جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-24@13:42:46 GMT

عبري تودع أحد رجالها الأخيار

تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT

عبري تودع أحد رجالها الأخيار

 

 

أحمد بن علي الناصري

 

"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" (الأحزاب: 23).

 

 

اقتضت حكمة الخالق جلّ وعزّ أن حكم المنية جار على خلقه جميعًا، وفي عصر الأربعاء الماضي غادرنا الوالد الفاضل التقيّ النقيّ سالم بن عبيد بن سعيد بن مسعود السكيتي- أسأل الله أن يُنزل عليه شآبيب الرحمات، وأن يُسكنه فسيح الجنات- عن عمر تجاوز المائة عام، هذا الرجل الذي فقدته حواري عبري وأسواقها ونخيلها وأزقتها، لقد كان من بقية جيل أشبه بالرعيل الأول، فلقد عرف بالتقوى والورع، طيب النفس دمث الأخلاق، فإذا صمت يتحلى بالسمت والوقار، وإذا تحدث يتحلى بالهدوء واللين، وينساب حديثه في النفس كالماء العذب الزلال.

لقد ترعرع في طفولته في حارة الرمل التي كانت حاضرة مدينة عبري في تلك الحقبة، تلك الحارة التي ضمت بين جدرانها عبق ماض جميل صنع بسواعد رجال لم يعرفوا الهزيمة أمام تحديات الحياة ورياحها العاتية.

فهذه الحارة كانت مسقط رأس الوالد سالم وعاش في مرابعها طفولته البريئة بين أقرانه، وبدأ فيها طلب العلم على يد المعلم بطي بن سيف الجساسي، فتعلم القراءة والكتابة وختم المصحف على يديه، ومن القصص الجميلة في سيرته أنه كانت من عادة أهالي الطلاب أن يكرموا المعلم بعد أن يختم الطالب ختمته بوليمة يحضرها مع بقية الطلاب، ولكن الوالد سالم كان من أسرة فقيرة ولم يكن لدى والده من المال الذي يكفي لإكرام المعلم ومن معه، وأتت فكرة للوالد سالم بأن يبيع ردة من باب بيتهم وبالفعل باعها بموافقة والده، وعندما علم المعلم بما فعله تلميذه عذره عن الوليمة، فلننظر إلى مدى تأصل الكرم في الصغار حتى يقوموا بفعل الكبار.

ومن مروياته لي متحدثا بنعمة ربه قائلا: "لقد أكرمني الله برؤية الإمام محمد بن عبد الله الخليلي والعلامة أبو زيد عبد الله بن محمد الريامي- رحمهما الله- ومن معهما من العلماء وأهل الفضل، وهم قادمون للنظر في قضية السليف، وكانت سحابة تظللهم في شدة قائلة الصيف"، وكان عمره في ذلك الحين لا يتعدى ثماني سنوات.

ودارت عجلة الأيام وبدأ يتنقل بين أصحابه من المتعلمين في تلك الفترة ومن أبرزهم الشيخ القاضي علي بن محمد بن سالم الرقيشي وعبد الله بن حمد المصلحي وحميد بن راشد الوائلي حمد بن محمد الجساسي ومحمد بن بدر المنذري وعبد الله بن سليمان الإسماعيلي وكان يمثلون كوكبة مشرقة في سماء المدينة الواعدة فلازمهم في القراءة وحلقات القرءان الكريم التي كانوا يتحلقون حولها في كل بكرة وعشية وخصوصا في شهر رمضان الكريم.

واشتغل الوالد سالم في صغره في الزراعة في ضواحي عبري التي كان تعب من فلجي المفجور والمبعوث دون ملل أو كلل ليحصل بعض المال لقوته وعياله وكان يدخر بعض المال لشراء بعض الكتب لغلاء ثمنها في تلك الفترة، وسافر في مقتبل عمره إلى قطر للعمل لفترة وجيزة ثم انتقل منها إلى وظيفة أخرى بميناء الدمام والمبلغ الذي تحصله من سفره اشتغل به في التجارة بسوق عبري يبيع الحبوب والبقوليات.

وكان يتردد على السوق لأنه عاش في مرابعه بالقرب من بيته في حارة الرمل، ومن روايته يروي لي بنفسه قائلًا: "من التجار الذين كنت أحب مجالستهم الوالد علي بن حميد الناصري وكانت فيه صفتان يمتاز بهما وهما الحلم والكرم"، وبعد وفاته رآه في رؤيا يدخل قصرًا عظيمًا وبابه من خشب كأنه من أبواب عُمان القديمة.

