قررت دول غربية وأفريقية وهيئات دولية وقف مساعداتها المالية للنيجر، والمقدرة بنحو ملياري دولار، وفق البنك الدولي، بسبب الانقلاب الذي نفذه الجيش للإطاحة بالحكم المدني في أحد أفقر دول العالم وأكثرها نموا سكانيا.

وفي وقت سابق، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وقفا مؤقتا لبعض برامج المساعدة الأمريكي المقدمة لحكومة النيجر، مشيرا إلى أن هذا الوقف المؤقت لن يؤثر على جميع برامج المساعدة الخارجية الأميركية في هذا البلد.



وإذا فرضت الولايات المتحدة وفرنسا ومعها دول إيكواس حصارا اقتصاديا على النيجر، فإن الأخيرة قد تجد نفسها في وضع لا يحسد عليه.

لكن الحقيقة التي تغيب عن كثير من المتابعين والمحللين أن الصين (وليس فرنسا) الممون الأول للبلاد، وفق "مرصد التعقيد الاقتصادي" (oec) الأمريكي، الذي يتضمن بيانات التجارة العالمية.

والصين لم تعلن بعد انخراطهما في أي عقوبات ضد قادة الانقلاب العسكري في النيجر الذي أطاح بحكم الرئيس محمد بازوم.

تعتبر النيجر من أفقر دول العالم، إذ يعيش أكثر من نصف سكانها (50.6 بالمئة)، تحت مستوى خط الفقر (1.9 دولار يوميا).

حيث لا يتجاوز الناتج الفردي الخام 610 دولارات في عام 2022، لكنه ارتفع قليلا مقارنة بعام 2020، حيث لم يتجاوز حينها 550 دولارا، وفق بيانات البنك الدولي.

واحتلت البلاد المرتبة 175 عالميا من حيث الناتج الفردي الخام (مؤشر الغنى والفقر) في عام 2021، والمرتبة 124 عالميا من حيث الناتج الداخلي الخام (مؤشر حجم الاقتصاد).

ورغم معدل الفقر المرتفع، فاالزيادة السكانية من بين الأعلى دوليا، وتبلغ 3.9 بالمئة سنويا. إذ ارتفع عدد السكان من قرابة 20 مليون نسمة عام 2016 إلى 26.2 مليون نسمة في عام 2022.

واحتلت البلاد المرتبة الأخيرة بين 188 بلدا في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، لعام 2015.
وما فاقم الوضع أكثر أن 80 بالمئة من مساحتها صحراء قاحلة، وتعاني من تغير المناخ والفيضانات الفجائية والجراد الصحراوي الذي يأتي على محاصيل البلاد المحدودة، خاصة على ضفتي نهر النيجر، وبحيرة تشاد المهددة بالجفاف.



نمو اقتصادي
على الرغم من صغر حجم اقتصاد النيجر (المرتبة 124 عالميا)، إلا أنه سجل نسبة نمو عالية بلغت 7 بالمئة عام 2022، وفق مسؤولين محليين.

بل إن البنك الدولي قدر نسبة نمو الناتج الداخلي بـ11.5 بالمئة في ذات العام، وهي نسبة مرتفعة جدا وقلة من الدول من وصلت إليها.

ويمكن إرجاع هذا النمو المرتفع إلى عدة أسباب أبرزها بداية تصدير كميات قليلة من النفط المكرر، وارتفاع قيمة الصادرات، التي قفزت من 1.25 مليار دولار في عام 2016 إلى 3.78 مليارات دولار في عام 2021، وفق مرصد OEC، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار اليورانيوم في السوق الدولية.

حيث شكل الذهب الخام 71.4 بالمئة من صادرات البلاد (2.7 مليار دولار)، يليه البذور الزيتية (344 مليون دولار)، والمواد الكيميائية المشعة مثل اليورانيوم (297 مليون دولار)، والبترول المكرر (235 مليون دولار)، وفق ذات المصدر.

وتستحوذ الإمارات، وفق المرصد الأمريكي، على معظم صادرات النيجر بقيمة 2.68 مليار دولار، أو ما يعادل 70.8 بالمئة، تليها الصين (344 مليون دولار) ثم فرنسا (197 مليون دولار)، وتأتي حليفتا انقلابيي النيجر بوركينا فاسو (123 مليون دولار) ومالي (110 ملايين دولار)، في المرتبتين الرابعة والخامسة على التوالي.

