بقلم : هادي جلو مرعي ..

زيارة تاريخية بكل المقاييس لرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني السيد مسعود البرزاني الى العاصمة بغداد بعد سنوات طويلة شهدت تغيرات وتبدلات كبرى على صعد شتى، مع تحولات دولية وإقليمية كان للعراق حصة فيها لجهة التأثر والتأثير مع عيون مفتوحة من الخارج المتحفز للمصالح والتدخلات والأجندات.

واللافت إن الزيارة تلك مثلت بارقة أمل كبيرة لتصحيح مسار العلاقة بين بغداد وأربيل بالرغم من إن التفاهمات طبعت العلاقات بين الحكومة الإتحادية برئاسة السيد محمد شياع السوداني وحكومة الإقليم برئاسة السيد مسرور البرزاني، ودون إغفال التحركات الإيجابية لرئيس الإقليم السيد نيجرفان البرزاني الذي زار بغداد لأكثر من مرة، وكذلك دولا ذات نفوذ حيوي وفعال مع زيارات للسيد السوداني لأربيل، ونتج عن ذلك الكثير من الهدوء، ونتائج يمكن القول: إنها إيجابية الى المستوى الذي ساهم الى حد بعيد في تجاوز حالة عدم الثقة التي أثرت في ملفات عدة إقتصادية وأمنية وسياسية.، ولكن مايبشر بتغييرات ذات أثر إيجابي في المستقبل القريب أن السيد البرزاني في زيارته الحالية لم يكتف بلقاء الجيل الأول من الساسة خاصة زعامات الإطار التنسيقي، بل وحضر الإجتماع الموسع للإطار الذي حضرته قيادة تمتلك صفات وعناوين تتجاوز السياسة الى الأمن، وهو مؤشر على وعي متقدم في أربيل وبغداد لخطورة التطورات السياسية والأمنية والتبعات الإقتصادية للتوترات الحاصلة في العالم خاصة مع إحتمال حدوث صدام أوسع بعد العدوان على غزة والحرب في أوكرانيا والتهديدات المتبادلة بين الغرب وروسيا.
مسؤولون كبار في الإقليم إستبقوا الزيارة بتحضيرات إستدعت إرسال وفد رفيع المستوى للتحضير لها مايعني إنه تم طرح جملة قضايا وملفات بعضها عالق والآخر بحاجة الى مزيد من البحث، وضم الوفد التحضيري الذي وصل بغداد الإثنين الفائت وزير الداخلية السيد ريبر أحمد، ووزير المالية والاقتصاد السيد آوات شيخ جناب، ومدير عام الجمارك والمعابر الحدودية.. وقد يكون الوفد أسس لحوار عالي المستوى مع السلطات التنفيذية والقوى الأساسية في الإطار التنسيقي، والتي لديها تصورات وأفكار يمكن النقاش فيها لجهة وضع تصور عام يشمل بغداد والإقليم تجاه القضايا الداخلية وقضايا الإقليم.. فالحكومة الإتحادية رفضت القصف الذي تعرضت له أربيل قبل مدة من الجانب الإيراني في حين تتوغل القوات التركية في عمق محافظة دهوك في الوقت الذي تلقي مشكلة سنجار بظلالها على العلاقة المركبة بين بغداد وأنقرة وأربيل.. علما أن زيارة اوردوغان الى بغداد والإقليم بعثت بمؤشرات عن تفاهمات قد تفضي الى حلحلة الأمور سوء عسكريا، أو لجهة الإنفتاح المتبادل، وعقد صفقات إقتصادية وتنموية كبرى ينبغي لجميع الاطراف تحقيق مكاسب منها تساهم في صناعة الإستقرار الإقتصادي، وتدعيم الأمن، ومنع تدهور الأمور خلال الفترة المقبلة.
قضايا الحدود وقانون النفط والغاز والمعابر وسنجار والتدخلات الخارجية ورواتب موظفي كردستان والمناطق المتنازع عليها ملفات جرى النقاش فيها في هذه الزيارة مع إنها كانت محل نقاش وتفاهمات سابقة. دون التغافل عن طبيعة العلاقة التاريخية بين قوى كانت معارضة لنظام صدام غير إن إستحقاقات الحكم أدت الى سلوك سياسي براغماتي في بعض الأحيان، وسلوك يطبعه عدم الثقة لأسباب وعوامل داخلية وخارجية، وزيارة البرزاني جاءت بعد تحضيرات وتفاهمات عميقة تناولت مختلف القضايا التي يمكن التباحث فيها، والوصول الى نتائج إيجابية لاتحتمل أن ينتقص منها أحد من المعلقين الذين حاول البعض منهم التلميح بحاجة الإقليم لهذه الزيارة، أو بتعليق مضاد إن الإطار بحاجة لها، ولكن الحقيقة إن العراق بحاجة لها بتوافق الجميع.

