عربي21:
2024-07-06@00:44:18 GMT

أحداث قيصري ثمرة التساهل مع العنصريين

تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT

شهدت مدينة قيصري التركية، ليلة الاثنين، أعمال عنف وتخريب استهدفت اللاجئين السوريين العزّل وبيوتهم ومحلاتهم وممتلكاتهم، بعد أن انتشرت أنباء حول تحرش سوري بطفلة سورية. وأعقبت تلك الأحداث المؤسفة اعتداءات على الأعلام التركية والشاحنات التي تحمل اللوحات التركية ومكاتب البريد التركي في المناطق المحررة في سوريا، بدعوى الاحتجاج على ما تعرض له اللاجئون السوريون في تركيا، ثم خرجت مجموعات صغيرة في مدن تركية مختلفة هاجمت اللاجئين السوريين بدعوى الرد على تمزيق الأعلام التركية في الشمال السوري.



وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، أعلن أن 474 مواطنا تركيا تم اعتقالهم على خلفية أحداث قيصري وما بعدها، مشيرا إلى أن 285 منهم من ذوي السوابق الجنائية في قضايا مختلفة بينها تعاطي المخدرات، وأعمال السطو، والاغتصاب، والسرقة وتهريب البشر. كما ذكرت مديرية أمن قيصري أن الذي نقل المعتدين على اللاجئين بشاحنته مواطن تركي سبق أن سُجن بتهمة اغتصاب طفل. وبالتالي، هناك أسئلة عديدة تطرح نفسها، مثل: "من هو العقل المدبر؟"، و"من الذي جمع كل هؤلاء، وأتى بهم من أحياء مختلفة، ووجههم إلى ضرب السوريين وتخريب ممتلكاتهم وحرقها؟"، و"هل ستتم محاسبتهم كما ينبغي أم سيتم إطلاق سراحهم بعد يوم أو يومين؟".

أحداث قيصري، للأسف الشديد، لا يمكن اعتبارها مفاجئة، بل جاءت معلنة أنها ستأتي عاجلا أم آجلا، في ظل استمرار الحملات العنصرية التي تستهدف اللاجئين السوريين والأفغان، وتساهل الحكومة التركية في التعامل مع تلك الحملات. ووجَّه رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان السهام إلى المعارضة، وقال في أول تعليقه على الأحداث، إن "الخطاب المسموم الذي تتبناه المعارضة أحد أسباب الأحداث المحزنة"، إلا أن تحريض المعارضة ضد اللاجئين لأسباب سياسية لا يعفي الحكومة من مسؤولية حماية السوريين الذين يعيشون في البلاد بشكل قانوني. العنصريون الذين يستهدفون اللاجئين السوريين نسبتهم ضئيلة في المجتمع التركي، كما أثبتت نتائج الانتخابات، والأغلبية الساحقة ليست لديها مشاكل مع اللاجئين، حتى وإن رأى كثير منهم أن الحل الأفضل للمشكلة هو عودة اللاجئين إلى بلادهم. إلا أن تلك الشرذمة العنصرية وجدت مساحة تحرك واسعة للتحريض وإثارة الفتن ليصل بهم الأمر إلى القيام بأعمال العنف، بسبب تساهل الحكومة مع جرائم نشر الإشاعات والأنباء الكاذبة والجرائم العنصريةكما أن المسؤولين الذين يمثلون السلطة التنفيذية ليس المطلوب منهم أن يطلقوا تصريحات كمحللين، بل المطلوب منهم أن يقوموا بواجبهم من خلال تنفيذ القوانين وضرب كافة المثيرين للفتنة، والناشرين للإشاعات والأنباء الكاذبة، وقطع الأيدي الممتدة إلى أمن البلاد واستقرارها.

العنصريون الذين يستهدفون اللاجئين السوريين نسبتهم ضئيلة في المجتمع التركي، كما أثبتت نتائج الانتخابات، والأغلبية الساحقة ليست لديها مشاكل مع اللاجئين، حتى وإن رأى كثير منهم أن الحل الأفضل للمشكلة هو عودة اللاجئين إلى بلادهم. إلا أن تلك الشرذمة العنصرية وجدت مساحة تحرك واسعة للتحريض وإثارة الفتن ليصل بهم الأمر إلى القيام بأعمال العنف، بسبب تساهل الحكومة مع جرائم نشر الإشاعات والأنباء الكاذبة والجرائم العنصرية. وبعبارة أخرى، إن أحداث قيصري ما هي إلا ثمرة التقاعس عن ردع الجرائم العنصرية الممنهجة ووأد الحملات المغرضة في مهدها.

اعتقال المئات من المتورطين في الأحداث الأخيرة خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنه لا يكفي، بل لا بد من محاسبة هؤلاء على ما ارتكبوا من جرائم مروعة، واعتبار ما قاموا به "تمردا على النظام العام" و"عملا لصالح أجهزة الاستخبارات الأجنبية لإثارة الفوضى في البلاد"، لتتم محاكمتهم على غرار محاكمة المتورطين في أحداث "غزي باركي" ومحاولة الانقلاب الفاشلة في صيف 2016. ومن الضروري أيضا أن تتم محاكمتهم أمام أعين الجميع ليعرف كل من تسول له نفسه العبث بأمن تركيا واستقرارها والقيام بأعمال العنف والشغب ولو باسم القومية أو الوطنية، أنه سيدفع ثمن جرائمه غاليا.

