فاطمة الحارثية
قد نتفق فكريا ونختلف في المدرسة، وقد تتوافق الأهداف ونتعارض في الوسيلة، ندرك ذلك من خلال الحوار، والكلمة، ولغات الاتصال، ونعلم أيضا أننا إذا بذلنا المزيد من الجهد قد نُجمع أو نستأنس بهذا الاختلاف، ونبتكر من خلاله، المهم، أننا نستطيع أن نمضي جنبا إلى جنب- إن رغبنا بذلك- بلا ضرر ولا ضرار، والعكس صحيح.
ثمة فرق شاسع بين "لا أريد" و"لا استطيع" بيد أن بين الحياء والحرج يُهضم حق "لا أريد" لينتصر "لا استطيع"، وهذا يُحجب عنا فرص المحاولة، وأريحية النقاش والحوار، في سبر أغوار الأحداث والأمور، ولذة الاستكشاف، وبذل أسباب الوفاق وتجربة الإقناع، فنَهِيمُ دون صوامع.
يكرر فراس دائما قول "الإفراط في الإيجابية لا يقل ضررا من السلبية ذاتها"، الغيبيات واقع لا ينفصل ولا يغيب عن الحياة اليومية، فنحن لا نعلم كل ما يحدث من حولنا، ولا نُدوب ظهورنا، وحتى مرايا هذا العصر لم تعد مخلصه لتخبرنا عن بشاعة تلك الندوب ومدى امتدادها أو حتى عُمقها؛ والضباب من أمامنا يلف الحاضر، فالأيام تهرول ونحن بالكاد نتلمس الطريق، ونتخبط بقروح أيدينا، لنُقشع الضباب لنستطيع أن نميز بين السبيل والسراب، وفي ثنايا عداد السرعة نفقد متابعة الطبيعة الجميلة، وأسهم عقارب الساعة تقطع عنا سُبل التأمل والخيال، ويغيب عنا ضجيج السيناريوهات، وصوت الآخر، كحشرجة دولاب قطار موت في مدينة ألعاب مكتظة بروائح الطعام والإثارة، وأصوات النداء الضحكةالدامعة، نتجنب الطوابير الطويلة، في حكم مطلق للزحام وحوكمته لخياراتنا ونحن نمضي بكل تهور، لنأجل الندمالمحتمل إلى ما بعد اللهو، ثم نسنده بكل تقاعس إلى المعجزات والصلوات.
أما آن الوقت لالتقاط أنفاسنا؟ وأن نهدأ قليلا ونترك للذكاء الاصطناعي فرصة، فعلى ما يبدو أن ابتكاره تزامن مع أزمة الوقت، والتغيرات السريعة للحياة من حولنا، فالبعض يهرول والآخر يُحلق وآخر يهوي، وأعمارنا تنقضي قبل أن نتنفس الصعداء.
إن وسائل التواصل تغتال قلوبنا، لتصبح مشاهد الاعتداء والخوف عادية، وترخص الدماء والحرمات المنتهكة، نبتلع أصواتا مكلومة وكأنها أمواج في يوم عاصف، نُعزي ذواتنا بأن كل شيء يمضي، نعم، يمضي لن نختلف، إلا أنه يقتات من طياتأعمارنا يا عالم.
صعوبة الاحتواء المعرفي بسبب الكم العلمي الهائل، يُولِّد الفهم المشوش، والكثير من الجدل، وهذا بطبيعة الحال يقود إلى التلكؤات في النقاشات التي يُفترض أن تكون بناءه، ويُشكل عائقا واضحا في درجة صعوبة التواصل بين المرسل والمتلقي والمُشاهد، وللتأقلم توجه الناس نحو مشاعرهم لتقود الدفة، ولتهيمن على الفهم والاستيعاب، ولجوء الغالبية إلى صومعة المشاعر بدل الفكر؛ حيث بات يتمسك بما يستطيع أن يشعر به، ويُنئي عن نفسه الإرباك المستمر في مسائل الفهم وسوء الفهم، والخلافات التي تأتي بعدها، فأصبح معظم الحديث يبدأ بـ"أنا أشعر" و "هو شعر"، وعُقد الكيمياء التي أصبحت حجة كافية لتقرير المصائر وصناعة الخيار.
إلى أين نحن متجهون؟ سؤال بألف إجابة!
وإن طال...