وبلغت واردات النيجر في نفس العام 2.33 مليار دولار، أهمها الأرز (275 مليون دولار) والسيارات (113 مليون دولار)، والتبغ (نحو 70 مليون دولار).

وأبرز الموردين للنيجر هم: الصين (441 مليون دولار) وفرنسا (193 مليون دولار) والولايات المتحدة (185 مليون دولار) ونيجيريا (180 مليون دولار) والهند (175 مليون دولار)، وفق مرصد OEC.



مساعدات معلقة
بالنظر إلى وضعها المتميز كحليف رئيسي لفرنسا والولايات المتحدة، واحتضانها لقواعد عسكرية للبلدين، استفادت النيجر من عدة مساعدات في شكل قروض ومنح ومشاريع تنموية ومساعدات إنسانية، قدرها البنك الدولي بنحو ملياري دولار سنويا.

حيث حصلت النيجر على نحو 100 مليون دولار مساعدات من "وكالة التنمية الفرنسية" في 2021، وخصص الاتحاد الأوروبي نحو 500 مليون يورو لدعم النيجر بين عامي 2021 إلى 2024، ناهيك عن مئات ملايين الدولارات من المساعدات سنويا من الولايات المتحدة.

ناهيك عن المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي، التي تقدم قروض وتمويلات لمشاريع تنموية، أو المنظمات التابعة للأمم المتحدة التي تقدم مساعدات إنسانية للمجتمعات الفقيرة في البلاد، والتي تعاني من سوء التغذية وضعف الخدمات التعليمية والصحية خاصة الأطفال والنساء.

وإجمالي هذه المساعدات يمثل نحو 86 بالمئة من واردات البلاد، وفق حسابات الأناضول، ما يجعل البلاد بحاجة ماسة لهذه المساعدات، خاصة الفئات الهشة من السكان.

وعلى المدى المتوسط والطويل، من شأن توقف المساعدات الدولية أن يؤثر على قدرة قادة الانقلاب على الصمود أكثر، أمام حاجة أكثر من نصف السكان إلى الغذاء والعلاج..

لكن في المرحلة الأولى يمكن للانقلابيين في النيجر تحمل عبء العقوبات الدولية على غرار حلفائهم في مالي، خاصة وأن النسبة الأكبر من الصادرات تذهب إلى الإمارات التي تشتري معظم الذهب الخام للبلاد، ولم تعلن أنها ستفرض عقوبات على النيجر.

فضلا أن مالي وبوركينا فاسو، زبونين رئيسيين للنيجر، خاصة بالنسبة للبذور الزيتية، وموقفهما داعم للانقلابيين.

يبقى أن فرنسا المستورد الرئيسي لليورانيوم الذي يمثل أقل من 9 بالمئة من صادرات النيجر، التي تعد من كبار المنتجين له، ويغطي ربع احتياجات القارة الأوروبية، حيث تستخدمه فرنسا في تشغيل المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية.

فحاجة فرنسا ليورانيوم النيجر أكثر من حاجة الانقلابيين له، على الأقل في المدى القصير، لذلك قاموا بتعليق صادرات اليورانيوم والذهب، للضغط على باريس لتليين موقفها تجاه الانقلاب، والتراجع عن فكرة دعم التدخل العسكري الذ تلوح به إيكواس.

يبقى أن النيجر تنتج كمية قليلة من النفط لا تتجاوز 6 آلاف برميل يوميا، يستهلك الجزء الأكبر منه محليا، كما ينقل منه جزء إلى نيجيريا، وشرعت البلاد في مد أنبوب لنقل النفط إلى ميناء "سيم" في بنين، بغية التحول إلى دولة إقليمية مصدرة للنفط رغم أن احتياطاتها تتراوح ما بين مليار وملياري برميل فقط، لكنها بمساعدة الصين والجزائر تسعى لمضاعفة الإنتاج والصادرات.

لكن هذا الأنبوب، الذي أعلنت نيامي في آذار/ مارس الماضي، إنجاز 75 بالمئة منه، مهدد بالتعليق إذا ما قررت بنين وقف أشغاله على أراضيها، للضغط على الانقلابيين.

نقطة أخرى موجعة للانقلابيين في النيجر وجهتها لهم نيجيريا بعد قطعها الكهرباء عن البلاد، والتي تمثل70 بالمئة من الطاقة الإجمالية للنيجر، التي لا يحصل فيها سوى نحو 18.6 بالمئة من السكان على الكهرباء، وفق بيانات البنك الدولي (2021).

