استعرضت مجلة "972+" تقريرا الاحتجاجات الضخمة التي نظمها اليهود الحريديم في القدس ضد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية إلغاء الإعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية الذي كان يتمتع به شباب الحريديم.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن آلاف اليهود المتشددين تظاهروا في القدس ضد قرار المحكمة العليا التاريخي الأسبوع الماضي، الذي يقضي بتجنيد الشباب الحريدي في الجيش الإسرائيلي.

وقد وحّدت أكبر مسيرة مناهضة للتجنيد خلال عقد من الزمن العديد من الفصائل الحريدية، التي حمل أتباعها لافتات كتب عليها "لن ننضم إلى جيش عدو"، و"نفضل العيش كيهود على الموت كصهاينة'، و"السجن بدلا من الجيش"، و"الصهيونية تستخدم اليهود دروعا بشرية"، وغيرها من الشعارات الناقدة باللغتين العبرية والإنجليزية.

وقد هاجم المتظاهرون سيارات تقل اثنين من القادة السياسيين الحريديين، وأحرقوا صناديق القمامة، وحاولوا كسر الأسوار ونزع إشارات المرور من الأرض. وحاولت الشرطة تفريقهم بالقوة باستخدام ضباط الخيالة والهراوات وخراطيم المياه، وتم اعتقال عدد من المتظاهرين.

وحسب المجلة، منذ قيام إسرائيل، تم إعفاء اليهود المتشددين من الخدمة العسكرية الإلزامية – لكن هذه السياسة ظلت منذ فترة طويلة قضية سياسية وقانونية مثيرة للجدل. ومع تكريس الرجال الحريديم حياتهم لدراسة التوراة، يرى المجتمع أن التجنيد الإجباري بمثابة هجوم على أسلوب حياتهم. وبالنسبة للطوائف الأكثر معاداة للصهيونية، والتي قادت الاحتجاجات الأخيرة، فإن الخدمة في الجيش الإسرائيلي لا تتوافق مع نظرتهم إلى الدولة باعتبارها غير شرعية لأنها تأسست قبل عودة المسيح.

ولكن في خضم حرب غزة، ارتفعت الدعوات إلى تجنيد الشباب الأرثوذكسي المتطرف أكثر من أي وقت مضى. وهناك حوالي 60 ألف جندي في سن التجنيد المؤهلين، ويرى العديد من الإسرائيليين أن عدم تجنيدهم يعد انتهاكًا لالتزاماتهم المتعلقة بالمواطنة. وبعد انتهاء العمل بقانون طويل الأمد يعفي الحريديم من الجيش، قضت المحكمة العليا بالإجماع في 25 حزيران/ يونيو بوجوب تجنيد الحريديم، ومنعت الحكومة من تمويل المدارس الدينية (يشيفوت) التي لا يلتحق طلابها بالخدمة العسكرية. وجاء في الحكم أنه "في خضم حرب مرهقة، أصبح عبء عدم المساواة أقسى من أي وقت مضى ويتطلب حلاً".

ووصفت وسائل الإعلام العبرية الفصائل المحتجة بأنها "متطرفة" – ومن المؤكد أنها متطرفة في علاقتها بأغلبية المجتمع اليهودي الإسرائيلي الذي يقدس الجيش. لكنهم أظهروا في مسيرة يوم الأحد أنهم قادرون على حشد أعداد غفيرة إلى الشوارع، فضلا عن تعبئة تحالف واسع من الفصائل الأرثوذكسية المتطرفة للانضمام إلى التمرد.

"نحن لا نتنازل عن التوراة"

إلى جانب مقاومة التجنيد الإجباري، أظهرت احتجاجات يوم الأحد علامات على وجود صراع على السلطة داخل المجتمع اليهودي المتشدد في إسرائيل. ومع أن الأحزاب الحريدية في الكنيست تعارض التجنيد الإجباري وتدين حكم المحكمة العليا إلا أنها لم تهدد بعد بالاستقالة من الحكومة، كما توقع البعض، كما أنها لم تنضم إلى المظاهرات. كما يشعر الزعماء الدينيون الحريديم بالغضب من موافقة سياسييهم على مر السنين على فكرة حصص التجنيد السنوية، التي من شأنها أن تزيد تدريجيًا عدد المجندين في الجيش من الطائفة.

