ربنا كريم.. تنقطع الكهرباء اجباريًا عن عموم المصريين فى ذروة امتحانات الثانوية العامة، فيفتح الله كوّة من نور فى بيوتٍ من بيوته، ويجد كثير من الطلاب منفذ ضوءٍ فى الكنائس، بعد دعوة الطلاب ليستذكروا دروسهم فيها. ما هذا الجمال والجلال والتفكير الغير اعتيادى، خلال المحن التى ترمى بشرر علينا؟ مس قلبى وهزنى القرار الذى لا اعرف صاحبه.
قبل أيام وفى توقيت متقارب انقطعت الكهرباء فى اليابان ٢٠ دقيقة– اليابان تلك القوة الكبرى ثقافتها مختلفة، فلدى حدوث أخطاء صغيرة مماثلة، تجد أكبر مسئول فيها يخرج على الناس معتذرًا وكاشفًا الحقائق. فى هذا الاطار لم تفاجئنا صورة رئيس الوزراء اليابانى وهو يقف معتذرا منحنيًا أمام الشعب اليابانى لمدة عشرين دقيقة بنفس عدد دقائق انقطاع الكهرباء! الله.. ما هذا الجمال؟ تتقدم اليابان أميالًا إلى المستقبل، منذ عايشت لحظات الماضى المؤلمة، التى دكت فيها أمريكا هيروشيما ونجازاكى بالقنابل النووية. دفعوا ثمن معارك التقدم بالدم والدموع..نحن دفعنا ولم نقبض الثمن منذ عدوان ١٩٥٦! نعم بنينا وشيدنا وأقمنا آلاف المصانع والمدارس والمشافى ولكننا بعد الانتصار فى ٧٣ بِعْنا وصفينا كل شيء، ونتراجع منذ ذلك التاريخ. فاتورة الدم التى دفعناها فى العدوانين الثلاثى ويونيو ٦٧، كما دفعناها فى «بحر البقر» و«أبوزعبل» و«رأس العش» و«شدوان»، ويوم العبور العظيم، بيعت للأسف بأبخس الأثمان. لم يعتذر السادات عما فعله، ولا مبارك، وجاء مرسى فكاد يبيد كل ما تبقى، والحمد لله أنه سقط وزمرته.
ثقافة اليابانيين فى الاعتذار عن الأخطاء عريقة، ولذا يتقدمون. الاعتذار عن زيادة عدد ساعات قطع الكهرباء إلى ثلاث ساعات طرحت معه حلول خطأ! إذا كان الصيف يشوى الوجوه، فإن إغلاق المحال بعد العاشرة سيحرق القلوب، وهكذا يحترق الناس وهم قيد الحبس المنزلى؟ وما الذى سنقوله للسياح الذين لا يتمتعون بمصر الساحرة إلا عندما يأتى المساء؟ إغلاق المحال وأماكن الترفيه ليس حلًا، لماذا لا تبيعونهم كهرباء بسعر أعلى بدلًا من إلإغلاق الإجبارى؟
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تنقطع الكهرباء امتحانات الثانوية العامة
إقرأ أيضاً:
في العيد الـ12 لتجليسه.. طفولة ونشأة البابا تواضروس الثاني
مع حلول الخريف تتساقط أوراق الشجر لتنمو أخرى أكثر نضارة، ومع خريف 1952، وُلد وجيه صبحى باقى سليمان فى المنصورة، فى لحظة كانت فيها أوراق الشجر تتساقط لتفرش الأرض بألوانها الذهبية، وكأن الطبيعة تُعد الأرض لشجرة ستنمو جذورها لتظلل الكنيسة كلها لاحقاً.
نشأ «وجيه» فى كنف عائلة مصرية تقليدية تهتم بالقيم الروحية والدينية، وترعى أبناءها بحب وحرص، فوالده المهندس صبحى، مهندس المساحة، ابن القاهرة، ووالدته سامية، بنت دير القديسة دميانة ببرارى بلقاس فى الدقهلية، لم يتركا فرصة إلا واستثمراها لغرس القيم الدينية والروحية فى «وجيه» وإخوته، وكأنهما كانا يدركان أنه سيحمل فى المستقبل لقب «البابا الثامن عشر بعد المائة» فى تسلسل بابوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فقد كانت والدته السيدة سامية تهتم بغرس محبة الله وتعزيز الإيمان فى نفوس أطفالها، وحينما انتقلت الأسرة بين عدة مدن مثل سوهاج ودمنهور، كان رباطهم بالكنيسة يتوطد.
كبر «وجيه»، الصغير الشقى المحبوب، المفعم بروح العمل الجماعى والمسئولية، وهو يحمل طموحاً مبكراً وحباً للمساعدة، ولكنه قد نال نصيبه من الفقد، الذى جاء مبكراً بوفاة والده صباح أول امتحانات الشهادة الإعدادية وكأنما سقطت ورقة من تلك الشجرة التى زُرعت قبل 15 سنة، تحدى الألم ليتفوق فى دراسته، مُكملاً طريقه نحو كلية الصيدلة فى جامعة الإسكندرية.
هناك، فى قاعات الكلية وبين كتب الصيدلة، أبحر «وجيه» فى عالم العلم، محاولاً فهم ما وراء الطب والعلاج، ساعياً أن يكون «ذلك الذى يريح الناس» من أوجاعهم، ولم تكن هذه المرحلة الأخيرة، بل تابع دراسته حتى نال زمالة الصحة العالمية فى إنجلترا عام 1985، ليتعلم مراقبة جودة تصنيع الدواء.
ومع مرور الزمن، وجد نفسه فى خدمة الكنيسة، التى احتضنته صغيراً ليكبر معها ويحمل أثقالها، حتى بات البابا تواضروس الثانى، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.