رونالدو يهدد فرنسا بـ «القياسية»!
تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT
أنور إبراهيم (القاهرة)
رغم أن البرتغالي «الأسطورة» كريستيانو رونالدو «39 عاماً» نجم النصر السعودي لم ينجح حتى الآن في التألق والظهور بمستواه العالي، خلال مشاركته مع منتخب بلاده في كأس الأمم الأوروبية المقامة حالياً في ألمانيا، إلا أنه أكد مشاركته بعد عامين في كأس العالم التي تقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وللمرة الأولى في مشوار رونالدو الكروي الطويل، لا يسجل أي هدف حتى الآن في «يورو 2024، رغم أن تلك هي المرة السادسة التي يشارك فيه في أمم أوروبا، وهو رقم قياسي لم يسبقه إليه أحد.
صحيح أن «الدون» كان قريباً من تحقيق هذا الإنجاز، ولكنه أضاع ضربة الجزاء التي تصدى لها الحارس السلوفيني خلال مباراة بلاده أمام سلوفينيا في دور الـ16 للبطولة الحالية، لينخرط بعدها في بكاء شديد.
وذكرت مصادر صحفية أوروبية عديدة، أن مستوى أداء رونالدو كان موضع جدل شديد بين خبراء الكرة، نظراً لأنه لم يصل إلى المستوى الذي كان عليه، حيث لم يعد يجد سهولة في الفوز بألعاب الهواء التي كان يجيدها، ولطالما سجل منها أهدافاً كثيرة برأسه، عندما كان في أوج مجده وتألقه، كما أنه يواجه صعوبات كثيرة في المرور بالكرة من المنافسين أو في الانفراد بالمرمى.
ومن جانبها، ذكرت صحيفة ريليفو، أن كأس الأمم الأوروبية الحالية، لن تكون البطولة الدولية الأخيرة التي يشارك فيها رونالدو، لأنه مصمم على المشاركة في مونديال 2026، إذ أن هناك رقماً قياسياً آخر يسعى إليه، وهو أن يصبح أول لاعب في التاريخ يشارك ويسجل في 6 نسخ من كأس العالم.
وبالمناسبة يؤكد عدد كبير من البرتغاليين، ضرورة وجود رونالدو مع المنتخب، حتى لو تراجع مستواه، لأنه يبث في زملائه، وخاصة الشباب الروح القتالية والحماس.
وتألق رونالدو مع النصر، قبل أن يشد الرحال إلى ألمانيا، برفقة منتخب بلاده، للمشاركة في «يورو 2024»، وسجل 50 هدفاً في مختلف المسابقات التي شارك فيها الفريق في الموسم المنتهي.
والآن، أمام رونالدو فرصة ذهبية، لتحقيق حلم التسجيل في سادس أمم أوروبية يشارك فيها، عندما يواجه منتخب بلاده نظيره الفرنسي مساء الجمعة في ربع نهائي البطولة التي أعلن رونالدو أنها الأخيرة بالنسبة له على المستوى الأوروبي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: كأس أمم أوروبا يورو 2024 ألمانيا البرتغال كريستيانو رونالدو فرنسا النصر السعودي
إقرأ أيضاً:
«سأرتدي بدلة عندما تنتهي الحرب»!
عليك أن تتذلل لنا، وتنفذ رغباتنا دون اعتراض إن أردتَنا أن نقابلك في بيتنا باحترام، وإلا فاخرج غير مأسوف عليك. هكذا يمكن تلخيص المشادة الكلامية التي صارت حديث العالم اليوم بعد عرضها في الشاشات، والتي كان أطرافها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس من جهة، والرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي من جهة ثانية. ولم يعد خافيًا الآن أن ترامب لم يكتفِ بتوبيخ وإهانة زيلينسكي في اجتماع البيت الأبيض يوم الجمعة، وإنما عَمَد أيضًا إلى طرده من بلاده، في سابقة دبلوماسية خطيرة جعلت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كلاس تقول إن العالم الحر يحتاج إلى زعيم جديد.
بدا زيلينيسكي في الاجتماع تلميذ مدرسة مشاغبًا ضبطه المدير ونائبه متلبسًا بالغش في الامتحان من ورقة زميله، وطفقا يوبخانه على سوء سلوكه. وقد بدأت المواجهة حينما اتهم ترامب زيلينسكي بأنه «غير مستعد للسلام»، وأن أوكرانيا في مأزق ولا تحقق الانتصارات التي يدّعيها رئيسُها، مشددًا على ضرورة أن يكون الرئيس الأوكراني ممتنًّا لواشنطن وأن يقبل بوقف إطلاق النار الذي اقترحه ترامب. أما نائبه فانس فقد رفع صوته على زيلينسكي قائلًا إنه من قلة الاحترام أن يأتي للبيت الأبيض ويدخل في جدل أمام الإعلام الأمريكي بدلًا من إبداء استعداده لوقف الحرب، مضيفًا أن أوكرانيا تواجه مشكلة في التجنيد وأنها تُجبر مواطنيها على الذهاب إلى الجبهة. حاول زيلينسكي الدفاع عن موقفه بالقول إن الجميع يواجهون مشاكل أثناء الحرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، وإنه إذا كانت أمريكا لا تشعر بها الآن فستشعر بها في المستقبل. لكن ترامب قاطعه بنبرة غاضبة أنه «ليس في وضع يسمح له بإملاء المشاعر على الإدارة الأمريكية». كما انتقد فانس زيلينسكي لعدم تقديمه الشكر لواشنطن بشكل كافٍ، مطالبًا إياه بالتعبير عن الامتنان لترامب. ومن سخرية الأحداث التي يمكن عَدُّها شرّ البلية الذي يُضحِك أنه بعد كل ما حصل من إهانات وتجاوزات ضد زيلينسكي انتهت بطرده خرج وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو ليطالبه بالاعتذار عن إضاعة وقت الرئيس!
