العيش مع الأفيال.. أجواء مميزة في قرى بتسوانا قبلة سياح العالم.. وقصص الكائن الضخم مع النحل والفلفل
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
تخيل أن تعيش في قرية تتجول بها قطعان من الأفيال الضخمة، ويكون لديك أطفال، وكيف يمكن أن تكون العلاقة بين هذا الحيوان، والمجتمع الخاص بك داخل القرية، من أطفال، أو أراضي زراعية، أو مسكنك وخزان المياه الخاص بك، وكيف يمكن أن تكون الطرق، وكيف يمكن أن تتجنب أضرار وجود تلك الحيوانات الضخمة حولك، إنها قصص مشوقة من أدغال القارة السمراء، فهيا بينا في جولة سفارى للتعرف عليها.
ومرشدنا في تلك الجولة التي ستكون في دولة بتسوانا، هو موجيتا، والذي انتظر ثلاث أيام حتى يرصد لنا تفاصيل وأجواء رحلة هؤلاء العمالقة المعتادة داخل القري، حيث تنتقل في تلك الأوقات ما بين أماكن التغذية إلى أماكن مياه للشرب، ويصاحبه في الانتظار أطفال القرية وهم يهمس: "إنهم يجمعون الأشياء هناك ، في الأدغال"، تلك الرحلة التي رصدتها صحيفة bbc البريطانية.
أكوام كبيرة من الروث والبصمات في الرمال قبل الظهور
الأجواء المشمسة تعم القرية، وتحت سطوتها تتواجد الأشجار المعتادة في تلك الأدغال، والبشرة السمراء يملأ المكان، تتخللها بعض الوجوه البيضاء تمثل توافد السياح المنتظرين لرؤية رحلة السفاري، والهدوء سيد الموقف، وكأنه الصمت الذي يسبق العاصفة، ولا آثار لوجود الأفيال، إلا أكوام كبيرة من الروث، وبصمات واضحة لأرجلها الضخمة على الرمال، والأنظار كلها متوجهة صوب الغابات، ولا حديث سوى على ظهور قائد القطيع، إنه الفيل مركزي الذي يتواجد داخل الغابة وحوله أفراد القطيع.
ويهمس موجيتا مرة أخرى: "إنهم هناك فقط"، ولكن المحيطين يقولون "لا نستطيع أن نسمع ولا نرى شيئًا سوى الأشجار والشجيرات"، والجميع في الجزء العلوي من دلتا أوكافانغو في شمال بوتسوانا، حيث يقفون في منتصف "ممر الأفيال" - أحد الطرق المعتادة التي تسلكها الأفيال في تنقلاتها اليومية بين مناطق التغذية من جهة والمياه من جهة أخرى، ويمكن للمتواجد سماع أصوات هدير منخفضة في بعض الأحيان - حيث يلاحظ أجزاء من رأس عملاق يحدق بالجميع عبر الأدغال، ويوضح موجيتا: "يمكنهم شم رائحتنا .. إنهم قلقون، إنهم يدورون حولنا".
انفجار الأجساد الضخمة يقطع الصمت .. الحركة بحساب
على بعد حوالي 100 متر، انفجرت عشرات الأفيال من جميع الأحجام من الغطاء واندفعت عبر الطريق، إلى الأدغال على الجانب الآخر، وفي الدقائق القليلة التالية، يعبر قطيع كامل، بعضهم يرفرف بأذنه ويهتف، وهنا يوضح موجيتا أنهم يحذرون بعضهم البعض وعلينا الابتعاد، وهم يتحركون بسرعة أثناء ذهابهم إلى النهر، ولا يريدون أن يتم إزعاجهم، إنهم عطشى ويحتاجون فقط للذهاب وشرب بعض الماء، ويمكن أن يكون الأمر خطيرًا للغاية مع السرعة التي يتقدمون بها، فهم لا يرون حتى ما يجري، بل يمضون في خط مستقيم".
وعلى مدار ربع الساعة التالي، يجب أن تكون الحركة بحساب حتى لا يتأذى أحد، حيث يعبر حوالي 150 فيلًا الطريق، ويشاهد الجميع الأخيرين بالقطيع، فهما أبطأ الحركة، أم مع طفلها البالغ من العمر أسبوعا واحدا، إنه لأمر مبهج أن نراهم في البرية هكذا وأن تجربهم عن قرب، ولحسن الحظ ، كما يوضح موجيتا ، فإن حاسة الشم الشديدة لديهم تبقيهم على مسافة آمنة منا.
