«طناء النخيل» عادة اجتماعية يحرص الأهالي على إحيائها بشكل سنوي في مختلف ولايات سلطنة عمان، لاسيما خلال فترة القيظ، وهي عبارة عن بيع وشراء ثمار النخيل قبل نضجه، وتنتهي تلقائيا بعد حصاد تلك الثمار؛ ومن المتعارف أنه يبدأ نهاية شهر مايو ويستمر حتى نهاية القيظ، ولا يزال المجتمع العماني يحافظ عليها بشكل مستمر لما لها من حقوق ومسؤوليات تجاه مُلاكها من الأهالي أو الأوقاف أو الأفلاج.

ولمعرفة أهمية ومردود هذه العادة على المجتمع العماني، التقت «عُمان» عددا من القائمين والمشرفين على طناء النخيل، فقد أشار عبدالله بن حمد الرحبي وكيل فلج الأوسط لبلدة سرور التابعة لولاية سمائل بمحافظة الداخلية أن الطاني يقوم بتحديد اليوم ووقت بداية طناء النخيل، مشيرًا إلى أن الطناء في بلدة سرور مقسم لثلاث فترات؛ الفترة الأولى تبدأ بطناء نخلة النغال، أما الفترة الثانية فيتم فيها طناء نخيل الخنيزي والخلاص ونشو الخرماء وبعض الأصناف التي تقيض مباشرة بعد النغال، أما بالنسبة للفترة الثالثة فيتم فيها طناء نخلة الخصاب وبعض النخيل التي تقيض متأخرة.

معاناة

وعلق الرحبي في حديثه على بعض التحديات التي تعاني منها النخلة العمانية قائلا: إن النخيل عامة تعاني من حشرة الدوباس أو المعروفة «بالمتق» لأكثر من ثلاث سنوات؛ وأدت هذه الحشرة إلى ضعف بعض النخيل، كما تسببت في موت بعضها؛ وما تبقى من ثمارها أصبح ضعيفا جدًّا ولا يصلح للأكل.

وأكد أن الأهالي ناشدوا المختصين في وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بعمليات الرش بالمبيدات للقضاء على حشرة دوباس النخيل، إلا أن ذلك لم يقلل من انتشار تلك الحشرة، وبيّن أن الأهالي قاموا أيضا باستئجار شركة خاصة للرش في جميع أنحاء البلدة عن طريق طيران الدرون بتكلفة بلغت ٢٩٠٠ ريال عماني.

«الدلال»

من جهته قال عبدالله بن خلف السيابي وكيل سابق لفلج أبو جدي بقرية سرور: إن الطناء في السابق يكون في السوق الموجود في البلدة وهو مختص ببيع الأسماك والمنتجات الزراعية المحلية، حيث يجتمع حشد من القرية فيقوم «الدلال» بإبلاغهم أن الطناء سيكون في الوقت والتاريخ المتفق عليه لعدم وجود وسائل تواصل في ذلك الوقت؛ ويقوم بتكرار ذلك لمدة ثلاثة أيام تقريبا للأشخاص الذين لم يسمعوا النداء الأول، فيتناقلون هذا الخبر فيما بينهم ويقومون بإخبار القرى المجاورة لهم، فكان يوجد أكثر من ثلاثة أشخاص للمناداة «الدلال»، ويقوم كل شخص يرغب في الطناء بإخبار الدلال الذي يريده، أما بالنسبة للوقت الحاضر فإنهم يقومون بتحديد الوقت المناسب للطناء وتداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ لإخبار جميع أهالي القرية والقرى المجاورة بالموعد المحدد للطناء، فيحضر الأشخاص الذين لا يملكون نخيلا أو يرغبون في الطناء، حيث يوجد شخص واحد للمناداة المسمى بالدلال لطناء جميع نخيل البلدة.

وتطرّق السيابي في حديثه إلى أنهم يبدأون بطناء النخيل المتقدمة في النضج مثل النغال وقش ثميد والمنحي وقش بطَّاش، ويقومون بوضع الأسعار عليها، فبعضها يكون بخمسة ريالات، والأخرى تكون بسبعة أو عشرة وهكذا على حسب المزايدة مقارنًا في حديثه بوضع الطناء في السابق حيث كانت أسعارها تصل إلى ٣٠ أو ٢٥ ريالا عمانيا، فيباشرون الطناء من شريعة البلد إلى نهايتها.