وفي استعراض للغضب ضد هذا التواطؤ الواضح، هاجم المتظاهرون سيارة يتسحاق جولدكنوبف - وزير الإسكان والبناء الإسرائيلي، ورئيس فصيل أغودات يسرائيل داخل حزب يهدوت هتوراة - بالحجارة واللافتات، مما أجبر الشرطة على إنقاذه. وفي وقت لاحق هاجموا سيارة يعقوب ليتسمان، وهو أيضًا من أغودات يسرائيل.

وضمت المظاهرة العديد من الشخصيات البارزة في اليهودية الحريدية، بما في ذلك كبار الحاخامات الأشكناز والسفارديم. وفي شهر آذار/ مارس، تم التهديد من أن اليهود الحريديم سيغادرون إسرائيل بشكل جماعي في حالة السماح بانتهاء الإعفاء. وكانت معظم الخطب باللغة اليديشية واستهدفت الجمهور الأرثوذكسي المتطرف نفسه، لكن الحاخام موشيه تزادكا، رئيس المدرسة الدينية السفاردية بورات يوسف، تحدث باللغة العبرية عندما هاجم الأحزاب الحريدية في الكنيست، حيث قال "هؤلاء الحمقى يريدون تقديم تنازلات للجمهور الحريدي؟ نحن لسنا أصحاب التوراة، ولا نتنازل عن التوراة".



وفي وقت لاحق، تحدث الحاخام موشيه ستيرنبوخ، رئيس الفصيل المعروف باسم المجلس الحريدي في القدس، باللغة اليديشية: "نطلب شيئًا واحدًا من السلطات: اتركونا وشأننا، ودعونا نعيش وفقًا للتوراة. وهذا أغلى عندنا من أي شيء آخر. لن نتنازل عن شاب واحد. وحتى لو أرادوا أن يدخلونا السجن فلن نستسلم لأننا عبيد للقدوس المبارك.

"إنها حرب دينية"

نقلت المجلة عن إلياهو، وهو طالب سفاردي يبلغ من العمر 21 سنة يدرس في مدرسة دينية أشكنازية، أنه يوم الأحد قد يحتج أيضًا على فرض "التجنيد الإجباري" من خلال رفض بدء خدمته الوطنية - وهي بديل مدني للخدمة في الجيش. وألقى اللوم على الأحزاب الحريدية التي وضعت أسس التجنيد من خلال الموافقة مسبقا عليها. لكن المتظاهرين يقومون بتفكيك المسار". وتابع إلياهو أن "أغلبية الجمهور الأرثوذكسي المتطرف غير راضي، على أقل تقدير، عن سلوك الأحزاب الحريدية".

ونقل الموقع عن إلحانان يسرائيل، أحد أعضاء طائفة ناطوري كارتا المناهضة للصهيونية، الذي أصيب برذاذ "الظربان" خلال احتجاج يوم الأحد، قوله: "تعتقد الشرطة أننا سنقتنع بالعنف، لكنهم لن ينجحوا في تجنيد أبنائنا. هناك شيء أكثر خطورة من التجنيد يحدث هنا: إنها حرب دينية؛ فهم يريدون إخضاعنا. ولا أعتقد أنهم يحتاجوننا في الجيش، لكنهم لا يفهمون أنهم لا يحاربون ضد أشخاص، بل ضد إيديولوجية".

وحسب الموقع وصف يسرائيل السياسيين المتشددين بأنهم "كذابون من الدرجة العالية"، مضيفًا: "لو كان لديهم بعض الشجاعة، لكانوا قالوا:‘نحن نغادر الحكومة، تعاملوا مع الأمر".

ورد يسرائيل على التيار الإسرائيلي الرئيسي الذي يطالب بانضمام الحريديم إلى المجهود الحربي، قائلًا: "هذه ليست حربنا. إنها حرب بين منظمة إرهابية تسمى حماس، ومنظمة إرهابية نراها كدولة إسرائيل الصهيونية. إن حماس تريد قتلنا، والصهاينة والحكومة -- لا يهم إذا كانوا من اليسار أو اليمين -- يريدون أخذ التوراة منا، وهو أيضًا نوع من الإرهاب. ويجب على العلمانيين أن يفهموا أنه عندما يُقتل جندي، نحن لا نوزع الحلوى أو نرقص، فقلب كل إنسان يتألم، لكن هذه ليست حربنا على الإطلاق".