هادي جلومرعي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

عشية إجرائها.. لماذا تأجلت بشكل مفاجئ زيارة الشيباني إلى بغداد؟

بعد ساعات من الإعلان عن نية وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إجراء زيارة إلى العاصمة بغداد، السبت، أصدرت الجهتين السورية والعراقية بيانات تحدثت فيها عن تأجيلها إلى وقت آخر، وذلك بعد هجوم إعلامي حاد شنه حلفاء إيران في العراق على السلطات في دمشق.

وفي حديث مع "عربي21" أكدت مراقبون، أن تأجيل زيارة الشيباني إلى بغداد كان لأسباب أمنية تتعلق بوزير الخارجية السوري، إضافة إلى تأثير إيران على القرار السياسي في العراق، الذي لايزال حتى اليوم يرفض أي تقارب بين بغداد ودمشق، بعد سقوط نظام المخلوع بشار الأسد.

تأجيل مفاجئ
قبل إعلان الجانبين السوري والعراقي رسميا، تأجيل زيارة الوزير السوري إلى بغداد، تحدثت العديد من المواقع المحلية العراقية، أن الخارجية السورية طلبت من سفارة العراق في دمشق "ضمانات على سلامة أسعد الشيباني"، وبالتالي فإن "ظروفا أمنية خاصة" تحول دون ذهابه إلى بغداد.

وكان مصدران عراقيان قالا لوكالة "رويترز" الجمعة، إن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سيتوجه إلى بغداد السبت في أول زيارة رسمية للبلاد. وذلك تلبية لدعوة وجهها إليه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قبل نحو أسبوع.


لكن بعد الدعوة التي وجهها العراق رسميا إلى وزير الخارجية السوري لزيارة بغداد، بدأت وسائل إعلام وشخصيات قريبة من إيران، بشن حملة بالضد من هذه الزيارة، أو الانفتاح على الإدارة السورية الجديدة حتى وصل بهم الحال إلى إطلاق تهديدات ضد الشيباني.

وفي السياق أكدت مصادر عراقية خاصة، لـ"عربي21"، طالبة عدم الكشف عن هويتها، أن "حلفاء إيران في العراق يرفضون بشدة الانفتاح على سوريا في ظل حكم الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، وهذا القرار لا يتبناه رئيس الحكومة الحالية محمد شياع السوداني".

وأكدت المصادر ذاتها، أن "توجيه الدعوة للشيباني لزيارة بغداد، أغضب جهات ضمن الإطار التنسيقي وتحديدا ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، الذي اعتبر الدعوة بأنها تصرف فردي من وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، ولا تمثل الحكومة".

وكشفت المصادر عن "امتعاض رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من تصريحات نوري المالكي المتكررة تجاه سوريا، واتهام من يحكم في دمشق حاليا بأنهم تنظيمات إرهابية، ولا يمكن الانفتاح عليها".