فترات الطناء

وأوضح أن الناس أصبحوا لا يهتمون بالنخيل كالسابق ويفضلون شراء التمر جاهزا من السوق لذلك قلت أسعارها، أما الفترة الثانية من الطناء فتبدأ بعد ثلاثة أسابيع أو بعد شهر من طناء الفترة الأولى وتكون لنخلة الخنيزي والخلاص وأبو نارنجة وتسمى بـ«الساير» وهي المعروفة بالخرايف أيضا، وتسير العملية على نهج الطناء الأول، وذكر أيضا أن هناك نوعا آخر من الطناء يسمى «بالمساومة» وهو أن الشخص يريد شراء نخيل فيقول لمالك النخلة إذا كان بإمكانه الطناء وهذا يحدث بين البائع والمشتري ويتم الاتفاق على السعر دون الحاجة لوجود الدلال، أما بالنسبة للأوقات التي يكون فيها الدلال موجودا فإنه يأخذ من الطناء نصيبا ويكون قدره عُشر المبلغ، أما بالنسبة للفترة الثالثة فتتم بعد شهر لنخلة الخصاب والزبد والفرض، والمبسلي الذي أصبح وجوده نادرا في البلدة.

وقال السيابي: إن النخيل موجودة في أراض متجاورة موزعة على أهالي البلدة حسب الفلج أو المسمى بـ «سقي الفلج»، وأنه في الوقت الحالي ارتفع سعر نخلة الخلاص حيث وصلت قيمتها إلى ٤٠ أو ٤٥ أو ٣٠ ريالا عمانيا؛ وكذلك نخلة الزبد والفرض بسبب سهولة التسويق لها. أما في السابق فكان لنخلة الخصاب قيمة أكثر حيث يصل سعرها إلى ٦٠ أو ٧٠ ريالا عمانيا أما الآن فأصبحت بقيمة ريالين أو ثلاثة ريالات فقط.

مناشدة

ونوّه السيابي في نهاية حديثه إلى أن المزارعين أصبحوا الآن يواجهون مشكلة حشرة الدوباس المعروفة «بالمتق» وسوسة النخيل، حيث قامت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بدورها بعد مطالبات من الأهالي، مشيرًا إلى أن الوزارة تحتاج إلى تكثيف جهودها لرش النخيل على الأقل مرتين في العام؛ مطالبًا بالاهتمام ودعم الأهالي في صيانة الأفلاج لاستمرار تدفقها وسقيها للمزروعات؛ فهي من الموروثات التي يجب المحافظة عليها لاستمرارها عبر الأجيال القادمة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أما بالنسبة إلى أن

إقرأ أيضاً:

رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي

في إطار فعاليات معرض عالم التمور 2024، الذي يُقام في واجهة الرياض للمعارض والمؤتمرات، يستقطب متحف عالم التمور اهتمام الزوار من مختلف الفئات، ليأخذهم في رحلة زمنية تمتد لأكثر من ألف عام. المتحف، الذي يُعد أحد أبرز مكونات المعرض، يسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين التمور والنخيل في التاريخ والثقافة العربية.
ويعرض المتحف مجموعة من المخطوطات التراثية والأدوات الزراعية القديمة، التي تبرز دور التمور والنخيل في تشكيل الهوية الثقافية والاجتماعية للجزيرة العربية. من بين المعروضات اللافتة للنظر، أدوات تقليدية كانت تُستخدم في زراعة النخيل وجني التمور، بالإضافة إلى وثائق أدبية ونصوص تاريخية تذكر النخيل كرمز للكرم والرخاء في التراث العربي.
ويتضمن المتحف عروضًا مرئية ومجسمات تفاعلية، تروي قصة النخيل والتمور عبر العصور. من خلال شاشات عرض كبيرة ومقاطع فيديو، يمكن للزوار استكشاف مراحل تطور زراعة النخيل في المملكة، بداية من الأساليب التقليدية وصولًا إلى التقنيات الحديثة المستخدمة في الزراعة الذكية.
كما يبرز المتحف أهمية التمور في الأدب العربي، حيث تم توثيقها كجزء من الحياة اليومية والأمثال الشعبية التي تمجد دور النخيل في توفير الغذاء والظل، مما يعزز ارتباطها العاطفي والثقافي بالمجتمعات المحلية.
ويقدم المتحف تجربة تفاعلية مميزة، حيث يمكن للزوار الاطلاع على أنواع التمور المختلفة التي اشتهرت بها مناطق المملكة، مثل السكري من القصيم، والخلاص من الأحساء، والعجوة من المدينة المنورة. يتمتع الزوار أيضًا بفرصة مشاهدة عملية توثيق مراحل تخزين التمور عبر العصور وكيفية تحولها إلى منتج اقتصادي استراتيجي.
وإلى جانب الماضي، يعكس المتحف رؤية المملكة نحو تطوير قطاع التمور، حيث يعرض تطور الصناعات التحويلية مثل إنتاج العصائر، المخبوزات، وحتى المشروبات المبتكرة مثل مشروب كولا بسكر التمر. هذه المبادرات تبرز أهمية التمور كمحرك اقتصادي يدعم رؤية السعودية 2030 لتنويع الاقتصاد الوطني.
ختامًا، يُعد متحف عالم التمور محطة أساسية لكل زائر، يسعى لفهم الأبعاد الثقافية والاقتصادية للتمور، مع إحياء تاريخ يمتد لألف عام من العلاقة الوثيقة بين الإنسان والنخيل. تجربة لا تُفوَّت تُدمج بين التعلم والاستمتاع، في قلب العاصمة الرياض.

