سواليف:
2024-10-03@19:57:05 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT

#تأملات_قرآنية د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 44 من سورة المائدة: “إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَىٰةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّٰنِيُّونَ وَٱلْأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَٰبِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ”.


معلوم أن الله تعالى أرسل الى بني اسرائيل الأنبياء منذ اسحق وحتى عيسى عليهم السلام، وجميعهم دعوهم الى دين الله الذي سماه أبو الأنبياء (ابراهيم) الإسلام، وأنزل معهم التوراة والزبور والانجيل، وخص التوراة من بينها التي أنزلها على موسى باحتوائها على التشريعات التي فرضها على بني اسرائيل.
الدين واحد لأن مبادئه لا تتغير عبر الحقب والعصور: “شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ” [الشورى:13]، ماهو متغير ويستوجب التطوير والتحديث هي ظروف معيشة الناس ومتطلباتهم، لذلك جعل الله تعالى الشرائع متغيرة بتغير الزمان والمكان: “لِكُلٍّۢ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا”، ولأن الرسالة المحمدية كانت الختامية وعامة لكل العالمين حاضرهم وقامهم الى يوم الدين، لذا كانت التشريعات فيها نهائية وملغية لكل ما سبقها: “وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ” [المائدة:48].
من المهم التذكير أن نزول التشريعات القرآنية كان على مراحل وخلال ثلاثة وعشرين عاما، ولو أخذنا التشريعات المتعلقة بالزنا فقد كان نزولها في أواخر الدعوة في السنة الخامسة أو السادسة للهجرة، ونزلت في سورة النور التي قدر الله نزولها بعد حادثة الإفك لتكون منجمة مع هذا الحدث الخطير.
من هنا يجب أن نفهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل التشريع القرآني في أمر ما، وهو قطعا سيلغي كل ما قبله، كان يحكم وفق ما كانت عليه آخر تشريعات انزلت للبشر وهي تشريعات التوراة، حيث أن الإنجيل أو الزبور كان كتابا خاصا بالرسول الذي أنزل عليه، لذلك ليس فيه تشريع، بدليل قول الجن عندما سمعت القرآن: “قَالُواْ يَٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعْدِ مُوسَىٰ” [الأحقاف:30]، وحتى لا يحدث خلط لدى المؤمنين من مختلف العقائد، فقد أنزل الله تعالى هذه الآية ليبين أن المستهدفين بأحكام التوراة هم الذين هادوا تحديدا وقصرا، ومن هم مخولون به هم النبيون من بعد موسى والعلماء الربانيين الذين أوكل اليهم حفظ التوراة، حيث نلاحظ أن (وَٱلرَّبَّٰنِيُّونَ وَٱلْأَحْبَارُ) جاءتا بالرفع لنعلم أنهما معطوفتان على (ٱلنَّبِيُّونَ)، وليس على (لِلَّذِينَ هَادُواْ) التي جاءت بالكسر بلام الجر.
يؤكد ذلك الحادثة المعروفة حينما جاء اليهود الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون منه بيان الحكم الشرعي في حادثة زنا، وكانوا يقصدون بذلك إحراجه بأن يعطيهم حكما يخالف ما هو لديهم في التوراة، والتي كان الحكم فيها بالرجم، ومعروف لديهم أن النبيين يجب أن يحكموا لليهود بموجب التوراة، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم ألهمه الله تعالى الإجابة الصحيحة رغم أنه لم يقرأ التوراة، فأجابهم إن الحكم موجود في كتابهم، وسألهم أن يظهروه (حيث أنهم كانوا يخفون التوراة وجعلوها مجزأة بقراطيس يتداولها أحبارهم فقط) فأظهر حبرهم النص لكنه أخفاه بإصبعه كي لا يراه أحد من المسلمين الحاضرين، فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يلتزموا بما جاء بالنص، وبذلك أسقط مكرهم وأبطل كيدهم.
ربما أن المتشددين من المسلمين الذين لم ترضي عقوبة الجلد نفوسهم المطالبة بأشد العقوبات، ووجدت الهوى بالتشريع الملغي وهو الرجم، فسعوا الى الإبقاء عليه.
ولا شك أن الله تعالى يعلم بما في نفوسهم، فكانت سورة النور الحاوية لحد الزنا هي السورة الوحيدة التي بدأت بـ (سُورَةٌ أَنزَلْنَٰهَا وَفَرَضْنَٰهَا)، لكيلا يجد أي من هؤلاء وسيلة للتنصل من الأحكام الواردة فيها.
رغم ذلك فقد اتبع فقهاء التشدد سنن من كان قبلهم، بالبحث عن تعديل وتبديل لكلام الله، فقالوا أن النص القرآني يقتصر على الأعزب، وأما المتزوج فعقوبته الرجم، محتجين بقصة رجم الغامدية، والتي لو صحت فقد تكون حدثت قبل نزول سورة النور.
لكن كلام الله قاطع وواضح ولا يمكن أن يترك مسألة بهذه الخطورة (عقوبة الإعدام) مبهمة فلا يذكرها بكل صراحة.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية صلى الله علیه وسلم الله تعالى

