لجريدة عمان:
2024-11-08@14:54:36 GMT

هل تعيد فرنسا سيناريو عام 2002؟

تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT

بداية الأسبوع المقبل ستكون حاسمة لتحديات سياسية - وربما وجودية - خطيرة تمر بها فرنسا اليوم؛ وهي تحديات من تلك القماشة التي لا تهدد السلطة السياسية وتحولاتها الطبيعية بين يمين ويسار الوسط فحسب، بل تهدد كذلك ما تمثله هوية فرنسا وكيانيتها في العالم الحديث.

فأمام النتائج المفزعة في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي أسفرت بداية هذا الأسبوع عن تقدم كبير لأقصى اليمين المتطرف، وأفزعت الكثيرين في أوروبا والعالم من احتمالات خطرة أمام مستقبل فرنسا الوجودي، يبدو الوضع اليوم - والقياس مع الفارق - أشبه بحال فرنسا العام 2002 حين أسفرت الانتخابات الرئاسية، لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، عن حصد الجبهة الوطنية لليمين المتطرف بقيادة جان ماري لوبين (والد مارين لوبين الزعيمة الحالية لحزب التجمع الوطني) ما نسبته 18% من أصوات مقترعي الانتخابات الرئاسية، فكان ذلك الحدث، بحد ذاته، مؤشرا خطيرا اضطرت معه كل القوى السياسية الفرنسية بيمينها - غير المتطرف - ويسارها إلى الاصطفاف خلف برنامج الرئيس الديغولي جاك شيراك، ونجح المجتمع السياسي الفرنسي آنذاك في الحد من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة.

اليوم، هل يمكن القول إن ذلك السيناريو في صيف العام 2002 قابل للتجديد في ظل مياه كثيرة جرت تحت الجسر؟ لعل الإجابة على هذا السؤال تبدو أكثر صعوبةً حيال السيولة السريعة لتقلب الأوضاع السياسية في فرنسا، وهي سيولة نتوقع معها تحالفات دراماتيكية قد تسفر عنها ترتيبات القوى السياسية المختلفة للحيلولة دون وصول اليمين المتطرف إلى السلطة.

تنهض الدعاية السياسية لليمين المتطرف على تمثيلات شعبوية تتوهم صفاءً للهوية الفرنسية كنموذج احتذائي للتميَّز الذي عكس فرادة الشعب الفرنسي في مخيال محازبي ذلك اليمين، إلى جانب تسويق الضجر من الوعود غير المتحققة لسياسات الرئيس الفرنسي ماكرون، والزعم بطرح برنامج اقتصادي ذي سياسات إنفاق تختلف عن أولويات الإنفاق على قضايا الاندماج وسياسات الهجرة، والتخفف من الالتزام بقضايا الاتحاد الأوروبي، حيث وعد اليمين المتطرف في برنامجه السياسي «بإنهاء سيادة القوانين الأوروبية،» فضلاً عن قضايا أخرى مثل؛ الإسلاموفوبيا والعولمة وغيرها من القضايا التي تعكس طابعًا للإثارة والقابلية للتهييج الإعلامي الشعبوي، لكنها في الوقت ذاته، لا تنطوي على تصورات تضمر حلولاً واقعية أو موضوعية في محتوى البرنامج السياسي لليمين المتطرف، فضلاً عن أن تلك المشكلات المعقدة؛ مشكلات ذات طابع عمومي في أوروبا جميعا.

هكذا سنجد في بعض وعود البرنامج السياسي لمرشح اليمين المتطرف جوردان بارديلا ما يقوم على رفض تعيين الفرنسيين مزدوجي الجنسية الذين قال عنهم: «إنه يريد منعهم من تولي مناصب استراتيجية حسّاسة» واصفا إياهم بـ «أنصاف الوطنيين» وهو أمر يضمر تمييزا خطيرا نابعا من توهم صفاء الهوية!

سياسي «التيك توك» هذا (جوردان بارديلا) - كما يطلقون عليه في فرنسا - يحرك بسهولة وسائل التواصل الاجتماعي «التي قاد حزبه خلالها حملات ناجحة تحت شعارات وأفكار بسيطة، تلعب على مخاوف بسطاء الناس من خسارة هويتهم الفرنسية» قال عنه بعض الأكاديميين الفرنسيين: «لا تعلم تحديدا ما الذي يقترحه، لكنك تجد الكثير من مقترحاته». ولعل في هذا الوصف - تحديداً - يكمن خداع الدعاية السياسية لليمين الشعبوي المتطرف، فذلك اليمين إذ يستهلك قيم الديمقراطية دون أن يلتزم بقيمها واستحقاقاتها، فهو كذلك يعجز عن وضع الحلول المعقدة للمشكلات المعقدة.

ولعل فشل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في معالجة تحديات وباء كورونا الذي كان في قائمة أهم أسباب عدم التجديد له لولاية ثانية في انتخابات العام 2020 بالولايات المتحدة، خير دليل على ذلك.

