ما زال العدوان الصهيوني على غزة مستمرا، في ظل تواطؤ رسمي دولي وتحالف أمريكي وغربي يدعم المعتدي بالسلاح والمال والمهام الاستخبارية، في حين صمت كثير من العرب والمسلمين صمت القبور، وتواطؤ البعض مع الغرب تواطؤ ابن العلقمي تاركين إخوتهم يُقتلون بالنابالم تارة وبالجوع تارة أخرى.
وما زلنا نسمع ونرى أسماء تحمل أسماءنا وتتكلم بلغتنا تحمّل المقاومة تبعات ما حدث ويحدث بغزة، وكأن غزة كانت تعيش في تنمية مستدامة، وباتت من الثراء أنها تفيض على غيرها بالخيرات، وهي التي كانت تعيش في حصار خانق لأكثر من سبعة عشر عاما، ونظرت قبل غيرها لمخاطر هدم المسجد الأقصى، في الوقت الذي تسابق فيه المتخاذلون للتطبيع مع العدو الصهيوني وتكاملوا معه اقتصاديا وثقافيا وسياسيا، وما زالت قوافلهم من السلع تغدو وتروح للعدو عبر دولهم.
ما زلنا نسمع ونرى أسماء تحمل أسماءنا وتتكلم بلغتنا تحمّل المقاومة تبعات ما حدث ويحدث بغزة، وكأن غزة كانت تعيش في تنمية مستدامة، وباتت من الثراء أنها تفيض على غيرها بالخيرات، وهي التي كانت تعيش في حصار خانق لأكثر من سبعة عشر عاما
ومع كل هذه الصورة الظالمة المظلمة فإن نور الأمل والعزة والنصر لجيل التحرير يبدو مبصرا من شوارع غزة المهدمة، ومن قلوب مؤمنة ما فترت يوما في الوقوف مع أهلها في غزة، وإنسانية في شعوب العالم تدين هذا العدوان الغاشم وتطالب بإنهاء الحرب.
فغزة ما زالت صامدة وأهلها يضربون أروع الأمثلة في الثبات والتضحية، والمقاومة ما زالت تكبد العدو خسائر فادحة لم يشهدها من قبل، وأزالت من ذاكرة التاريخ اسم الجيش الذي لا يقهر، هذا الجيش الذي هزم دولا عربية هزيمة مدوية في ست ساعات؛ أصبح يحيط به الموت من كل جانب، ويتلقى الضربات تلو الضربات من المقاومة رغم مرور على العدوان نحو تسعة أشهر.
إن الذين ينالون من المقاومة ويريدون إيقاد نار الفتنة بين شعب غزة والمقاومة كما نراه -بصفة خاصة- خلال الأيام القليلة الماضية لن تفلح خطتهم، وهذا السلوك ليس جديدا فقد سلكه المنافقون في عهد الرسالة من قبل وحاولوا تفتيت الصفوف وتحقيق الفتور في النفوس، فأبى الله إلا أن يفضحهم على الأشهاد كما هم الآن مفضوحون على الأشهاد.
والمقاومة بدأت معركة تحرير الأقصى وهذه هي البداية لنهاية كيان محتل ظالم يعلم هو نفسه أنه في آخر أيامه، ولا يظن أحدا أن جيلا من أهل غزة من الأطفال نشأ تحت ظلال قنابل الإجرام لن يكون أشد قوة وبأسا من سابقيه وأنه لن يكمل مسيرة التحرير.
كما أن من الإيمان الصادق التصديق ببشارة الرسول الكريم بالطائفة المنصورة وأهل الرباط الظاهرين على الحق، الذين لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، وهم بلا جدال اليوم أهل غزة الذين بأكناف بيت المقدس، والذين خرجوا في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر دفاعا عن عرض الأمة وضد انتهاك مقدساتها والنيل المستمر من المسجد الأقصى؛ مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
إن من حسنات انتفاضة الأقصى الكثير والكثير، فقد غلّت يد الصهاينة عن اقتحام المسجد الأقصى وهدمه، وكشفت للعالم زيف الصهاينة وإجرامهم وعدوانهم، مما أفقدهم التعاطف من الشعوب الحرة، وبرزت قضية فلسطين للعالم بصورة عادلة فتحركت لها التظاهرات في الشوارع والجامعات وباتت قضية حية في نفوس أحرار العالم. كما أن قضية التطبيع العربي الصهيوني وصفقة القرن التي كانت تسير بسرعة الريح ذُبحت ذبحا ولم يتبق لها نصيب، فضلا عما أصاب الاقتصاد الإسرائيلي من تدمير، فالسياحة ماتت موتا بطئا، والاستثمارات الأجنبية هربت هروب المستجير، والمصانع توقفت، والمدارس والجامعات أُغلقت، والبطالة باتت سيدة الموقف، والهروب الجماعي للصهاينة خارج دولة الكيان بات ملحوظا، وازدياد شرائهم لمساكن في قبرص أصبح مشهودا، بل والهروب من الجيش بات ظاهرة، والاختلاف بين قيادات الكيان العسكرية والمدنية طفا على السطح للجميع، والمظاهرات لتحرير الأسرى ووقف الحرب باتت عملا مستديما في شوارع تل أبيب.