وهكذا خرج زيلينسكي مطرودًا من البيت الأبيض دون أن يوقّع اتفاق استحواذ أمريكا على مكامن المعادن النادرة والثروات الباطنية الأوكرانية الذي كان يتمناه ترامب، والذي سبق أن بعث به وزير خزانته «سكوت بيسنت» إلى كييف قبل نحو أسبوعين في محاولة أولى لتوقيعه. وخلال تلك الزيارة نسي الوزير أنه وزير في حضرة رئيس دولة، فتَطاوَسَ ووضع رِجْلًا على رجل أمام الرئيس الذي استقبله باحترام، وأمهل الوزيرُ الرئيسَ - بوقاحة منقطعة النظير - ساعة واحدة فقط ليوقّع الاتفاق! لكن زيلنسكي رفض.
كان الرئيس الأوكراني قد طرح السنة الماضية على برلمان بلاده فكرة مقايضة مواردها الطبيعية بالدعم العسكري في الحرب ضد روسيا التي دخلت في فبراير الماضي عامها الرابع بعد أن أكلت أخضر أوكرانيا ويابسها. وقال زيلينسكي إن ثروة البلاد المعدنية تبلغ قيمتها «تريليونات» الدولارات، وإن هذه الثروة ستكون متاحة «إما لروسيا وحلفائها، أو لأوكرانيا والعالم الديمقراطي» اعتمادًا على من يفوز في الحرب. لكن الأمور لم تسر في النهاية على هوى زيلينسكي، ووجد نفسه بين خيارين أحلاهما مُرّ؛ إما أن تسرق روسيا ثروات بلاده بالحرب، أو تسرقها أمريكا بالسلام! خاصة بعد أن دخل ترامب في مفاوضات مع بوتين دون الرجوع لأوكرانيا ولا للاتحاد الأوروبي، فقرر زيلينسكي ابتلاع السم ومنح ثروات أوكرانيا لأمريكا بشرط أن تعطيه ضمانات أمنية تحمي بموجبها بلاده من اعتداءات روسيا وأطماعها، لكن حتى هذه الضمانات رفضت واشنطن إعطاءها لكييف، ولم يشر الاتفاق - الذي صاغه مساعدو ترامب - إلى أي التزام محدد من جانب الولايات المتحدة بحماية أمن أوكرانيا.
كنتُ قبل نحو ثلاث سنوات قد انتقدتُ في هذه الزاوية الرئيس الأوكراني في مقال حمل عنوان «زيلينسكي وتملّق إسرائيل» تعليقًا على خطاب ألقاه بتقنية «زوم» أمام الكنيست الإسرائيلي، متباكيًا فيه على الاحتلال الروسي لبلاده، ومتجاهلًا في الآن ذاته أنه يخاطب محتلين لأراضي غيرهم، متناسيًا أن الشر الحقيقي هو الاحتلال، أيًّا كان مرتكبه. وانتقدتُ نفاقه الفاقع حين استشهد وهو يعرض أزمة احتلال بلاده من جارتها روسيا بعبارة جولدا مائير - رئيسة وزراء إسرائيل السابقة - «نحن نريد الحياة، لكن جيراننا -الفلسطينيين طبعًا لا سواهم- يرغبون برؤيتنا أمواتًا»، وقلتُ إن بحثه عن الدعم من إسرائيل جعله بلا موقف أخلاقي واضح. غير أن هذا لا يمنعني اليوم من إبداء الإعجاب بصلابته وثبات موقفه في وجه الصلف الأمريكي وغطرسة ترامب الذي تعامل معه ومع ثروات بلاده بعقلية شاهبندر التجّار الذي يعقد الصفقات، لا عقلية السياسي الذي يضع الدبلوماسية بوصلته في أي حوار. بل إن زيلينسكي صمد حتى أمام إهانة أحد الصحفيين الحاضرين في الجلسة حين سأله: «لماذا لا ترتدي بدلة رسمية؟ ألا تمتلك واحدة؟ الشعب الأمريكي يجد مشكلة بعدم ارتدائك بدلة رسمية خلال وجودك في أهم الأماكن الرسمية في الولايات المتحدة»، فكان جوابه: «سأرتدي بدلة عندما تنتهي الحرب، ربما مثل التي ترتديها أنت أو أفضل منها».
وبالعودة إلى تباكي وزيرة خارجية أوروبا على عدم وجود زعيم للعالم الحُرّ، فإن الردّ عليها هو: أين العالم الحُرّ أصلًا؟ نحن نعلم أن دعم أوروبا لأوكرانيا، ووقوفها مع زيلينسكي لم يكن لقيمها الأخلاقية الفاضلة، ولا لسواد عيني الممثّل الذي صار رئيسًا، وإنما خشية من احتلال روسيا لفرنسا وألمانيا إذا ما نجحت في ابتلاع أوكرانيا، وطمعًا في أن تكون لأوروبا حصة من ثروات كييف التي لا يريد ترامب أن يشاركه في السطو عليها أحد. أي أن أوروبا تفصِّل مبادئها للعالم الحُر على مقاس مصالحها الضيقة، وإلا فأين هو العالم الحرّ أمام حرب إبادة شنتها إسرائيل على غزة لأكثر من خمسة عشر شهرًا، ولم تترك فيها جريمة إلا وارتكبتها على مرأى ومسمع - بل ومباركة - الجميع!
سليمان المعمري كاتب وروائي عماني