كما رد على التيار الإسرائيلي السائد الذي يطالب الحريديم بالانضمام إلى المجهود الحربي: "هذه ليست حربنا. إنها حرب بين منظمة إرهابية تدعى حماس، وبين منظمة إرهابية نراها نحن دولة إسرائيل الصهيونية. حماس تريد قتلنا؛ الصهاينة والحكومة - لا يهم إن كانوا يسارًا أو يمينًا - يريدون أخذ التوراة منا، وهذا أيضًا نوع من الإرهاب. على العلمانيين أن يفهموا أنه عندما يُقتل جندي، نحن لا نوزع الحلوى أو نرقص؛ كل إنسان يتألم قلبه، لكن هذه ليست حربنا على الإطلاق".



وأوضح الموقع أنه تم اعتقال يسرائيل، في السنة الماضية، وتوجيه تهم إليه بعد انضمامه إلى وفد من ناطوري كارتا إلى مدينة جنين المحتلة في الضفة الغربية؛ حيث التقى مع عائلة الأسير الفلسطيني بسام السعدي.

ووفقًا للصحفي الحريدي إيلِي بيتان فإن معارضة التجنيد هي القضية الأساسية التي توحد مجتمع الحريديم في إسرائيل، يقارنها بموقف المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، الذين تم إعفاؤهم تاريخيًا أيضًا من التجنيد. وأوضح بيتان قائلاً: "لم يعد الحاخامات موحدين، ولا الدراسات الدينية، أو حتى الانفصال عن المجتمع العلماني، لأنه هناك حريديم يعملون في التكنولوجيا المتقدمة أو يعيشون في مجتمعات مختلطة. إن التوحيد الوحيد هو أن لا أحد ممن نشأ في عائلة حريدية سيضع قدمه في الجيش".

تابع قائلاً: "قرار المحكمة العليا صدم الجمهور الحريدي، ليس فقط بسبب التجنيد الإجباري ولكن أيضًا بسبب حجب الميزانيات: أولاً، المنح الدراسية لطلاب اليشيفا الذين يتعين عليهم الآن التجنيد، ولكن ستتأثر أيضًا الإعانات لمراكز الرعاية النهارية وضرائب الممتلكات. إنها ضربة قاسية، تصل إلى آلاف الشواكل لكل عائلة. فهو يرهب الجمهور".

ولفت الموقع إلى أن لبيتان يرى الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة الآن في مأزق، مضيفًا: "يمكنهم الشكوى من المحكمة العليا بقدر ما يحلو لهم، لكن في النهاية، فإن خطأهم الخاص هو أنهم منذ سنة 2018 كانت هناك محاولات متعددة لترتيبات تشريعية ... والتي كان من الممكن أن تتجنب كل هذه الدراما".

وأوضح لبيتان أن الأحزاب الأرثوذوكسية المتطرفة كانت تعتقد أنه لم يكن هناك عجلة لحل القضية، وأنه في النهاية ائتلاف يميني بالكامل مثل الائتلاف القائم الآن سيزيلها من أجندتهم. ولكن الحرب، وارتفاع عدد القتلى في صفوف الجنود الذين يقاتلون في غزة، غيرت النقاش تمامًا، مضيفًا: "قبل سنة، لم يرد أحد تجنيد الحريديم، ولكن الآن هي القضية المدنية الأكثر أهمية".

"سنقاتل من أجل كل شخص"

وأفاد الموقع أن أول مظاهرة كبيرة مناهضة لقرار المحكمة العليا جرت، يوم الخميس الماضي/ في مدينة بني براك الحريدية؛ حيث أغلق مئات من الشباب طريقًا رئيسيًّا لساعات، وحاولت الشرطة تفريقهم، لكنها في النهاية استسلمت وسمحت باستمرار المظاهرة.

وذكر الموقع أن أفراهام، رجل في أواخر العشرينات من عمره، الذي حضر الاحتجاج مع عدة أصدقاء، قال: "نحن الآن في معركة من أجل بقاء اليهودية، بقاء اليشيفوت، بقاء التوراة. إن وجودنا كله في أرض إسرائيل من أجل الحفاظ على التوراة، لذلك عندما يريدون تجنيد طلاب اليشيفا في الجيش، فنحن لن نسمح بذلك، وسنذهب إلى الشوارع، وسنقاتل، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة للتعبير عما نريده".