ومن شدة تعلقه وشغفه بالعلم وأهله أزمع على الرحيل إلى موطن أصحابه الإباضية بوادي ميزاب في القطر الجزائري بعد أن فتحت المطارات في عُمان بعد تولي السلطان قابوس مقاليد الحكم في البلاد، وكان بصحبته مهنا بن سعيد الجهضمي ومحمد بن هلال العزري وهناك اجتمعوا بعلمائهم ومن أبرزهم الشيخ بيوض والشيخ عدون والشيخ أبي اليقظان والشيخ ناصر المرموري وغيرهم.

وواصل الوالد سالم دربه في الحياة ورزقه الله العديد من الأبناء الذين أنابوا عن والدهم في البحث عن لقمة العيش الذي خفف عنه العبء قليلا، وهنا بدأ يكتب الفتاوى ويصيغها وكان معه رفيقه في هذه المهمة خلفان بن عبيد الشكيلي فكانا يوجهان أسئلة الناس من الظاهرة إلى سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي- حفظه الله وأمد في عمره وأبقاه- وبعض هذه الفتاوى نشرت منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن في الجرائد المحلية.

وانتقل للسكنى قبل أربعين عاما إلى الدبيشي من قرى عبري وأسس مع جيرانه وأقرانه مسجد الإمام جابر بن زيد رضي الله عنه وواصلوا بهذا المسجد اجتماعهم على حلقات قراءة الكريم وبعض الكتب الفقهية، وكانت صلاة التراويح معهم في تلك المرحلة لها وقع جميل على النفس؛ حيث يتناوبون على الإمامة كبار السن وقراءتهم لها طابع قديم وكانت سائدة بعُمان، وكانوا بعض الصالحين من قرى عبري يقصدون الصلاة معهم ويشنفون أسماعهم بتلاواتهم الجميلة.

ولمكانته وقربه الروحي من سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي كان إذا أتى إلى عبري لإلقاء محاضرة يحط رحله في منزله العامر، وشاركتهم مرتين في هذه المناسبة مع ثلة من أشياخنا في تلك الأيام.

وبعد كبر سن الوالد سالم وقلة تواصله مع سماحته أتى بنفسه لزيارته قبل 14 عامًا من الآن، وكانت هذه الزيارة خاصة إليه فلقد تجشم طول الطريق من مسقط على الرغم من ارتباطات سماحته وأعماله الكثيرة أبى إلّا أن يزوره وكان برفقته سائقه الوالد محمد الرشيدي، فهكذا شأن أصحاب المعالي فلا يعرف الفضل لأهله الفضل إلّا ذوو الفضل.

وكذلك الشيخ ناصر بن محمد المرموري- رحمه الله- من علماء الإباضية بالجزائر كان إذا أتى إلى عُمان يأتي إلى زيارته وزيارة مهنا بن سعيد الجهضمي ومحمد بن هلال العزري رفيقيه في الوفد الذي زارهم بالجزائر.

لقد رحل ولحق بركب أقرانه من أرض السر فلقد كان خاتمة عقد ذلك الجيل الذي يفوح منه عبق الماضي التليد، وعلى قسمات وجهه نقرأ صفحات سطرتها أقلام حارة الرمل، وعلى تمتمات أحرفه حنانا ينسكب على قلوبنا وعلى عينيه بريق أمل ينتشلنا من هزيمة حاضرنا، لقد رحلت يا شيخنا وتركت لنا غصة الفقد ومرارة الرحيل، ستبقى خالدا في قلوبنا، وفي سبحات ضراعاتنا وتحياتنا، السلام عليك وعلى عباد الله الصالحين.

سلكوا بمحياهم وبعد مماتهم // إذ وفقوا بمسالك الأبرار

درجوا وأصبحت العراص عقيبهم // من فقدهم مغبرة الآثار

يا موت أفنية الأعزة فاقتصد // إن كنت ترحم عبرة الأحرار

بأولئك الأبرار كنت معززًا // بأولئك الأبرار كنت أباري

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عمرو سعد:" دخلت معهد السينما وسقطت وكان عندي ثقة في نفسي"

انطلقت منذ قليل ندوة خاصة للفنان عمرو سعد ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث توافد محبو السينما والنقاد لحضور هذا اللقاء المميز. تركزت الندوة حول مشوار عمرو سعد الفني وتجربته السينمائية، حيث شارك الجمهور بقصص وكواليس من أعماله الفنية، بالإضافة إلى الحديث عن رؤيته حول السينما المصرية ومستقبلها.


