بحضور رئيس وزراء ماليزيا.. شيخ الأزهر يحاضر علماء ماليزيا وشبابها حول وسطية الإسلام
تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT
افتتح فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، و سري أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا، مجلسًا خاصًّا لعلماء وشباب الباحثين الماليزيين، للتناقش والحوار حول وسطية الإسلام وسماحته، والمنهج الإسلامي في تعزيز الأخوَّة والوئام في المجتمعات.
وفي بداية كلمته، أكَّد شيخ الأزهر أنَّ أكثر ما يميز المجتمع الماليزي تعدُّدُ الأعراق والأديان، محذرًا من خطورة استغلال بعض التَّيارات المتطرفة والمتشددة للتعددية، وتصويرها جهلًا على أنها خطر على الإسلام والمجتمعات، مفنِّدًا زيف هذه الادِّعاءات، حيث استشهد فضيلته بتعاليم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فيما يتعلق بالعلاقة بين المسلمين أنفسهم، الَّتي لخصها في قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن صلَّى صلاتنا، واستقبل قبلتَنا، وأكل ذبيحتَنا، فذلك المسلمُ الذي له ذمَّة الله وذمة رسوله، فلا تَخفِرُوا الله في ذمته» أي: لا تخونوا.
وأوضح فضيلة الإمام الأكبر أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أرسى قواعد العلاقة التي تربط المسلم بغيره من أتباع الديانات الأخرى وحدودها، وهي العلاقة المبنيَّة على الاحترام والتَّعايش المشترك، والتَّحلِّي بأخلاق الإسلام الذي لم يكتف بتحريم الاعتداء على الإنسان أيًّا كان دينه أو جنسه أو لونه، وإنَّما حرَّم الاعتداء على الحيوان والنبات والجماد، إلا فيما بيَّنَتْه الشريعة مما لا يعد اعتداء كذبح الحيوان لغرض الأكل وسد الجوع وبمقدار محدَّد، وأنَّ الإسلام وضع قواعد لحماية البيئة والمناخ، بما لا يسمح له من الاستجابة لشهواته ورغباته المادية، بما يؤثِّر سلبًا على البيئة، وأنَّه إذا كان الإسلام قد عُنِيَ بكل هذه الجوانب فكيف تكون عنايته بالإنسان حتى ولو كان غير مسلم!
وأكَّد فضيلته أن مسؤولية إقرار وتعزيز التَّعايش السِّلمي بين أتباع الديانات المختلفة، تقع على عاتق كل فردٍ في المجتمع، ولا يمكن تحقيقُها إلا من خلال الفهم الصحيح لرسالة الإسلام بشكل خاص والأديان بشكل عام، التي جاءت لإسعاد الإنسان وانتشاله من مخاطر تأليه المادة والسعي لإشباع الغرائز دون التنبه لما قد ينتج عن ذلك من حروب وصراعات، وأنَّ الدين هو السبيل الأوحد للتحكم في غرائز الإنسان وتوجيهها بما فيه مصلحته ومصلحة المجتمع.
وحذَّر شيخ الأزهر من بعض التيارات التي تحاول تغذية التعصُّب والكراهية بين المسلمين، وتزكية الصِّراعات المذهبية وتوجيه اهتمامات الشباب المسلم لبعض القضايا التي تشغلهم عن النظر والاهتمام بقضايا أهم، وإعادة إحياء لصراعات وقضايا تؤرِّق المجتمع المسلم وتعمل على إضعافه وتشتته، وبث الفرقة والشقاق فيما بين أبنائه، مشددًا على أن الأولى في هذا الوقت الحرج أن تتجه الجهود لما فيه وحدة الأمَّة وتماسكها لتحقيق نهضتها المنشودة.
وحرص شيخ الأزهر على الاستماع لآراء بعض الشباب الماليزي ومناقشتهم فيها، والإجابة على تساؤلاتهم فيما يتعلق بالعلاقة بين مدارس الفكر الإسلامي، وكيفية استثمار التعدديَّة لما فيه صالح الأمة، كما ناقش فضيلته بعض الفتيات عن حقوق المرأة في الإسلام، وكيف كفل الإسلام للمرأة حقَّها في التعليم والمشاركة الإيجابيَّة في الحياة الاجتماعية، وغير ذلك من الموضوعات التي كانت محل نقاش من الشباب الماليزي المشارك.
