وقّعت مصر خلال مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي، 35 اتفاقًا ومذكرة تفاهم مع شركاء أوروبيين وغير أوروبيين، بقيمة إجمالية تقدر بنحو 70 مليار يورو (75.63 مليار دولار) متجاوزة بكثير التوقعات الأولية التي أعلنها المسؤولون من الجانبين بقيمة تزيد على 40 مليار يورو (43.22 مليار دولار).

يأتي هذا المؤتمر، الذي يعكس اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار في مصر، بعد 9 سنوات من مؤتمر شرم الشيخ لتنمية الاقتصاد المصري "مصر المستقبل" عام 2015، والذي شهد تعهدات بضخ أكثر من 175 مليار دولار في مشروعات تنموية.

مع ذلك، واجهت تلك التعهدات صعوبات في التنفيذ، ولم تتحقق بشكل كامل على أرض الواقع، وظلت في معظمها حبرا على ورق وعناوين دون تفاصيل، ما أثار مخاوف بشأن إمكانية تكرار نفس السيناريو مع الاتفاقيات الجديدة، وفق مراقبين.

وفي اليوم الأول للمؤتمر، الذي حضره الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، توقيع أكثر من 20 اتفاقية جديدة بقيمة إجمالية تزيد على 40 مليار يورو (43.22 مليار دولار) من قِبَل الشركات الأوروبية في مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي.

لكن في اليوم التالي، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال الجلسة الختامية، رقمًا آخر، قائلًا إن المؤتمر شهد توقيع 29 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 49 مليار يورو (52.9 مليار دولار) مع الشركات التابعة للاتحاد الأوروبي، كما جرى توقيع 6 اتفاقات ومذكرات تفاهم مع تحالفات أخرى غير تابعة للاتحاد الأوروبي بقيمة 18.7 مليار يورو (20.2 مليار دولار).

وهيمنت مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء على غالبية الاتفاقيات والمذكرات الموقعة بين الجانبين تلاها الاستثمار في قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ودعم زيادة الصادرات.

وخلال المؤتمر، وقّع الطرفان على تقديم أول مليار يورو من المساعدات المالية، ضمن حزمة تمويل واستثمار كبيرة لمصر بقيمة 7.4 مليارات يورو (8 مليارات دولار) تم الإعلان عنها في مارس/آذار الماضي حتى عام 2027 من أجل تعزيز أجندة الإصلاح الاقتصادي تضمنت:

5 مليارات يورو (5.4 مليارات دولار) على هيئة قروض ميسرة. 1.8 مليار يورو (1.94 مليار دولار) استثمارات مباشرة. 600 مليون يورو (648.3 مليون دولار) منح منها 200 مليون (216 مليون دولار) لملف المهاجرين. من شرم الشيخ إلى القاهرة

يرى مراقبون وخبراء أن العامل المشترك بين مؤتمر شرم الشيخ عام 2015 ومؤتمر القاهرة عام 2024 هو الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها وتهدد استقرارها وبالتالي استقرار المنطقة، لكنها هذه المرة أكثر حدة بسبب زيادة حدة التوترات الجيوسياسية ورسالة بأهمية استقرار مصر.

وعبّر عن ذلك السيسي، في كلمته خلال المؤتمر، إذ أشار إلى أن انعقاد المؤتمر يأتي في وقت شديد الدقة، في ظل أزمات دولية وإقليمية متعاقبة ألقت بظلال شديدة السلبية، وتحديات متعددة، وأعباء اقتصادية على جميع دول العالم بمختلف مستوياتها.

وأشار إلى أهمية استقرار الأوضاع في بلاده وأن لها دورًا محوريًّا في المنطقة التي تموج بالأزمات: "مصر أثبتت أنها شريك يمكن الاعتماد عليه في مواجهة التحديات المشتركة، وبما يحقق الأمان والاستقرار في الجوار الإقليمي".