إن الألم الذي يُصاب به أهل غزة يقابله ألم لدى الصهاينة، ولكن شتان بين الألمين، والحياة مهما طالت مدة العيش فيها فهي قصيرة، والموت قادم لا محالة لكل البشر، ولكن أشرف الموت أن يموت الإنسان بشرف وكرامة في سبيل الله، والذين يصنعون الموت ويحرصون عليه توهب لهم الحياة الكريمة ولأجيالهم من بعدهم. أما من رضوا بالدون والذلة ووضعوا أيديهم في يد المحتل المعتدي قولا أو فعلا فقد باءوا بالخسران المبين، ولا حاضر ولا مستقبل لهم في ظل وعد الله والثقة في نصره الذي هو واقع لا محالة ولو بعد حين.
من أجل كل هذا يجب أن لا ننسي ولا نفتر تجاه حرب التحرير على أرض غزة، ولنضع نصب أعيننا قيمة بذل النفس والمال والدعاء ومقاطعة سلع الأعداء، فمن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ليس منا من بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم، وأن مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمي، وأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا. فما أحوجنا نحن قبل أهل غزة من أن نشد من أزرهم وأن نكون معهم بنيانا مرصوصا حتى يستعملنا ربنا ولا يستبدلنا.
x.com/drdawaba
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العدوان غزة المقاومة غزة الاحتلال المقاومة العدوان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کانت تعیش فی أهل غزة
إقرأ أيضاً:
قصة تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة في ليلة النصف من شعبان
تحظى ليلة النصف من شهر شعبان بمكانة خاصة في تاريخ الأمة الإسلامية، إذ تشهد ذكرى تحول عظيم في حياة المسلمين، وهو تغيير القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام في مكة المكرمة، التحول الذي كان بمثابة اختبار عظيم لإيمان المسلمين، ليظهر من يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم بصدق ومن يظل على تحيزه لأفكار الجاهلية التي كانت تملأ قلوب بعض الناس.
المسلمون كانوا يتوجهون في صلاتهم نحو المسجد الأقصىوقالت دار الإفتاء المصرية، إن المسلمين كانوا يتوجهون في صلاتهم نحو المسجد الأقصى؛ وذلك لحكمة تربوية، وهي: العمل على تقوية إيمان المؤمنين، وليظهر مَن يتبع الرسول اتباعًا صادقًا عن اقتناع وتسليم، ممن تعلق قلبه بدعاوى الجاهلية ورواسبها؛ مستشهدة بقول الله تعالى عز وجل: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِى كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: 143].
وأكدت «الإفتاء» أن لحظة تحويل القبلة إلى الكعبة حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية، ففي تلك اللحظة، كانت هناك حاجة لتأكيد القيم التربوية التي تعلم المسلمين الانقياد المطلق لله تعالى، والتسليم الكامل لأوامره، حيث يعكس التوجه إلى الكعبة طاعة لله واتباعًا لرسوله.
ولفتت الدار إلى أن هذا التوجيه الجديد في الصلاة، الذي جاء في شهر شعبان، من العلامات المضيئة في تاريخ الأمة الإسلامية، فقد كان هذا التوجيه بداية لمرحلة جديدة من الإيمان والتقوى، ويشدد على ضرورة تعظيم شعائر الله، حيث تكون عبادة القبلة دليلاً على استقامة المسلم ورغبته في اتباع الدين الحق، من هنا، كان تحويل القبلة دعوة للمؤمنين للتعلم والتطور في عبادتهم، ما يُقوي الرابط الروحي بينهم وبين الله.
وتشير الأحاديث الواردة حول ليلة النصف من شعبان إلى العديد من الفضائل المرتبطة بهذه الليلة المباركة، حيث تصادف حدثًا مهمًا في تاريخ المسلمين، وهو تحويل القبلة، ما يعكس أهمية هذه الفترة في تعزيز الارتباط الروحي بين المسلم ومعبده، ورغم أن بعض الأحاديث حول فضل ليلة النصف من شعبان قد تكون ضعيفة، إلا أن كثرة طرقها وتعدد روااتها جعلتها محط اهتمام علماء الدين، الذين يرون أنه يمكن العمل بها في فضائل الأعمال.
وفي هذا السياق، يتحدث الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن أهمية هذا التحول، موضحًا أن مسألة استقبال القبلة تُمثل طاعة لله، وتجسد الامتثال التام لأوامره، ويفسر الشيخ أحمد وسام أن هذه الحادثة تشكل دعوة لكل مسلم لتعظيم شعائر الله، كونها الطريق إلى تقوى الله، حيث يكون تعظيم شعائر الله هو السبيل لفتح باب التقوى أمام المسلم.
كان الأنبياء يتوجهون إلى بيت المقدس في البدايةولفت الشيخ أحمد وسام، في لقاء تليفزيوني له، إلى أن مسألة استقبال القبلة لم تكن جديدة على المسلمين فقط، بل كانت موجودة في الشرائع السابقة، حيث كان الأنبياء يتوجهون إلى بيت المقدس في البداية، وفي القرآن الكريم نجد إشارات إلى ذلك في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ مِنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْأَقْصَىٰ ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِّنُرِيَهُ مِنْ ءَايَٰتِنَا}.