بقلم: كمال فتاح حيدر ..
هجمات باطلة تزامنت مع تصعيد حملات الابادة الجماعية في غزة، فقد تحركت فيالق التدليس والتلفيق والتشتيت والإلهاء في كل الاتجاهات. .
احتفالات ترفيهية صاخبة يختلط فيها الحابل بالنابل في المغرب والأردن والرياض برعاية كبار القوم، وهجوم ضد شهداء الثورة الجزائرية يقوده من الحجاز (عبد الرحمن الشمري)، وهجوم ضد المقاومة في اليمن وجنوب لبنان يقوده الجامي (هشام البيلي) ونظيره (سالم الطويل)، ثم تعاقبت هجمات التشتيت لتضليل الناس وإشغال عقولهم بمواضيع جانبية، كان آخرها الهجوم الذي قاده الكويتي (عثمان الخميس) لسحب الهوية العربية من العالم الكبير (جابر بن حيان الكوفي)، وتشويه صورته العلمية بعد مرور اكثر من 1200 عاما على وفاته، فخرج علينا (الخميس) بنظرياته المثيرة للجدل في هذا التوقيت بالذات، لكي يلغي الدور العلمي والريادي لهذا العالم الجليل.
يقول الخميس: ان جابر بن حيان شخصية وهمية لا وجود لها، وان العلوم التي وردت في كتبه قبل 12 قرناً كانت خارج اهتمامات العرب، فجاءه الرد من الدكتور سعد بن عثمان استاذ التاريخ في جامعة الملك خالد بالمملكة السعودية، ليدحض نظرياته، ويبطل مزاعمه الكاذبة. .
اغلب الظن ان هجوم الخميس يعزى لهذين السببين: ان جابر بن حيان تتلمذ على يد الإمام جعفر الصادق، وهذه وحدها كفيلة بتحفيز الخميس ورهطه. . ان ابن تيمية أول من أطلق فتاواه بتكفير جابر بن حيان وتكفير الفارابي والخوارزمي وابن سيناء والرازي والكندي والبيروني والإدريس والحسن بن الهيثم وابن النفيس، وأخرجهم من الملة بعد ان اتهمهم بالزندقة. .
الطامة الكبرى ان مؤلفات هذا العالم الكبير تُرجمت إلى اللغات الحية، وكانت من المراجع التي استند عليها علماء الكيمياء بأوروبا في عصر النهضة. وان التشكيك بوجوده يرجع إلى اسباب سياسية وطائفية، سيما ان ابن تيمية هو الذي أوصى بإتلاف كتب جابر بن حيان ورماها في النهر. ثم جاء عثمان الخميس ليحرق سجلات التاريخ ويخلط الدين بالسياسة. ويتعمد إثارة زوابعه الآن ليصرف انظار العرب والمسلمين عن المجازر التي تُرتكب في خان يونس وجباليا ورفح والشجاعية. .
ختاما: يُعد ابن حيان من أهم علماء المسلمين في العصر الذهبي الإسلامي، وظل حتى وقت قريب يحمل لقب (أبو الكيمياء الحديثة) لِمساهماته الجليلة في تأسيس هذا العلم. وله مؤلفات غزيرة تزيد على 200 كتاب في مختلف المجالات، منها 80 كتاباً في الكيمياء. وأثرت أفكاره على العلماء المسلمين والأوروبيين لقرون، وساهمت في تقدم علم الكيمياء بشكل كبير. . . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
حسين خوجلي يكتب: قرى الجزيرة الجريحة ما بين دم عثمان و دم ابن ضابئ
هاتفني أحد المعارف النازحين من الجزيرة المكلومة بحلفا الجديدة لائذا بها من شرور الاستباحة والقتل والنهب والاغتصاب وبعد أن حكى لي عن رحلتهم المضنية وأسرته، التي كان أغلبها سيراً على الأقدام، وفيها الكثير من تفاصيل الأهوال والمصاعب التي لا يحتملها بشر، وفي تأثر بالغ ومحزن قال لي: إن قريتهم المسالمة التي تأسست من قبل مائة عام لم يدخلها شرطياً قط في جناية، ولم يذهب مواطن واحد من ساكنيها إلى المحكمة مقاضياً. وأن السلاح الوحيد الذي يمتلكه أهل القرية هي المدية والفاس، الأولي لذبح خراف القِرى والضيوف، والثانية للاحتطاب. وهنالك بندقية صيد وحيدة مرخصة عند العمدة تستعمل غالباً في مناسبات الزواج حيث تطلق بعض الرصاصات بغرض الإشهار.
وبرغم الشجاعة والنخوة والمناصرة للضعيف إلا أن الإلتزام الصارم لهذه القرية والأخريات منعتهم من اقتناء الأسلحة والقنابل والقاذفات. وحين دعا داعي الوطن لمنازلة الاستعمار منذ المهدية عبوراً بكل مراحل التمرد، وحراسة الثغور قدمت هذه القرية المنكوبة، بل قدمت الجزيرة الآف الشهداء وما زالت قادرة على ممارسة هذه الموهبة المهيبة.
الأمر الذي لا يعلمه هؤلاء البغاء المرتزقة والخونة والقتلة واللصوص، بأن كل قرية من هذه القرى الوادعة التي اقتحموها أسست على تقوى ووطنية، بئر وشيخ وخلوة، وقد نسي هؤلاء وتناسوا أن هذه القرى آوتهم قديماً، ومنحتهم الأرض والماء والأخوة الصادقة، وفتحت أمامهم القلوب، مثلما فتحت الخلاوي والمساجد والمدارس، تلك المعاهد التي تخرج منها قادة هذه العصابات الباغية، ولكن متى أفرغت الذئاب من دمها حيل الخيانة والتهام الذين أرضعوها حليب النماء والحياة.
إن الدم المسفوح والمال الحرام والجرائم المنكرة، التي هزت نفوس السودانيين، بل هزت الضمير العالمي لن تضيع سدًى، وسيطارد قصاص وثأر الأحرار هذه العصابة المجرمة أينما حلت وأقامت وارتحلت، وسوف تتوالى أخبار وسير مصارع قادتهم وجنودهم تباعاً، ولن يفلت منهم احداً هلكى بيد الشعب الضاربة وقواته المسلحة الباسلة أو بشر النهاية أو سوء الخاتمة. وهو لعمري مصير لوضوحه يراه الشعب ماثلا مثل الشمس في رابعة النهار، فبالرغم من تشتت قتلة الخليفة الشهيد عثمان بن عفان صاحب جيش العسرة، وبئر روما، وذي النوريين الرجل الذي تستحى منه الملائكة.
فبالرغم من تبعثرهم في كل الأمصار والأصقاع زرافات ووحدانا إلا أن يد الثأثر والمشيئة وسوء الخاتمة قد طالتهم واحدا تلو الآخر.
وقد وثق رواة الأخبار أن آخرهم كان عمير بن ضابئ الذي اعترض سبيل الحجاج بن يوسف بعد خطبته الشهيرة بمسجد الكوفة، حيث أمر أهلها بمنازلة الخوارج تحت قيادة المهلب. قال عمير للحجاج مستأذنا: إني شيخٌ كبيرٌ كما ترى، ولا همة لي على القتال فهل أرسل إبني لينوب عني؟ فوافق الحجاج حينما رأى أنه طاعن في السن، لكن قدم رجلٌ على الحجاج اسمه عنبسة بن أبي سعيد فقال للحجاج: أتعلم من هذا أيها الأمير؟ فقال: لا، قال: هذا عمير بن ضابئ البرجمي دخل على عثمان يوم الدار ووطئ على صدره وكسر ضلعين من أضلاعه. فقال الحجاج ردوه فلما ردوه قال الحجاج لعمير: إن في قتلك لصلاح للمسلمين، فأمر بضرب عنقه وكان أول قتلى الحجاج في العراق.
ولن تكون نهاية هؤلاء الأوغاد وقادتهم الذين صعدوا على صدور هذه القرى المباركة وحطموا أضلاعها وأوضاعها، إلا من نهاية عمير بن ضابئ الذي صعد بأرجله الآثمة فوق صدر الخليفة الشهيد وما أشبه الليلة بالبارحة.
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب