أثرت التوترات التي شهدتها بعض المدن التركية والشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، التي أشعلت فتيلها حادثة الاعتداءات على منازل وممتلكات اللاجئين السوريين في ولاية قيصري التركية، بشكل سلبي على حياة السوريين على الجانبين.

ففي الشمال السوري، ارتفعت أسعار معظم السلع وخاصة التي تدخل المنطقة من المعابر الحدودية مع تركيا، مثل السكر والزيوت وغيرها من المواد الغذائية، جراء إغلاق المعابر أمام الشاحنات التجارية.



وتعتمد المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة على استيراد غالبية المواد من تركيا، كما يؤكد المنسق الإغاثي والطبي في الشمال السوري مأمون سيد عيسى لـ"عربي21"، مشيراً إلى افتقاد المنطقة لبنية اقتصادية محلية، مرجعا ذلك إلى أسباب عديدة أهمها عدم الاعتراف الدولي بالحكومات الحالية (الحكومة المؤقتة، حكومة الإنقاذ) حيث لا تعترف دول العالم إلا بحكومات الدول أعضاء الأمم المتحدة.

ولفت إلى ضعف القطاع الزراعي في الشمال السوري وضعف الحوكمة والتنمية في المنطقة، وقال: "المنطقة تعتمد بشكل شبه كلي على الاستيراد من تركيا أو عن طريق تركيا (ترانزيت) من دول العالم، وإغلاق المعابر مع تركيا لأسباب أمنية أو سياسية يخنق المنطقة، ومن الطبيعي أن يسبب ذلك ارتفاع الأسعار في شمال وشمال غرب سوريا".

بجانب ذلك، تعطلت أعمال مكاتب الحوالات المالية بشكل جزئي في الشمال السوري، نتيجة توقف شبكة الإنترنت، وزاد الطلب على المواد الغذائية والمحروقات، بسبب القلق والخوف من الأهالي من امتداد تداعيات الحوادث الأخيرة.

ويشير الكاتب والباحث السياسي عبد الكريم العمر، إلى جملة أسباب أدت إلى العنف والاحتجاجات في الشمال السوري، منها التصريحات التركية الأخيرة بخصوص التطبيع مع النظام السوري، وافتتاح معبر "أبو الزندين" الذي يصل مناطق المعارضة بالنظام السوري، وجاءت الاعتداءات على اللاجئين في ولاية قيصري، تتويجاً لكل هذه الأسباب.

ويقول لـ"عربي21": إن "كل ما جرى لا بد وأن يدفع بتركيا إلى إعادة حساباتها مع المعارضة السورية، أي عدم استثمارهم ورقة سياسية للضغط على أطراف خارجية مثل الاتحاد الأوروبي".

ودعا العمر، تركيا إلى مراعاة حسابات السكان في الشمال السوري، مختتما: "لا نعرف حتى الآن ما هي الآثار التي ستتركها هذه الفترة إيجابا أو سلبا".


قلق سوري في أوساط اللاجئين
في الجانب التركي، خلفت الاعتداءات "العنصرية" على ممتلكات اللاجئين في ولاية قيصري، وولايات تركية أخرى، حالة من الخوف والتوتر لدى كل أوساط اللاجئين.

وتجلى ذلك، في إغلاق غالبية اللاجئين محالهم وتوقف أعمالهم منذ الأحداث الأخيرة، كما هو الحال في ولايتي غازي عنتاب وكيليس.

ورصد مراسل "عربي21" على وسائل التواصل الاجتماعي زيادة في عروض بيع المحال التجارية والمطاعم المملوكة للسوريين في الولايات الجنوبية التركية.

ويعبر سوري يمتلك محل بقالة في ولاية كيليس في حديثه لـ"عربي21" عن تخوفه البالغ من تعرض محله لاعتداءات، ويقول: "رغم الهدوء الآن، إلا إن التهديدات قائمة، لأن أي حادثة جديدة ممكن أن تشعل العنصرية من جديد".

ويؤكد مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن "من المستحيل مواصلة العمل في بيئة "خطرة" إلى هذه الدرجة"، مستدركاً: "لكن إن سألتني عن الخيارات، لا إجابة عندي".


من يتحمل مسؤولية ما جرى؟
الكاتبة الصحفية عائشة صبري، تحمل الحكومة التركية مسؤولية الاعتداءات الأخيرة على اللاجئين السوريين في تركيا، وتقول لـ"عربي21": "لم تقم الحكومة بردع العنصريين عن انتهاكاتهم ضد اللاجئين السوريين، وهذه الحوادث متكررة منذ سنوات لكنها بدأت تزداد مؤخراً".

