«تحرير السودان» بقيادة عبدالواحد تستنكر اتهامات أممية بعرقلة وصول المساعدات في مناطق سيطرتها
تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT
طالبت حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور، وكالات الأمم المتحدة الالتزام بالحيادية والمصداقية في تنفيذ مهامها بكل صرامة وعدم التمييز بين ضحايا الحروب، واستنكرت اتهامات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” لها بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية لمناطق سيطرتها.
الخرطوم ــ التغيير
وقالت الحركة في بيان بتوقيع رئيس السلطة المدنية في مناطق سيطرتها في إقليم دارفور، مجيب الرحمن محمد الزبير “إن تقرير أوتشا حوى مغالطات وأكاذيب لا أساس لها من الصحة ولا يصدر إلا من عقلية صفوية لا تراعي المهنية والدقة والمصداقية في كتابة تقاريرها”.
وكان تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان (أوتشا) حذر من أن العقبات البيروقراطية التي يفرضها كل من جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور وقوات الدعم السريع وقال إنها تعيق بشكل كبير وصول المساعدات الإنسانية الحيوية للمدنيين في المناطق المتضررة من الحرب، وكشف التقرير عن إجراءات تفرضها حركة تحرير السودان في المناطق التي تسيطر عليها، تشمل التسجيلات الإلزامية، تصاريح السفر، والرسوم المفروضة من قبل الطرفين.
وشدد مجيب الرحمن أنه على “أوتشا” الابتعاد عن الأكاذيب وتلفيق التقارير والمحاباة بإعاقة إيصال المساعدات الإنسانية للمتأثرين من النزاع العسكري في مناطق سيطرتها في إقليم دارفور غربي السودان.
وقال مجيب الرحمن إن الحركة استقبلت أعدادًا كبيرة من النازحين ووفرت الإيواء والتأمين في مناطق سيطرتها، وأكد أن الحركة لم تتلق أي مساعدات من المنظمات والوكالات الإقليمية والدولية برغم المناشدات الكثيرة التي دفعت بها.
وأشار إلى أن “أوتشا” سبق وطلبت من الحركة أكثر من ثلاث مرات الوصول إلى مناطق سيطرتها لتقييم الوضع الإنساني وحالة النزوح إلا أنها لم تأت رغم موافقة الحركة غير المشروطة – وفقًا للبيان، و كاشف عن وجود أكثر من خمسة ملايين مواطن في مناطق سيطرتهم معرضين لخطر الموت جوعًا والأمراض الفتاكة وهم في حاجة إلى مساعدات عاجلة.
وبرر مجيب الرحمن الإجراءات داخل نفوذ الحركة بوجود قانون سنته تحرير السودان ينظم العمل الإنساني والمنظمات داخل مناطق سيطرتها، مستبعدًا في ذات الوقت قيامها بوضع العراقيل أمام الجهات الراغبة في تقديم الإغاثة والمساعدات للمتضررين من آثار الحرب.
وتحكم حركة تحرير السودان غير الموقعة على السلام سيطرتها على ثلاث محليات في ولاية وسط دارفور، وبعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023 توسع جيش الحركة ليسيطر على مناطق واسعة في ولايتي جنوب وشمال دارفور.
وبعد اندلاع المواجهات في عاصمة شمال دارفور الفاشر في مايو الماضي، استقبلت الحركة أعدادًا كبيرة من نازحي الفاشر في مناطق طويلة وكبكابية علاوة على أجزاء من كتم.
الوسومأوتشا جيش تحرير السودان حركة عبدالواحد عرقلة مساعداتالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أوتشا جيش تحرير السودان حركة عبدالواحد عرقلة مساعدات
إقرأ أيضاً:
تحرير الخرطوم… فرص وتحديات
تحدد خيارات الجيش السوداني في المرحلة المقبلة حالة وطبيعة الصعاب التي يواجهها على الصعيدين العسكري والسياسيملخص
بطبيعة الحال ستستمر المعارك ذات الطابع الاستخباري بين الطرفين في المرحلة المقبلة، إذ سيسعى الجيش إلى تجريد "الدعم السريع" من مقدراته الاقتصادية وخصوصاً مناجم الذهب.
تشكل خطوة السيطرة على الخرطوم من جانب القوات المسلحة السودانية، خطوة مهمة تحدد في ما يبدو مسارات التفاعلات السودانية السياسية والعسكرية على المديين القصير والمتوسط، إذ ستكون المسارات المختارة لهذه التفاعلات هي ما سيشكل مستقبل ومصير الدولة السودانية.
