لم يكن انعقاد ملتقى الحوار الفلسطيني الثاني في إسطنبول مطلع هذا الأسبوع حدثا عاديا، ليس من حيث التوقيت الذي يأتي بعد 9 أشهر من العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة فقط، بل من حيث الروح الجديدة السارية بين المشاركين، وكذلك من خلال أهمية أوراق العمل والقضايا التي ناقشتها الجلسات على مدى يومين.

وتعالت أصوات المجتمعين بضرورة المقاومة ومساندتها ودعمها بوصفها الركيزة الأساسية التي ينبني عليها مشروع التحرير الفلسطيني، وحتمية إعادة بناء البيت الفلسطيني على أسس جديدة لا تستثني أحدا ولا ينفرد أحد بقرارها، وأن يكون ذلك عبر الحوار الوطني الذي يبدأ الآن دون أي تأخير.

شخصيات من مختلف الطيف الفلسطيني ناقشت بإسطنبول تداعيات معركة طوفان الأقصى (الجزيرة نت) المقاومة ضرورة

وعلى هامش الملتقى الذي نظمه المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، أجرت الجزيرة نت عددا من المقابلات مع أصوات متعددة تمثل الواقع الفلسطيني الراهن، وتعبر عما يتطلع إليه الشارع الفلسطيني.

يقول رئيس دائرة العلاقات الوطنية بالخارج في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) علي بركة إن القضية الفلسطينية بعد طوفان الأقصى دخلت مرحلة جديدة عنوانها "المقاومة والتحرير والعودة والاستقلال".

ويشاركه هذه الرؤية رئيس العلاقات العربية والدولية في حركة الجهاد الإسلامي إحسان عطايا قائلا إن "الشعب الفلسطيني ومكوناته كلها مُجمع على خيار المقاومة ومساندة شعبنا في غزة والضفة ضد هذا العدوان الوحشي والهمجي والإجرامي".

ويعمق عطايا رؤيته لدور المقاومة الفلسطينية بأنها "الحاضرة في الميدان بقوة، وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني الذي أثبت جدارته وقدم التضحيات الجسام على طريق التحرير ومقاومة هذا العدوان في غزة والضفة، وعلى مستوى المقاتلين الذين يستبسلون في مواجهة هذا العدو وتوجيه ضربات موجعة له".

وفي ما يتعلق برؤية الفلسطينيين في الخارج، يرى الرئيس التنفيذي للمجلس الأوروبي الفلسطيني ماجد الزير أن بيئة سياسية محلية وإقليمية ودولية نشأت حول القضية الفلسطينية عقب طوفان الأقصى، وهي تفرض قواعد جديدة في التعامل مع مستقبل الشعب الفلسطيني بخلاف ما كان سابقا.

وتكمن أهمية رؤية الزير في أنه يشغل كذلك منصب النائب الأول لرئيس الهيئة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، وهو مشارك في كثير من الفعاليات الأوروبية التي تناصر القضية الفلسطينية وتتضامن مع قطاع غزة المحاصر في محنته الحالية.

إصلاح البيت الفلسطيني

ولا تقل إعادة بناء البيت الفلسطيني أهمية عن المقاومة وفعلها في التصدي للعدوان، إذ يرى الرئيس التنفيذي للمجلس الأوروبي الفلسطيني أن الكل الفلسطيني غير متردد اليوم في إعادة ترميم البيت الفلسطيني، وأن ذلك يمثل حاجة وطنية إستراتيجية، خاصة بعد نحو 9 أشهر من العدوان الإسرائيلي والإبادة الجماعية في قطاع غزة.

ومن أجل ذلك، فإنه ينبّه إلى وجوب استثمار الحراك العالمي والحالة السياسية والإعلامية والقانونية من أجل الدفع بإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية حتى تكون مظلة جامعة لكل كيانات الشعب الفلسطيني وفي الداخل والخارج، وتعتمد مبدأ الانتخابات ليخرج لنا مجلس وطني جديد وقيادة جديدة.

قيادة مسؤولة

ولا يبتعد عن هذه الرؤية السفير الفلسطيني السابق ربحي حلوم، إذ يقول إن "إعادة ترميم البيت الفلسطيني بحاجة إلى قيادة فلسطينية مسؤولة تتولى هذا الشأن من حيث إيجاد قيادة بديلة تتحمل مسؤولية حماية الأرض والشعب الفلسطينيْين وغزة التي تعاني ما تعانيه الآن".

ويشغل السفير حلوم حاليا رئيس لجنة العلاقات الدولية في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، وكان سابقا عضوا في المجلس الثوري لحركة فتح وفي منظمة التحرير.

ويرى الدبلوماسي السابق أن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني تحتاج إلى "ترك المجال لقيادات شابة، فنحن بلغنا من العمر عتيا، ودورنا جزء مكمل لدور شبابنا وأبنائنا، وجيلنا القادم لديه القدرة على مواجهة هذه الأحداث لو أننا أحسنا التصرف".

ويتساءل عطايا "هل البيت الفلسطيني اليوم قادر على استيعاب كل مكونات الشعب الفلسطيني أم أنه حكر على بعضها؟".

ويجيب بنفسه بأنه يجب "الإقرار بأن من أخذ البيت الفلسطيني إلى مشاريع التسوية والاستسلام مع العدو، أو من وقّع أوسلو وما زال يحافظ عليها، قد فشل وعليه أن يتخلى عن هذا المشروع ويذهب إلى خيار الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال". وأضاف "نأمل أن يستوعب الجميع أن المقاومة مهمة من أجل إعادة بناء البيت الفلسطيني بجميع مكوناته ولا يكون حكرا على جزء دون باقي المكونات".

أما رئيس دائرة العلاقات الوطنية بالخارج في حماس، فيشرح المتطلبات التي يجب أن تتوفر لإعادة بناء البيت الفلسطيني خاصة بعد مرحلة طوفان الأقصى، ومن ذلك:

أولا- الحوار الوطني الفلسطيني الشامل. ثانيا- تشكيل مجلس وطني فلسطيني جديد يمثل الداخل والخارج. ثالثا- إجراء انتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير ورئيس للمنظمة على أساس برنامج طوفان الأقصى الذي يقوم على المقاومة، لأن كل الخيارات فشلت في استعادة الحق الفلسطيني منذ أوسلو عام 1993. ملتقى الحوار الفلسطيني الثاني (الجزيرة) الحوار الفلسطيني

النقطة الثالثة التي أشار إليها المتحدثون -للجزيرة نت- تتعلق بضرورة الحوار الفلسطيني الفلسطيني وأهميته في بناء الدولة الفلسطينية في ظل الظرف الراهن الذي يحتم البدء فيه من الآن.

ولذلك يقول بركة إن حماس مستعدة الآن لأي حوار يعيد بناء البيت الفلسطيني على الأسس التي ذكرت في الأعلى، و"كنا تلقينا دعوة للذهاب يوم 23 من الشهر الجاري إلى الصين، لكن للأسف ألغى الرئيس (الفلسطيني) محمود عباس هذا اللقاء، وهو يتحمل مسؤولية فشل الحوار الوطني الفلسطيني".

وأضاف القيادي في حماس أن "عباس يسيطر على منظمة التحرير ويغلق أبوابها أمام حماس والجهاد الإسلامي، لكن عليه أن يعلم أن طوفان الأقصى أكدت أن فصائل المقاومة هي الأساس، وهي التي تدافع عن الحقوق الفلسطينية وعن الشعب الفلسطيني، ولن تكون هناك منظمة تحرير ومصالحة من دون فصائل المقاومة".

ويرى الزير أنه في ظل انسداد الأفق حاليا، فإن الحوار الفلسطيني يتطلب إرادة صادقة، ويقع على القوى الشعبية وأبناء الشعب الفلسطيني مجهود مهم من أجل أن تكون هناك حالة ديمقراطية محلية وعالمية، وتكون هناك "انتخابات للجاليات مع اعتمادها منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا".

ويشرح هذه الرؤية بأنها تقوم على "مبدأ استعادة كامل حقوق الشعب الفلسطيني ودحر الاحتلال بكافة الوسائل التي شرعتها القوانين الدولية" وأن "وحدة الأرض ووحدة القضية ووحدة الشعب ووحدة البرنامج هي الأساس في هذا".

تشكيل قيادة

من ناحيته، حيا السفير الفلسطيني السابق كل جهد يبذل من أجل الحوار الفلسطيني، وقال "علينا أن نعود إلى ضمائرنا، وبشكل خاص أولئك الذين لم يتحركوا وبيدهم صنع القرار، فعليهم أن يقوموا بواجبهم، وأن يتم تشكيل قيادة سريعا في إطار منظمة التحرير التي جردوها من ميثاقها القومي".

ويضاف حلوم أن "رئيس السلطة الحالي ألغى الميثاق القومي الفلسطيني الذي تنص المادة الأولى فيه على أن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين". ويكمل "على السلطة الفلسطينية أن تعيد لمنظمة التحرير ميثاقها القومي وتبدأ في التنفيذ، لكنها غير قادرة على ذلك ولا تريد لأن مصيرها مرتبط بصمتها".

من يمنع الحوار؟

أما القيادي في حركة الجهاد فيرى "أن الحوار الفلسطيني موجود ومفتوح وليست هناك مشكلة في التواصل بين مكونات الشعب الفلسطيني، سواء في منظمة التحرير أو من فصائل المقاومة، وهذا الحوار مرّ بمسارات ومحطات عديدة آخرها كان في موسكو".

ولكن عطايا يستدرك بأنه "للأسف الشديد نحن نعتقد أن من يعيق الوصول إلى تفاهم فلسطيني هو الأميركي والصهيوني، فالفلسطينيون حريصون على وحدة موقفهم ووحدة صفهم، ولكن للأسف الشديد هناك ضغوط وأحيانا محاولات خبيثة لزيادة الشرخ الفلسطيني وزيادة الخلافات ومحاولة الوصول إلى صدام فلسطيني فلسطيني".

ويختم تصريحاته للجزيرة نت بأن "القيادة الفلسطينية وقيادة المقاومة واعيتان وتدركان أن الصدام الداخلي قاتل لكل الفلسطينيين وليس الحل، لذلك نحن حريصون دائما على أن يكون سلاحنا موجها للعدو الصهيوني، ويكون هدفنا موجها لإزالة الاحتلال وكسر هذا المشروع" لأن انكساره في فلسطين مؤشر على انكسار "سايكس بيكو" وهزيمة كل المشروع الاستعماري في المنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحوار الفلسطینی الشعب الفلسطینی منظمة التحریر طوفان الأقصى من أجل

إقرأ أيضاً:

بنسعيد لوزير الإعلام الفلسطيني: المغرب يوصل صوت الشعب الفلسطيني إلى العالم

زنقة 20 ا الرباط

جدد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، اليوم الاثنين بالرباط، التأكيد على الموقف التاريخيّ والثابت والراسخ للمملكة المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، الداعم للقضية الفلسطينية.

هذا التأكيد كان خلال مباحثات ثنائية أجراها بنسعيد مع نظيره الفلسطيني أحمد عساف وزير الإعلام، والذي يقوم بزيارة عمل للمغرب.

وخلال هذا اللقاء جرى التأكيد على متانة وقوة العلاقات التاريخية بين المملكة المغربية ودولة فلسطين بقيادة قائدي البلدين فخامة الرئيس محمود عباس أبو مازن وأخيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

وثمن الوزير الفلسطيني، جهود جلالة الملك نصره الله رئيس لجنة القدس والمملكة المغربية لدعم ومناصرة القدس والشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية من أجل الحقوق المشروعة والعادلة للشعب الفلسطيني.

كما تناول هذا اللقاء، تعزيز سبل التعاون بين المغرب وفلسطين في مختلف القضايا المتعلقة بالإعلام، وتقديم الدعم المغربي لفلسطين لإيصال صوت الشعب الفلسطيني الشقيق للعالم عبر الإعلام، فضلا عن تعزيز التنسيق في مختلف الأجهزة الإقليمية والدولية.

وإعتبر بنسعيد، أن القضية الفلسطينية هي بمثابة القضية الوطنية كما يؤكد على ذلك جلالة الملك نصره الله في مختلف المناسبات آخرها خطاب العرش لسنة 2024.

كما همت هذه المباحثات أخر التطورات بدولة فلسطين والضفة الغربية، والاتفاق على تعزيز الحضور الإعلامي المغربي بفلسطين لنقل الأخبار وحضور إعلامي فلسطيني بالمغرب.

ويرافق الوزير الفلسطيني عدد من المسؤولين في مقدمتهم مدير التلفزيون الفلسطيني ومدير وكالة الأنباء الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • المملكة تدعو لوقف الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني
  • فصائل فلسطينية تعقب على القصف الإيراني في إسرائيل
  • مصدر إيراني لـبغداد اليوم: إرسال متطوعين إلى لبنان يحتاج لقرار من المرشد
  • العجز الدولي عن إيقاف حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني
  • هيئة دعم حقوق الشعب الفلسطيني: إيران منعت حزب الله من الرد على نتنياهو
  • بنسعيد لوزير الإعلام الفلسطيني: المغرب يوصل صوت الشعب الفلسطيني إلى العالم
  • إيران تجدد دعمها الكامل للمقاومة والشعب اللبناني في مواجهة جرائم الكيان الصهيوني
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: دعم السعودية للقضية الفلسطينية سياسيا ودبلوماسيا مستمر منذ عقود
  • إعلان لـ ‘‘حزب الله’’ اللبناني بشأن تعيين قيادة جديدة له بعد مقتل حسن نصرالله؟
  • ذكرى استشهاد محمد الدرة: رمز معاناة الشعب الفلسطيني