«الأمة القومي» يعلن المشاركة في «مؤتمر القاهرة»
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
الحزب أعلن مشاركة رئيسه المكلف، فضل الله برمة ناصر في المؤتمر المزمع عقده في السادس من يوليو الجاري
التغيير:الخرطوم
أعلن حزب الأمة القومي مشاركته في «مؤتمر القاهرة» الذي يهدف إلى وقف الحرب ومعالجة الأزمة السودانية.
وقال الحزب عبر تصريح صحفي، الأربعاء، إن الرئيس المكلف للحزب، فضل الله برمة ناصر، تلقى دعوة رئيس من وزارة الخارجية بجمهورية مصر العربية للمشاركة في “مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية”.
وينعقد المؤتمر الذي دعت له القاهرة في الفترة من 6 إلى 7 يوليو الجاري، بهدف وقف الحرب ومعالجة الأزمة الإنسانية، وتهيئة المناخ للمسار السلمي لحل الأزمة السودانية.
وعبر تصريحه الصحفي، عبر حزب الأمة القومي عن شكره العميق لجمهورية مصر العربية قيادةً وشعباً لدعمها الشعب السوداني في هذه المحنة.
وأعرب عن دعمه الصادق لهذه المبادرة المهمة التي قال إنه يأمل أن تكلل بالنجاح باتخاذ مواقف حازمة لوقف الاقتتال وتخفيف معاناة السودانيين.
وثمن الحزب حرص جمهورية مصر العربية وسعيها المتواصل للإسهام في وقف الحرب وإحلال السلام في السودان.
وأكد الحزب أنه سيعمل على إنجاح المؤتمر بما يحقق تطلعات الشعب السوداني في وقف الحرب ومواجهة الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين وفتح آفاق لحل سياسي يخاطب جذور الأزمة، ويعيد الاستقرار والأمن والتحول الديمقراطي.
وأكد الحزب أنه يثمن كافة الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لوقف وإنهاء الحرب. كما أكد في سبيل إيجاد مخرج آمن يوقف “حمامات الدم”، يحفظ وحدة السودان أرضاً وشعباً، ويؤسس لعقد اجتماعي جديد.
ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 قتالاً عنيفاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، بدأ في الخرطوم، وامتد إلى مناطق واسعة من دارفور وكردفان والجزيرة وسنار، وأدى إلى أزمات إنسانية معقدة
وبسبب الحرب،نزح نحو عشرة ملايين شخص داخل البلاد وخارجه منذ اندلاع المعارك، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة. ودمرت المعارك إلى حد كبير البنية التحتية للبلاد التي بات سكانها مهددين بالمجاعة.
وتتوقع الأمم المتحدة أن يصل عدد النازحين إلى خارج البلاد قد يصل مع نهاية العام الجاري إلى 3.3 مليون شخص.
الوسومحرب السودان حزب الأمة القومي مؤتمر القاهرةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: حرب السودان حزب الأمة القومي مؤتمر القاهرة
إقرأ أيضاً:
سردية لندن: مؤتمر لم يُصفّق له الكيزان ولم يحضره القتلة
حين انعقد مؤتمر لندن لم يكن ذلك فعلًا بروتوكوليًا آخر في روزنامة البيانات الدبلوماسية، بل لحظة استثنائية في زمنٍ تتراكم فيه المآسي حتى تفقد الأرقام معناها.
السؤال لم يكن: لماذا تأخر العالم؟ بل كيف أُتيح للخراب أن يتسلل من فجوة في الضمير الإنساني، ويتمدد بهذا الاطمئنان، كما لو أن الموت قد أصبح مشهدًا مألوفًا لا يستحق الإيقاف.
في قاعة تاريخية تزنها التقاليد الدبلوماسية الثقيلة، اجتمع صوت الإنسان مع صدى الجغرافيا الممزقة، واحتشدت الدول لا بحثًا عن مجد، بل لاستدراك ما يمكن إنقاذه من وطنٍ يتهاوى تحت ضربات البنادق وخيانات النخب.
