استقبل جلالة الملك إبراهيم بن السلطان إسكندر، ملك ماليزيا، فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، صباح اليوم الخميس، في القصر الملكي بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، لمناقشة سُبُل استفادة ماليزيا من خبرات الأزهر في مجالات مكافحة التطرف.

في بداية اللقاء، رحَّب جلالة الملك إبراهيم بن السلطان إسكندر، بشيخ الأزهر في بلده الثاني ماليزيا، مؤكدًا تقديره الكبير لما يقوم به فضيلته من جهودٍ عالميةٍ كبيرةٍ لإرساء قيم الحوار والتعايش، مشيرًا جلالته إلى أنَّه اتخذ قرارًا بقطع جولته إلى ولاية جوهور، لاستقبال شيخ الأزهر اليوم، والترحيب به والتحاور معه حول سُبُل تعزيز الجهود مع المؤسسة الأزهريَّة العريقة.

وأكَّد ملك ماليزيا ثقة الماليزين؛ قيادةً وشعبًا، في الأزهر الشريف، وحبهم له وانتماءهم إليه، وهو ما يدفع الكثير من العائلات الماليزية إيفاد أبنائهم لتلقي العلوم الشرعيَّة في الأزهر، مصرِّحًا: "لقد تشرفتُ بزيارة الأزهر ثلاث مرات، ولدينا ٧٠٠ طالب من ولاية جوهور التي أنتمي إليها، وهم محظوظون بالدراسة في الأزهر الآن، ونشجع المزيد لتلقي تعليمهم من الأزهر؛ حيث وجدنا فارقًا كبيرًا في طريقة التفكير والسلوك والتأثير في المجتمع بين خريجينا الذين تلقَّوا تعليمهم من الأزهر وبين أقرانهم ممن تلقَّوا تعليمهم من أماكن أخرى".
وطلب ملك ماليزيا من شيخ الأزهر زيادة أعداد المبعوثين الأزهريين في مختلف الولايات الماليزية، وإتاحة المزيد من الفرص التعليميَّة لأبناء ماليزيا للالتحاق بجامعة الأزهر، والاستفادة من خبرات الأزهر الكبيرة في مجالات مكافحة التطرف والتشدد، من خلال عقد مؤتمر حواري في ماليزيا يشارِكُ فيه علماء الأزهر لبيان المنهج الإسلامي الصَّحيح للشباب في مختلف القضايا المعاصرة، وبخاصة قضايا التعايش ونبذ التعصب والكراهية.

من جهته، هنَّأَ شيخ الأزهر جلالة الملك إبراهيم بن السلطان إسكندر، بتنصيب جلالته ملكًا لماليزيا، داعيًا المولى -عز وجل- أن تحظى ماليزيا في عهده بمزيد من الرفعة والتقدم، مشيرًا إلى سعادته بزيارة ماليزيا للمرة الأولى منذ تولي فضيلته مشيخة الأزهر، وأنه وجد في ماليزيا أنموذجًا حقيقيًّا للدولة المسلمة القادرة على تحقيق استدامة في التقدم والازدهار، واعتزاز الأزهر بعلاقاته التاريخيَّة المتينة التي تربطه بماليزيا، والتي كان الطلاب الماليزيون الوافدون عاملًا محوريًّا مهمًّا في تشكيلها وتطورها.

وأكَّد فضيلة الإمام الأكبر استعدادَ الأزهر لزيادة أعداد المبعوثين الأزهريين الموفدين إلى ماليزيا، وزيادة المنح الدراسية لأبناء ماليزيا للالتحاق بجامعة الأزهر، واستقبال أئمة ماليزيا وتدريبهم في أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، وفتح أفق التعاون مع ماليزيا، بما يُلبِّي احتياجات المجتمع الماليزي ويناسب تحدياته الداخلية.