طرح الوضع الميداني الراهن
ونجد أنه من المهم طرح الوضع الميداني الراهن، باعتباره مؤشراً لقدرات الطرفين على الصعيدين العسكري والاستخباري، وهي الأمور المحددة لاتجاهات المشهد السوداني خلال المرحلة المقبلة، ذلك أن من الأهمية بمكان رصد قدرة الجيش على تفخيخ مسارات "الدعم السريع"، خلال العام الماضي، عبر فتح شهية الأخيرة على التوسع الميداني في مناطق جديدة خصوصاً في شرق ووسط السودان، بعد أن كان انسحاب الحاميات العسكرية التابعة للجيش من هناك يثير عدداً من التساؤلات. وأسهمت هذه العملية الناجحة في الإخلال بسلسلة القيادة والسيطرة لدى "الدعم السريع"، وكذلك التوسع في ممارسة الانتهاكات ضد المدنيين، فتخلخلت النواة العسكرية الصلبة لـ"الدعم السريع" خصوصاً بعد تحول ولاءات بعض القادة العسكريين ضدها لصالح الجيش، كما تضخمت الحاضنة الشعبية للجيش باعتباره المنقذ.
ووفرت السيطرة على سلاح المدرعات والقيادة العامة وبقية وحدات الجيش وألويته بالخرطوم في تدفق الإمداد القتالي له، مما أسهم في تتويج نصر الجيش بالسيطرة على القصر الجمهوري والمطار وبقية مناطق العاصمة الخرطوم.
الانتصار أسهم في انسحاب "الدعم السريع" على عجل
هذا الانتصار أسهم في انسحاب "الدعم السريع" على عجل من غالبية الجيوب الباقية تحت سيطرتها في العاصمة السودانية، في مشهد لافت يحتمل عدداً من التأويلات.
وبطبيعة الحال ستستمر المعارك ذات الطابع الاستخباري بين الطرفين في المرحلة المقبلة، إذ سيسعى الجيش إلى تجريد "الدعم السريع" من مقدراته الاقتصادية وخصوصاً مناجم الذهب، وذلك لن يكون إلا بالتواصل مع دولة الإمارات، إذ تتم هندسته في إطار صفقة تبادل منافع، وقد يكون هذا التواصل عبر وسطاء في المرحلة الأولى في ضوء التصعيد الراهن من جانب وزير الخارجية السوداني ضد أبوظبي.
في المقابل فإن "الدعم السريع" ستسعى إلى استثمار التنوع وأوجه الخلاف في التحالف المساند للجيش من فصائل الحركات المسلحة، وكذلك التباين في صفوف الجيش نفسه بين من هم محسوبون على النظام السابق من الإسلاميين، وبين قادة الجيش من المهنيين والموالين غالباً لوزير الدفاع الفريق عبدالفتاح البرهان، على أن فرص الجيش في تحقيق نجاحات استخبارية ضد "الدعم السريع" ستكون أعلى بطبيعة القدرات المتراكمة لدى المؤسسة العسكرية من جهة، والدعم الذي يحصل عليه من المحيط الخارجي باعتباره ضامناً لعدم انهيار الدولة ذات الموقع الجيوليتيكي الحساس.
وعلى رغم هذا التمايز لصالح الجيش فإن تحرير الخرطوم العاصمة التاريخية والسياسية للسودان لا يعني انتهاء التحديات العسكرية على كامل التراب السوداني والماثلة أمام الجيش حالياً، ذلك أن سلاح المسيرات التابعة لـ"الدعم السريع" ما زال ناجعاً ومؤثراً على رغم تصدي الجيش له في معظم الحالات، إذ نجحت قوات "الدعم السريع" في إبراز أن فاعليتها العسكرية ما زالت باقية عبر نجاحها في شن هجوم بالطائرات المسيرة على مناطق في شمال البلاد بعد إعلان تحرير الخرطوم، كما سيطرت على مدينة المالحة الاستراتيجية في شمال إقليم دارفور، وعلى قلعة جبل عيسى بالمثلث الحدودي السوداني مع كل من ليبيا وتشاد.
وبسطت قوات "الدعم السريع" أيضاً سيطرتها على بلدة لقاوة الاستراتيجية في ولاية جنوب كردفان، وكبدت الجيش خسائر فادحة، واستولت على 11 مركبة قتالية بكامل عتادها الحربي بما يشكله ذلك من قدرة للسيطرة على إقليم كردفان، في ضوء التحالف مع عبدالعزيز الحلو المسيطر على جبال النوبة في جنوب كردفان.