وأضاف أفراهام، مكررًا شعارًا مشهورًا في كل مظاهرة حريدية مناهضة للتجنيد: "نحن مستعدون للموت قبل أن نجند. إن هذه دولة مرتدة. وتدعي التحدث باسم اليهودية، لكنها لا تفعل ذلك. لهذا السبب سنذهب جميعًا إلى السجن بسعادة قبل أن نجند، لا سمح الله".

ونقل الموقع عن إسرائيل كراوس، 44 سنة، إنه لن يرسل أطفاله إلى الجيش، قائلًا: "هذا هجوم على ديننا. إنهم يكرهوننا، ويريدوننا أن نكون غير متدينين. إن الحركة الصهيونية خُلقت كل هذا لجعل جميع اليهود المتدينين غير متدينين. وهم يرون أن اليهود المتدينين يتزايدون بكثافة، لقد قال أحد رؤساء الموساد إن هذا الأمر أسوأ من تهديد إيران، لذلك لا يمكننا التراجع ولو مليمترًا واحدًا، لا يمكننا التراجع على الإطلاق".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الحريديم الجيش الاحتلال الجيش الحريديم صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التجنید الإجباری المحکمة العلیا یوم الأحد إنها حرب فی الجیش

إقرأ أيضاً:

الأورومتوسطي: مصدومون من حجم الفظائع والتعذيب الممنهج الذي يتعرض له الفلسطينيون في سجون إسرائيل

#سواليف

أعرب المرصد #الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن صدمته البالغة إزاء #الحالة_الصحية الجسدية والنفسية المروعة التي ظهر بها #الأسرى والمعتقلون #الفلسطينيون المفرج عنهم في الدفعة السابعة من صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع #غزة.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الخميس إنّ آثار #التعذيب بدت واضحة على الأجساد الهزيلة للأسرى والمعتقلين المفرج عنهم، بما يعكس حجم الجرائم الممنهجة والمعاملة اللاإنسانية التي تجاوزت كل الحدود الأخلاقية والقانونية، ويبرهن على استمرار إسرائيل في استخدام التعذيب سلاحًا لترهيب واضطهاد الأسرى والمعتقلين وكسر إرادتهم حتى اللحظات الأخيرة من احتجازهم.

وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ توالي خروج الأسرى والمعتقلين من السجون الإسرائيلية في أوضاع صحية صعبة يدلل عن أنّ التعذيب الوحشي والإهمال الطبي المتعمد الذي يتعرضون له بلغا مستويات صادمة تتجاوز كل الحدود الأخلاقية والقانونية، مشددًا على أن ما يجري في تلك السجون يفوق بكثير كل ما وثقته منظمات حقوق الإنسان حول فظائع السجون في العالم.

مقالات ذات صلة تعليمات الخيم الرمضانية في عمان 2025/02/27 توالي خروج الأسرى والمعتقلين من السجون الإسرائيلية في أوضاع صحية صعبة يدلل عن أنّ التعذيب الوحشي والإهمال الطبي المتعمد الذي يتعرضون له بلغا مستويات صادمة تتجاوز كل الحدود الأخلاقية والقانونية

وأوضح أنّ مئات الأسرى والمعتقلين المفرج عنهم وصلوا إلى قطاع غزة بعد منتصف الليل في ظروف صحية بالغة السوء، إذ تبيّن بعد نقلهم إلى مستشفى غزة الأوروبي جنوبي القطاع حاجة العشرات منهم إلى متابعة صحية طارئة، حيث بدت على أجسادهم آثار التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك الحرمان من الرعاية الطبية والعلاج، في انتهاك صارخ للقواعد الآمرة للقانون الدولي، التي تحظر التعذيب بجميع أشكاله وتحت أي ظرف دون استثناء، ويعتبر ارتكابه جريمة دولية لا تسقط بالتقادم، وتُوجب الملاحقة الجنائية الفورية لمرتكبيها أمام المحاكم الدولية والوطنية وفق مبدأ الولاية القضائية العالمية.

ورصد الفريق الميداني للمرصد الأورومتوسطي إصابات خطيرة بين الأسرى والمعتقلين، شملت حالات بتر لأطراف وتورمات حادة ناجمة عن التعذيب، إضافةً إلى وهن وإعياء شديدين. كما ظهر بعضهم غير قادر على المشي إلا بمساعدة مرافقين، بينما احتاج آخرون إلى تدخل طبي عاجل بسبب تدهور حالتهم الصحية.

