شبكة انباء العراق:
2024-10-03@06:53:45 GMT

ثورة ( عشر جنود ) والقائد عريف !!

تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT

بقلم : فالح حسون الدراجي ..

مرةً سألني أحد الأصدقاء قائلاً: لماذا يتدافع الشيوعيون نحو موتهم بهذه الطريقة العجيبة وكأنهم خلُقوا ليموتوا (شهداء) فقط ؟!

لم اجبه أول الأمر، فقد احتجت لبرهة من الوقت، لأستوعب قسوة هذا السؤال أولاً، ولأسيطر أيضاً على أعصابي وأبدو هادئاً أمام هذا السؤال المستفز والغريب ..!

قلت له: بالعكس، إن الشيوعيين معروفون بحبهم الشديد للحياة، والفرح والجمال، والفن .

.

قال: إذا كانوا هكذا فعلاً، فلماذا يقدمون على أبواب الإستشهاد بهذه الحماسة.. حتى يقال إن عدد شهداء وشهيدات الحزب الشيوعي يفوق مجموع شهداء الأحزاب والقوى الوطنية العراقية؟

قلت له: كلامك صحيح تماما، والشيوعيون يعشقون الشهادة حين يكون (الموت) سبباً وحيداً لحرية الوطن، وسعادة الشعب ..

قاطعني صديقي قائلاً: ولكنّ ثمة حلولاً أخرى غير الموت.. فمثلاً، الم يكن بإمكان فهد ورفيقيه، أو حتى سلام عادل وجمال الحيدري وستار خضير وأبو العيس وحسن عوينه وغيرهم ان يخرجوا من الحلبة دون أن يفقدوا حياتهم ؟

قلت له: كيف يخرجون من (الحلبة) أحياءً، إذا كان (خروجهم ) يؤدي إلى موت مئات الرفاق الذين اؤتُمنوا على حياتهم..؟ واكملت قائلاً: نعم، فقد كان بإمكان سلام عادل أن ينفذ بحياته ويغادر المعتقل الفاشي حياً لو قدم للبعثيين القتلة ما طلبوه من أسماء رفاقه المناضلين في الخط العسكري (السري)، لاسيما وأن قادة الانقلاب قد وضعوا حياته مقابل قائمة الأسماء تلك، فكان من الطبيعي أن يقرر سلام عادل (الموت) من أجل أن يعيش رفاقه الآخرون.

والشيء نفسه حدث مع الحيدري وابو العيس وعوينة وغيرهم من قادة النضال الشيوعي الأبطال.

لقد فضلوا (موتهم) على (حياتهم) فمنحوا بذلك الحياة لرفاقهم الطلقاء، والفخر لحزبهم وعوائلهم.

واكملت حديثي: وهنا أذكر أني قابلت شخصين قبل فترة قصيرة، أحدهما احتضنني وقبلني من جبيني وهو يقول لي: هذه قبلة الشكر والامتنان لشقيقك الشهيد خيون حسون الدراجي، الذي كان مسؤولي في الحزب، وحين اعتُقل لم يعترف علينا جميعاً رغم التعذيب الوحشي الذي تعرض له، فأُعدم هو وعشنا نحن.. اما الشخص الثاني- وأتمنى أن يقرأ هذه المقالة- فقد قال لي: حين اعتقلت في مطلع تموز عام 1980 كان شقيقك خيون قبلي في المعتقل، ولما رآني- وقد كنت صغيراً – احتضنني، وقال لي – رغم أنه لا يعرفني- : اسمع يا رفيقي، لو صمدت في التحقيق ولن تعترف، فستحمي حياتك وحياة رفاقك معك

، أما إذا اعترفت فستفقد حياتك انت، وحياة رفاقك ايضاً..لذلك عليك الصمود حتى الموت ليحيا ويعيش رفاقك البعيدون..

قاطعني صديقي قائلاً: إذا كان فهد، وسلام والعبلي، وشقيقك خيون وغيرهم من الشيوعيين، معذورين في استشهادهم، فهل ستعذر العريف (حسن سريع) الذي غامر وقام بعملية غير محسوبة، هي أشبه بعملية انتحارية، قدم فيها السريع حياته مجاناً للإنقلابيين – وهو يعلم مسبقاً – أن حركته لن تنجح مطلقاً، بسبب عدم التكافؤ الشامل بينه وبين سلطة البعث ؟!
أجبته بضحكة لا إرادية، و قلت له: عجباً عليك، كيف تصف عملاً ثورياً أسطورياً، وحركة بطولية فريدة في التاريخ الثوري- بالعملية الإنتحارية-وكيف تتحدث عن فتى شجاع بل خارق في شجاعته، بمثل هذه النبرة وهذه الطريقة التي لا تتناسب مع رمز عظيم من رموز الوطنية العراقية