نحن مجموعات، نعيش معًا ولبعضنا، ولا يجب أن نسمح بالغزو الفكري أن يجتاح معتقداتنا، أو يكسر اللحمة التي بها نعيش مصيرنا الواحد المشترك. لقد آن للبوصلة أن يكون لها هوية انتماء بقيم ثابتة وميزان بصير.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مدرب الأرجنتين يؤكد صعوبة مواجهة بيرو في تصفيات كأس العالم
شدد ليونيل سكالوني، المدير الفني لمنتخب الأرجنتين، على صعوبة لقاء فريقه مع ضيفه منتخب بيرو في تصفيات اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم "كونميبول"، المؤهلة لبطولة كأس العالم 2026.
ويستضيف منتخب الأرجنتين نظيره البيروفي مساء اليوم الثلاثاء بالتوقيت المحلي "صباح غد الأربعاء بتوقيت جرينتش"، في الجولة الـ12 للتصفيات، حيث يتطلع "بطل العالم" لاستعادة نغمة الانتصارات التي غابت عنه في الجولة الماضية بخسارته 1 / 2 أمام مضيفه منتخب باراجواي.
ورغم تلك الخسارة، مازال يتربع المنتخب الأرجنتيني على صدارة جدول الترتيب برصيد 22 نقطة، بفارق 3 نقاط أمام أقرب ملاحقيه منتخبي أوروجواي وكولومبيا، فيما يحتل منتخب بيرو المركز التاسع "قبل الأخير" برصيد 7 نقاط فقط.
وصرح سكالوني، في المؤتمر الصحفي الذي عقده للحديث عن لقاء بيرو "لقد تأكد غياب ناهويل (مولينا) وكوتي (روميرو). سوف نستعين بجوليانو "سيميوني"، وهو اللاعب الذي يمكنه التحرك يمينا ويسارا".
أضاف المدرب الأرجنتيني "نحن نعتني بتاجليافيكو هذه الأيام. أتصور أنه لن يواجه أي مشكلة في اللعب أمام بيرو".
أوضح سكالوني "بالنظر إلى تلك التصفيات وسير نتائجها، ندرك مدى صعوبة الأمر. تحتاج بيرو إلى النقاط وستجعل الأمر صعبا علينا. بغض النظر عن خسارتنا في الجولة الماضية، سيواصل الفريق مساره ويستمر في المحاولة".
كشف سكالوني، في تصريحاته، التي نقلها الموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم "نحتاج إلى أن يلعب الجميع. كانت المباريات الست الأخيرة في التصفيات قريبة للغاية من بطولة كأس أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا) واخترنا السير على نفس النهج الذي خضنا خلاله تلك البطولة".
أشار سكالوني، الذي قاد منتخب الأرجنتين للتتويج بلقبي كأس العالم 2022 وكوبا أمريكا 2024 "نصل إلى مباراة بيرو ونشعر بأننا كنا معا لفترة طويلة. وبغض النظر عن النتائج، واللعب بشكل جيد أو سيئ، فإن رد فعل اللاعبين دائما رائع. إنهم سعداء هنا".
أكد مدرب (راقصو التانجو) "لست قلقاً بشأن الإحصائيات. الشيء المهم هو الفوز في اللقاء المقبل وباقي الأمور الأخرى تبدو ثانوية بالنسبة لي".
أكد سكالوني "لدي طريقتي الخاصة في رؤية المباراة مع باراجواي، بما يتجاوز استحقاق المنافس للفوز. حاول فريقنا دائما اللعب وخلق الفرص. الفريق لديه هذا الشعور وسنواصل القيام بنفس الأمر. سوف نواجه خصما مختلفا أمام بيرو".
وتابع "علينا أن نعرف أننا يمكن أن نخسر. لحسن الحظ، حققنا نتائج إيجابية في الكثير من اللقاءات. رؤية كيفية تعافي الفريق من الهزيمة تعطينا أيضا انعكاسات جيدة".
شدد سكالوني "منتخب بيرو فريق لديه الأمور واضحة، يمتلك لاعبين ذوي خبرة في الدفاع ولديه عناصر جيدة للغاية. ينبغي علينا أن نتحلى بالحذر ونلعب مباراة جادة. عدد النقاط يكون خادعاً في بعض الأحيان".
واختتم سكالوني تصريحاته قائلا "لقد كان عاما طويلا، بين تصفيات مونديال 2026 وكوبا أمريكا. ولحسن الحظ اجتزنا ذلك. ويتطلب الأمر الكثير من الطاقة".
يشار إلى أن الفوز سيرفع رصيد منتخب الأرجنتين إلى 25 نقطة من 12 مباراة، وسيضمن له على الأقل المركز السادس من بين 10 منتخبات مشاركة في التصفيات، حيث تمتلك أمريكا الجنوبية 6 مقاعد مباشرة في المونديال المقبل.