يواصل اليمين الراديكالي مدّ نفوذه في الاتحاد الأوروبي، والدليل هو تشكيل الحكومة الجديدة في هولندا، وأيضا نتائج الجولة الأولى من الانتخابات في فرنسا. فهل يمكن أن يكون لهذا النفوذ المتزايد تأثير على طريقة اتخاذ القرارات في المؤسسات في بروكسل؟

اعلان

يرى ديف سينارديت، عالم السياسة في جامعة بروكسل الحرة، أنه سيكون بمقدور حكومات الدول الأعضاء التي تضم قوى يمينية راديكالية اختيار مسارٍ من اثنيْن لممارسة نفوذها على مستقبل الاتحاد الأوروبي.

يقول الأكاديمي في مقابلة مع يورونيوز: في المسألة شقان، "من جهة، يمكنهم إفراغ السياسة الأوروبية من الداخل. ومن جهة أخرى، قد يدرك هؤلاء القادة اليمينيون المتطرفون أنهم بحاجة أيضًا إلى الاتحاد الأوروبي ليكون التكتل قادرًا على الوفاء بسلسلة من الوعود التي قطعوها هم على أنفسهم أمام ناخبيهم، خاصة فيما يتعلق بالأمن والهجرة".

ففي هولندا مثلا، كان منح ديك شوف، الرئيس السابق لوكالة الخدمة السرية، منصب رئاسة الوزراء، يوم الثلاثاء، هو الحل الذي تم التوصل إليه في هولندا لتشكيل حكومة جديدة بعد فوز حزب الحرية اليميني المتطرف، بقيادة جيرت فيلدرز، في الانتخابات قبل سبعة أشهر.

الاتفاق الرسمي حول الائتلاف الحكومي الجديد، والذي يحمل اسم «الأمل والشجاعة والفخر»، ينص على إجراءات صارمة بحق طالبي اللجوء، كما يلغي إمكانية طلب لم الشمل بالنسبة لأسر اللاجئين، ويسعى إلى تقليل عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في هولندا.

وسيكون لهذه الإجراءات تأثير على الطريقة التي سيتم بها تنفيذ ميثاق الاتحاد الأوروبي للهجرة واللجوء في هذا البلد. كما ستشكل سابقة للدول الأعضاء الأخرى التي تنتقد الاتفاقية المصادق عليها من قبل التكتل مؤخرًا.

لعدم امتثالها لقواعد اللجوء.. محكمة العدل الأوروبية تغرّم المجر 200 مليون يوروإيمانويل ماكرون والكبرياء المجروح.. لماذا يكره الفرنسيون رئيسهم؟ حكومة جديدة في هولندا رئيسها رجل الاستخبارات الأول ووزراؤها من اليمين المتطرف ومهمتها تقييد الهجرة المجر تُعيق إصدار بيان مشترك لدول الاتحاد يندد بحظر روسيا لوسائل إعلام أوروبيةكيف أدى سقوط معسكر ماكرون وانحسار شعبيته إلى تغيير المشهد السياسي في فرنسا؟أوربان وميلوني يناقشان برنامج المجر للرئاسة القادمة للاتحاد الأوروبي

في هذا الصدد، يقول الأستاذ الجامعي: "بخصوص سياسات الهجرة، رأينا المواقف التي اتخذها حزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط) والتي أصبحت أكثر تشددا مع مرور الوقت. أما بالنسبة للاتفاقية الأوروبية الخضراء لحماية البيئة، فقد إننا نشهد نوعا من التململ بعد أن تم قبل بضعة أشهر الضغط على زر الإيقاف المؤقت، أي قبل الانتخابات الأوروبية. لذلك ، فإن نجاح اليمين المتطرف هو في الواقع أمر ينعكس على السياسات الأوروبية بطرق مختلفة".