معرض عالم التمور: تجربة طهي حي تمزج بين التراث والابتكار

يشهد معرض عالم التمور 2024، المقام في واجهة الرياض للمعارض والمؤتمرات، فعالية فريدة من نوعها وهي تجربة الطهي الحي، التي تجمع بين الابتكار والتراث لتقديم أطباق عالمية ومحلية تعتمد على التمور كمكون رئيسي. الفعالية تُبرز الإمكانات الهائلة للتمور السعودية في صناعة الأغذية الحديثة، وتستقطب اهتمام الزوار من مختلف الفئات، محليًا ودوليًا.

في منطقة الطهي الحي، يُبدع الطهاة المحليون والدوليون في إعداد أطباق مبتكرة باستخدام التمور، حيث يتم تقديم وجبات تجمع بين النكهات التقليدية والتقنيات الحديثة. تشمل الأطباق المتنوعة سلطات بالتمر، مشروبات مبتكرة، حلويات فاخرة، وأطباق رئيسية تضيف التمور لمسة غنية بالنكهة والقيمة الغذائية.
يتيح هذا النشاط التفاعلي للزوار فرصة مشاهدة الطهاة أثناء العمل، مع شرح حي للمكونات وكيفية دمج التمور بطرق مبتكرة. كما يمكن للزوار تذوق الأطباق والتعرف على وصفاتها، مما يخلق تجربة تعليمية وترفيهية في الوقت ذاته.

اقرأ أيضاًالمجتمعأمير حائل يلتقي مدير التعليم بالمنطقة

وتستضيف الفعالية نخبة من الطهاة المحليين والعالميين الذين يعرضون مهاراتهم في تقديم أطباق فريدة تعتمد على التمور. كما تشارك شخصيات جماهيرية في تعزيز الحضور الإعلامي للفعالية، مما يضيف أجواء تفاعلية ويزيد من التفاعل بين الجمهور والطهاة.

وتهدف تجربة الطهي الحي إلى تسليط الضوء على التمور كعنصر أساسي في صناعة الأغذية العالمية. ويؤكد الطهاة المشاركون أن التمور تتميز بمرونتها في الاستخدام، مما يجعلها مكونًا مثاليًا للحلويات، المشروبات، وحتى الأطباق المالحة. كما أن هذه الفعالية لا تقتصر على إبراز القيمة الغذائية للتمور، بل تُظهر أيضًا الإمكانات الاقتصادية الهائلة التي تقدمها لصناعة الأغذية الحديثة، حيث يمكن للمنتجين المحليين الاستفادة من الطلب العالمي المتزايد على المنتجات الصحية والمستدامة.

وتُعد منطقة الطهي الحي فرصة استثنائية للزوار لاكتشاف إمكانيات جديدة للتمور في المطبخ الحديث. إلى جانب التذوق، توفر الفعالية ورش عمل صغيرة لتعريف المشاركين بطرق استخدام التمور في أطباقهم اليومية

مقالات مشابهة

  • محافظ الغربية يتفقد قرية محلة زياد ويستمع لشكاوى ومطالب الأهالي
  • الإفتاء: رعاية الأبناء واجب شرعي ولا يجوز التكاسل في التطعيمات
  • الحالة المطرية واعتدال الأجواء بمكة المكرمة يدفع الأهالي للخروج والتنزه
  • الهبّة الديموغرافية في العراق.. فرصة اقتصادية أم عبء اجتماعي؟
  • الهبّة الديموغرافية في العراق.. فرصة اقتصادية أم عبء اجتماعي؟- عاجل
  • رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي
  • أسر إفريقية تتوارث الزوجات.. محظيات أم خطة للسيطرة على المال والأبناء!
  • شاهد | سيدة يمنية افتتحت مشروع مما تنتجه من أشغال تراثية من سعف النخيل
  • الأنبا زوسيما يترأس عشية رحيل القديس مارمينا بكنيسة صول
  • خبيرة: 80% من الأهالي يجهلون مخاطر الذكاء الاصطناعي على أطفالهم