وفي الدرجة الثانية، وفق صبري، تقع المسؤولية على منظمات المجتمع المدني التركية والسورية، حيث يقع على عاتقها مهمة تفنيد الشائعات المنتشرة في المجتمع التركي تجاه السوريين، فالمواقف العنصرية في ازدياد، وهناك هوة كبيرة بين المجتمع الضيف التركي واللاجئين.

وترى أنه "حتى يتم ردم هذه الهوة يجب على جميع الأطراف العمل على تفنيد الشائعات ونشر الحقائق"، مضيف: " عندما يدحض الإعلام التركي يدحض الشائعات من جهة، ويتحدث عن حقيقة الأوضاع في سوريا من جهة ثانية، سيُغيّر الأتراك من نظرتهم للسوريين على أنَّهم عالة على المجتمع التركي، لا بد من تسليط الضوء على ما يعيشه الشعب السوري عبر الإعلام التركي، وأنَّ السوريين صمدوا أمام آلة القتل والحصار الجائر لسنوات، ولم يكن خيار اللجوء في تركيا عن رغبة منهم".

كذلك لا بد، من وجهة نظر صبري، توضيح أن سوريا ليست بلداً آمناً للعودة وأن السوريين يعملون بعرق جبينهم والمساعدات إن تلقوها فهي أممية وأوروبية لا غير.

أما الكاتب والمحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو، يقول لـ"عربي21" إن جهود الحكومة التركية حاليا تتركز على إنهاء الأزمة، وبتر بذور الفتنة، وقطع الطريق على التحريض على اللاجئين السوريين والضيوف العرب.


وأضاف أن أطرافا تركية تسعى إلى استثمار ما جرى، لتحقيق أغراض سياسية، مثل دعوة حزب معارض إلى انتخابات مبكرة، مؤكداً أنه: "بالتالي لن تكون هذه الأحداث الأخيرة، في ظل وجود جهات تخطط، وشرائح تقع فيها".

ولفت كاتب أوغلو، إلى الاعتقالات التي تشنها تركيا للمتورطين، مؤكداً اعتقال أكثر من 500 تركي ثبت تورطهم في التحريض على السوريين في الحوادث الأخيرة، وقال: " نحن أما سياسية تحريض العنصري وتأثيرات خارجية تريد إشغال تركيا بالأزمات الداخلية".

وبحسب المحلل السياسي التركي، فإن هناك مسؤولية مشتركة على الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني وراء ما جرى، موضحاً: "لا بد من عدم الانصياع للأخبار الزائفة، وعدم الترويج لها، ولا بد من عقوبات قاسية لكل من يخالف القانون".

ويعيش في تركيا أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري، وتعاني غالبيتهم من تصاعد الخطاب العنصري ضدهم، وموجة الكراهية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد تركي منوعات تركية المعارضة قيصري الشمال السوري تركيا العنصرية تركيا المعارضة العنصرية الشمال السوري قيصري سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین السوریین فی الشمال السوری السوریین فی فی ترکیا فی ولایة ما جرى

إقرأ أيضاً:

صدمة لمحبي الشاي بالحليب.. تأثيراته سلبية أكثر خطورة مما تتصور

يعد الشاي بالحليب واحدًا من أكثر المشروبات المفضلة لدى العديد من الأشخاص حول العالم، حيث يتمتع بنكهته الفريدة التي تجمع بين طعم الشاي الحاد ونعومة الحليب.

اضرار الإكثار من تناول الشاى باللبن 

 إلا أن ما يجهله الكثيرون هو أن الإفراط في تناول هذا المشروب قد يؤدي إلى آثار صحية غير محمودة، قد تؤثر بشكل كبير على صحة الجسم بمرور الوقت.

وكشف الدكتور عبد الرحمن شمس خبير التغذية، أن تناول الشاي بالحليب باعتدال قد لا يشكل خطرًا، لكن الإكثار منه يمكن أن يترتب عليه العديد من المشكلات الصحية التي يجب أن يكون الناس على دراية بها، وفقًا لتصريحاته لـصدى البلد، تناول كميات كبيرة من الشاي بالحليب قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الجسم بشكل لا يمكن التنبؤ به، نظرًا لأن الشاي يحتوي على الكافيين، الذي له تأثيرات متباينة على العديد من الأجهزة في الجسم.