هناك مشكلات حقيقية لعبت فيها سياسات العولمة الاقتصادية دورا كبيرا في تقليص دور الرعاية والرفاهية للدولة القومية في أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي مشكلات يزعم اليمين المتطرف وعودا لمعالجتها في دعايته الشعوبية خلال الانتخابات، لكنها أبعد ما تكون عن ذلك.

من يطلع على كتاب «المثقفون المزيفون» للمفكر الفرنسي باسكال بونيفاس الذي وضع له عنوانا جانبيا: «الانتصار الإعلامي لصناعة الكذب» وتعرض فيه لنقد التزييف الذي يمارسه «فلاسفة» شعبويون في الإعلام الفرنسي، ربما سيدرك طرفا من طبيعة ذلك الرواج الذي تنهض عليه الدعاية السياسية لليمين المتطرف.

محمد جميل أحمد كاتب من السودان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الیمین المتطرف للیمین المتطرف

إقرأ أيضاً:

التعديل 22 يمنع ترامب من سيناريو روزفلت.. ما هو؟

يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى، بعد 4 سنوات، ليكون بذلك ثاني رئيس يعود للرئاسة مجدداً عبر تاريخ الانتخابات الأمريكية.

وبعد انتصاره في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أمس الأول الثلاثاء، على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، أصبح ترامب الرئيس الـ47،  بحسب تقرير لشبكة "إن بي سي" الأمريكية.

وكان ترامب الرئيس الـ45، بعد فوزه على الديمقراطية هيلاري كلينتون في عام 2016، ثم ترشح مرة أخرى في عام 2020، لكنه خسر أمام المرشح الديمقراطي جو بايدن، الرئيس الحالي للولايات المتحدة.

ومن المقرر أن يبدأ الرئيس المنتخب، البالغ من العمر 78 عاماً، فترته الرئاسية الثانية رسمياً في يناير (كانون الثاني) 2025. ولكن  هل يستطيع ترامب الترشح مرة أخرى في عام 2028؟.

وفقاً لشبكة "إن بي سي" الإخبارية، فإن ترامب لن يستطيع الترشح مرة أخرى، بسبب ما ينص عليه الدستور الأمريكي، حيث يمنع التعديل 22 من دستور الولايات المتحدة الأمريكية أن يخدم الرئيس أكثر من فترتين.

وبما أن ترامب سوف يتولى فترة ولايته الثانية خلال السنوات الأربع المقبلة، فلن يُسمح له بتولي المنصب مرة أخرى، بعد انتهاء ولايته.

Can Donald Trump run for president in 2028? Here's what an amendment says. https://t.co/bOwWMFrDUG

— USA TODAY (@USATODAY) November 6, 2024 ما هو التعديل الثاني والعشرون؟

يحظر التعديل 22 على أي شخص انتُخب رئيساً مرتين أن يُنتخب مرة أخرى.

وأقر  الكونغرس التعديل 22 في 21 مارس (آذار) 1947، وتم التصديق عليه في 27 فبراير  (شباط) 1951.

Can Donald Trump run for president in 2028? Why the US Constitution says no. https://t.co/OamFQlUG6Y

— NBC4 Washington (@nbcwashington) November 6, 2024 هل سبق لرئيس أن خدم أكثر من فترتين؟

 الرئيس فرانكلين د. روزفلت، هو الأمريكي الوحيد الذي خدم أكثر من فترتين كرئيس للبلاد، حيث فاز روزفلت بالانتخابات في عامي 1932 و1936 قبل أن يكسر السابقة ويترشح مرة أخرى في عام 1940. ثم فاز بفترة ولاية ثالثة في عام 1940 ثم حصل لاحقًا على فترة ولاية رابعة بفوزه في انتخابات عام 1944، وكان السبب الرئيسي في هذا الأمر الحرب العالمية الثانية، التي اندلعت في عام 1939 وانتهت في 1945.

وبعد عامين من وفاة روزفلت، أقر الكونغرس التعديل 22  في 1947، ودخل حيز التنفيذ في انتخابات عام 1952، التي فاز فيها الجمهوري دوايت د. أيزنهاور على الديمقراطي أدلاي ستيفنسون.

مقالات مشابهة

  • إلغاء زيارة وزير الخارجية الفرنسي بعد توقيف موظفين قنصليين من قبل الشرطة الإسرائيلية في القدس
  • زعيم اليمين المتطرف الهولندي: هولندا أصبحتغزة أوروبا
  • الجزائر تنفي "ادعاءات مجنونة" للسفير الفرنسي السابق
  • تصاعد التوتر بين فرنسا والاحتلال .. وتوقيف عنصرين من الدرك الفرنسي في القدس لهذا السبب
  • بوادر أزمة دبلوماسية.. الشرطة الإسرائيلية توقف عنصرين من الدرك الفرنسي
  • التعديل 22 يمنع ترامب من سيناريو روزفلت.. ما هو؟
  • موفرة للوقود.. سيات إبيزا هاتشباك بـ 150 ألف جنيه
  • حلمي النمنم: العالم يتجه نحو حكم اليمين المتطرف
  • وزير الثقافة الأسبق: العالم يتجه نحو اليمين المتطرف.. والمستقبل مع هاريس ليس واضحا
  • حلمي النمنم: العالم أجمع يتجه نحو اليمين المتطرف