شخص يموت سنويا تحت أقدامها.. تلك إرشادات عامة
وفي محاولة لمنع موت أي إنسان قامت الحكومة بعدد من الإجراءات الهامة، حيث تقتل الأفيال كل عام شخصا واحدا على الأقل في هذه المنطقة، لذلك نجد علامات التحذير على جانب الطريق تحدد ممرات الأفيال، لذلك يعرف السكان المحليون أن يبتعدوا عن مساراتهم المعتادة، كجزء من مبادرة حكومية، حيث تم وضع اللافتات بمساعدة من أصاحب العمل بالمنطقة.
هي أجواء ستجدها في 14 قرية على امتداد 75 ميلاً (120 كم) من الطريق، فيما يسمى Okavango Panhandle، هذا الامتداد الطويل الرفيع من الأرض والمياه يفتح على أكبر دلتا داخلية في العالم، جوهرة خضراء في صحراء كالاهاري، وهي منطقة تديرها شركة بالتنسيق مع الحكومة، وذلك لتنظيم رحلات السياحة، والتنسيق مع أبناء القرى، ورسم خريطة الإرشادات واللافتات.
دلتا أوكافانغو .. ومزادات الأفيال
بحسب الصحيفة البريطانية، فمنذ مائة عام، جاب القارة حوالي 10 ملايين فيل، ومع الصيد الجائر وفقدان الموائل وانتشار الأمراض، أصبح الآن هناك أقل من نصف مليون متبقي في إفريقيا - وما يقرب من ثلثهم في بوتسوانا لوحدها، ويقول الخبراء إن أعداد الأفيال في البلاد تتزايد بمعدل 6٪ سنويًا - بالسرعة التي يمكن أن تنمو بها بيولوجيًا.
ونتيجة لهذا النمو رفعت حكومة بوتسوانا بشكل مثير للجدل الحظر المفروض على صيد الأفيال في عام 2019، وتجادل بأنها توفر مصدرًا جيدًا للدخل للمجتمع المحلي - وتقول إن صيد الغنائم مرخص وخاضع للرقابة الصارمة، ففي هذه المنطقة ، بالقرب من قرية سيرونجا ، يفوق عدد الأفيال عدد السكان، ولكن هذا يمكن أن يسبب مشاكل، خاصة بالنسبة لمزارعي الكفاف المحليين، وقد تؤدي غارة الأفيال على المحاصيل إلى تدمير الإمدادات الغذائية السنوية للأسرة في ليلة واحدة فقط.
تدابير المزارعين لتجنب الأفيال
بالعودة لأجواء القرية، نجد أن المزارعين يتخذون تدابير بسيطة لإبعاد الأفيال عن مزارعهم، حيث يتم تعليق خيوط من علب الصفيح، والزجاجات البلاستيكية، وحتى الأكياس البلاستيكية من الأسلاك حول حقولهم، وفي الآونة الأخيرة، تم إدخال "أسوار" الفلفل الحار، وهي عبارة عن أقمشة مبللة بالفلفل الحار تتدلى من سلك معدني، وكذلك البعض يقوم بعمل أسوار خلية نحل، فالفيلة حقا لا تحب طنين النحل.
ويوضح موجيتا: "أنت بحاجة إلى مجموعة كاملة من التقنيات، حيث يمكن للفيل أن يأتي ويلاحظ سياج العلبة ويرى ما إذا كانت هناك أي حركة أو ما إذا كان ضارًا، ولكن مع الوقت هي تتعلم، وفي مرحلة ما، سينتهي به الأمر بالاختراق والدخول، وهو ما يسبب في حدوث الحوادث مع سكان القرى"، وهنا تحدث ديمبو – أحد السكان وقال إنه ذات ليلة من الشهر الماضي أيقظه صوت الأفيال، وقد تخطت كافة الأسياج، وحينها قرعت طبولتي لإخافتهم بعيدًا، ضربت وضربت وضربت، ثم سمعت صوت تحطم، وبمجرد ذهاب الأفيال، خرجت واكتشفت الضرر، فقد هدموا ودمروا ممتلكاتي الثمينة والأغلى .. خزان مياه بلاستيكي كبير، وكان يحمل 5000 لتر من الماء، مرفوعًا على بعض الركائز المتينة تحت شجرة".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 41 من سورة العنكبوت: “مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”.
لما أن أراد الله للناس أن يؤمنوا به بقناعاتهم، فقد خصص أكثر من ثلث آيات كتابه الكريم لمخاطبة العقل، ولتقريب الفهم استعمل الأمثال، وهي المطابقة بين حالة مألوفة مفهومة للعقل، والحالة المطلوب استيعابها.