وبينما كان البعض مشغولًا بحسابات الاصطفاف، كانت هناك إرادة خافتة تُجرب، من جديد، أن تقول: لا للحرب، نعم للمدنيين، ولو من بعيد.
المؤتمر في جوهره لم يكن محاولة للوساطة بقدر ما كان اعترافًا دوليًا صريحًا بأن ثمة كارثة فشلت كل المبادرات في لجمها. لذلك اختار أن يبدأ من حيث يجب: من المدنيين، لا من الجنرالات. لكن، وبلا مواربة، فإن غياب أطراف الحرب عن طاولة النقاش لم يكن نقيصة، بل فضيلة أخلاقية. لأن لا البرهان مؤهلٌ للسلام، ولا حميدتي يُحسن غير هندسة الموت.
كل ما قدّمه المؤتمر، هو قول ما يجب أن يُقال: أن هذه الحرب ليست قدرًا، وأن وحدة السودان ليست محطة عابرة في موجز الكوارث اليومية، وأن المدنيين ليسوا مجرد “كولاج” إنساني لإضفاء العمق على تقارير المنظمات.
الذين وقفوا خارج المؤتمر يصرخون، كانوا يرفعون شعارات تبدو، للوهلة الأولى، عادلة. لكن تفكيك شعاراتهم يُعيدنا للعبة المرايا القديمة. الكيزان، الذين لم يخرجوا من المشهد، بل أعادوا تدوير أنفسهم داخل خطاب الوطنية المزيفة، استطاعوا أن يزجّوا بهؤلاء الشباب في لعبة دلالات مضللة: صار كل حديث عن المدنيين في المخيلة المُضلّلة مرادفًا للدعم السريع، وللتآمر، وللعمالة، بينما لم يجرؤ أحد على طرح سؤال: من الذي صنع هذه الحرب أصلًا؟ ومن الذي أفلت المليشيات من قمقمها؟
الكيزان، وحدهم، أحسنوا تحويل التظاهر إلى قناع، والغضب المشروع إلى مسرحية مدروسة، تُرفع فيها الشعارات ليُعاد بها إنتاج القهر، لا مقاومته؛ حتى صار الهتاف سلاحًا في يد الجلاد، يرتديه بوجه مدني ويواصل به التنكيل باسم الشعب.
أما الذين يصرّون على أن المؤتمر تجاهل الفاعلين السودانيين، فعليهم أن يراجعوا تعريف الفعل أصلًا. لأن الفاعل هنا ليس من يُمسك بالبندقية، بل من يملك القدرة على إنتاج المعنى.
والحقيقة التي لا جدال فيها هي أن لا الجيش، ولا الدعم السريع، ولا تلك القوى المدنية التي تماهت مع هندام السلطة، ولوّنت خطابها بلون الزي العسكري، وانزلقت مع سرديّتهم الأمنية، تملك مشروعًا يُعتد به، أو رؤية تستحق الرهان.
أما القوى المدنية الوطنية، التي تحاول — رغم العزلة والقهر — أن تصوغ موقفًا أخلاقيًا من الحرب، فلا تُختزل مسؤوليتها في غيابها عن طاولة، بل في قدرتها على كشف الزيف، والإصرار على المعنى.
ولهذا، فإن اختزال مشهد لندن في غياب ما يُسمّى بـ«أطراف النزاع» ليس سوى تبسيطٍ مخادعٍ لمأساةٍ معقّدة، لا يعوزها الحوار، بقدر ما يعوزها الصدق.
البيان المشترك الذي صدر لم يكن بيان تسوية، بل بيان نفي: نفي لإمكانية استمرار الحرب بلا مساءلة. نفي لفكرة أن السودان شأن داخلي بينما يتم نهبه بالسلاح وبالسكوت. نفي لسردية البرهان الذي يريد رسم حدود السيادة على جثث المدن المدمرة، ولحميدتي الذي يتكلم عن السلام من فوق جماجم الفاشر.
لكن الأهم من كل ذلك: هو نفي للخذلان الجماعي. للمرة الأولى، منذ وقت طويل، قالت أوروبا شيئًا عن السودان لم يكن مجاملة، ولا ترتيبًا لنفوذ، بل إعلان قلق حقيقي.
