سواليف:
2024-11-16@08:41:49 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT

#تأملات_قرآنية د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 44 من سورة المائدة: “إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَىٰةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّٰنِيُّونَ وَٱلْأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَٰبِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ”.


معلوم أن الله تعالى أرسل الى بني اسرائيل الأنبياء منذ اسحق وحتى عيسى عليهم السلام، وجميعهم دعوهم الى دين الله الذي سماه أبو الأنبياء (ابراهيم) الإسلام، وأنزل معهم التوراة والزبور والانجيل، وخص التوراة من بينها التي أنزلها على موسى باحتوائها على التشريعات التي فرضها على بني اسرائيل.
الدين واحد لأن مبادئه لا تتغير عبر الحقب والعصور: “شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ” [الشورى:13]، ماهو متغير ويستوجب التطوير والتحديث هي ظروف معيشة الناس ومتطلباتهم، لذلك جعل الله تعالى الشرائع متغيرة بتغير الزمان والمكان: “لِكُلٍّۢ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا”، ولأن الرسالة المحمدية كانت الختامية وعامة لكل العالمين حاضرهم وقامهم الى يوم الدين، لذا كانت التشريعات فيها نهائية وملغية لكل ما سبقها: “وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ” [المائدة:48].
من المهم التذكير أن نزول التشريعات القرآنية كان على مراحل وخلال ثلاثة وعشرين عاما، ولو أخذنا التشريعات المتعلقة بالزنا فقد كان نزولها في أواخر الدعوة في السنة الخامسة أو السادسة للهجرة، ونزلت في سورة النور التي قدر الله نزولها بعد حادثة الإفك لتكون منجمة مع هذا الحدث الخطير.
من هنا يجب أن نفهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل التشريع القرآني في أمر ما، وهو قطعا سيلغي كل ما قبله، كان يحكم وفق ما كانت عليه آخر تشريعات انزلت للبشر وهي تشريعات التوراة، حيث أن الإنجيل أو الزبور كان كتابا خاصا بالرسول الذي أنزل عليه، لذلك ليس فيه تشريع، بدليل قول الجن عندما سمعت القرآن: “قَالُواْ يَٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعْدِ مُوسَىٰ” [الأحقاف:30]، وحتى لا يحدث خلط لدى المؤمنين من مختلف العقائد، فقد أنزل الله تعالى هذه الآية ليبين أن المستهدفين بأحكام التوراة هم الذين هادوا تحديدا وقصرا، ومن هم مخولون به هم النبيون من بعد موسى والعلماء الربانيين الذين أوكل اليهم حفظ التوراة، حيث نلاحظ أن (وَٱلرَّبَّٰنِيُّونَ وَٱلْأَحْبَارُ) جاءتا بالرفع لنعلم أنهما معطوفتان على (ٱلنَّبِيُّونَ)، وليس على (لِلَّذِينَ هَادُواْ) التي جاءت بالكسر بلام الجر.
يؤكد ذلك الحادثة المعروفة حينما جاء اليهود الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون منه بيان الحكم الشرعي في حادثة زنا، وكانوا يقصدون بذلك إحراجه بأن يعطيهم حكما يخالف ما هو لديهم في التوراة، والتي كان الحكم فيها بالرجم، ومعروف لديهم أن النبيين يجب أن يحكموا لليهود بموجب التوراة، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم ألهمه الله تعالى الإجابة الصحيحة رغم أنه لم يقرأ التوراة، فأجابهم إن الحكم موجود في كتابهم، وسألهم أن يظهروه (حيث أنهم كانوا يخفون التوراة وجعلوها مجزأة بقراطيس يتداولها أحبارهم فقط) فأظهر حبرهم النص لكنه أخفاه بإصبعه كي لا يراه أحد من المسلمين الحاضرين، فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يلتزموا بما جاء بالنص، وبذلك أسقط مكرهم وأبطل كيدهم.
ربما أن المتشددين من المسلمين الذين لم ترضي عقوبة الجلد نفوسهم المطالبة بأشد العقوبات، ووجدت الهوى بالتشريع الملغي وهو الرجم، فسعوا الى الإبقاء عليه.
ولا شك أن الله تعالى يعلم بما في نفوسهم، فكانت سورة النور الحاوية لحد الزنا هي السورة الوحيدة التي بدأت بـ (سُورَةٌ أَنزَلْنَٰهَا وَفَرَضْنَٰهَا)، لكيلا يجد أي من هؤلاء وسيلة للتنصل من الأحكام الواردة فيها.
رغم ذلك فقد اتبع فقهاء التشدد سنن من كان قبلهم، بالبحث عن تعديل وتبديل لكلام الله، فقالوا أن النص القرآني يقتصر على الأعزب، وأما المتزوج فعقوبته الرجم، محتجين بقصة رجم الغامدية، والتي لو صحت فقد تكون حدثت قبل نزول سورة النور.
لكن كلام الله قاطع وواضح ولا يمكن أن يترك مسألة بهذه الخطورة (عقوبة الإعدام) مبهمة فلا يذكرها بكل صراحة.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية صلى الله علیه وسلم الله تعالى