ولأن عقول البشر متباينة في الاستيعاب، لذلك خصص الله من الأمثال درجات متعددة في العمق، ففي الحالات البسيطة استعمل معها ما يوازيها من الأمثال، مثل مماثلة مضاعفة أجر من ينفق في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، أما الحالات المعقدة الفهم فاستعمل معها أمثلة عميقة تحتاج تبحرا في العلم مثل “اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ..”.
مثل العنكبوت هو من نوع الأمثال العميقة، والتي تحتاج من البشر معرفة علمية متقدمة، لم يكن قد وصلوها زمن التنزيل، لذلك أرادها الله لاقناع البشر في مرحلة قادمة عندما يتأهلوا معرفيا لفهم أبعاد هذا المثل، والتي ما اكتشفوها ألا حديثا، ومنها:
1 – في قوله تعالى “اتخذت” بصيغة المؤنث، فما اكتشوا الا حديثا أن من ينسج الشبكة بهذا الإعجاز الهندسي الباهر هو الأنثى، وليس للذكر دور في ذلك.
2 – إن هذا البيت رغم متانة بنيانه انشائيا إلا أنه ضعيف هش وظيفيا، فهو لا يحقق متطلبات استقرار الأسرة، فالأنثى بعد أن تحصل على تلقيح الذكر تأكله، والبيوض بعد أن تفقس تأكل اليرقات الصغيرة أمها، فهذا البيت أوهن البيوت لأنه يفتقد الترابط الأسري والعلاقة الحميمية بين أفراده.
بالمقابل ضرب الله مثلا معاكسا للبيت المتين المنتج بحشرة أخرى هي النحل، فقال: وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ . ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [النحل:68-69].
ومن خلال المقارنة بين الحالتين نلاحظ الفارق:
1 – اتخاذ النحل بيته لم يكن اختيارا منه بناء على متطلب ذاتي كما العنكبوت(اتخذت)، بل بإيحاء من الله (اتخذي)، لذلك كان المنتج مختلفا، فقد نفعت النحل نفسها وأهل بيتها، كما قدمت نفعا للبشر أراده الله من انتاجها العسل.
وهنا لا بد من دحض فكرة العلمانيين المنكرين لوجود مدبر للكون، والتي تقول بأن النحل ينتج العسل تخزينا لطعامه فصل الشتاء ولليرقات الجديدة، وأن الانسان يسلبه ذلك المخزون، لكن ما ينتجه يفوق حاجته بعشرة أضعاف، فما الذي يدفعه لإجهاد نفسه بانتاج هذه الكمية الضخمة لولا أنه مسخر لذلك من قبل الخالق لأجل انتفاع الإنسان بهذا المنتج الذي لا يمكن أن يصنعه بذاته، بل هذه الحشرة تحديدا من بين كل الحشرات.
2 – اذاً فوظيفتها الهامة النافعة للبشر، لم تخترها بذاتها، بل بإيحاء من الخالق “اسلكي سبل ربك” أي ما هيأه لها من وسائل تهديها في غدوها ورواحها يوميا من غير ان تضل أو تتوه، ما زال العلم لم يكتشفها، وهذه السبل ذللها الله لها لتؤدي مهمتها الجليلة.
3 – نستنتج أن منهج الله يحقق التعاون المنتج للنفع العام، فيما منهج النفع الفردي عكسه، لذلك رأينا الغرب منبهر بمنهج العنكبوت، فبطلهم (سبايدرمان)، والشبكة العنكبوتية مثلهم الأعلى، وأسس الرأسمالية على منواله: الأقوى يأكل الأضعف بعد استنفاد النفع منه.
لكن هنالك طبقة أعمق في هذا المثل، وهي ما عناه تعالى بقوله: “وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ” [العنكبوت:43]، أي مخصصة للعلماء الذين سيتوصلوا الى معرفة الإعجاز العلمي الكامن في هذا المثل.
ان استخدام لفظة (العالمون) وليست بصيغة جمع التكسير (العلماء)، لأنه يختلط فيهم المتقدم علميا وطالبوا العلم والباحثون، بينما جمع المذكر السالم (العالمون) مخصص للقمم ممن وصلوا درجة عالية من العلم، وهؤلاء استحقوا هذا اللقب لأنهم بالعلم عرفوا الله، وهو مصدر العلم الأساسي، فالعلم الذي يؤخذ من المصدر مطلق الصحة، بخلاف ما يؤخذ عن البشر أو بالتجريب، فهو ناقص أو غير مؤكد، وقد ينقضه باحث آخر.