من جهته، أعرب رئيس الوزراء الماليزي، عن سعادته بمشاركة فضيلة الإمام الأكبر في هذا اللقاء المهم، وتقديره لحرص فضيلته على مناقشة الشباب الماليزي في أفكارهم ومحاورتهم دون قيود، مؤكدًا أن بلاده ممتنة لفضيلة الإمام الأكبر ولفكر الأزهر الوسطي الذي صدَّرَ للعالم -ولا يزال- علوم الدين والدنيا، وأن ماليزيا حريصة على تعزيز علاقاتها مع الأزهر الشريف، والاستفادة من برامج تدريب الأئمة التي تستضيفها أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، وتمنياته بأن تكون زيارة شيخ الأزهر لماليزيا بداية لعدد غير محدود من المشروعات والمبادرة المشتركة مع الأزهر الشريف.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: شيخ الأزهر رئيس الوزارء الوسطية في الإسلام الإمام الأکبر شیخ الأزهر
إقرأ أيضاً:
ملتقى فقهي بالجامع الأزهر يناقش الرضاعة بين الشريعة والطب
عقد الجامع الأزهر حلقة جديدة من ملتقاه الفقهي تحت عنوان "رؤية معاصرة"، والتي جاءت هذا العام لمناقشة موضوع "الرضاعة بين الشرع والطب".
وناقش الملتقى، كيفية تحقيق التوازن بين المبادئ الشرعية في الإسلام والجوانب الطبية الحديثة المتعلقة بالرضاعة الطبيعية، بهدف تقديم رؤية متكاملة تخدم المجتمع المعاصر وتواكب التحديات الصحية الحالية.
الملتقى، الذي تم برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وأشراف الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، شارك فيه مجموعة من أبرز العلماء والفقهاء والأطباء، منهم الدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر، والدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، بالإضافة إلى عدد من المختصين في المجال الطبي.
وخلال الجلسات، أكد الدكتور علي مهدي على أن التشريع الإسلامي يهدف إلى تحقيق مصالح العباد من خلال مراعاة توازن الجوانب النفسية والبدنية والصحية، مع التأكيد على أن الرضاعة الطبيعية تعد حقًا أساسيًا للطفل، يشكل أولوية في الشريعة الإسلامية.
وأضاف أن القرآن الكريم حدد مدة الرضاعة الطبيعية بـ "حولين كاملين"، مؤكداً أن هذه الفترة تساهم في بناء مناعة الطفل وتوفير العناصر الغذائية الضرورية له، بينما يتم تقليص الحاجة للرضاعة مع تقدم الطفل في العمر.
من جهته، تحدث الدكتور محمود صديق عن أهمية الرضاعة الطبيعية كفطرة إلهية، مؤكداً أنه لا يوجد بديل طبي آمن للبن الأم.
وأوضح أن لبن الأم يوفر للطفل جميع العناصر الغذائية اللازمة له في الأشهر الستة الأولى من حياته، وهو ما لا يمكن تعويضه بأي نوع آخر من الحليب الصناعي.
وأشار إلى أن الأم التي لا ترضع قد تتعرض لمخاطر صحية مثل سرطان الثدي وسرطان الرحم.
أما الدكتور هاني عودة، فأكد أن الإسلام عني بالإنسان وحقوقه حتى قبل أن يولد، مشددًا على ضرورة مراعاة مصلحة الطفل فوق أي اعتبارات أخرى، خاصة في حالة حدوث نزاع بين الزوجين.
وأضاف أن الرضاعة الطبيعية تحمي الطفل من الأمراض وتقوي مناعته، كما أن لها فوائد نفسية للأم مثل تقليل خطر الاكتئاب وتنظيم سلوك الأم والطفل.
من جانبه، شدد الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة الأزهرية، على أن الملتقى يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون بين الفقهاء والأطباء، ويعكس جهود الأزهر في طرح حلول فقهية وطبية تواكب تحديات العصر.
وأوضح أن الملتقى يهدف إلى نشر الوعي المجتمعي حول أهمية الرضاعة الطبيعية وحقوق الطفل في الإسلام، خاصة في ظل تطور المجتمع والتحديات الطبية الحديثة.
وفي الختام، أكد المشاركون أن الرضاعة الطبيعية ليست مجرد ضرورة صحية، بل هي حق من حقوق الطفل في الإسلام، تسهم في تعزيز الروابط الأسرية وتوفير بيئة صحية ومستقرة للطفل، مما يعكس اهتمام الشريعة الإسلامية بصحة الطفل ونموه.