طهران- ليس صعبا على المتابع لتطورات الانتخابات الإيرانية أن يلمس علاقة مباشرة بين سخونة المناظرات التلفزيونية والمشاركة الشعبية خلال العقود الماضية، بيد أن السجال الذي بلغ ذروته في آخر مناظرة ثنائية كشف عن خسارة التيارين المحافظ والإصلاحي نسبة كبيرة جدا من أصواتهما مقارنة بآخر استحقاق رئاسي ظفرا به.

وجاءت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التي أجريت في 28 يونيو/حزيران الماضي مخيبة للآمال -وفق مراقبين- على صعيدي نسبة المشاركة وسلة كلا التيارين من أصوات الناخبين البالغ عددهم أكثر من 61 مليون نسمة.

فقد تصدر المرشح الإصلاحي الوحيد مسعود بزشكيان السباق الرئاسي بحصوله على 10 ملايين و415 ألفا و991 صوتا، في حين بلغ مجموع الأصوات التي حصدها المرشحون المحافظون الثلاثة سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف ومصطفى بور محمدي 13 مليونا و63 ألفا و35 صوتا.

جولة انتخابات ثانية بين المرشحين مسعود بزشكيان (يسار) وسعيد جليلي (رويترز) عزوف وإحباط

ورغم الدعم الذي حظي به المرشح الإصلاحي إلى جانب انسحاب مرشحين محافظين هما علي رضا زاكاني وأمير حسين قاضي زاده هاشمي لصالح المرشحين المحافظين المتبقين فإن نسبة المشاركة في انتخابات يوم الجمعة الماضي توقفت تحت عتبة 40%، في حين تجازوت 48% في رئاسيات 2021، وفي رئاسيات 2017 بلغت 73%.

تاريخيا، سجلت الانتخابات الرئاسية في الجمهورية الإسلامية بدورتها السابعة التي فاز فيها المرشح الإصلاحي محمد خاتمي عام 1997 مشاركة شعبية بلغت نحو 80%، في حين شهدت رئاسيات 2009 التي فاز فيها المرشح المحافظ محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية مشاركة بلغت نحو 85%.

ولدى مقارنة عدد أصوات المرشح المتصدر في الجولة الأولى من رئاسيات 2024 يلاحظ أن أصوات الإصلاحيين تراجعت من 23 مليونا وأكثر من 500 ألف صوت عام 2017 إلى 10 ملايين وأكثر من 400 ألف صوت في الاستحقاق الأخير، في حين تراجعت أصوات المحافظين من أكثر من 18 مليونا عام 2021 إلى 9 ملايين ونحو 500 ألف صوت في الاستحقاق يوم الجمعة الماضي.

ويرى الباحث السياسي صلاح الدين خديو أن نسبة المشاركة وحصة كلا التيارين الإصلاحي والمحافظ من أصوات الناخبين تراجعت للنصف خلال الدورات الأخيرة من رئاسيات إيران.

وعزا السبب إلى إحباط الناخب وفقدانه الأمل بقدرة الشعب على مواجهة إرادة السلطات الحاكمة التي تدعم فوز مرشحها المفضل على حساب المشاركة الشعبية.

وفي حديث للجزيرة نت يعتقد خديو أن الأحداث التي أعقبت رئاسيات 2009 وسلوك السلطات مع الناخبين الذين أرادوا تسجيل اعتراضهم على ما يرونه تلاعبا بالعملية الانتخابية أديا إلى عزوف نسبة كبيرة من جمهور الإصلاحيين عن صناديق الاقتراع.

وتابع أن عددا آخر ممن صوتوا لصالح الرئيس السابق حسن روحاني عام 2013 عزفوا عن صناديق الاقتراع بسبب "وضع التيار المنافس العصي في عجلة برامجه وسياساته الداخلية والخارجية"، مؤكدا أن التيار المحافظ فقد جزءا من أصواته المنظمة جراء تراجع الوضع المعيشي خلال السنوات الماضية.

أسباب وعوائق

بدوره، يوضح الباحث خديو أن الطبقة المتوسطة في إيران تؤيد التيار الإصلاحي بشكل تقليدي، كما أن الطبقات المحرومة ترى في التيار المحافظ المنادي بالعدالة منقذا لها.

وأضاف أن شريحة من الطبقة الوسطى أمست تعتقد بوجود نوايا لهندسة الانتخابات في البلاد، وأن جزءا من الشريحة الفقيرة سئمت الوعود البراقة التي لم تجد طريقا إلى تنفيذها أصلا، وأنها باتت تفقد الأمل بتحسن الوضع المعيشي.

وانطلاقا من تأثير سياسة طهران الخارجية في خفض التوتر مع القوى الغربية فإن الحزب الفائز في رئاسيات الولايات المتحدة ونوع الإدارة الأميركية لهما دور مؤثر على تحسين الوضع المعيشي في إيران، وفقا للباحث.

ويرى خديو أن فوز الجمهوريين والعقوبات التي یفرضونها علی طهران قد أفسدا بالفعل ما أصلحه الرئيسان الأسبقان الإصلاحي محمد خاتمي والمعتدل حسن روحاني علی المستوى المعيشي.