فرنسا على خطى المجر وهولندا؟

تعتبر المجر الدولة العضو الوحيدة التي لديها حزب يميني راديكالي حاكم بفضل الأغلبية التي يتمتع بها. وبالإضافة إلى هولندا، يعد اليمين المتطرف جزءًا من الحكومات الائتلافية في إيطاليا وفنلندا والتشيك وكرواتيا. وقد تلتحق فرنسا بالركب إذا ما نظرنا إلى نتائج الدور الأول من الانتخابات التشريعية في 30 يونيو الماضي.

وإذا أكدت الجولة الثانية االمرتقب تنظيمها، في 7 يوليو، انتصارَ التجمع الوطني، فإن الرئيس الوسطي إيمانويل ماكرون سيكون أكثر عزلة. وستضعف سيطرته على بعض ملفات السياسة الداخلية مثل الاقتصاد والعدالة. وسيكون له تأثير أقل في المجلس الأوروبي، الذي يجمع قادة دول التكتل الـ 27.

يقول ديف سينارديت: "من الواضح أن الانتخابات الحالية قد أضعفت كثيرا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بسبب نتائج الانتخابات الحالية وربما لن يتغير هذا حقًا يوم الأحد المقبل".

وأضاف: "سيكون في الواقع رئيسًا ضعيفًا حول الطاولة الأوروبية، وهو ما قد يؤثر أيضًا على المحور الألماني الفرنسي، الذي يعد تاريخيًا ولا يزال القاطرةَ الرئيسية للسياسة الأوروبية".

لا يمكن الموافقة على ملف سياسي إذا ما قررت أربع دول أعضاء، تمثل 35٪ من سكان الاتحاد الأوروبي، التصويت أو الامتناع عنه. فبالإضافة إلى الهجرة والاتفاقية الخضراء، ثمة بعض المجالات التي يمكن أن تتأثر أكثر وهي إدارة الحرب في أوكرانيا ودعم الدول المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي.

ولكن فيما يتعلق بهذه الموضوعات، فإن غياب أرضية مشتركة قد يجعل من الصعب تغيير مسار العمل: "إذ يمكن لقادة الحكومات اليمينية المتطرفة عرقلة عمل الاتحاد الأوروبي، لكن هؤلاء الساسة لا يتفقون بالضرورة في جميع القضايا، لا سيما في مجال السياسة الدولية، ولنأخذ كمثال الحرب في أوكرانيا. لذلك، ليس من الواضح ما إذا كانوا سيتمكنون دائمًا من إيجاد حل توافقي فيما بينهم"، كما يقول الأستاذ الجامعي.

من ناحية أخرى، يتمتع بعض قادة اليمين المتطرف بسمعة طيبة لاعتمادهم مواقف بناءة للغاية في الاتحاد الأوروبي، كما هو الحال مع رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني.

أما الرئيسة الحالية للمفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، فهي غالبا ما تحاول تقديم نفسها على أنها سياسية مؤيدة لأوروبا ومؤيدة لسيادة القانون ومؤيدة لأوكرانيا، وأنها يمكن أن تلعب دورًا أساسيًا في السياسات الأوروبية في السنوات الخمس المقبلة.