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي الانقلاب النيجر عقوبات مساعدات انقلاب النيجر أفريقيا مساعدات عقوبات اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البنک الدولی ملیون دولار ملیار دولار فی النیجر بالمئة من فی عام

إقرأ أيضاً:

حماس: منع دخول المساعدات لغزة يأتي جزء من حرب الإبادة

أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، أن "منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة جريمة صهيونية تأتي استكمالا لحرب الإبادة الجماعية".

  وشددت الحركة في بيان لها على أن "سلوك حكومة العدو والمستوطنين ممارسة لأبشع صور حرب التجويع ضد المدنيين الذين يواجهون حرب إبادة شاملة"، لافتةً الى أن "الكارثة الإنسانية والمجاعة التي تتسع هما نتاج قرار صهيوني إجرامي مدعوم من الإدارة الأمريكية المتواطئة".

   وأضافت أن "تواصل حرب التجويع ينذر بكارثة إنسانية وعلى المجتمع الدولي إرغام الاحتلال على إدخال المساعدات دون عوائق".

وقالت في بيانها "تُوَاصِل حكومة الاحتلال الإرهابية حرب التجويع وفرض حصارٍ مُطبِقٍ على شعبنا في قطاع غزة، وتمنع دخول شاحنات المساعدات الغذائية لليوم الرابع والستين على التوالي، كما تقوم قطعان المستوطنين بعمليات حرقٍ ممنهجة للمساعدات على معبر كرم أبو سالم".

وأوضحت "أن الكارثة الإنسانية، والمجاعة التي تتسع وتشتَدّ خصوصاً في محافظَتَي غزّة والشمال، رغم القرارات الأممية، وأوامر محكمة العدل الدولية، التي شددت على ضرورة إدخال المساعدات اللازمة إلى جميع مناطق قطاع غزة، وهو ما يُعَدُّ استخفافاً كاملاً بالمنظومة الدولية وقراراتها".

ودعت المجتمع الدولي إلى القيام بدوره قائلة "إن تواصل حرب التجويع ينذر بكارثة إنسانية وبسقوط المزيد من الأطفال والمدنيين الأبرياء، وعلى المجتمع الدولي التحرّك الفوري لإرغام الاحتلال على إدخال المساعدات والإغاثة دون عوائق، وردع هذا العدو المجرم، وإخضاعه للقوانين الدولية، وجلب قادته المجرمين إلى المحاكم الدولية، ومحاسبتهم على جرائمهم الوحشية بحق المدنيين".

وفي ٢٥ من حزيران/ يونيو الماضي٬ حذر تقرير دولي من استمرار المخاطر العالية لحدوث مجاعة بأنحاء قطاع غزة في ظل استمرار الصراع والقيود المفروضة على الوصول الإنساني.

 وقال إن نحو 96% من سكان غزة يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، متوقعا استمرار هذا الوضع حتى أيلول/سبتمبر القادم.

وفي 12 حزيران/ يونيو الماضي، توقع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، أن يواجه نصف سكان غزة الموت والمجاعة بحلول منتصف تموز/ يوليو الحالي، ما لم يتم السماح بحرية وصول المساعدات.

وجراء الإبادة الجماعية وقيود الإسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال، على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاماً.


ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ويشن الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة بدعم أميركي، خلفت أكثر من 126 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.


مقالات مشابهة

  • إيلون ماسك ينجو من دفع 500 مليون دولار لموظفي تويتر
  • شؤون اللاجئين تحدث العالم على دعم الأونروا ماليا
  • هذا ما جمعته السعودية بعد التخصيص الإضافي لأسهم شركة أرامكو
  • لمحاربة الفقر.. رئيس دولة إفريقية يقتطع 40 بالمئة من راتبه
  • حماس: منع دخول المساعدات لغزة جزءٌ من حرب الإبادة
  • حماس: منع دخول المساعدات لغزة يأتي جزء من حرب الإبادة
  • منظمة دولية تحذر من تدهور الوضع الإنساني المتردي في قطاع غزة
  • عاصفة جديدة تعصف بالإقتصاد العراقي... ايقاف التعامل باليوان الصيني سيربك الوضع في البلاد!
  • أنطاليا تستقطب أكثر من 6 ملايين سائح أجنبي خلال 6 أشهر
  • مبيعات العقارات الفاخرة في دبي تستقر في النصف الأول 2024