لا يشبه "جاك" كل أصدقائه ولا يتماهى مع معظمهم،لكنه في داخله يحمل أحلاماً قد تفوق تطلعات الكثيرين وأهدافهم البعيدة والقريبة المدى.
من قلب شمال لبنان وفي قرية "سبعل" في قضاء زغرتا أبصر "جاك" النور قبل 9 سنوات وهو الشقيق التوأم لـ"شربل".
لم تكن قصة "جاك" منذ ولادته سهلةً ولا بسيطةً، اذ ان نقصاً بـ" الاوكسيجين" عانى منه خلال الولادة ادّى الى أكثر من مشكلة في أعصاب جسده فجعله ملازماً لكرسيه النقّال الذي حوّله مع الوقت الى قدمين يتنقل عليهما في حيّه وبين اصدقائه وأهله.


بإيجابية يُتابع دراسته
يعيش "جاك" مع عائلته في منزل حجريّ قديم في حيّ يُطلق عليه تسمية "الحارة" وله بالاضافة الى شقيقه التوأم شربل، ثلاثة أشقاء: "مرسالينو" (27 سنة)، "مايكل" (24 سنة) و"مارك" (20 سنة)، وجميعهم يسخرّون وقتهم وطاقاتهم للوقوف دائماً الى جانب جاك ومساعدته لعيش حياته بفرحٍ وسعادةٍ وايجابيةٍ قدر المُستطاع.
يتحدث أحد أفراد أسرة "جاك" لـ" لبنان 24" مؤكداً ان " جاك له كامل القدرة على التركيز، الفهم، الكلام والتمييز، اذ انه يتابع دراسته بشكل انتظاميّ في مدرسة نموذجية في بلدته سبعل اسمها "مدرسة راشيل اده الرسمية"، حيث تتم متابعته من قبل اختصاصيين من مجالات مختلفة لمساعدته قدر المُستطاع حتى يتمكن من تحديّ ذاته واظهار قدراته التعلميّة الى أقصى حدّ ممكن.
وجاك يعيش حالة الدمج داخل مدرسته بشكل طبيعيّ، فالقيمون على المدرسة أصرّوا على وجوده وحاولوا تقديم مختلف الوسائل الممكنة لتحسين شروط تعلمّه نموّه وتطوّره".
ويتابع " ينتقل جاك السنة المُقبلة الى الصف الرابع ابتدائيّ وهو على الرغم من الصعوبات التي يعانيها وبالتسيق بيننا وبين المدرسة، يعمل كلّ يومٍ بجهد كبير حتى يحقق الأفضل ويكتشف مكامن القوة بشخصيته وتوجهاته".
 
 

طفل رائع pic.twitter.com/of5d2G2woK

— nayla masry (@naylamasry) August 7, 2023
متابعة صحيّة في بيروت
وفي حديثه مع "لبنان 24"، يقول أحد افراد العائلة  ان "مسيرة جاك ليست بسهلة أبداً لاسيما في هذه الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة، فمتابعته صحيّاً تتطلّب جهوزية مادية كما يحتاج الى من يرافقه بشكل دائمٍ، وفي هذا المجال يقوم والداه ماري وجوزف بجهود جبّارة وبتحدّ يوميّ لظروف الحياة ومشاكلها الكثيرة والمتعددة.
واليوم، يزور جاك أكثر من طبيب بشكل دوريّ، منهم أحد أطباء الأعصاب في بيروت الذي يحاول تطوير قدراته الجسدية بشكل لافت والذي يحاول ايضاً تحديد حالته بشكل دقيق حتى ينطلق بالعلاج الأكثر ملاءمة له".
ويشير الى انه "مؤخراً تم الاكتشاف ان لا قدرة على جاك لاستخدام يده حتى يتمّكَن من الكتابة، لكن هذا الموضوع، لم يقف عائقاً امام مسيرة النموّ التي يصرّ عليها جاك وأهله".
الحب أقوى من الصعوبات
لا ييأس جاك، لا بل يمكن القول انه يحب الحياة أكثر من الكثيرين الذين يجدون انفسهم "لا حول ولا قوة لهم" أمام مشاكلهم التي قد تكون آنية ومؤقتة وغير مستدامة.
يحب "جاك" الغناء فهو منذ ساعات الصباح الأولى حتى ساعات المساء لا يتوقف يدندن بعض الأغنيات التي يسمعها حين يتنقّل مع والده في السيارة عبر الراديو.
ويحب بشكل كبير ترداد الترانيم والتراتيل التي غالباً ما يستمع اليها خلال مشاركته في القداديس في كنيسة "السيدة" في بلدته.
يكبرُ "جاك" وحلمه وصعوباته يكبران معه، ومسؤولية عائلته ايضاً تكبر، لكن الحب الذي ينشره والمُحاط به في الوقت نفسه، سيكون أقوى من اي مطبات او صعوبات تحملها الحياة اليوم وفي المستقبل. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