 

تحدث عمرو سعد عن التحديات التي واجهها خلال مسيرته، وكيفية اختياره للأدوار التي قدمها، خاصة تلك التي تتناول قضايا اجتماعية وإنسانية مهمة.

 كما تناول تطور السينما في مصر، وأهمية المهرجانات السينمائية في دعم صناعة الأفلام المحلية وجذب انتباه الجمهور العربي والدولي.

 

وقال “سعد”: " كان عندي ثقة في نفسي وكان هو قرار يعني لازم تشتغل جامد جدا جدا علشان تعمل حاجة، ولا مره وأنا في الجامعه شكيت أني مش هوصل كان عندي يقين اني هوصل بالرغم أن أنت   شاب فقير بتوفر ثمن المواصلات بصعوبه ومتأكد أنك بطل سينمائي كنت بعدي على سينما كايرو  كل يوم عند السينما دي مترو بوسط البلد واشوف الافيشات وأنزل المترو ويشاء السميع أن أول أفيش يتحط على سينما كايرو أول ما شوفت الأفيش بكيت". 
 

نبذة عن النجم عمرو سعد

عمرو سعد يُعد واحدًا من أبرز نجوم السينما والتلفزيون في مصر والعالم العربي. وُلد في 26 نوفمبر 1977 في القاهرة، وبدأ مشواره الفني في أواخر التسعينيات، حيث عمل في البداية في أدوار صغيرة قبل أن يبرز كواحد من أهم الممثلين الشباب في جيله.


 

تميز عمرو سعد بموهبته الفريدة وقدرته على تقديم أدوار متنوعة تتراوح بين الأدوار الدرامية والاجتماعية، وحتى الأكشن والرومانسية. قدم مجموعة من الأعمال السينمائية التي لاقت نجاحًا واسعًا، مثل “حين ميسرة”، و”دكان شحاتة”، و”مولانا”، وهي أفلام ناقشت قضايا اجتماعية وسياسية جريئة، وأثبتت موهبته وقدرته على تجسيد شخصيات مركبة ومعقدة.


 

عمرو سعد معروف بأدائه الصادق والعميق، ويُشيد به النقاد لقدرته على نقل مشاعر الشخصيات التي يؤديها بواقعية وتأثير. حصل على العديد من الجوائز عن أدواره المتميزة في السينما، وأصبح أحد أبرز الأسماء في صناعة الأفلام المصرية.


 

إلى جانب السينما، شارك عمرو سعد في العديد من الأعمال التلفزيونية الناجحة، مما أكسبه جماهيرية واسعة لدى المشاهدين في مصر والعالم العربي. يتميز أسلوبه بالالتزام بتقديم محتوى يحمل رسائل اجتماعية وإنسانية، وهو ما جعله يحظى بتقدير النقاد والجمهور على حد سواء.


 

يواصل عمرو سعد تحدي نفسه من خلال اختيار أدوار جديدة ومختلفة، وهو معروف بقدرته على التنوع في اختيار الشخصيات التي يؤديها، مما يجعله دائمًا في طليعة نجوم السينما والتلفزيون في مصر.

مقالات مشابهة

  • ميار شريف تودع بطولة «كوبا تشيلي» للتنس من الدور النصف النهائي
  • مدافع الخليج يثير الجدل بتقليد احتفالية سالم الدوسري.. فيديو
  • في غياب محمد شريف.. ما قدمه الخليج للفوز على الهلال بدوري روشن
  • تهنئة لرئيس الدولة وحاكم الشارقة من عبدالله بن سالم القاسمي بفوز فريق كرة اليد بنادي الشارقة بالبطولة الآسيوية
  • التشكيل الرسمي لمباراة الهلال أمام الخليج
  • إعلام عبري: نجاة قيادي بحزب الله من الاغتيال في غارة على بيروت
  • محمد العدل: محمد رحيم مات من عدم التقدير وكان دايمًا بيشتكيلي
  • الجماز: عودًا حميدًا لسالم وأنا أقول له امسحها في وجيهنا .. فيديو
  • سالم الدوسري يشارك في مران الهلال
  • عمرو سعد:" دخلت معهد السينما وسقطت وكان عندي ثقة في نفسي"