وأشار فضيلة الإمام الأكبر إلى تجارب الأزهر ومجلس حكماء المسلمين الرَّائدة في ترسيخ قيم الحوار، وتعزيز ثقافة التعايش والأخوة والاندماج الإيجابي، والتي تُوِّجت بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية مع قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكيَّة،  عام ٢٠١٩، التي أعادت الحياة للعلاقات بين الأزهر والفاتيكان، وكذلك مشروع بيت العائلة المصرية، تلك المبادرة التي أطلقها الأزهر مع الكنائس المصرية، ويجني المجتمع المصري ثمارَها اليوم من اندماج حقيقي وتآلف بين جميع أطياف المجتمع، مؤكدًا أنَّ الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين يُولِي أهمية كبيرة لتوحيد صف الأمة الإسلامية وتعزير الحوار الإسلامي الإسلامي، بالإضافة إلى تفعيل دور قادة الأديان ورموزها في مواجهة التَّحديات الإنسانية المعاصرة مثل قضايا تغير  المناخ والفقر وتحديات التنمية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ملك ماليزيا شيخ الأزهر العاصمة كوالالمبور المبعوثين الأزهريين أحمد الطيب ملک مالیزیا شیخ الأزهر

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر من ماليزيا: وسطية الإسلام أفضل حل لمكافحة الجرأة على التكفير

كتب - محمود مصطفى أبوطالب:

أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، أن ظاهرة جرأةُ البعض على التَّكفيرِ والتَّفسيقِ والتَّبديعِ، وما تُسوِّغُه من استباحةٍ للنُّفوسِ والأعراضِ والأموالِ، هي ظاهرةٍ كفيلةٍ بهدمِ المجتمعِ الإسلاميِّ والإتيانِ عليه مِن قواعدِه، لو تُرِكَت ولم تُواجَه بالفقهِ الصَّحيحِ والعلمِ الخالصِ الصَّريحِ، وأنّ الحل الأنجع لانحسار تلك الظاهرة هو التمسك بخاصية الأمة الإسلامية الكبرى وهي الوسطية، وهي وسطيَّة فكريَّة، بين المحكِّمين للعقل حتى وإن خالف النُّصُوص القطعيَّة والصَّريحة، وبين الباخسين لدورِه المحوري والشرعي في تأمل النُّصُوص وإدراك دلالاتها، كما أنها وسطية في أصل التشريع والغاية منه، إذ الإسلام وسط في تشريعِه ونظامِه القانونيِّ والاجتماعيِّ، وأبرز ما تتجلَّى فيه الوسطيَّة هنا هو: التوازن بين الفرديَّة والجماعيَّة.

وأشار شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها جامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM, بمناسبة منح فضيلته الدكتوراة الفخرية في دراسات القرآن والسنة، إلى أن تجلِّيات ذلك التوازن المطلوب اليوم، إنَّما تقع في المساحة الوسط بين اتِّجاه المقدِّسين للتراث، وإنْ بدا فيه قصور البشر، واتِّجاه المتقاطعينَ مع التُّراث، وإنْ تجلَّت فيه روائع الهداية الإلهيَّة، أو في المساحة بين الحَرفيَّة النَّصِّيَّة التي تجمد على ظواهر النُّصُوص، وبين التأويليَّة التي تشتط في التعامل مع دلالة نصوص الوحي ومصادر الدين وحدودها، حتى تُفقدها معانيها وتعطل مصادر الهداية والتوجيه فيها، متجاهلة المنهج الذي مضى عليه المسلمون في تراثهم الزاخر، حين كانوا يتعاملون مع الدِّين نصوصًا وروحًا ومقاصِدَ، قبل أن يؤول الأمر إلى ما نشهده الآن، حيث وَقَفَ كثيرٌ منَّا عند ظَواهِرِ بعض النُّصوص، وجَمَد على فهوم السَّابقين، ونظرَ إليها نظرتَه للنَّصِّ المعصومِ، مع أنَّها نصوصٌ قابلةٌ للفَهم المتجدِّدِ والقراءة الواعيةِ لأهدافِ النَّصِّ ومقاصِده، حتى لا يقع المُسلم في الشُّعورِ بالاغترابِ أو الانفصام النَّفسي بين فكرِه وسُلوكِه.

وأكد فضيلة الإمام الأكبر أن منهجُ الأزهرِ التَّعليميُّ -منذ بدايتِه- مَنهجًا يحرِصُ على أن يُرسِّخَ في عقولِ الطُّلَّابِ ووُجدانِهم صورةَ الوجهِ الحقيقيِّ للإسلامِ، عَبْرَ ترجمةٍ صادِقةٍ لطبيعةِ التُّراثِ الإسلاميِّ وجوهرِهِ، في أبعادِه الثَّلاثَةِ: النَّقليَّةِ والعقليَّةِ والذَّوقيَّةِ، وكيف أنَّ هذه الأبعادَ الثَّلاثةَ تمتزِجُ امتزاجًا كامِلًا متناغِمًا في طبيعةِ «التَّكوينِ العلميِّ الأزهريِّ» مِن خِلالِ دِراسةِ علومِ النَّصِّ، والعقلِ، والذَّوقِ.

