الأثر النفسي للحرب في السودان على الأطفال
تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT
تُعدّ الحروب من أكثر الأزمات التي تترك آثاراً عميقة وطويلة الأمد على المجتمعات، ولا سيما الأطفال الذين يشكلون الفئة الأكثر ضعفاً وحساسية. في السودان، حيث يستمر الصراع المسلح منذ سنوات عديدة، يعاني الأطفال من أعباء نفسية هائلة نتيجة للعنف والدمار المستمرين.
الآثار النفسية المباشرة
1. الصدمة النفسية: يتعرض الأطفال لشتى أنواع الصدمات النفسية جراء مشاهدتهم للعنف اليومي، وفقدانهم لأفراد عائلاتهم وأصدقائهم.
2. القلق والخوف: يعيش الأطفال في السودان في حالة مستمرة من القلق والخوف من التعرض للهجوم، القصف أو النزوح المفاجئ. هذا الشعور الدائم بعدم الأمان يمكن أن يتطور إلى حالات من القلق المزمن والاضطرابات النفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
3. فقدان الثقة: تتسبب الحروب في تدمير البنى الاجتماعية والأسرية، مما يؤدي إلى شعور الأطفال بفقدان الثقة في العالم من حولهم. يصبح من الصعب عليهم بناء علاقات صحية أو الشعور بالأمان حتى في البيئات التي يُفترض أن تكون آمنة.
الآثار النفسية غير المباشرة
1. فقدان التعليم: تؤدي الحروب إلى تعطيل العملية التعليمية بشكل كبير، مما يحرم الأطفال من الحصول على التعليم الجيد. التعليم ليس فقط وسيلة للتعلم الأكاديمي، بل هو أيضاً مكان لبناء الشخصية والتواصل الاجتماعي. فقدان هذه الفرصة يؤدي إلى آثار نفسية سلبية، بما في ذلك الشعور بالعزلة وفقدان الأمل في المستقبل.
2. النزوح واللجوء: يتعرض الأطفال للنزوح المتكرر والعيش في مخيمات اللاجئين التي تفتقر إلى البيئة الصحية والمرافق الأساسية. هذا الوضع يزيد من معاناتهم النفسية ويجعلهم عرضة لأمراض نفسية وجسدية متعددة.
3. التفكك الأسري: تؤدي الحروب إلى انفصال الأسر أو فقدان أحد الوالدين، مما يزيد من الشعور بالحزن والفراغ العاطفي لدى الأطفال. الأسرة هي الركيزة الأساسية في دعم الطفل نفسياً، وفقدانها يعني انهيار هذا الدعم الأساسي.
كيفية معالجة الآثار النفسية
1. الدعم النفسي والاجتماعي: يتعين على المنظمات الدولية والحكومية توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتضررين من الحرب. هذا يمكن أن يتم عبر إنشاء مراكز دعم نفسي في المناطق المتضررة، وتقديم الاستشارات النفسية للأطفال وأسرهم.
2. التعليم وإعادة التأهيل: يجب العمل على إعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية في السودان وتقديم برامج تعليمية تركز على الدعم النفسي. التعليم يمكن أن يكون وسيلة فعالة لإعادة بناء الثقة والأمل في نفوس الأطفال.
3. تعزيز البيئة الأسرية: دعم الأسر ومساعدتها على البقاء معاً وتقديم الدعم النفسي للأهالي يمكن أن يساعد في توفير بيئة مستقرة للأطفال، مما يقلل من الآثار النفسية السلبية للحرب.
الخاتمة
إن الأثر النفسي للحرب في السودان على الأطفال عميق ومعقد، ويتطلب تضافر الجهود من جميع الجهات المعنية لتقديم الدعم المناسب. الأطفال هم مستقبل السودان، ومعالجة آثار الحرب النفسية عليهم ليست فقط واجباً إنسانياً، بل هي أيضاً استثمار في مستقبل أفضل للبلاد. يحتاج الأطفال السودانيون إلى بيئة آمنة ومستقرة تتيح لهم التعافي والنمو، ويجب أن يكون هذا الهدف على رأس أولويات المجتمع الدولي والحكومة السودانية.