رغم أنك تعرف حتماً أن (حسن سريع) قام بحركته العظيمة في الثالث من تموز عام 1963 ليرد بها الاعتبار لحزبه الشيوعي الذي تأثر بشكل كبير بعد انقلاب 8 شباط وجرائم الاعتقالات والاعدامات الدموية التي طالت أغلب أعضاء قيادته وكوادره المتقدمة بل وحتى لجانه القاعدية، ويرفع من معنويات الجماهير الشعبية التي تدنت بعد إعدام الزعيم، وفي الوقت ذاته، فقد أعاد (حسن سريع) الاعتبار والفخر للشعب العراقي الذي تعرضت طبقاته الشعبية للأذى الشديد بسبب عشقها وولائها للزعيم عبد الكريم قاسم، فضلاً عن الإهانة والإذلال التي تعرض لها العراقيون من النساء والرجال على يد البعثيين، والممارسات اللا اخلاقية التي قام بها أفراد الحرس القومي الفاشي بحق حرائر العراق ، لذلك كانت (حركة) حسن سريع بمثابة الرد العراقي والصفعة الجريئة التي وجهها أبناء الفقراء الأطهار للطغمة العفلقية الناصرية الإنگلو أمريكية..

لقد وضع حسن سريع بحركته التي قام بها بعد أقل من خمسة أشهر من انقلاب البعث الدموي، وضع العالم في حيرة وشك، بعد أن أعلن قادة الإنقلاب، ومعهم السفير الأمريكي عبر إذاعة صوت العرب من القاهرة، وإذاعة الكويت، عن سحق الحزب الشيوعي العراقي، وتدميره تدميراً تاماً، بينما يقوم الجنود الشيوعيون في الوقت ذاته بحركة مسلحة مباغتة وسريعة، يعتقلون فيها نصف حكومة الانقلاب، وثلاثة ارباع قيادة حزب البعث والحرس القومي.. وينجحون بإحراج حماة الانقلاب البعثي في الداخل والخارج، فماذا يحصل في بغداد بالضبط؟

لقد أعادت ثورة (حسن سريع) العالم إلى رشده، وأفاقت العراقيين الذين أدار انقلاب شباط للأسف رؤوسهم، كما عجّل كثيراً بانشقاق البعثيين بل وبانقلابهم على بعضهم، ومن ثم سقوط سلطتهم بعد ثلاثة أشهر لا أكثر.. فضلاً عن الدرس العظيم الذي قدمته هذه الحركة بقائدها (العريف) حسن سريع وجنودها العشرة البواسل، والعبرة البليغة التي أفرزتها بما حققته من مكاسب مهمة، أو حتى بما وقعت به من أخطاء، حيث كان بالامكان تجاوزها وعدم الوقوع فيها، ومن بينها العجالة وعدم التنسيق مع قيادة الحزب الشيوعي، ومعتقلي سجن رقم واحد، ذلك المعتقل الذي ضم وقتها خيرة الطيارين والضباط الشيوعيين الافذاذ.

وكم كان حسن سريع عظيماً حين طلب منه رفاقه الجنود الثوار إعدام الأسرى الذين وقعوا في يد الحركة من قيادة البعث، وقادة معسكر الرشيد القوميين، والقيادة الكاملة للحرس القومي، ووزير الداخلية ووزير خارجية البعثيين وغيرهم، لكن (القائد) حسن سريع قال لهم بضرس قاطع: نحن شيوعيون لدينا مبادئ وقيم واخلاق، ولسنا بعثيين قتلة لنقوم باعدام المتهمين بلا محاكمات !!

لقد ضرب (العريف) حسن سريع مثلاً عظيماً في السيطرة على الغرائز الانتقامية، والحفاظ على القيم الشيوعية والمثل الإنسانية السامية رغم صعوبة الموقف وخطورته.. واذا كانت حركة حسن سريع قد فشلت في تحقيق هدفها المادي باسقاط سلطة شباط الأسود، إلا أنها نجحت اخلاقياً وثورياً ومعنوياً وتربوياً، فاصبحت بحق أنموذجاً للشجاعة والبسالة، وبات قائدها مفخرة للعراقيين بشكل عام والشيوعيين بشكل خاص..

في الختام، أود أن أستذكر اللحظات الوجدانية التي سجل فيها فنان الشعب فؤاد سالم أغنية حسن السريع ضمن البوم أغاني الشهداء الذي ضم عشر اغنيات والتي كتبتُها له وسجلها عام 2000، إذ انهمرت دموعه أثناء تسجيل ذلك الألبوم مرتين، مرة عندما سجل أغنية سلام عادل، والثانية عند أغنية حسن السريع.. فقد طلب من المخرج ايقاف التسجيل ليقول لي: نعم هي فعلاً ثورة عشر جنود والقائد عريف، فأي ثورة عظيمة هذه.. وأي تصوير عظيم صورتها يا أبا حسون !!

فالح حسون الدراجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات سلام عادل قلت له

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة حذرت من انهيار كارثي في لبنان: لتدخل دولي سريع وحاسم

 أصدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، دراسة مفصلة تثير القلق بشأن الاعتداءات الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان. ودعت الدراسة وعنوانها "الأثر المتعدّد الأبعاد للاعتداءات الإسرائيليّة على لبنان"، إلى "تدخّل دولي عاجل لإنهاء النزاع ومعالجة أسبابه الجذرية، ولاستعادة الاستقرار في المنطقة بما يتماشى والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة".
 