وأبلغ العديد من المعتقلين عن تعرضهم للضرب والتنكيل والتهديد حتى اللحظة الأخيرة قبل الإفراج عنهم، رغم عدم توجيه أي اتهامات محددة لغالبيتهم، إذ اعتقلوا واحتجزوا وعُذِّبوا وتعرضوا لمعاملة حاطة بالكرامة منذ اختطافهم من قطاع غزة في أوقات مختلفة بعد تشرين أول/ أكتوبر 2023، في إطار سياسة منهجية تستهدف إلحاق أضرار جسدية ونفسية جسيمة بهم، كجزء من جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بهدف تدمير الشعب الفلسطيني في غزة، جزئيًا أو كليًا، وإضعاف مقومات بقائه على الخضوع أو الزوال.

إلى جانب ذلك، وثّق المرصد الأورومتوسطي استمرار إسرائيل في استخدام أساليب التعذيب والإذلال النفسي بحق الأسرى والمعتقلين المحررين، عبر فرض إجراءات تنطوي على تحريض مباشر على العنف والإبادة الجماعية، مما يعكس طبيعة التحريض الرسمي المنهجي كأداة أساسية في سياساتها ضد الفلسطينيين، وبخاصة فلسطيني قطاع غزة.

وبيّن أنّ من مظاهر تلك الإجراءات إجبار سلطات السجون الإسرائيلية الأسرى والمعتقلين المُفرج عنهم على ارتداء سترات تحمل عبارات تهديدية باللغة العبرية، تتضمن اقتباسات دينية تعبّر عن مبدأ الانتقام والمطاردة حتى التصفية، إلى جانب شعارات رسمية لمصلحة السجون الإسرائيلية. كما وضع في معاصمهم أساور بلاستيكية طُبعت عليها عبارات تهديد، في خطوة تهدف إلى إذلالهم نفسيًا والتأكيد على استمرار استهدافهم حتى بعد الإفراج عنهم.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الجملة المطبوعة على سترات الأسرى والمعتقلين المفرج عنهم- “أطارد أعدائي فأدركهم ولا أرجع حتى القضاء عليهم” – مقتبسة من نص توراتي (المزمور 18:37)، وتعكس خطابًا تحريضيًا صريحًا على القتل والإبادة الجماعية، ما يندرج ضمن التحريض العلني والمباشر على الإبادة الجماعية، المحظور بموجب المادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن هذه الإجراءات تتجاوز الحرب النفسية، إذ تمثل تصعيدًا خطيرًا لخطاب الكراهية المؤسسي، وترسيخًا للنية المتعمدة لاقتراف الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، من خلال تجريدهم من إنسانيتهم والتعامل معهم كهدف مشروع للقتل والاستهداف.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ ما يتعرّض له الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون، سواء أثناء احتجازهم أو عند الإفراج عنهم، يُعد انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، وخرقًا صارخًا لقواعده الآمرة التي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية دون أي استثناء. كما يشكّل انتهاكاً جسيما لاتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، اللتين تكفلان الحماية المطلقة للأسرى والمعتقلين، وتحظران إخضاعهم لأي شكل من أشكال التعذيب أو الإهانة أو الانتقام، وهو ما يجعل هذه الجرائم محلاً للمساءلة الجنائية الدولية.

وأشار إلى الإعلان عن وفاة المعتقل رأفت عدنان عبد العزيز أبو فنونة (34 عاماً) من غزة أمس الأربعاء في مستشفى (أساف هروفيه) الإسرائيلي، بعد أن تعرض للتعذيب والتنكيل منذ اعتقاله في تشرين/ أول أكتوبر 2023 من قطاع غزة، وهو ما يرفع عدد القتلى بين صفوف الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة إلى (60) قتيلا، وهم فقط المعلومة هوياتهم من بينهم على الأقل (39) من غزة، وهذا العدد هو الأعلى على الإطلاق.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى وجود معلومات موثوقة تفيد بمقتل عشرات الأسرى والمعتقلين الآخرين داخل السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، في ظل استمرار إسرائيل في إخفاء أي بيانات تتعلق بهم، كما تواصل ممارسة جريمة الاختفاء القسري بحق مئات الأسرى والمعتقلين، مع امتناعها عن الكشف عن مصيرهم أو أوضاعهم الصحية، ما يثير مخاوف جدية بشأن سلامتهم وحياتهم.