وقبل يوم من إلغاء زيارة الشيباني، بثت مقابلة تلفزيونية مع المالكي هاجم فيها أحمد الشرع، وقال إن "توجيه دعوة له لحضور القمة العربية في  بغداد جاءت ليست برغبة من الحكومة العراقية، وإنما الأخيرة مرغمة على ذلك كونها قمة عربية تجمع كل العرب"، رافضا في الوقت ذاته "التعامل مع الشرع أو استقباله".

وأكدت المصادر، أيضا أن "الحملة التي شنتها أطراف داخل الإطار التنسيقي ساهمت في تأجيل زيارة الشيباني إلى بغداد، رغم أن السوداني كان قد بعث مرتين السياسي العراقي عزت الشابندر إلى دمشق، والتقى بالشرع في خطوة أراد منها الانفتاح بشكل جدي على سوريا".

"تأثير إيراني"
وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي العراقي، أمير الدعمي لـ"عربي21"، إن "التأثير الإيراني على القرار السياسي العراقي لايزال نافذا، وحتى اللحظة قد يكون مصادرا من الأجندة الإيرانية داخل العملية السياسية في العراق".

ورأى الدعمي أن "إنفاذ القرار الحكومي على أساس المصلحة الوطنية للعراق بعيد جدا، وذلك بسبب ضعف الأداء"، مؤكدا أن "تأثير اللوبي الإيراني داخل الطبقة السياسي العراقية واضح جدا".

ولفت إلى أنه "كان متوقعا أن يكون هناك تأثير على هذه الزيارة رغم وجود جغرافيا واسعة بين البلدين الجارين الذين تربطهم حدود تبلغ نحو 600 كلم، وعلاقات اجتماعية وسياسية، وأن التأثير السوري على العراق ربما يكون سلبيا إذا بقي الحال على ما هو عليه في بغداد (تأثيرات إيران)".

واستبعد الدعمي أن "تكون دعوة وزير خارجية سوريا إلى العراق هي تصرف فردي من الوزير العراقي فؤاد حسين، وإنما البعض من السياسيين العراقيين يكيل بمكيالين في موضوع العلاقة مع سوريا".


وأوضح أن "العراق تعامل مع بشار الأسد الذي أرسل المفخخات والانتحاريين وأقام عشرات المعسكرات الإرهابية التي كانت  تهاجم المدن العراقية، واشتكى الحكومة العراقية في عهد نوري المالكي لدى مجلس الأمن على سوريا".

وفي المقابل، يضيف الدعمي، أنهم اليوم "لا يريدون التعامل مع أحمد الشرع الآن الذي له مقبولية شعبية داخل سوريا، وهناك من يدعي أن هناك جرائم للأخير في العراق، ولا أعرف كيف فعل ذلك وجرى إطلاق سراحه من الحكومة العراقية عندما كان معتقلا في وقتها؟".

وأشار الدعمي إلى أن "الشرع إذا كان مدانا وعليه اتهامات يفترض أن يبقى في السجن ويحاكم لا أن يفرج عنه، لذلك فإن المزاج السياسي الإيراني وتأثيره على القرار العراقي، هو من يمنع الحكومة العراقية من اتخاذ موقف صريح تجاه سوريا التي اختارت وضعها السياسي الحالي".

"ضمانات وشروط"
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي السوري، مصطفى النعيمي، لـ"عربي21" إن "تأجيل زيارة أسعد الشيباني إلى بغداد اعتمد على ركيزة رئيسية وهي التهديد الأمني الذي كان عنوانا لوسائل الإعلام العراقية ذات المرجعية الولائية (موالية لإيران)".

وأضاف: "بناء على هذا المناخ الولائي الضاغط على سوريا الجديدة، فإننا أمام علاقات حذرة من دمشق، والسبب الرئيس يعود إلى أن القرار السيادي العراقي مفقود وطبيعة الأطر التي عنوانها فتح علاقات جديدة مع دمشق كانت على المستوى الاستخباري والأمني وليس الدبلوماسي حتى تتعامل معه دمشق بالسياق ذاته".