بعد الاعتراف الفرنسي.. هل ستخلع الجزائر غدا نظارة الصحراء؟

بقلم: نزار بولحية

ما هي النتائج والعواقب التي هدد البيان الأخير للخارجية الجزائرية باستخلاصها من القرار الفرنسي الجديد بخصوص الصحراء؟ هل سيمضي الجزائريون إلى الحد الأقصى كأن يقطعوا علاقاتهم مع باريس؟ لطالما اعتبر جيرانهم أن ملف الصحراء هو “النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”، مثلما قال العاهل المغربي في أحد خطاباته قبل عامين. فهل يبدو الأمر مماثلا بالنسبة لهم؟ وفي تلك الحالة هل ستتدهور علاقاتهم حتما بكل دولة تقدم على أخذ موقف معاد أو مضاد لموقفهم من تلك القضية؟

لقد دخل المغاربة قبل أكثر من ثلاث سنوات في أزمة حادة وعميقة مع الألمان، بعد أن “سجلت ألمانيا موقفا سلبيا بشأن قضية الصحراء المغربية”، مثلما جاء حينها في بيان لخارجية الرباط، أعقبتها أزمة أخرى ربما لا تقل عنها حدة وعمقا مع الجارة الإيبيرية، بعد استقبالها بشكل سري لزعيم البوليساريو في إسبانيا وتحت اسم مستعار وبمبرر العلاج، لكنهم خرجوا من كلا الأزمتين باعترافين ثمينين ووازنين، كان الأول من برلين وأقر بأن “مقترح الحكم الذاتي يمثل قاعدة جيدة لحل نزاع الصحراء”، وجاء الثاني من مدريد ليعلن أن “المبادرة المغربية للحكم الذاتي للصحراء هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل النزاع ” الصحراوي.

لكن بماذا خرجت الجزائر بالمقابل من أزمتها الأخيرة مع إسبانيا؟ وبماذا يمكن أن تخرج من أزمتها المفترضة غدا مع فرنسا؟ والأهم من ذلك إن كانت باريس قد فعلتها اليوم، فعلى من سيأتي الدور في المستقبل القريب، أي في الشهور والسنوات القليلة المقبلة؟ هل على بريطانيا مثلا؟ أم على إيطاليا التي يعدها الجزائريون الآن أكبر وأوثق شريك أوروبي لهم؟ أم أن المفاجأة التي ستحصل هي أن روسيا والصين، وهما اللتان تعتبران أقرب الحلفاء التقليديين للجزائر ستلتحقان بدورهما بالقائمة الموسعة للمعترفين بسيادة الرباط على الصحراء؟ في كل الأحوال يبدو أن القطار المغربي لن يتوقف عند المحطة الفرنسية، والسؤال الذي يطرح نفسه وللوهلة الأولى هو، لماذا صدرت عن دولة واحدة فقط من بين نحو ثمان وثلاثين دولة تقريبا تقيم علاقات مع ما تسمى بـ”الجمهورية الصحراوية ” التي أعلنتها جبهة البوليساريو من جانب واحد منتصف السبعينيات، ردة فعل غاضبة على قبول بعض الحكومات الغربية وترحيبها بمقترح الحكم الذاتي، الذي عرضه المغرب منذ ما يقرب من عقدين، كحل نهائي وموضوعي للنزاع الصحراوي؟ ولماذا لم تقم بالمقابل باقي تلك الدول لا بإصدار بيانات منفردة، ولا حتى جماعية للتنديد والاستنكار، ولم تبادر بدعوة السفراء المعتمدين لديها لإبلاغهم رفضها التام واحتجاجها الشديد على تلك القرارات، أسوة بما فعلته الجزائر في وقت من الأوقات مع إسبانيا مثلا وبما قد تتجه لفعله في الأسابيع المقبلة مع فرنسا؟ قد يبدو الأمر ملتبسا بعض الشيء. فإن كان الجزائريون يقولون دائما وأبدا إنهم ليسوا طرفا في الملف الصحراوي، وأن لا مطالب ولا أطماع لهم بأي شكل من الأشكال في تلك المنطقة بالذات، فما الذي يعطيهم إذن مثل ذلك الاستثناء؟ وما الذي يجعلهم يتصرفون بشكل يكاد يكون فريدا من نوعه ويرهنون مصير ومستقبل علاقاتهم ببعض الدول بموقفها من مشكل خارجي يعتبرون أن لا ناقة ولا جمل لهم فيه؟ ربما سيرد البعض بأن هناك معطى ربما يبدو فارقا، فإن كانت باقي الدول التي اعترفت بجمهورية البوليساريو قد فعلت ذلك في مراحل سابقة وتحت مبررات أو دوافع عقائدية أو أيديولوجية في الغالب، إلا أنها لم تقدم لذلك التنظيم المسلح ما قدمته له الجزائر لا من دعم مادي وعسكري ودبلوماسي فقط، بل من إسناد مباشر من خلال منحه موطئ قدم للنشاط من داخل التراب الجزائري أي من تندوف. وهذا ما يجعلها حساسة جدا لاي تغير قد يطرأ على خطوط التماس القريبة من حدودها لانها تعلم جيدا أن ذلك قد تكون له تبعات و انعكاسات مباشرة على أمنها واستقرارها.