ما التحديات أمام الجيش؟
تحدد خيارات الجيش السوداني في المرحلة المقبلة حالة وطبيعة التحديات التي يواجهها على الصعيدين العسكري والسياسي طبقاً للفرضيات التالية:
أولاً: إذا اتجه الجيش السوداني لفتح قنوات تواصل مع دولة الإمارات، وذلك بعد أن حقق نصراً يدعم وزنه على الصعد العسكرية والشعبية، فإن هذا الخيار يرجح التأويلات التي تشير إلى أن انسحاب قوات "الدعم السريع" جاء تطبيقاً لصفقة تمت تحت الطاولة، وبالتالي سيتم التفاوض على الحجم المسموح لـ"الدعم السريع" في إقليم دارفور، مما يمهد لصراعات مسلحة هناك ستؤثر في الفصائل الدارفورية المتحالفة مع الجيش من ناحية، كما ستؤثر في التفاعلات الداخلية في دولة تشاد من ناحية أخرى.
ثانياً: إذا اتجه الجيش السوداني إلى تأجيل خطوة إعلان حكومة مدنية، وسعت القوات المسلحة السودانية نحو بلورة مناهج المصالحة الوطنية، وإسقاط التهم عن كثيرين من الفاعلين السياسيين، وكذلك العمل على توسيع المجال لعملية سياسية تتضمن مختلف الأطراف السياسية، وبالتالي تكون خطوة إعلان الحكومة متوافقاً عليها، ومحل ترحيب واعتراف داخلي وخارجي، فإن هذه الخطوة من شأنها أن تحرم "الدعم السريع" من القدرة على تكوين حكومة موازية في دارفور، وتحجم من قدرات الفعل السياسي في المشهد السوداني للأطراف الخارجية خصوصاً الداعمة لـ"الدعم السريع".
فرص ومكاسب
تشكل سيطرة القوات المسلحة السودانية على الخرطوم في ظل حاضنة شعبية متنامية، ودعم إقليمي من جانب السعودية التي يزور وفد منها السودان حالياً، ومصر التي أعلن وزير خارجيتها بدر عبدالعاطي أنها تدعم مؤسسات الدولة السودانية، الفرص التالية على المستوى القصير، منها التخلص من الأعباء السياسية المترتبة على التحالفات العسكرية التي تمت من جانب الجيش خلال المعارك الماضية للحصول على نواقص سلاح المشاة، وكذلك القدرة على إدماج هؤلاء جميعاً في عملية سياسية شاملة تتضمن أطرافاً أخرى، مما يعني تراجع قدرة حلفاء الجيش على ابتزازه.
أما على المستوى المتوسط فإن هناك فرصاً لإعادة تشكيل الجيش القومي تحت مظلة الحاضنة الشعبية الموالية، عبر هندسة عمليات دمج للفصائل المسلحة من أنحاء السودان كافة تكون مدروسة وناتجة من حوارات مع أطرافها، فضلاً عن بروز فرص للقوى السياسية السودانية من مختلف الاتجاهات لإعادة بناء قدراتها وترميم انقساماتها، بما يؤهلها للعب دور في بلورة عملية سياسية شاملة تتيح مصالحة وطنية تدشن استقرار السودان، وتوفير بيئة سياسية عادلة ومتساوية لمختلف الأطراف تتيح عملية انتخابية نظيفة تكون فوق مستوى الشبهات وتؤسس لشرعية سياسية متوافق عليها.
أما على المستوى الاستراتيجي فإن رتق النسيج الاجتماعي السوداني المتهلهل الذي عمقت انقساماته المعروفة تاريخياً هذه الحرب، هو الهدف الضامن لاستمرار دولة السودان طبقاً لحدوده الحالية، عبر مداخل متعددة ومتوازية، منها المداخل التنموية والثقافية والإعلامية المقدرة لإنسانية البشر بغض النظر عن تنوعهم.
إجمالاً إن التحدي الوجودي الذي يواجه السودان حالياً يستدعي من القوات المسلحة السودانية إدراك أن لحظة النصر ليست فرصة لمغانم بقدر ما هي مسؤولية وطنية تاريخية، وعلى صعيد فإن هناك مسؤولية كبرى تقع على عاتق القوى السياسية السودانية في نبذ الحالة الثأرية والاستقطابية بين أطرافها، إذ لا بد أن يرتفع الجميع لمستوى التحدي الوجودي الراهن حتى لا يعود السودان للمربع صفر.