وبحسب النعيمي، فإنه "يمكن أن تحصل الزيارة في حال تقديم بغداد ضمانات، لكن ضمن شروط وجدول أعمال محدد كي تحافظ على علاقات متوازنة لكل من سوريا والعراق، خصوصا أن حكومة دمشق منفتحة على العالم أجمع، لكنها حذرة جدا من الدول التي كان لها دور في تفتيت المجتمع السوري وما نجم عنه من تداعيات مشاركتها في الحرب على السوريين".

ورأى الخبير السوري أن "دمشق ترغب بأن تكون هناك علاقات متوازنة مع بغداد وبناء على ذلك، يتطلب إبداء حسن النية من بغداد من خلال ضبط وسائل العلامة التحريضية وضبط الرأي العام في العراق ومنع أي تهديدات أو مخاطر تجاه سوريا على المستوى الدبلوماسي والسياسي والعسكري".

ودعا النعيمي، الحكومة العراقية إلى "محاسبه كل من يهدد سوريا وخاصة القادة في الفصائل الولائية التي كان لها صوت واضح برفض زيارة الوزير أسعد الشيباني إلى العراق".

ولفت إلى أن "عدم حضور دمشق إلى القمة العربية المقررة في العراق سيكون له ارتدادات عربية وستعمل على مراجعة بغداد حول سلوكياتها العدائية تجاه سوريا، ولاسيما أن القمة هي ليست فقط من أجل العراق أو سوريا، وإنما من المفترض أن تتخذ كل الإجراءات بعد القبول باستضافتها".


وأردف: "ما أبدته بغداد لا يتناسب مع الرؤى العربية لإنهاء الدوري الإيراني في المنطقة العربية عموما، وخفض دور المليشيات الموالية لإيران وصولا إلى حلها بشكل كامل، نظرا للتهديدات والمخاطر التي لا تزال قائمة في ظل عدم اتخاذ القرار اللازم لتحييدها عن المشهد".

وأكد النعيمي أن "تهديدات المليشيات الموالية لإيران، ستنعكس سلبا على العراق وسوريا، وعلى العلاقات المحتملة بين بغداد ودمشق".

وفي 12 فبراير/ شباط 2025، أعلنت وزارة الخارجية العراقية، أنها بدأت تحضيراتها الإدارية والأمنية لعقد القمة العربية الاعتيادية الـ34 المقررة في العاصمة بغداد خلال مايو/ أيار من هذا العام، وذلك في ظل متغيرات كثيرة شهدتها منطقة الشرق الأوسط.

ورغم نفي وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، خلال مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، وجود شروط مسبقة لإعادة العلاقات مع دمشق وتأكيده نية بلاده توجيه دعوة للشرع لحضور القمة العربية في بغداد، لكن السلطات العراقية لم تهنئه حتى الآن بتسلمه منصب الرئيس السوري.

مقالات مشابهة

  • النفط النيابية: تصدير النفط من الإقليم تحت إشراف شركة سومو
  • محتجو كردستان يقطعون الطريق امام صهاريج النفط المهرب من الإقليم إلى ايران (صور)
  • عشية إجرائها.. لماذا تأجلت بشكل مفاجئ زيارة الشيباني إلى بغداد؟
  • من الأسير الإسرائيلي هشام السيد الذي ستسلمه القسام دون مراسم؟
  • بيروت تستقبل وفدا تونسيا والشيخ الزكزاكي للمشاركة في تشييع السيد نصر الله
  • وزير الداخلية الإيراني إسكندر مومني يصل بغداد في زيارة رسمية
  • واشنطن تخيّر بغداد: استئناف صادرات نفط الإقليم أو العقوبات
  • قيادي بمستقبل وطن: الحزب يعمل على تنفيذ رؤية الدولة المصرية لمستقبل أفضل
  • ستحدد لاحقا.. بيان رسمي بشأن زيارة الشيباني إلى العراق
  • اقتراب استئناف التصدير .. بغداد تهدّد بخصم الكميات المهرّبة من حصة الإقليم