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي وغيره من قوات الأمن الإسرائيلية ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان، كما تشكل أيضًا أفعالًا من أفعال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في القطاع، لا سيما وأنها تُمارَس بشكل وحشي ومنهجي ضد الفلسطينيين بهدف القضاء عليهم كمجموعة، بما في ذلك من خلال القتل وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي الجسيم، بما في ذلك التعذيب وسوء المعاملة والعنف الجنسي الذي يشمل الاغتصاب.

ودعا الأورومتوسطي جميع الدول والكيانات الدولية المعنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لوقف الجرائم المنهجية وواسعة النطاق من القتل والتعذيب والانتهاكات الجسيمة الأخرى التي ترتكبها إسرائيل ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين. كما شدد على ضرورة الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين الذين تم اعتقالهم تعسفيًا، ودعا إلى السماح الفوري للمنظمات الدولية والمحلية المختصة بزيارة المعتقلين، وتمكينهم من تعيين محامين.

وطالب المرصد الأورومتوسطي بالضغط على إسرائيل لوقف جميع أشكال الاعتقال التعسفي، بما في ذلك الاعتقال الإداري والاعتقال بموجب قانون “المقاتلين غير الشرعيين”، التي تشكّل انتهاكًا صارخًا لقواعد القانون الدولي وتُستخدم كأداة قمعية ممنهجة لتقويض الإرادة الفلسطينية وتفكيك النسيج المجتمعي وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم القانونية الأساسية.

وحث المرصد الأورومتوسطي الهيئات الحقوقية والإعلامية على تكثيف الجهود في تسليط الضوء على معاناة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، ونقل شهاداتهم حول ما يتعرضون له من جرائم غير مسبوقة، لضمان محاسبة الاحتلال والضغط لإنهاء هذه الجرائم المستمرة.

كما دعا المرصد الأورومتوسطي جميع الدول المعنية إلى دعم عمل المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في هذه الجرائم، وتقديم بلاغات متخصصة إلى المحكمة الجنائية الدولية حول الجرائم التي يتعرض لها الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون في السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية، وبخاصة بعد السابع من تشرين أول/ أكتوبر 2023، وإصدار مذكرات إلقاء قبض على جميع المسؤولين عنها، وملاحقتهم قضائيًا وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهم عن ارتكابهم لهذه الجرائم.

وطالب المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للتوقف فورًا عن ارتكاب جريمة الاختفاء القسري ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة، والكشف الفوري عن جميع معسكرات الاعتقال السرية، والإفصاح عن أسماء جميع الفلسطينيين الذين تحتجزهم من القطاع، وعن مصيرهم وأماكن احتجازهم، وبتحمل مسؤولياتها كاملةً تجاه حياتهم وسلامتهم.

مقالات مشابهة

  • دعوات إسرائيلية لإجبار الحريديم على الخدمة العسكرية.. هل ستشمل العقوبات المتهربين؟
  • الجيش الأميركي سيبدأ بطرد المتحولين جنسيا من صفوفه
  • صاحب المدة الأطول في سجون إسرائيل.. من هو نائل البرغوثي الذي أُفرج عنه الخميس؟
  • الأورومتوسطي: مصدومون من حجم الفظائع والتعذيب الممنهج الذي يتعرض له الفلسطينيون في سجون إسرائيل
  • البنتاغون يخطط لطرد المتحولين جنسيا من الجيش.. كم عددهم؟
  • المتحولون جنسيا خارج الجيش الأميركي خلال شهر
  • الجيش الأميركي سيطرد المتحولين جنسيا باستثناء من يحصل منهم على إعفاء
  • البنتاغون يعتزم طرد المتحولين جنسيا من الجيش الأمريكي.. وضع استثناء
  • من هو دان رازين كين الذي اختاره ترامب لرئاسة أركان الجيش الأمريكي؟
  • «الموت ولا المذلة».. السوريون ينتفضون لأول مرة ضد إسرائيل بعد شنها غارات على جنوبي دمشق (فيديو) / عاجل