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بريطانيا على عتبة تحول سياسي كبير.. توقعات بفوز ساحق لحزب العمال بعد غياب 14 عاما حكومة جديدة في هولندا رئيسها رجل الاستخبارات الأول ووزراؤها من اليمين المتطرف ومهمتها تقييد الهجرة كيف أدى سقوط معسكر ماكرون وانحسار شعبيته إلى تغيير المشهد السياسي في فرنسا؟ هولندا فرنسا المجر الانتخابات التشريعية الفرنسية 2024 يمين متطرف الانتخابات الأوروبية 2024 اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. حرب غزة: قصف جوي على وسط القطاع واشتباكات في رفح والشجاعية ومقتل جندي بعملية طعن في الجليل يعرض الآن Next توقعات بعودة حزب العمال إلى السلطة في بريطانيا بعد غياب 14 عاما يعرض الآن Next أيها المشتاق صبرا! أفضل مطعم في العالم لديه قائمة انتظار لمدة عام يعرض الآن Next مصر: حكومة جديدة تؤدي اليمين الدستورية وتغيير في حقائب وزارية سيادية بينها الدفاع والخارجية يعرض الآن Next الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يحقق مع لاعب تركيا مريح ديميرال بسبب "إشارة قومية" بعد هدف بمرمى النمسا اعلانالاكثر قراءة من السجن إلى ساحة المعركة.. أوكرانيا تجنّد السجناء وسط نقص المقاتلين حكومة جديدة في هولندا رئيسها رجل الاستخبارات الأول ووزراؤها من اليمين المتطرف ومهمتها تقييد الهجرة شاهد: عاصفة قوية من البرد والريح العاتية تقتل شحصين وتدمر منازل وبنى تحتية في كرواتيا تجربة فريدة من نوعها.. تعرّف على القطار الألماني المعلّق في الهواء ماكرون.. جاء باسم الوسطية فغيّر المشهد السياسي الفرنسي برمّته اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم الانتخابات الأوروبية 2024 غزة الشرق الأوسط إسرائيل حركة حماس الانتخابات التشريعية الفرنسية 2024 الهندوسية بنيامين نتنياهو مارين لوبن سعر الفائدة لاهاي ذوبان الجليد Themes My Europeالعالمأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةسفرثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024 - العربية EnglishFrançaisDeutschItalianoEspañolPortuguêsРусскийTürkçeΕλληνικάMagyarفارسیالعربيةShqipRomânăქართულიбългарскиSrpski

المصدر: euronews

كلمات دلالية: الانتخابات الأوروبية 2024 غزة الشرق الأوسط إسبانيا إسرائيل حركة حماس الانتخابات الأوروبية 2024 غزة الشرق الأوسط إسبانيا إسرائيل حركة حماس هولندا فرنسا المجر يمين متطرف الانتخابات الأوروبية 2024 الانتخابات الأوروبية 2024 غزة الشرق الأوسط إسرائيل حركة حماس الهندوسية بنيامين نتنياهو مارين لوبن سعر الفائدة لاهاي ذوبان الجليد السياسة الأوروبية الاتحاد الأوروبی جدیدة فی هولندا الیمین المتطرف یعرض الآن Next حکومة جدیدة

إقرأ أيضاً:

قمة سمرقند: لماذا يتزايد الاهتمام الأوروبي بآسيا الوسطى؟

 

استضافت مدينة سمرقند الأوزبكية، يومي 3 و4 إبريل 2025، أول قمة من نوعها بين منطقة آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي، بمشاركة قادة دول المنطقة الخمس- كازاخستان، قرغيزستان، طاجيكستان، تركمانستان، وأوزبكستان- ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، وهي القمة التي هدفت إلى تعزيز العلاقات بين الجانبين في ظل تصاعد التنافس بين القوى الدولية والإقليمية المختلفة على الهيمنة والنفوذ في آسيا الوسطى، وعلى رأسها روسيا والصين، على خلفية الأهمية الجيوسياسية الكبرى التي تحظى بها المنطقة، فضلاً عمَّا تزخر به من موارد طبيعية ومعدنية هائلة، ولا سيما المعادن الأرضية النادرة.

سياقات دولية وإقليمية:

عُقدت قمة آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي في سمرقند على خلفية مجموعة من التطورات الدولية والإقليمية، ومن أبرزها:

1. توجه آسيا الوسطى نحو توسيع الشراكات العالمية: تعمل دول آسيا الوسطى في الآونة الأخيرة على توسيع نطاق تعاملها مع الجهات الفاعلة الخارجية لضمان أمنها السياسي والاقتصادي والعسكري. حيث تسعى هذه الدول بنشاط إلى بناء علاقات وتحالفات مع قوى عالمية أخرى، مثل الصين وتركيا والاتحاد الأوروبي. وتعمل دول آسيا الوسطى على تنويع ارتباطاتها وشراكاتها الاقتصادية، حيث تتعاون مع الصين من خلال مبادرة الحزام والطريق لجذب الاستثمارات الصينية وتطوير البنية التحتية، إضافة إلى فتح أسواق جديدة لسلع آسيا الوسطى. كما تتعاون أيضاً مع الاتحاد الأوروبي في إطار مبادرة “البوابة العالمية” التي طرحها الاتحاد. فضلاً عن توجهها نحو تعزيز علاقاتها الاقتصادية والثقافية مع تركيا.

2. تنامي التعاون الثنائي بين آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي: ترتبط دول آسيا الوسطى الخمس، كل على حدة، بعلاقات قوية مع الاتحاد الأوروبي، ككيان جماعي، يعبر عن الدول الأعضاء فيه، وذلك في كافة المجالات. ومن أبرز المؤشرات على ذلك، اللقاءات رفيعة المستوى التي عقدها الطرفان قبل انعقاد القمة. ومنها الاجتماع الوزاري العشرين بين آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي الذي عُقد في عشق آباد بتركمانستان في 28 مارس 2025، بمشاركة وزراء خارجية دول آسيا الوسطى والممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس؛ لمناقشة تعزيز التعاون في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والثقافية والإنسانية.

وقبل ذلك، قام مفوض الاتحاد الأوروبي للشراكات الدولية، جوزيف سيكيلا، بجولة في آسيا الوسطى، خلال الفترة من 12 إلى 18 مارس 2025؛ بهدف تعزيز التعاون في إطار مبادرة البوابة العالمية، مع التركيز على أربعة مجالات رئيسية: البنية التحتية للنقل، والطاقة النظيفة، والمواد الخام الحيوية، والاتصال الرقمي. وقد عكست الجولة الاهتمام الاستراتيجي المتنامي للاتحاد الأوروبي بمنطقة تُمثل اقتصاداً بقيمة 340 مليار يورو، بمعدل نمو سنوي متوسط يبلغ 5%.

وبجانب ما سبق، فقد شهدت منطقة آسيا الوسطى في الفترة الأخيرة تزايداً ملحوظاً في زيارات قادة أبرز دول الاتحاد الأوروبي إلى المنطقة، والتي أسفرت عن التوقيع على حزمة كبيرة من الاتفاقيات بشأن تطوير التعاون في مختلف المجالات، بلغت قيمتها عشرات المليارات من الدولارات.

3. تنامي التحديات المشتركة: عُقدت قمة سمرقند في سياق العديد من التحديات المتزايدة التي تواجه آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي، ولا سيما على الصعيدين الأمني والبيئي. حيث تواجه المنطقتان تهديدات وتحديات أمنية مشتركة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة العابرة للحدود الوطنية، مثل الاتجار بالمخدرات. كذلك، تواجه آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي تهديدات مناخية مشتركة، حيث تواجه الأولى الجفاف وذوبان الأنهار الجليدية ونقص المياه، بينما تشهد الثانية ارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة وحرائق الغابات وتغيرات في النظم البيئية.

4. الحرب الروسية الأوكرانية: أدت هذه الحرب إلى اهتزاز العلاقات التاريخية الوثيقة بين دول آسيا الوسطى وروسيا؛ الأمر الذي دفع هذه الدول إلى إعادة النظر في علاقاتها مع روسيا لتقليل الاعتماد عليها وتقليل المخاطر. فمن منظور آسيا الوسطى، فقد باتت روسيا التحدي الرئيسي لاستقرار وتنمية المنطقة ودولها؛ وهو ما دفعها إلى الامتناع عن تقديم أي دعم سياسي أو عسكري للحرب في أوكرانيا.

وعلى الجانب المقابل، فقد ترتب على هذه الحرب تقويض الأمن الأوروبي وخلق واقع؛ تنظر فيه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، من جهة، وروسيا، من جهة أخرى، إلى بعضها بعضاً على أنها تهديدات أساسية.