لكن ما الذي يعنيه مثل ذلك التخوف؟ هل يعني أن الجزائريين لا يضعون في حسبانهم فرضية أن يتم في يوم ما غلق ملف الصحراء بشكل نهائي، من خلال فرض المجتمع الدولي لتسوية قد تقوم على أساس مبادرة الحكم الذاتي التي عرضتها الرباط؟ إنهم يقولون دائما انهم سيقبلون بما يقبل به الصحراويون وأنه متى وافق هؤلاء على الحل المغربي، فإنهم لن يترددوا أبدا في قبوله. غير أن الامر قد لا يبدو بمثل تلك السهولة والبساطة. إذ سيكون من الصعب عليهم بعد كل الجهود الضخمة التي بذلوها لدعم البوليساريو أن يسلموا في الاخير بنتيجة أخرى غير انفصال الصحراء عن المغرب. ولعل الحجة التي يتعلقون بها في هذا الجانب هي الشرعية الدولية ووجود ملف الصحراء في لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة، واتفاق المغرب والبوليساريو مطلع التسعينيات وبرعاية أممية على وقف إطلاق النار والقيام باستفتاء عجز المنتظم الأممي لاعتبارات موضوعية عن تنظيمه. لكن ماذا سيحدث غدا إن سقطت تلك الحجة وأقرت تلك الشرعية بأن الحل الوحيد للمشكل الصحراوي هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية؟ هل سينقلبون عليها في تلك الحالة؟ لقد مثّل البيان الاحتجاجي الذي أصدرته الخارجية الجزائرية بشكل مفاجئ الخميس الماضي وقالت فيه إنها “أخذت علما بأسف كبير واستنكار شديد بالقرار” الذي اعتبرته بـ”غير المنتظر وغير الموفق وغير المجدي” الذي ” اتخذته الحكومة الفرنسية بتقديم دعم صريح لا يشوبه أي لبس لمخطط الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية، في إطار السيادة المغربية المزعومة”، على حد تعبيرها، دليلا جديدا على أن الجزائريين باتوا يبحثون عن صفة ما تؤهلهم للاحتجاج لا على فرنسا وحدها، بل على أي دولة قد تعترف غدا بمغربية الصحراء. وكان واضحا ومنذ البداية، ومثلما أشار إليه البيان إلى أنه “تم إبلاغ السلطات الجزائرية بفحوى القرار من قبل نظيرتها الفرنسية في الأيام الأخيرة”.

ولعل هذا المعطى قد لا يخلو من دلالات، فهو يشير وبشكل ما إلى أن باريس وسواء أرادت الجزائر ذلك أم لا، فإنها تعتبرها طرفا أساسيا من أطراف المشكل الصحراوي. لكن هل يسمح لها ذلك الوضع بأن تكون أول من يكشف عن قرار سيادي لدولة أخرى قبل صدوره الفعلي من الجهة المخولة أصلا بذلك أي فرنسا؟ إن المناورة الفرنسية هنا تحمل قدرا كبيرا من المخاتلة، فالفرنسيون يعلمون أكثر من غيرهم أن اعترافهم بمغربية الصحراء يحمل ثقلا تاريخيا مهما في منطقة فصلوا جغرافيتها بشكل عشوائي ومتعسف قبل خروجهم منها رسميا في الستينيات، ويعرفون بالمقابل مدى تمسك الجزائريين بالحدود الموروثة عن الاستعمار. فهل كانوا يريدون منهم في تلك الحالة أن يخلعوا نظارة الصحراء وينظروا للعالم فقط بنظارة جزائرية؟ التطورات المقبلة قد تكشف النقاب عن ذلك.

 

 كاتب وصحافي من تونس

مقالات مشابهة

  • "أرجوك خرجني".. لحظات مؤثرة لضحايا العقار المنهار بالساحل يكشفها أحد المنقذين (فيديو وصور)
  • "الطفلة استخبت وراء الثلاجة".. شهود العيان يكشفون كواليس مروعة عن العقار المنهار بالساحل (فيديو وصور)
  • الدفع بـ10 سيارات إسعاف لنقل ضحايا ومصابي العقار المنهار في الساحل (فيديو وصور)
  • لبنان المنقسم حول الحرب والسلام..موت ودمار واحتفالات تحت سماء واحدة
  • مهنة تنشط بين لبنان وسوريا.. وأرباحها جيّدة
  • البعوض يهدد بانتشار فيروس قاتل جديد بين البشر
  • واقف بياخد العزاء.. الفنان محمد رجب فى تشييع جثامين المنتجين حسام شوقى وفتحى اسماعيل ومحمود كمال (فيديو وصور)
  • بعد الاعتراف الفرنسي.. هل ستخلع الجزائر غدا نظارة الصحراء؟
  • مذبحة قليوب.. أب يقتل أولاده الأربعة انتقامًا من زوجته| فيديو وصور
  • عاجل والد الطفلة حنين البكري يعفو عن قاتل ابنته قبيل لحظة من تنفيذ حكم الإعدام (فيديو وصور)