وخلص إلى أن المشاركة الشعبية في إيران تتراجع بنسبة تراجع الديمقراطية وإمكانية التغيير وفق إرادة الشعب، وكذلك تقويض مستوى الخدمات العامة التي تقدمها الدولة للمواطن، وعلى رأسها العلاج والتعليم والضمان الاجتماعي.

من ناحيته، يوجز النائب السابق في البرلمان حشمت الله فلاحت بيشه أسباب تراجع نسبة المشاركة في بلاده في "سياسة مجلس صيانة الدستور لإقصاء النخب من إدارة البلاد"، وعجز الحكومات الأخيرة عن تحسين الوضع المعيشي.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى فلاحت بيشه أن هناك استقطابا عاليا قد تشكل خلال فترة الدعاية لجولة الإعادة المقررة يوم الجمعة المقبل، وأنه يتوقع ارتفاع نسبة المشاركة في جولة الإعادة.

وأضاف أن التنافس في الدورة الثانية تحول إلى مواجهة بين مدرستين:

الأولى تؤمن بضرورة مواصلة المفاوضات النووية ووضع حد للعقوبات التي أثقلت كاهل البلاد بسبب الملف النووي. والأخرى ترى أن الجانب الغربي غير قابل للثقة، وتعمل على استمرار الوضع الراهن. برامج وخطط

وباعتقاد فلاحت بيشه، فإن تراجع نسبة المشاركة كفيل بفوز المرشح المحافظ في الانتخابات الرئاسية بإيران، ذلك أن التيار المحافظ يحظى بجمهور منظم وموالٍ يصوت له.

وأوضح أن فوز المرشح الإصلاحي مرهون بزيادة نسبة المشاركة وتصويت المقاطعين في الجولة الأولى، ولذلك يرى أن بزشكيان وأنصاره يعملون على إقناع الشريحة الرمادية بضرورة المشاركة ووضع حد للوضع الراهن.

والمتابع لتطورات الانتخابات في إيران هذه الأيام يرى جليا أن حملات التيار الإصلاحي تعمل على إرسال إشارات قوية إلى الناخب بأن المرشح مسعود بزشكيان يقف إلى جانب الشعب في مواجهة ما يعتبرونه "تمييزا" بحق النساء والقوميات والنخب الإيرانية، وأن فريقه لن يألو جهدا في سبيل معالجة غلاء المعيشة وسياسات الحجاب وتقييد الإنترنت.

في الجانب المقابل، تعوّل حملة المرشح المحافظ على استقطاب أصوات المرشح المحافظ الخاسر في الجولة الأولی قاليباف إلى سلة أصوات المرشح جليلي، وقد نجحت في حثه على إصدار بيان يعلن دعمه للأخير.

لكن الناشط سامي نظري ترکاني رئيس الحملة الشعبية للمرشح الخاسر قاليباف لم يأبه بالبيان وانضم إلى حملة بزشكيان، مما أدى إلى نشر العديد من أعضاء حملة قاليباف تغريدات تؤكد دعمهم المرشح الإصلاحي.

لكن ذلك لم يمنع أنصار جليلي من توظيف كتلتهم المتجذرة في المراكز الدينية والمؤسسات الرسمية لتسيير طواقم إلى المدن والقرى النائية للدعاية لصالحه وجها لوجه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المرشح الإصلاحی المرشح المحافظ نسبة المشارکة الوضع المعیشی من أصوات فی إیران فی حین

إقرأ أيضاً:

الإتحاد الوطني لنقابات العمال: لرفع الحد الأدنى للاجور والتعويض على العمال المتضررين من العدوان

عقد المجلس العام للاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان إجتماعاً لبحث خطة عمل الاتحاد خلال العام الحالي.
في بداية الاجتماع، دان المجلس، بحسب بيان، "الإعتداءات الصهيونية التي ادت الى سقوط عشرات آلاف الشهداء والجرحى، بالإضافة الى عمليات التدمير والِتهجير الممنهج الذي ادى الى تدمير عشرات الاف المنازل  واحراق الاراضي والمحاصيل الزراعية، هذا العدوان الصهيوني على الجنوب اللبناني وعلى كل لبنان، وما نتج عنه من تهجير آلآف من عائلات القُرى الحدودية التي سويت  بالأرض، وكل هذه  الجرائم  المنفذة ومدعومة من  الولايات المتحدة الأميركية ، وعدد من الدول الأوروبية وغيرها".
بعد ذلك، طرح رئيس الاتحاد الوطني النقابي كاسترو عبدالله برنامج العمل، فشدد على "كيفية مواجهة السياسات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والضرائبية التي وضعتها الحكومة في بيانها الوزاري"، مؤكدا "ضرورة إقرار الحقوق للعمال والطبقة العاملة، وبخاصة في تصحيح الأجور ورفع الحد الادنى الى ما يعادل مبلغ 1000 دولار  وكذلك العمل على  تعزيز التقديمات الاجتماعية لكل الذين هم خارج اي حماية اجتماعية، وتحديدا اليوم في ظل هذه الظروف ونتائج العدوان الصهيوني على بلدنا التي تسبب في ضرب وحرق كل مقومات العيش للطبقة العاملة والمزارعين ولكل العاملين في الاقتصاد غير المنظم".