مؤتمر الاستثمار المصري-الأوروبي المشترك بالقاهرة (رئاسة مجلس الوزراء المصري) شريك تجاري

وأوروبا أكبر شريك تجاري لمصر وأكبر مستثمر فيها، وفق هذه المعطيات:

32.6 مليار يورو (35.22 مليار دولار) حجم التبادل التجاري بين مصر والاتحاد الأوروبي خلال 2023. %40 من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر هي أوروبية. %27 من حجم تجارة مصر الخارجية مع الاتحاد الأوروبي. آمال حكومية

وصف رئيس الوزراء المصري توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بأنها تعكس اهتمام الاتحاد الأوروبي وشركات القطاع الخاص بمختلف المجالات والمشروعات، مشيرا إلى أنها سوف تحقق مستهدفات كبيرة لدعم الاقتصاد.

وأكد رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وليد جمال الدين أن توقيع اتفاقيات اليوم يعكس الاهتمام المتزايد من قِبَل الشركات العالمية للاستثمار في مصر، بما يؤكد الثقة في الاقتصاد المصري، وتعظيم الاستفادة من المزايا والحوافز الاستثمارية بالمنطقة الاقتصادية.

استثمارات مشروطة

في تقديرها لنتائج مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي تقول عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقا بجامعة القاهرة علياء المهدي، إن "قيمة ما تم توقيعه كبير وتنوعت بين اتفاقيات ومذكرات تفاهم، وفي الحقيقة لا نعرف قيمة كل الاتفاقيات والمذكرات على حدة؛ لأنه يجب أن نفرق بين الاتفاقيات والعقود الملزمة وبين مذكرات التفاهم غير الملزمة".

وأشارت، في تصريحات للجزيرة نت، إلى مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد عام 2015 لدعم الاقتصاد بحضور عشرات الدول والمؤسسات الدولية والمالية والذي أسفر عن اتفاقيات ومذكرات تفاهم ضخمة زادت على 160 مليار دولار لكنها للأسف كانت مجرد أرقام ولم تترجم إلى مشروعات.

ورأت أستاذة الاقتصاد أن ضخ استثمارات مباشرة هو أفضل أنواع الشراكة ويسهم في مستهدفات التنمية المستدامة، وهو أفضل من الدعم المالي المباشر الذي يستهدف دعم الموازنة وسداد التزامات الحكومة الخارجية، لافتة إلى أن المشروعات الصناعية والإنتاجية تحتاج إلى بعض الوقت حتى تحقق إيرادات ولكنها أكثر استدامة.

وحول أسباب إلقاء الاتحاد الأوروبي بثقله خلف مصر لدعم اقتصادها الآن وهو يعاني من صعوبات جمة منذ أكثر من عامين، ترى علياء المهدي أنه لا يمكن استبعاد التوترات السياسية التي تحدث في المنطقة ومخاوف الأوروبيين من طوفان هجرة غير شرعية بسبب تلك التوترات والذي يمكن منعه من خلال الحفاظ على استقرار مصر.

صفقة أم استثمار؟

وعلّق أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة، حسن الصادي، بالقول إن "الاستثمار أفضل من الدعم والاقتراض، ولكن ما تم الإعلان عنه خلال المؤتمر هو خليط بين الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والتي تعبر عن مجرد نوايا حسنة ولكنها لا تعني ضخ استثمارات حقيقية، وجاءت في معظمها مع مؤسسات دولية ومالية وليس مع شركات كبرى بعينها".

ولم يستبعد، في حديثه للجزيرة نت، أن يكون المؤتمر جزءا من جهود الغرب لتهدئة مخاوف المواطن الأوروبي مع تصاعد التيار اليميني المتطرف المناوئ بقوة للهجرة الشرعية وغير الشرعية ومحاولة كسب أرضية جديدة لدى الشارع الأوروبي، وتهدئة مخاوف المصريين من تدهور الاقتصاد ورسالة معنوية أكثر منها رسالة مادية.