الإفراط في تناول الشاي بالحليب

 إليك بعض الآثار الجانبية التي قد تنجم عن الإفراط في تناول الشاي بالحليب:

اضطرابات الجهاز الهضمي

تعد اضطرابات الجهاز الهضمي من أبرز المشاكل التي قد يسببها الإفراط في تناول الشاي بالحليب. قد يؤدي شرب كميات كبيرة من هذا المشروب إلى زيادة الغازات وانتفاخ البطن بشكل مزعج. كما أن الإمساك يصبح أكثر شيوعًا بسبب تأثير الكافيين الذي يسبب الجفاف في الجسم، وهو ما يعيق حركة الأمعاء. أيضًا، يمكن أن يعاني البعض من عسر الهضم وزيادة حموضة المعدة، ما يؤدي إلى الشعور بحرقة المعدة.

الإصابة بالأرق

من المعروف أن الكافيين الموجود في الشاي يعتبر منشطًا للجهاز العصبي، ولهذا السبب، يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول الشاي بالحليب إلى التأثير على أنماط النوم الطبيعية، ما يسبب الأرق واضطراب النوم. الأشخاص الذين يتناولون هذا المشروب بكثرة قد يعانون من صعوبة في النوم والشعور بالتعب المستمر نتيجة قلة النوم.

برج القوس حظك اليوم السبت 1 فبراير 2025: التفاهم أساس العلاقةبرج الجوزاء حظك اليوم السبت 1 فبراير 2025..افتح قلبكبرج العذراء حظك اليوم السبت 1 فبراير 2025..كن صادقًا وواقعيًابرج الثور حظك اليوم السبت 1 فبراير 2025.. اهتم بمشاعره بصدقنشرة المرأة والمنوعات| إهمال علاج حساسية الأنف يصيبك بمشاكل صحية أكبر.. كويكب ضخم يهدد الأرض في هذا التوقيتلشهر رمضان.. طرق تخزين عصير البرتقال والجزرطعم لا يقاوم.. طريقة عمل كيكة الفانيليا للشيف نادية السيدفوائد صحية غير متوقعة لنبتة البقلة.. مفيدة لمرضى السكرطريقة عمل البسبوسة بدون فرن.. وصفة الشيف فاطمة أبو حاتيأبو فيس.. علماء الفلك يحذرون من كويكب مدمر يهدد الأرض في هذا التوقيتالتوتر والقلق

الإفراط في شرب الشاي بالحليب قد يساهم في زيادة مستويات القلق والتوتر العصبي، خاصةً لدى الأشخاص الذين يكون لديهم حساسية تجاه الكافيين. قد يعاني هؤلاء الأشخاص من العصبية المستمرة، ويشعرون بالتوتر حتى في الأوقات التي لا يكون فيها أي سبب مباشر لهذا الشعور. الكافيين قد يسبب أيضًا زيادة في ضربات القلب، ما يزيد من التوتر العصبي.

مشاكل في الكلى

زيادة تناول الكافيين بشكل مفرط قد يؤثر سلبًا على الكلى. حيث يؤدي الكافيين إلى زيادة الضغط على الكلى، ما يمكن أن يتسبب في مشاكل في وظائف الكلى على المدى الطويل، خاصة إذا كانت الكلى بالفعل في حالة صحية غير جيدة. الإفراط في الكافيين يزيد من خطر تكون الحصوات في الكلى ويساهم في تقليل قدرة الجسم على معالجة السوائل بشكل سليم.

في النهاية، على الرغم من أن الشاي بالحليب يعد مشروبًا لذيذًا وله فوائد متعددة عندما يتم تناوله بشكل معتدل، إلا أن الإفراط فيه قد يحمل معه العديد من المخاطر الصحية. ينصح دائمًا بموازنة استهلاك هذا المشروب وعدم تجاوزه لتجنب تأثيراته السلبية على الجسم.

مقالات مشابهة

  • عودة 80% من فلسطينيي محافظتي غزة والشمال وسط أوضاع كارثية
  • مصير اللاجئين السوريين في أوروبا
  • عربي21 ترصد حكايات وشهادات موجعة من معاناة الأسرى الفلسطينيين (شاهد)
  • الدفاع المدني : الأوضاع الإنسانية في غزة مأساوية للغاية
  • وزير الخارجية: نقف إلى جانب الشعب السوري.. ولدينا علاقات مشتركة مع تركيا
  • وزير الخارجية يوجه رسالة للشباب المصري: ابتعدوا عن أي طاقة سلبية
  • السياسيون الألمان يواجهون اللاجئين السوريين: حان وقت العودة
  • صدمة لمحبي الشاي بالحليب.. تأثيراته سلبية أكثر خطورة مما تتصور
  • المرصد السوري: الجيش التركي يشن غارات على حلب
  • سفير السودان لدى جوبا عصام كرار: متوقّع عودة أكثر من 4 آلاف لاجئ سوداني من جوبا إلى بورتسودان عقب أحداث العنف الأخيرة