وأعلن "التحضير للاحتفال ببعض المحطات المهمة، ومنها يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار، وعيد العمال العالمي في الاول من أيار، بالإضافة الى يوم السلامة المهنية ويوم العمال المهاجرين وتنفيذ عدد من دورات التدريب النقابي في الداخل والخارج".
ولفت الى "المُضي في العمل والنضال من أجل مواجهة السياسات التي تُفرض من الحكومة اللبنانية الحالية والتي هي امتداد لسياسات الحكومات المتعاقبة بتنفيذ السياسات وإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين والدليل القاطع على عدم إقرارها لحقوق الإنسان وحقوق المواطنين في البيان الوزاري، وبخاصة لعدم محاسبة من سرق اموال الناس وما تبقى من خيرات في هذا البلد ، وصولا الى رغيف الخبز، في وقت يستمر فيه العدوان الصهيوني على قرى الجنوب وتتم فيه حماية الكارتلات وتتضاعف فيه الرسوم والضرائب غير المباشرة وتترك فيه الأملاك البحرية والنهرية والمشاعات وأملاك الدولة مُغتصبة ومنهوبة من المافيات، أتباع سلطة الطوائف والمذاهب، والكانتونات والمحميات".

ودان "هذه السياسات كونها تحرُم المواطنين، وبالتحديد العمال وذوي الدخل المحدود، حق العيش بكرامة"، مجددا الدعوة لهذه الحكومة العاجزة عن القيام بواجباتها ولا هم لها سوى إفقار المواطنين الى التعديل في سياساتها الاقتصادية"، وطالبها "بحماية حقوق العمال والطبقة العاملة من خلال اعادة الحقوق الى العمال، وبخاصة في التعويضات وفي الاجور التي فقدت قيمتها واعادة النظر في العديد من المراسيم والقوانين التي يجب تعديلها واقرار التشريعات الجديدة لتتماهى مع العمل اللائق والاتفاقيات الدولية".

وطالب "بدفع التعويضات الى العمال والمزارعين والمياومين والعاملين في الاقتصاد غير المنظم من خلال المساعدات الدولية".

ودعا الى "تعزيز التقديمات الصحية في كل الهيئات الضامنة، وبخاصة الضمان الاجتماعي، عبر رفع قيمة التقديمات للمضمونين كي تُتساوي مع واقع الحال، وفي هذا المجال يؤكد على المطلب الداعي الى أن تقوم الدولة بدفع مستحقاتها للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بما يؤمن استمراره في خدمة المضمونين".
وتوقف عند "موضوع الايجارات القديمة، فدعا إلى إصدار قانون عادل ينصف صغار المالكين والمستأجرين القُدامى".

كما دعا "الحكومة والمجلس النيابي الى التصديق على الاتفاقيات الدولية وخاصة الإتفاقية 87 حول حق التنظيم النقابيي وكذلك كل الاتفاقيات ذات الصلة وايضا الاتفاقية 189 و190 وغيرها".
وأقر المجلس "خطة العمل المقدمة من المكتب التنفيذي، كما جرت المُصادقة على تقارير اللجان المُختصة، ومنها لجنة العلاقات الخارجية، لجنة التنظيم، لجنة الضمان الاجتماعي ، لجنة المرأة العاملة، لجنة الشباب، لجنة الإدارة والمالية ولجنة التدريب النقابي.

وأعلن "الانتساب الى الاتحاد الدولي للنقابات وتم تكليف المكتب التفيذي لمتابعة هذا الموضوع ومن ثم، صدق الحاضرون على قطع الحساب للأعوام السابقة، وخاصة عام2024  ، وأقروا الموازنة الجديدة لعام 2025  وتم ابراء ذمة المكتب التنفيذي والتصديق على اعمال الاتحاد عن العام 2024".

مقالات مشابهة

  • الإتحاد الوطني لنقابات العمال: لرفع الحد الأدنى للاجور والتعويض على العمال المتضررين من العدوان
  • الكشف عن المرشح الأبرز للفوز بـ"ذات الأذنين"
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • عبد العاطي يلتقى خالد العناني المرشح المصري لمنصب مدير عام اليونسكو
  • المنتخب السعودي لرفع الأثقال يصل تركيا استعدادًا للمنافسات
  • الصحفي "أحمد ماهر" يتحدث عن سجون الانتقالي: "كنا نفطر على الدموع ونتسحر الألم"
  • بعد لقاء ترامب وزيلينسكي.. ستارمر يحشد الأوروبيين في بريطانيا
  • رمضان بعد التحرير.. أصوات التهليل والتكبير تصدح في مآذن الشام فرحا بزوال النظام البائد
  • أصوات انفجارات تهزّ منطقة في عكّار.. هذا ما تبيّن
  • ميلان يحدد المرشح المفضل لخلافة كونسيساو