هیثم الطيب عبدالرحيم
mohamedabumani@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الآثار النفسیة الدعم النفسی فی السودان یمکن أن
إقرأ أيضاً:
هل تسعى الدعم السريع لتقسيم البلاد؟
مع تسارع الأحداث بالسودان، بين التقدم الميداني المتواصل للجيش السوداني وارتفاع مستويات النشاط السياسي الإقليمي لإيجاد مسارات تؤدي لإنهاء الحرب الأهلية، برز تفصيل جديد مرتبط بسير الأحداث العامة يبدو أنه سيكون له أثر كبير، على الأقل في الوقت الحالي، على مجريات الأحداث. دخلت كينيا، الدولة الواقعة إلى الجنوب الشرقي لجنوب السودان، على خط الحدث السوداني، واستضافت مؤتمرا ضم قوات الدعم السريع، أعلن فيه عن توجه لتشكيل حكومة سودانية موازية. ماذا يعني هذا الكلام؟ وهل يتجه السودان نحو تقسيم جديد؟
اتهمت الحكومة السودانية كينيا بانتهاك سيادة السودان، من خلال استضافة حدث يرتقب أن تعلن خلاله قوات الدعم السريع حكومة موازية الجمعة.
وأدانت الخارجية السودانية كينيا لسماحها باستضافة الحدث، وفي بيان صدر مساء الثلاثاء قالت الوزارة “هذا يعني تشجيع تقسيم الدول الأفريقية وانتهاك سيادتها والتدخل في شؤونها، في خرق لميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الأفريقي والقواعد التي استقر عليها النظام الدولي المعاصر”.
الحكومة الموازية التي يعتزم الدعم السريع ومجموعة من القوى السياسية والحركات المسلحة الإعلان عنها في مناطق سيطرة الدعم السريع، تأتي في وقت عصيب يمر به السودان حيث تعاني البلاد من انقسام سياسي وفوضى أمنية.
ويأتي قرار قوات الدعم السريع بالتوقيع على ميثاق مع الفصائل السياسية الموالية لها وإعلان حكومة في الأراضي التي تسيطر عليها، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تعزيز قبضتها على دارفور ما سيؤدي فعليا إلى تقسيم السودان.
“نظام حكم جديد في السودان”
عبد العزيز الحلو، رئيس الحركة الشعبية شمال، وهي إحدى التشكيلات التي شاركت بالمؤتمر في كينيا وقاتلت الحكومات السودانية المتعاقبة من قواعدها في جبال النوبة، تعهد بالعمل على وضع نهاية للحروب في السودان، والانخراط مع الأطراف الداعية لبناء نظام حكم جديد في البلد.
وأكد الحلو في خطابه خلال فعاليات توقيع ميثاق تشكيل حكومة مدنية في السودان في العاصمة الكينية نيروبي الثلاثاء، أن “الحركة الشعبية شمال ستعمل مع الأطراف السودانية لوضع حلول جذرية لأزمة البلاد”، التي قال إن جلها يتمثل في “هيمنة المركز وتجاهل قضايا الهامش ومحاولة فرض دولة دينية في بلد متعدد الأعراق والثقافات”.
وأضاف الحلو أن الحرب كشفت عن جوهر الصراع في السودان، موضحا “السودان يعيش صراعا بين المركز والهامش، مركز استأثر بالسلطة والثروة والتفوق الاجتماعي، وهامش محروم من كل شيء”.
وقال الحلو “نحن بحاجة إلى دستور جديد وصياغة عقد اجتماعي جديد من شأنه أن يحل السؤال الأبدي حول كيفية حكم السودان”.
كما قدم متحدثون آخرون قوات الدعم السريع على أنها حركة مؤيدة للديمقراطية، وبُثت صور عدة خلال الاجتماع لزعيم المجموعة محمد حمدان دقلو من شاشة ضخمة وسط هتافات صاخبة.
“حكومة موازية ستؤدي للتقسيم”
صحيفة “نيويورك تايمز” اعتبرت في تقرير أن السودان بات على طريق التقسيم، حيث أن الجماعات الانفصالية التي شاركت في مؤتمر كينيا اقتربت الثلاثاء من الإعلان عن حكومة انفصالية.
وجاء في تقرير الصحيفة أن اجتماع كينيا جاء بمثابة “لحظة رمزية مذهلة” لقوات الدعم السريع، التي تعاني من ضربات مستمرة من الجيش السوداني ومن خسارات متتابعة لمواقعها في عدد من المحاور.
وعليه، تأمل الدعم السريع إنهاء سلسلة الهزائم وتعزيز مطالبها بالحكم، من خلال تشكيل حكومة تسيطر من خلالها على المساحات الشاسعة التي تسيطر عليها من السودان.
ومنذ نيسان/أبريل 2023، تسببت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع بمقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليون شخص، وبأكبر أزمة إنسانية في العالم.
وفيما يسيطر الجيش على شرق وشمال السودان، تسيطر قوات الدعم السريع على كل منطقة دارفور تقريبا ومساحات من الجنوب. وفي الأسابيع الأخيرة، قاد الجيش هجوما في وسط السودان واستعاد المدن الرئيسية وكل العاصمة الخرطوم تقريبا.
مونت كارلو
إنضم لقناة النيلين على واتساب