إقرأ أيضاً:

النص الكامل.. رسالة من الشيخ نعيم قاسم لـمجاهدي حزب الله

وجّه الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، اليوم الأربعاء، رسالة إلى "مجاهدي حزب الله في الميدان"، وجاء فيها: "أحبائي أولي البأس، وأنوار الهداية في المقاومة الإسلامية.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... تلقيت رسالتكم النورانية، أيها الثابتون في الأرض، الشامخون في السماء. قرأت في طيّاتها عشق الرسالة والرسول، والولاية، والولي، ودرب الحسين (ع)، والوفاء لسيّد شهداء الأمة قائدنا الأمين الأسمى سماحة السيد حسن نصر الله (رضي الله عنه)، والراية المرفوعة للمجاهدين والشهداء.    رأيت فيها إيمانكم بتحرير القدس وأرضنا المحتلة... وشموخ عزّتكم ترفعون بها أهلنا وأحبّتنا... وبأس مواجهتكم تُحصّن صمودنا وتُحقّق نصرنا بهزيمة عدوّنا... وصرختكم بالنار من أجل سيادتنا واستقلالنا... وعطاءات دمائكم تصنعون مستقبل أجيالنا ووطننا... هي كل الخيرات على أيديكم، قال تعالى: "لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون" (التوبة 88)".   وأضاف: "أحبّائي... تصدّون العدو بجباهكم، وتطردونهم بِوقع نعالكم... أنتم القوّة في مواجهة الجبروت والطغيان... أنتم الرؤوس المرفوعة تكسر الذلّ والإستسلام... أنتم الإباء تُزلزلون أركان الصهيونية... أنتم أمواج الخير تُسقطون عربدة الشرّ... أنتم مستقبلنا الواعد يا صخور الصمود وثبات الأرض... أنتم ماء حياتنا، ونور طريقنا إلى سعادتنا... أُقبّل أياديكم والأرض التي داستها أقدامكم... وأُقبّل جباهكم وطلقات الرصاص تنحر أعداءكم".   وأكمل: "يا أولي البأس كيف تماهيتم بعشق الله تعالى فمدّكم بأنواره... كيف أدّيتم صلواتكم فتضاعفت قوّتكم وانطلقت صواريخكم وطائراتكم تُزلزلهم... كيف اقتحمتم غمار الموت وبقيتم تُواجهون... كيف تخليّتم عن كل شيء فربحتم الأفضل من كل شيء... كيف تُقاومون وتزرعون الأمل فينا... ما أروعكم تُحبّون الحياة العزيزة... وما أعظمكم لا تقبلون إلا إحدى الحسنيين... لي الفخر أن أكون معكم على نهج الأمين المؤتمن (قدّس سرّه) وهنيئًا لمن نَهل من عطاءات شهدائكم، وعنفوان جهادكم وتفانيكم وإخلاصكم... كل الأنظار مُتّجهة إلى مقاومتكم يا رجال الله في الميدان، يا رجال حزب الله... يا إكسير الحياة العزيزة".   وختم: "أشكر الله تعالى أن اختارني واحد منكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أخوكم نعيم قاسم".        

مقالات مشابهة

  • ما هو النذر؟ وما هي أنواعه؟
  • «الحصاد الأسبوعي».. 4863 مقرأة قرآنية و7565 مجلساً لبرنامج «صحح قراءتك» و5546 ندوة ثقافية وعلمية
  • آداب الطعام في الإسلام.. احذر من امتلاء البطن
  • الإلحاح في الدعاء سر الاستجابة.. أقوى 6 أدعية من القرآن والسنة
  • علي جمعة: الطعام له أثر في تصرفات الإنسان وفي الاستجابة لأوامر الله
  • حكم الشرع في عدم القدرة على الوضوء
  • أمين عام “حزب الله” اللبناني يوجه رسالة إلى المقاتلين (فيديو)
  • حكم البكاء على الميت والحزن عليه؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)
  • أمين عام "حزب الله" اللبناني يوجه رسالة إلى المقاتلين
  • النص الكامل.. رسالة من الشيخ نعيم قاسم لـمجاهدي حزب الله