا الجانب وحده، فثمة جوانب أخرى عديدة، هي تجعلني أشعر بالدنيا وزينتها والسعادة الممكنة فيها".
يضم الاتحاد العام لنوادي الدمى حول العالم قرابة 16 ألف عضو من مختلف الدول (الجزيرة)قد يبدو الأمر غريبا للبعض، لكن المفاجأة أن هناك اتحادا عاما لنوادي الدمى حول العالم، يعد أحد أكبر مجموعات الهواة على الإطلاق بعد جماعي الطوابع، يضم قرابة 16 ألف عضو من مختلف العالم.
فوائد نفسية غير متوقعةيقسم علماء النفس والأعصاب جامعي الدمى إلى نوعين أساسيين، الأول يملك شعورا آمنا بالذات، والثاني يظهر شعورا غير آمن بالذات.
وعليه، تختلف الوظيفة التي تؤديها الدمى في الحالتين. تقول باحثة علم الأعصاب ومؤلفة كتاب "داخل عقل الجامع" الدكتورة شيرلي إم مولر، أن البالغين الذين يجمعون الدمى لا يقومون بذلك لغرض المتعة وحسب، ولكن لغرض علاجي أيضا، حيث تكمن مجموعة من العوامل النفسية وراء الأمر، فأولئك الذين لديهم شعور غير آمن بالذات يستخدمون تلك الهواية كوسيلة للتعامل مع مشكلات الشك بالذات والهوية غير المستقرة عبر خلق عوالم أخرى، يمكنهم من خلالها تعويض المشاعر والتفاصيل المفقودة على أرض الواقع، وحل النزاعات والتوترات الداخلية.
أما بالنسبة إلى المجموعة التي تملك ذاتا آمنة، فإنهم يستخدمون تلك الهواية كوسيلة لتحمل الأحداث السلبية في الحياة، والتسامح معها.
وفي كتابهما "جماليات العاطفة"، يذكر الباحثان في قسم علم النفس في جامعة تورنتو أنجيلي إغناسيو وجيرالد كوبشيك، أن جامعي الدمى الذين يتمتعون بإحساس آمن بالذات يستخدمون اللعب بالدمى وبناء عالم خيالي كوسيلة للإبداع والاستمتاع.
يعد الاتحاد العام لنوادي الدمى حول العالم أحد أكبر مجموعات الهواة على الإطلاق بعد جماعي الطوابع (الجزيرة)أما أولئك الذين يعانون من عدم الأمان الذاتي، فتتحول أنشطتهم باستخدام الدمى إلى وسيلة لحل التوترات الداخلية والانخراط في العلاج الذاتي والشفاء من القضايا التي لم تُحل في حياتهم.
وتشير الأبحاث إلى مجموعة من الفوائد النفسية لجمع الدمى من بينها:
تخفيف التوتر الشعور بالهوية تحفيز مركز المتعة معرفة الذات ولع تحول إلى عملبدأ ولع سامية عيد، بالدمى والعرائس في مرحلة روضة الأطفال، لكن ولعها تحول لاحقا إلى "عمل" ورغم تخرجها في كلية الهندسة قبل أشهر، فإن هواية الطفولة رسمت لها طريقا مختلفا كليا.
تقول للجزيرة، "أحببت العرائس كلعبة، لكن مع الوقت، تطور الأمر، صارت الدمى وسيلة لتحقيق أحلامي في تصميم الأزياء، هكذا صرت أنفذ الملابس التي أراها في الأفلام القديمة، والأفكار التي تراودني على الدمى، وكانت النتائج تتحسن مع الوقت، فصرت أقتني مزيدا من الدمى مع تغيير الشكل والأبعاد بشكل منتظم، وعقب انتهاء المرحلة الابتدائية، تزايد اهتمامي بالتصميم والأزياء، فقمت بعرض تصميماتي على الإنترنت لأفاجئ بردود فعل رائعة".
تحول ولع سامية عيد بالدمى والعرائس إلى عمل بعدما أصبحت مصممة أزياء للأطفال (الجزيرة)وتضيف، "حظيت بتشجيع ضخم، على الانتقال من التصميم للعرائس للأطفال، ففكرت في تطوير نفسي أكثر وأن يكون لي علامة تخصني وقد تلقيت الكثير من الطلبات بالفعل، فصرت أنفذ تصميم الفستان للأطفال، ومعه تصميم مماثل لدميتها، فترتدي الطفلة ملابس مشابهة لما ترتديه دميتها، ومع الوقت انتقلت إلى التفصيل للكبار".
انطلقت سامية وواصلت رحلتها في التعلم الذاتي بشكل تام، هكذا أتقنت رسم الباترون، والتفصيل من دون معلم، وغاصت أكثر مع دماها في عالم فساتين العصر الفيكتوري وتصميمات القرنين الماضيين، وصارت دماها تحمل تصميماتها كعارضات يجلبن لها مزيدا من المعجبين والراغبين في نقل التصميم من عالم الدمى إلى عالم البشر.
أما آية صلاح، فقد كانت مولعة بالدمى والأفلام القديمة في طفولتها، وكانت تتمنى لو أنها ترتدي على غرار تلك الأفلام، فبدأت في تطبيق ما تراه على الدمى والعرائس، ثم بدأت تعلم مبادئ تصميم الأزياء، وراحت تطبق ما تراه على العرائس القديمة التي صار لها ملابس من "فينتاج" بتفاصيل دقيقة.
تخصصت آية صلاح في تصميم أزياء الدمى التي ترتدي ملابس تعود إلى العصر "الفيكتوري" (الجزيرة)وحين قامت آية ذات الـ 30 عاما بنشر الصور عبر مواقع التواصل، أمطرها المعجبون بالطلبات لتفصيل ملابس للدمى، لكن الأمر تطور فصارت تقوم بتفصيل "عروسة الزفاف" بحيث تحمل العروس دمية ترتدي الفستان ذاته، وهو ما كان فكرة لافتة للكثير من الفتيات اللائي أردن مظهرا مختلفا في حفلات زفافهن.
تقول آية للجزيرة نت، "تطور الأمر لدرجة أنني صرت أستورد عرائس قديمة من الخارج، وأجد طريقة لإقناع الناس باقتناء الدمى، من خلال الصور التي أقوم بنشرها لملابسي وملابس العرائس، وتحول الأمر إلى مشروع، حاليا صرت أعمل في مجال الألعاب والتفصيل للألعاب، حبي للعرائس ما زال قائما، لو لم يكن هذا عملي كانت حياتي لتصبح كئيبة جدا، هذا مصدر سعادتي، حين أجمع العرائس، أمشط شعرها، وأمنحها ملابس جديدة، وأنا أيضا أحب التصوير".
آية صلاح باتت تصمم "عروسة الزفاف" وهي الدمية التي تحملها العروس وترتدي الفستان ذاته (الجزيرة)وتختم، "أعمل منذ أكثر من 6 سنوات، وأعتبر ما وصلت إليه إنجازا، وحاليا أسعى لامتلاك متجر للعرائس من العصر الفيكتوري والألعاب النادرة، والدمي الأنتيك، في الواقع الدمى والعرائس ليست للأطفال فقط، جامعو الدمى كثيرون يشترونها لأنفسهم ويستمتعون بها قبل أن تكون لأولادهم".