ومن جهة ثالثة، فقد مثلت الحرب في أوكرانيا فرصة سانحة للعديد من القوى الإقليمية والدولية لزيادة انخراطها وعلاقاتها مع دول منطقة آسيا الوسطى؛ ومن ثم زيادة نفوذها وتأثيرها في هذه المنطقة المهمة من العالم، وعلى رأس هذه القوى الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

5. تزايد نفوذ روسيا والصين: تشهد منطقة آسيا الوسطى في الآونة الأخيرة تزايداً ملحوظاً في دور كل من روسيا والصين في المنطقة. فعلى الرغم من انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، وما ترتب على ذلك من تداعيات على دورها ومكانتها في منطقة آسيا الوسطى؛ فإنها ما زالت تؤدي دوراً مهماً في المنطقة بالنظر إلى أهميتها البالغة لمصالحها القومية. ومن جانبها، تعمل الصين على زيادة اندماجها وتفاعلها السياسي والاقتصادي مع المنطقة، وهو ما عبرت عنه العديد من المؤشرات، وعلى رأسها القمة الأولى التي عقدت بين الصين ودول آسيا الوسطى في مايو عام 2023 بمدينة شيآن الصينية، والمشروعات التي تقيمها الصين في دول المنطقة في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية.

تعزيز الدور والمكانة:

انطلاقاً من السياقات التي أحاطت بالقمة الأولى بين آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي، فقد جاء انعقادها من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية الاستراتيجية والاقتصادية والأمنية، على النحو التالي:

1. تعزيز المكانة الاستراتيجية: تمثل أحد الأهداف الرئيسية للقمة في تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الطرفين، ولا سيما في ظل تزايد المنافسة بين روسيا والصين على النفوذ في آسيا الوسطى؛ ومن ثم تعزيز دور ومكانة آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي في النظام الدولي الراهن. حيث يعمل الاتحاد الأوروبي على تعزيز مكانته الإقليمية في مواجهة تغيرات التوازن الجيوسياسي في آسيا الوسطى نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا، وتنامي التكامل الاقتصادي بين منطقة آسيا الوسطى والصين.

فقد عبّرت فون دير لاين عن أملها في أن ترتقي القمة بعلاقات بروكسل مع آسيا الوسطى “إلى مستوى جديد”، خاصة وأن آسيا الوسطى تحظى بمكانة مهمة ضمن الأولويات التي حددها رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا لإعادة التواصل مع الشركاء العالميين في إطار أولويات سياسته الخارجية. ومن جانبها، تركز دول آسيا الوسطى في إطار توجهها نحو تبني سياسة خارجية متعددة الاتجاهات تقوم على التعاون مع جميع الأطراف الدولية لتحقيق مصالحها، دون إقصاء أي طرف منها.

2. تعميق العلاقات التجارية والاستثمارية: يرغب الاتحاد الأوروبي في تعميق علاقاته التجارية والاستثمارية مع دول آسيا الوسطى، ولا سيما في ضوء تزايد اهتمام قادة دول المنطقة بتنويع خياراتهم من خلال تطوير طريق التجارة “الممر الأوسط”، بجانب اهتمام الاتحاد الأوروبي بتأمين إمدادات الطاقة والوصول إلى المعادن النادرة في آسيا الوسطى.

ومن جانبها، تسعى دول آسيا الوسطى إلى الحصول على التكنولوجيا الصناعية المتقدمة التي تتميز بها دول الاتحاد الأوروبي؛ بهدف تطوير صناعاتها المحلية، بما يمكنها من توسيع صادراتها. وقد بدا لافتاً قيام كازاخستان باستباق القمة بالإعلان عن اكتشاف ما يُحتمل أن يكون “أكبر” مخزون لها على الإطلاق من العناصر الأرضية النادرة. خاصة وأن الاتحاد الأوروبي يبدي اهتماماً كبيراً برواسب اليورانيوم، بالإضافة إلى معادن استراتيجية أخرى، مثل التيتانيوم والكوبالت والليثيوم.