وهذا المَنهجُ يُمثِّلُ وسَطيَّةَ الإسـلامِ الَّتي هي أخصُّ وصفٍ لهذا الدِّينِ القَيِّمِ، كما يُمثِّلُ الفَهمَ المُعتدِلَ لنصوصِ الكتابِ والسُّنَّةِ، وما نشَأَ حولَهما مِن إبداعاتٍ علميَّةٍ وفكريَّةٍ وروحيَّةٍ، يحقق التكامل بين ثوابت الشرع ومتغيرات العصر، بالاجتهاد المنضبط لثوابت الدين ومقاصده، المنفتح على المتغيرات المستجدة باستمرار.

وتحدث فضيلة الإمام الأكبر عن قضايا التجديد مبينا أن واقع المسلمين اليوم يطرح سؤالًا كبيرًا عن مآل مسار التجديد، ومدى تحقيقه لأهدافه في فعاليةِ التجديدِ بشكلٍ عامٍّ، وأهم هذه الأسبابِ، عــدمُ التفرقةِ- عملِيًّا- بين ما هو ثابِتٌ في الدينِ وما هو مُتغيرٌ، إذ مِن المسلَّمِ به عند المسلمين جميعًا: أن الإسلام يشتمل على ثوابت خالدةٍ، وعلى متغيراتٍ مُتحركةٍ، وأنه في مجالِ الثوابتِ جاء بضوابط قطعيةٍ خالدةٍ لا تتأثرُ بتقلباتِ الزمانِ ولا بحركاتِ التطورِ، وهي قابلةٌ للتطبيقِ في عصرِ الذرةِ وسُفُنِ الفضاءِ، مثلما كانت كذلك في عصرِ الصحراءِ والإبِلِ تمامًا بتمام.

وأشار شيخ الأزهر إلى أن الأمرُ في مجالِ المتغيراتِ، خُوطِب فيه الناسُ بمبادئ عامةٍ، ومُجملاتٍ مرِنةٍ، وظنيَّاتٍ واسعةٍ، يُمكنُ أن تنزِل على الواقعِ بوجوهٍ شتى؛ تبعًا لتطورِ ظـروفِ الحياةِ وعلاقاتها، وعلمِ الإنسانِ وتجاربِه، مبينا فضيلته أن ثوابتُ الدينِ -التي لا تقبلُ التغيير- هي العقيدةُ، وأركانُ الإسلامِ الخمسةُ، وكل ما ثبت بدليلٍ قطعي من المُحرماتِ وأُمهاتِ الأخلاقِ، وما ثبت بطُرقٍ قطعيةٍ في شئونِ الأسرةِ من زواجٍ وطلاقٍ وميراثٍ، ومعاملاتٍ، مشيرا إلى أن الثنائيةُ بين ثوابت ومتغيراتٍ في رسالةِ الإِسلامِ تكشفُ عن إعجازِ هذه الرسالةِ، وأنها- بحق- دِيـنُ الفطـرةِ.

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر من ماليزيا: وسطية الإسلام أفضل حل لمكافحة الجرأة على التكفير
  • طلب من ملك ماليزيا إلى شيخ الأزهر.. تفاصيل
  • ملك ماليزيا يستقبل شيخ الأزهر ويؤكدان أهمية تعزيز التعاون لترسيخ قيم الحوار والتعايش
  • ملك ماليزيا يوجه طلبا لشيخ الأزهر
  • ملك ماليزيا يستقبل «الطيب» ويناقشان سُبُل الاستفادة من خبرات الأزهر في مكافحة التطرف
  • ملك ماليزيا يطلب من شيخ الأزهر زيادة أعداد المبعوثين الأزهريين
  • ملك ماليزيا لشيخ الأزهر: قطعت زيارتي لولاية جوهور للقائكم والترحيب بكم
  • ملك ماليزيا لشيخ الأزهر: قطعت زيارتي لولاية جوهور للقاء فضيلتكم والترحيب بكم
  • شيخ الأزهر يحاضر علماء ماليزيا وشبابها حول وسطية الإسلام