وأعرب الصادي عن قلقه من أن يكون مؤتمر الاستثمار الأوروبي نسخة محدثة من مؤتمر شرم الشيخ قبل عدة سنوات والذي تحول إلى مزاد في عرض حصيلة المؤتمر وسمع فيه الحضور أرقامًا ضخمة وظلت بلا أثر إلى الآن.

وقال "أكثر ما أخشاه هو أن يكون المؤتمر ظاهره الاستثمار وباطنه مكافحة الهجرة غير الشرعية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مؤتمر الاستثمار المصری الأوروبی اتفاقیات ومذکرات مؤتمر شرم الشیخ ملیار دولار ملیار یورو أکثر من

إقرأ أيضاً:

مؤتمر صون أشجار القرم يسلط الضوء على أولويات المستقبل

أكدت هيئة البيئة – أبوظبي، في ختام فعاليات النسخة الأولى من المؤتمر الدولي لصون أشجار القرم وتنميتها، ضرورة حماية وتنمية أشجار القرم حول العالم، كونها واحدة من أهم الطرق لمواجهة التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية العالمية.

ودعا المؤتمر إلى ضرورة التعاون وحشد الجهود للحصول على التمويل اللازم على نطاق واسع لتحقيق أهداف الحفاظ على أشجار القرم وتنميتها، لافتا إلى الجهود الناجحة لمبادرة "تنمية القرم" Mangrove Breakthrough، ودورها المحوري في حشد الموارد من الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الخيرية لسد الفجوات ودفع العمل التحويلي.

وسلط المؤتمر الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه النظم البيئية للقرم في ضمان مرونة السواحل وحماية التنوع البيولوجي والأمن الغذائي، والتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه لاسيما في ظل تعرض أكثر من 50% من هذه النظم في العالم لخطر الانهيار بحلول عام 2050 بسبب الضغوط الناجمة عن الأنشطة البشرية.

كما سلط الضوء على نهج شامل للحفاظ على أشجار القرم وتنميتها، مع تأكيد الحاجة إلى الربط بين هذه الأشجار والنظم البيئية المجاورة مثل الأعشاب البحرية والشعاب المرجانية ومنابع الأنهار، حيث يوفر هذا النهج فوائد بيئية واجتماعية واقتصادية، مما يوفر إستراتيجية متوازنة لتحقيق هذا الهدف.

وركزت النقاشات على ضرورة مشاركة المجتمع المحلي كقوة داعمة لنجاح جهود الحفاظ على أشجار القرم، حيث لا تدعم أشجار القرم المعاد تأهيلها سبل العيش فحسب، بل تقلل أيضًا من الضغوط على النظم البيئية من خلال المشاركة المجتمعية وبناء القدرات، مما يضمن قدرتها على الاستفادة بشكل مستدام.

وتم استعراض نماذج ناجحة لمشاريع مجتمعية لإعادة تأهيل أشجار القرم في دول مثل إندونيسيا وغينيا بيساو وكينيا والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، إذ أظهرت هذه المشاريع أساليب قابلة للتطوير وأفضل الممارسات التي يمكن تطبيقها على مستوى العالم، ومع تزايد الوعي بأهمية أشجار القرم سلط المؤتمر الضوء على الحاجة إلى الاستفادة من هذا الزخم من خلال تبادل المعرفة العلمية، وتعزيز أفضل الممارسات وتنفيذها على نطاق واسع ودعمها وتمويلها.

أخبار ذات صلة بلدية أبوظبي تنفذ حملة تفتيشية على الرافعات البرجية مسبار الأمل.. نحو آفاق جديدة

وقال أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة – أبوظبي، في كلمته خلال الختام، إن المؤتمر الدولي الأول من نوعه لصون أشجار القرم وتنميتها، أظهر قوة التعاون والابتكار في معالجة التحديات الحرجة التي تواجهها أنظمة أشجار القرم على مستوى العالم، ووفر منصة لسد الفجوة بين البحث العلمي المتطور وجهود إعادة تأهيل أشجار القرم العملية على أرض الواقع، إضافة إلى دوره في إبراز الحاجة إلى تطوير الأساليب التقليدية في إعادة التأهيل، وتعزيز الإستراتيجيات القائمة على العلم، والمشاركة المجتمعية، والفهم الشامل لترابط النظم البيئية .