3. محاولة الاتحاد الأوروبي الضغط على روسيا: مثلت الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا إحدى المسائل المهمة التي نوقشت خلال القمة، خاصة وأنه يُنظر إلى آسيا الوسطى باعتبارها إحدى الجهات المسؤولة عن إعادة تصدير السلع الغربية الخاضعة للعقوبات إلى روسيا. حيث يرغب الاتحاد الأوروبي في دفع دول آسيا الوسطى إلى الحد من تدفق هذه السلع، في إطار مساعيه المتواصلة للضغط على روسيا، في ظل مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتقارب مع موسكو. وهو ما أبدت دول آسيا الوسطى “استعدادها” للتجاوب معه لمنع التحايل على العقوبات.

حقبة جديدة للعلاقات:

بجانب إعلان قادة آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي عن الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، فقد تمخضت القمة عن العديد من النتائج الإيجابية، التي تعزز العلاقات بين الطرفين في كافة المجالات، وترتقي بها إلى حقبة جديدة، ومن أهمها:

1. إطلاق حزمة مساعدات بقيمة 13.2 مليار دولار لآسيا الوسطى: أطلق الاتحاد الأوروبي حزمة مساعدات بقيمة 12 مليار يورو (13.2 مليار دولار) لمنطقة آسيا الوسطى في إطار مبادرة “البوابة العالمية”، تتضمن أربع أولويات رئيسية: الأولى: مشروع ممر النقل الدولي عبر بحر قزوين، الذي يربط أوروبا وآسيا الوسطى، باستثمارات أوروبية بقيمة 10 مليارات يورو (11 مليار دولار). الثانية: المناخ والطاقة والمياه، من خلال بناء سدود لدعم أمن المياه والطاقة في المنطقة، وإنشاء حزام أخضر جديد في حوض بحر الآرال. الثالثة: الاتصال الرقمي، عبر تعاون الجانبين لإيصال الإنترنت إلى المناطق النائية والمدارس والمستشفيات في منطقة آسيا الوسطى عبر الأقمار الاصطناعية الأوروبية. الرابعة: المواد الخام الحيوية، وهي ضرورية لتسريع التحول المستقبلي إلى الطاقة النظيفة.

2. تعزيز التعاون لتحقيق الاستقرار الإقليمي: أكدت القمة أهمية تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن. كما أعربت عن القلق المشترك إزاء الوضع في أفغانستان، بما في ذلك التهديدات الأمنية ومخاطر امتدادها المحتملة إلى آسيا الوسطى وأوروبا. كما أكدت القمة أهمية منع التحايل على العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، كأحد الجوانب المهمة في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى. كما رحبت بتوقيع معاهدة الحدود الدولية بين قرغيزستان وطاجيكستان في 13 مارس 2025.

3. تعزيز التعاون في مواجهة التحديات الأمنية: أكدت القمة أهمية تعزيز التعاون بين الطرفين في المجالات التالية: الأمن السيبراني والتهديدات الهجينة، والتهديدات الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، ومنع ومكافحة التطرف والإرهاب، وتعزيز أمن الحدود، ومنع الاتجار بالمخدرات والاتجار بالبشر، وإطلاق حوار مُتخصص بشأن مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وبناء القدرة المجتمعية على الصمود في وجه التضليل الإعلامي.

4. العلاقات الاقتصادية والتجارة والاستثمارات: أكدت القمة أهمية التنفيذ الكامل لاتفاقيات الشراكة والتعاون الثنائية المعززة الحالية والمستقبلية لتعميق التعاون الإقليمي، ورحبت بتوقع اتفاقية الشراكة والتعاون الثنائية المعززة بين الاتحاد الأوروبي وقرغيزستان في يونيو 2024، وأبدت تطلعها إلى توقيعها مع أوزبكستان وطاجيكستان. كما أكد قادة الاتحاد الأوروبي دعمهم المستمر لانضمام أوزبكستان وتركمانستان إلى منظمة التجارة العالمية. كما شهدت القمة اتفاق القادة على عقد منتدى للمستثمرين في وقت لاحق من هذا العام لجذب المزيد من الاستثمارات، ولا سيما لممر النقل عبر بحر قزوين الذي سيقلل بشكل كبير من الوقت اللازم لتصدير البضائع بين المنطقتين.

5. تعزيز التعاون في مجال المعادن النادرة: وقّع الاتحاد الأوروبي مذكرات تفاهم بشأن المعادن الحيوية مع كازاخستان وأوزبكستان، وتم الارتقاء بهذا التعاون إلى مستوى جديد من خلال اعتماد إعلان نيات مشترك بشأن المواد الخام الحيوية. كما أقرت القمة خارطة الطريق 2025-2026 بموجب مذكرة التفاهم بين الاتحاد الأوروبي وكازاخستان بشأن المواد الخام الحيوية والبطاريات والهيدروجين الأخضر. حيث يُعد الوصول إلى الطاقة النظيفة والمعادن النادرة أمراً بالغ الأهمية للاتحاد الأوروبي في سعيه لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، وتعزيز استقلاليته في القطاعات الاستراتيجية.

وفي التقدير، يمكن القول إنه على الرغم من النتائج الإيجابية التي تمخضت عنها قمة آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي الأخيرة في سمرقند، باعتبارها تمثل تدشيناً لحقبة جديدة في علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، ولا سيما دورها في تعزيز المكانة الاستراتيجية لكل من آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي، وتمتين العلاقات التجارية والاستثمارية بينهما، فضلاً عما تعكسه من الالتزام الأوروبي المتجدد تجاه المنطقة ذات الأهمية الجيوسياسية الكبرى؛ فإن ما انطوت عليه القمة من دلالات تتعلق بإمكانية تقليل الاعتماد على روسيا والصين، سيضع عقبات عديدة أمام نجاح آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي في الأهداف المعلن عنها خلال القمة لتفعيل العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، في ظل إصرار روسيا والصين على تكثيف وجودهما في هذه المنطقة ذات الأهمية البالغة لمصالحهما القومية؛ وهو ما يعني أن الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من التنافس الثلاثي الأوروبي الروسي الصيني على النفوذ والهيمنة في آسيا الوسطى؛ الأمر الذي يفرض على دولها ضرورة تبني سياسة خارجية توازن بين القوى الكبرى الثلاث؛ بما يجعلها تحقق أقصى استفادة ممكنة لمصالحها الوطنية والإقليمية.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • بسبب محاولتي اغتيال.. هولندا تستدعي السفير الإيراني
  • وزير الخارجية: نشكر إيطاليا على دعم مصر داخل الاتحاد الأوروبي
  • الاتحاد الأوروبي يفرض غرامات على «آبل» و«ميتا»
  • الاتحاد الأوروبي يغرّم آبل وميتا 700 مليون يورو لانتهاكهما القواعد الرقمية للتكتّل
  • الاتحاد الأوروبي يسعى إلى منع الشركات الأوروبية من شراء منتجات الطاقة الروسية
  • المفوضية الأوروبية: نواصل دعم أوكرانيا لتحقيق سلام عادل
  • قمة سمرقند: لماذا يتزايد الاهتمام الأوروبي بآسيا الوسطى؟
  • معركة موهاكس.. أرعبت أوروبا وفتحت الطريق إلى فيينا
  • أسعار البيض تحلّق في أوروبا... من هي الدولة التي تدفع أكثر من غيرها؟
  • "الجارديان": تصاعد الهجمات ضد اللاجئين في برلين وسط تنامي جرائم اليمين المتطرف