ورسمت الدراسة "صورة قاتمة للخسائر البشرية. ففي يوم واحد فقط، 23 أيلول، قتلت الغارات الجويّة الإسرائيلية 569 شخصًا، وأصابت 1850 آخرين، بمن فيهم 50 طفلًا و94 امرأة، وهو ما يمثل في القرن الحادي والعشرين واحدة من أكثر الخسائر البشرية الناجمة عن غارات جوية في يوم واحد".
 
ولفتت الى أن "ارتفاع عدد الضحايا والمصابين دفع بالنظام الصحي المُنهك أساسًا في لبنان إلى حافة الهاوية. وفي حين تجهد المستشفيات للتكيّف مع الوضع، أدى النزوح الجماعي لأكثر من 200 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، إلى خلق أزمة إنسانية حادة، كما إلى تقييد الوصول إلى الخدمات الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية".
 
واشارت الى أن "الصراع يخلف دمارا هائلا في اقتصاد لبنان، حيث من المتوقع أن ترتفع معدّلات الفقر في المناطق الجنوبية بشكل كبير، إذ ستصل نسبة الفقراء إلى 94% في محافظة النبطية و87% في محافظة جنوب لبنان، وهما المنطقتان اللتان عانتا من وطأة الدمار بعد أن تضرر أو دُمّر أكثر من 23 ألف منزل في أرجائهما".
 
وفي هذا السياق، أوضحت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي ان "هذا النزاع دمّر ليس فقط البنى التحتية، بل أيضًا نسيج المجتمع ذاته. إن تدمير المنازل والمدارس والمرافق الصحية، إلى جانب النزوح الواسع النطاق، يؤدي إلى تآكل رأس المال البشري وشرخ التماسك الاجتماعي". 
 
وذكرت الدراسة أن "قطاعات اقتصادية رئيسية في لبنان تضررت بشدة. وقد تتجاوز خسائر قطاع السياحة، شريان الحياة الحيوي، 3 مليارات دولار، في حين قُضي على القطاع الزراعي بسبب استخدام القنابل الفوسفورية الحارقة"، محذرة من أن "مثل هذا الاستهداف المنهجي للأصول الزراعية يهدد الأمن الغذائي وسبل العيش في المجتمعات الريفية، مما يعقّد أي جهود للتعافي".

وإذ لفتت إلى ان "مؤسسات الدولة الهشّة في لبنان تكافح لمواجهة التداعيات"، حذرت من أن "الصراع المستمر، إلى جانب تضاؤل الموارد العامة والافتقار إلى الدعم الدولي، يدفع الحكومة نحو انهيار محتمل. كما أن الجهود المبذولة لإدارة الأزمات الإنسانية والتنموية باتت مستنزفة".
 
ودعت الإسكوا وشركاؤها إلى "اتخاذ إجراءات دولية فورية لمنع المزيد من الدمار". وأكدت دشتي أن "إنهاء النزاع ومعالجة أسبابه الجذرية أمرٌ بالغ الأهمية لرفاهية شعوب المنطقة كما لاستقرار المنطقة بأكملها".

ودعت الدراسة إلى "اتباع نهج منسّق للتعافي وإعادة الإعمار مخصص للمنطقة بدعم من المجتمع الدولي، وذلك لضمان مسار مستدام للمضي قدمًا في المناطق التي مزّقتها الحرب في لبنان".

وخلصت الى أنه "مع استمرار العنف، تبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تدخل دولي سريع وحاسم".

مقالات مشابهة

  • يحيى سريع: هاجمنا هدفًا حيويًا في تل أبيب بعدد من المسيرات
  • مرض صامت سريع الانتشار يدفع المختصين في العراق للتوعية منه
  • رابط سريع للحصول على نتيجة معادلة كلية الزراعة 2024 - 2025 بالمحافظات
  • صورٌ تنتشر... ما الذي جرى لجنود العدوّ الإسرائيليّ اليوم في بلدة العديسة؟
  • المحاولات الفاشلة والناجحة لحل الحزب الشيوعي السوداني ذو النفوذ النقابي القوي ودوافعها الرئيسية: ماذا يريد الحزب الشيوعي في السودان؟ (2 من 3)
  • جيش الاحتلال يعترف بإصابة 4 جنود من وحدة “دفدوفان”.. ما الذي يجري في مخيم بلاطة؟
  • كنز TV.. ثورة في تجربة التسوق عبر الفيديو
  • الحزب الشيوعي السوداني … مخترق ام مختطف – الحلقة الأخيرة
  • الأمم المتحدة حذرت من انهيار كارثي في لبنان: لتدخل دولي سريع وحاسم
  • نفاد سريع لتذاكر حفل عمرو دياب في الكويت