وأضاف أن المؤتمر سلط الضوء على مبادرة القرم - أبوظبي، التي تعد من أهم جهود الهيئة الرامية إلى ترسيخ مكانة أبوظبي العالمية الرائدة في مجال حماية أشجار القرم والمحافظة عليها، إذ تمثل هذه المبادرة، التي أطلقها سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، مثالاً واضحاً على اهتمام القيادة الرشيدة وتشجيعها على البحث العلمي المستمر والعمل لمعالجة تغير المناخ وتعزيز التنوع البيولوجي .

وأوضح أن المؤتمر الذي جمع ممثلين من الحكومات والمنظمات غير الحكومية والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص، أكد الالتزام بتوسيع نطاق مشاريع إعادة التأهيل المؤثرة، والاستثمار في حلول موثوقة، وبناء أنظمة بيئية مرنة تعود بالنفع على الطبيعة والمجتمعات والمناخ .

وأكد أن هذا العمل المشترك المدعوم بالمعرفة، بداية رحلة تحويلية نحو إحداث تأثير إيجابي ودائم على جهود صون أشجار القرم وتنميتها محليًا وعالميًا .

وجمعت النسخة الأولى من المؤتمر أكثر من 500 خبير وصانع سياسات ومتخصص في مجال الحفاظ على البيئة، لمعالجة أحد أكثر التحديات البيئية أهمية في العالم، لتكون نتائج هذا الحدث التاريخي بمثابة نقطة الانطلاق نحو تعزيز الجهود العالمية لحماية وتنمية أشجار القرم، وضمان صحة هذه النظم البيئية الحيوية للأجيال القادمة.

وأشرف على تنظيم المؤتمر بجانب هيئة البيئة – أبوظبي، مجموعة من الجهاتِ العالميةِ المعنيةِ بحمايةِ البيئة تضمُّ أكثر من عشرة شركاء عالميين من المنظمات البيئية والجهات العلمية مثل، مكتب الأمم المتحدة لاستعادة النظم الإيكولوجية، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، والتحالف العالمي لأشجار القرم، وجامعة سانت أندروز، والمجموعة المتخصِّصة لأشجار القرم التابعة للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، وجمعية علم الحيوان في لندن، والمنظمة الدولية للأراضي الرطبة، وجمعية الإمارات للطبيعة.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • وزير الشباب الإماراتي في حوار ملهم مع الشباب المصري.. "الفضاء علمني أن الأحلام تتحقق بالتخطيط والعمل"
  • بنك الاستثمار الأوروبي يقرض قطاع الرعاية الصحية في إيطاليا 35 مليون يورو
  • "الاستثمار الأوروبي": توفير قرض قيمته 43 مليون يورو لرقمنة خدمات حكومة أذربيجان
  • مؤتمر صون أشجار القرم يضيء على أولويات المستقبل
  • شكشك يبحث مع بريطانيا والاتحاد الأوروبي دعم الرقابة واستقلالية ديوان المحاسبة
  • المركزي المصري: 23.7 مليار دولار تحويلات المصريين العاملين بالخارج أول 10 أشهر في 2024
  • مصر والاتحاد الأوروبي 2024.. شراكة استراتيجية ومصالح مشتركة ونقلة نوعية غير مسبوقة
  • مؤتمر صون أشجار القرم يسلط الضوء على أولويات المستقبل
  • مصر والاتحاد الأوروبي 2024.. شراكة استراتيجية ونقلة نوعية غير مسبوقة
  • بنك الاستثمار الأوروبي يخصص 86 مليون يورو لحماية البنية التحتية للطاقة بأوكرانيا