إقرأ أيضاً:

علاج الحزن والاكتئاب من آيات الله لرسوله

حزن المؤمن من أحب الأمور إلى الشيطان، وقد ذُكر الحزن في عدة آيات من القرآن الكريم، وجاء في كل الآيات إلا منهيًّا عنه، لما يسببه من سوء على العبد وجعله ينقطع عن السير إلى الله ولأنه يُنهك القلب.

 

 

4 أعضاء شريفة لرسول الله وصفها الله في القرآن الكريم هل بلغت الأربعين؟.. القرآن خصّك بدعاء مُستجاب مواضع ذكر الحزن في القرآن الكريم 

والشيطان هو عدو الإنسان الأول، وفي القرآن الكريم الحل، فإذا توكلنا على الله سبحانه وتعالى لما شعرنا بالحزن.

قال الله تعالى: «إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» (المجادلة: 10).

ومن اللافت كثرة الآيات القرآنية التي تنهى النبي ﷺ عن الحزن، أو تبين حاله معه:

1-    وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (النحل:70).

2-    وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (النحل:127).

3-    وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (الحجر:88).

4-    قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ (الأنعام:33).

5-    فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (يس:76).

6-    وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (يونس:65).

7-     وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ (آل عمران:176).

8-     لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا (المائدة:41).

9-     وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ (لقمان:23).

 

القرآن نهى عن الحزن

آيات القرآن الكريم تنهانا عن الحزن وترشدنا إلى التوكل على الله سبحانه وتعالى، والسعي نحو الأعمال الصالحة، ونهى الله نبيه عن الحزن على الكفار، فقال تعالى: «وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ ۚ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ» (لقمان: 23)، وقال سبحانه: «وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ» (النحل: 127).

ونفى الله تعالى عن المؤمنين الخوف والحزن في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: «أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» (يونس/ 62:64).

قال سبحانه: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (النحل: 27).

 

مقالات مشابهة

  • أمين الفتوى: الاعتداء على حريات الآخرين ومجاوزة الحدود من المحرمات
  • علاج الحزن والاكتئاب من آيات الله لرسوله
  • "أهمية القراءة في تشكيل الوعي" على مائدة معرض الرياض الدولي للكتاب
  • تأملات في التفاصيل القديمة
  • لا تكن ظالمًا وممن يكيلون بمكيالين
  • تنشئة الأطفال على حب الرسول.. ندوة لـ"خريجي الأزهر" بالوادي الجديد
  • نسخة من دعاء السفر مكتوب للمسافر كما ورد عن النبي ﷺ
  • استمرار الاحتفالات بميلاد النبي "صلى الله عليه وسلم" بأوقاف الفيوم.. صور
  • «الإفتاء» توضح حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد