وداعًا «إيزنهاور».. أهلًا بـ«ثيودور» إلى الساحة الأكثر اشتعالًا
تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT
أيًا تكن الأسباب التي قدّمتها القوات الأمريكية لتسويغ انسحاب حاملة طائراتها «ايزنهاور» من البحر الأحمر، فالنتيجة واحدة. وهي عجز في التصدي للعمليات اليمنية، وفشل في حماية الملاحة الإسرائيلية. ومهما تكن خصائص المجموعة الهجومية البديلة لحاملة الطائرات «يو إس إس ثيودور»، فلن تشكّل فارقًا أو تغيرًا من الواقع في شيء، فاليمن بإمكاناته البسيطة وإنجازاته المتراكمة يتغلّب على أكبر تحالفين بحريين «حارس الازدهار» بقيادة الولايات المتحدة والقوّة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي «أسبيدس» في مهمتهما المشتركة والمعلنة.
من خلال تقييم معطيات ومسار المعركة البحرية، انسحاب «ايزنهاور» تزامن مع تصعيد اليمن لعملياته البحرية، وبشكل مختلف عن المراحل السابقة لناحية الفاعلية والتأثير وإدخال أسلحة جديدة، مثل الزوارق المتفجرة والصاروخ الباليستي «حاطم 2» الفرط صوتي، ومع ذلك جرى سحب الحاملة الأمريكية حتّى قبل وصول البديل عنها إلى ساحة الاشتباك المشتعلة.
«معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» لفت، في تقرير له، إلى هذه المسألة. ورأى أنّ غياب المدمرات الأمريكية عن البحر الأحمر، من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، إشارة مثيرة للقلق، والمعني هنا شركات الملاحة التجارية وشركاء البيت الأبيض من الدول الداعمة لاستمرارية حرب الإبادة في غزّة.
وبعد انسحابها من المنطقة، أقر طاقم المدمرة الأمريكية «يو اس اس كارني»، كما سابقوه، بالقدرات الصاروخية اليمنية المتطورة، والتي شكّلت تهديدًا حقيقيًا للتواجد الأمريكي. وقال قائد المدمرة جيريمي روبرتسون، في مقابلة مع شبكة «سي بي إس نيوز» الأمريكية، إنّ ما رأوه من قدرات يمنية لم يكن متوقعًا, وأضاف أنّ أولى عملياتهم كانت دفاعًا عن «إسرائيل» من خلال التصدي لعشرات المسيّرات وصواريخ كروز التي أطلقت من اليمن باتّجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتابع أن أكثر ما كان يقلق القوات الأمريكية هي الصواريخ الباليستية الفرط صوتية، والتي شكّلت ميدان الاختبار الحقيقي الأول للبحرية الأمريكية ضدّ هذا النوع من الأسلحة لسرعتها الكبيرة.
ووفقًا للعديد من ضباط البحرية الأمريكية؛ فإنّ الردود على العمليات اليمنية كانت تقتصر على تتبع الأهداف ومواجهتها، والتي جاءت ضمن نطاق المدمرات المحدود. وعن الخسائر الباهظة، فالبحرية الأمريكية كانت تعترض طائرة مسيّرة بقيمة ألف دولار بصاروخ يتجاوز قيمته مليون دولار.
وعلى مسافة أسبوع من دخول العدوان الإسرائيلي على غزّة شهره العاشر واقتراب العمليات اليمنية المساندة لغزّة من دخول شهرها الثامن، ما يزال ميناء «إيلات» مغلقًا وطريق الشحن المؤدّي إليه غير سالك. الأمر الذي دفع المدير التنفيذي للميناء للمطالبة أمام «الكنيست» بأن يضع الكيان يده في جيبه ليقدم مساعدات مالية لعمال الميناء.
من الميناء؛ لم يعد يُنظر إسرائيليًا لحجم الخسائر الناجمة عن توقف الأنشطة التجارية فيه، وجني صفر من الإيرادات طيلة الأشهر الماضية. فالمشكلة وصلت إلى عجز الميناء عن سداد مرتبات نحو 200 موظف، ليجري الحديث عن استيعاب ميناء «أشدود» لثلثي العمال والمطالبة بتقديم مالية العدوّ قرضا بقيمة 30 مليون شيكل لدفع المستحقات المالية.
احتدام المعارك البحرية، يزيد من المأزق الصهيوني وينهي حقبة من الغطرسة الأمريكية، ويبشّر بميلاد قوة صاعدة ممثلة باليمن ومحور الجهاد والمقاومة لتغيير المعادلات الإقليمية وفرض التوازنات العسكرية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
في وداع سماحة العشق
«يا حمزة الثاني لدين محمد
يا ثالث الحسنين للزهراء»
ما أوجع الرحيل وما أصعب الفراق، وكيف عندما يكون الفراق لا مفرّ منه، ولابد منه حتى لو كان يحمل معه وجعًا لا ينتهي. وداعاً يشبه الغصة، يترك في قلوبنا فراغًا لا يُملأ، وذكريات لا تُنسى ولا تُمحى من قلوبنا التي نبضت بحبه، قلوبنا التي تشهد وقت وداعه بسمع لا يسمع غير صوته مجلجلاً في أرض الجهاد والاستشهاد، فقد جعلته سمعها الذي به تسمع الحقيقة. وبصراً لا يرى غيره كالشمس المشرقة في سماء الانتصارات، وقد كان بصرها الذي به تبصر اليقين، قلوبًا قد شيد بنيانها بحبه، فمدت يدها لتسترد ماضيًا هو فيه، وترد ذاهبًا لا تريد فراقه.
وها هي قلوبنا تقف لتقدم العزاء به وتأخذ العزاء فيه من كبد حرى وزفرة تترى، وقد بكته أيامها وأحيت لياليها بالنوح عليه، فالخطب قد عظم في رحيل سماحة العشق، سيد الشهداء، وقائد كل الانتصارات، والتي كللها بانتصار المقاومة في العام 2024، والذي هو بحق انتصار مطلق، بل إنه انتصار يفوق انتصار تموز 2006، وذلك بطول المدة وشراسة العدو وفداحة الخسارة. ومع كل ذلك خرج لبنان منتصرًا. لقد رجع العدو من لبنان بخيبة أمل وهزيمة نكراء، العدو الذي كان يراهن بعد اغتياله للقادة الشهداء، وعلى رأسهم سيد الشهداء، شهيد الإنسانية، السيد حسن نصر الله، أنه قد اجتث شأفة المقاومة.
وكان بذلك واهمًا، فالسيد حسن نصر الله قائد لا يموت، وأن غاب شخصه فلن يغيب أثره، إنه الحليم في موضع الحلم، الفهيم في موضع الحكم، المقدام في موضع الأقدام. قائد أتى إلى الأمة بالنصر، وقال لها: هذا زمن الانتصارات، في وقت تعيش الأمة فيه تحت أمر حكام يعيشون حالة الهزيمة المسبقة.
فمثل هذا القائد لا يموت في نفوس من رباهم، وسيسجل التاريخ أن جيشًا قد هُزم على يد قائد استشهد
وها نحن في وداع سماحة العشق الأزلي السيد حسن نصر الله قدس الله روحه، نقف مكللين بالنصر الذي وعدنا به. نودعه وجرح فراقه عميق، ترتج له الأضلاع وتكاد له القلوب تطير من الصدور. وقد خرست الألسن عن أن تعبر عن هذا الوداع الموجع والنعي الفادح. وقصرت الأيدي عن التعزية بهذه الرزية، فاحزننا عليه رهين قلوبنا وقرين صدورنا، والزعيم بتعلق أفكارنا وسمير ذكرنا، لا تستقل به صدورنا، يكاد يكون لزامًا ويعد غرامًا.
العاطفة لا تُوصف تجاه السيد حسن نصر الله، أنه الأب الذي لا تقتصر أبويته على النسب، بل تتجاوزها إلى عطاء لا حدود له” والقائد الذي لا تقتصر قيادته على بلد أو فئة أنه قائد أممي لن يُنسى أسمه أو يُمحى آثره مهما تعاقبت الحقب فهو من فلتات الزمن التي لا تأتى إلا فيما ندر وكان لنا الحظ أن يأتي في زماننا فنسعد به وكان من نصيبنا أن نحزن عليه ونثكل به
وليس لنا حيال هذا الألم الذي يمزق الأحشاء إلا الاعتصام بحبل الصبر، فالمصاب به كبير وعليه يكون الجزع جديرًا، ولكن الصبر أجدر، والعزاء عن الأعزاء رشد. وإن لم نعتصم بالصبر، فقد اعترضنا على مالك الأمر، فهكذا علمنا قائدنا ونبض قلوبنا أن لا ينبغي أن نسقط إذا ارتقى لنا قائد، بل علينا أن نحمل رايته ونهجه ونسير على طريقه.
نعاهدك سيدي على الصمود والثبات على طريقك، طريق القدس، يا فقيد قلوبنا وشهيد قدسنا.