هل يكفي ذلك؟ قطعًا لا. لكن في زمن صار فيه السكوت هو القاعدة، فالاعتراف، إذًا، هو بداية الطريق.
الدعم المالي الذي أُعلن عنه ليس إنجازًا، لكنه صرخة مضادة للمجاعة، ورسالة بأن من مات لا يمكن أن يُعاد، وأن النجاة الآن لمن لم تُسحق عظامه بعد.
الذين يسخرون من تلك التعهدات، لأن مصدرها «غربي»، يغفلون أن الحروب لا تُوقفها القبلية العاطفية، بل سياسات عالمية تُمسك بخيوط اللعبة.
والهجوم على المؤتمر، بحجة أنه مدفوع الأجر من السفارات، هو في ذاته تكرار بائس لنفس منطق الانبطاح الذي جعل من بيانات الجيش قُرآنًا مُنزلًا، ومن المساعدات الخليجية «حلالًا طيبًا»، بينما صارت أي لفتة أوروبية كفرًا وخيانة.
لقد حاول المؤتمر أن يخلق خطابًا جديدًا: لا ينتمي لخرائط القوى الإقليمية التي تتصارع فوق الجثث، ولا لصفوف النخب التي تكتب بياناتها من المنفى وتنتظر إشارات العواصم.
الخطاب الذي حاول المؤتمر أن يبلوره كان فعلًا مضادًا للصمت، لا بديلاً للثورة، ولا تسوية مع الجنرالات، بل منصة لكشفهم جميعًا.
ولعل ما يُحسب له أنه لم يهادن أحدًا: لا الدعم السريع، ولا الجيش، ولا حتى الدول التي تغذي الحرب سرًا وتُدينها علنًا.
فحين فشلت مصر والإمارات والسعودية في الاتفاق على بيان موحّد، سقط القناع عن فكرة أن الإقليم يمكنه صناعة سلام. لأن الإقليم، ببساطة، هو جزء من آلة الحرب.
الذين دعموا المؤتمر لم يفعلوا ذلك لأنهم يؤمنون بقدرة لندن على إخراج السودان من أزمته، بل لأنهم سئموا من خرافة أن الصمت هو الحل.
هذا المؤتمر لم يكن خيانة، بل فعل مقاومة ضد سردية الاستسلام.
أما الذين ينعقون بوطنية فُصّلت على مقاس العسكر، ويزعمون أن الدعوة لوقف الحرب مؤامرة، فهم ذاتهم الذين هللوا للانقلاب، وباعوا الثورة لحفنة جنرالات مهووسين بالدم والسيطرة.
لسنا في لحظة انتصار، ولسنا في مسرح هزيمة فقط. نحن في منطقة رمادية، فيها الكارثة تُعيد إنتاج نفسها كل صباح، والمستقبل يُصادر من فوق أنقاض الحاضر.
ولكن ما حدث في لندن، رغم كل تعقيداته، هو بمثابة نافذة فُتحت في جدار الصمت.
ليس المطلوب أن نُعلق عليها كل آمالنا، بل أن نُحصنها من التسفيه، ونربطها بحراك حقيقي يعيد تعريف من يتحدث باسم السودان، ولأجل من.
في عالم اختُزل فيه المعنى إلى صورة، وانكمش فيه العمق أمام سرعة البث، لم تعد الحقيقة تملك أثرًا ما لم تُقال بلغة تجرؤ على كسر الابتذال ومقاومة البلادة الأخلاقية.
ومؤتمر لندن، في صورته الأعمق، لم يكن مجرد مبادرة، بل تمردًا رمزيًا على ابتذال الدم السوداني، ورفضًا لأن يتحوّل الفقد إلى خلفية صامتة في مسرح السياسة الدولية.
يبقى القرار الآن في يد من تبقّى من هذا الشعب:
هل يرضى أن يظل مرآةً تعكس صراع الآخرين، أم يجرؤ على رسم خريطة نجاته، لا عبر فوهة البندقية، بل عبر شجاعة أن يقول — لا في لحظة انفجار، بل في لحظة وعي —: كفى.
zoolsaay@yahoo.com