السلطات التركية يجب أن لا تنظر إلى هؤلاء الغوغاء المتورطين في الأحداث الأخيرة على أنهم "مجرد مواطنين غاضبين" لديهم ملاحظات على سياسة الحكومة في الملف السوري، كما يجب أخذ الدعوات التي تطلقها حسابات مشبوهة في مواقع التواصل الاجتماعي للتجمع في أماكن معينة من أجل استهداف اللاجئين، على محمل الجد، والتعامل مع أصحابها بحزم. أما إن تم اعتقال مرتكبي الجرائم العنصرية اليوم وتم إطلاق سراحهم غدا، فمن المؤكد أن أمثال أحداث قيصري ستتكرر في مدن أخرى.

يجب على الحكومة التخلي عن تكرار القول بأن اللاجئين السوريين ضيوف سيعودون إلى بلادهم، لأن هذه المقولة تشكل تبريرا لدعوى العنصريين الذين يزعمون أن مدة الضيافة قد طالت، وأن الوقت قد حان لعودة الضيوف إلى بلادهم بأي طريقة. وأرى أن الحل الأمثل هو منح اللاجئين السوريين الجنسية التركية، لتحويلهم من لاجئين إلى مواطنين، بالتوازي مع برامج الاندماج،
الحكومة التركية تملك أدوات قانونية وإعلامية واجتماعية كافية لردع العنصريين، وقطع دابر حملات التحريض ضد اللاجئين، ودحض خطاب المعارضة المسموم. وإن لم يتم الآن استخدام تلك الأدوات، ونشر خطاب التآخي والتراحم بين المواطنين واللاجئين عن طريق المؤسسات الحكومية ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والجماعات الإسلامية، فيا ترى متى سيتم؟ كما يجب على الحكومة التخلي عن تكرار القول بأن اللاجئين السوريين ضيوف سيعودون إلى بلادهم، لأن هذه المقولة تشكل تبريرا لدعوى العنصريين الذين يزعمون أن مدة الضيافة قد طالت، وأن الوقت قد حان لعودة الضيوف إلى بلادهم بأي طريقة. وأرى أن الحل الأمثل هو منح اللاجئين السوريين الجنسية التركية، لتحويلهم من لاجئين إلى مواطنين، بالتوازي مع برامج الاندماج، وأنهم حتى وإن عادوا إلى سوريا مستقبلا يعودون كمزدوجي الجنسية.

أردوغان في إحدى كلماته بعد محاولة الانقلاب الفاشلة قال: "هذا البلد وراءه دعوات مئات الملايين من إخواننا حول العالم، بالإضافة إلى دعوات مواطنينا، وأؤمن بأننا سنتغلب على جميع العوائق بفضل دعوات المظلومين". وقال أيضا، أمس الثلاثاء بعد اجتماع الحكومة: "نعلم كيف نكسر الأيادي القذرة التي تطال علمنا، ونعلم أيضا كيف نكسر تلك التي تمتد إلى المظلومين اللاجئين في بلادنا". وعلى الحكومة التركية أن تنتقل من مرحلة العلم إلى مرحلة العمل، لتكسر الأيادي القذرة التي امتدّت بالفعل إلى اللاجئين السوريين، كيلا تتحول دعوات المظلومين لتركيا إلى دعوات عليها.

x.com/ismail_yasa

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اللاجئين سوريا تركيا العنصرية سوريا تركيا لاجئين عنصرية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین السوریین أحداث قیصری إلى بلادهم منهم أن أن الحل

إقرأ أيضاً:

قضية تسريب بيانات سوريين في تركيا.. إلى أين وصلت؟

لا تزال حالة الصدمة تخيّم على مشهد اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا، بعدما فوجئوا، الخميس، بتسريب الملايين من بياناتهم الشخصية عبر مجموعة في تطبيق "تلغرام" تحمل اسم "انتفاضة تركيا".

وتحدث موقع "الحرة" مع أكثر من 10 لاجئين سوريين، جميعم قالوا إنهم فحصوا البيانات المسربة التي انتشرت على نحو كبير في وسائل التواصل الاجتماعي. 

وفي حين أكدوا صحتها، إذ أنها تشمل رقم القيد الخاص بهم مع اسم الأب والأم والحي الذي يقيمون فيه، فقد عبّروا عن مخاوفهم من المخاطر التي قد تترتب على ذلك.

وتسريب البيانات على العلن جاء بشكل مفاجئ عبر مجموعة في "تلغرام"، وشيئا فشيئا تم تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط استنكار سوريين وأتراك وصدمتهم مما حصل.

إردوغان: قد ندعو بوتين ومعه الأسد للزيارة نقلت محطة "إن تي في" التلفزيونية ووسائل إعلام أخرى، الجمعة، عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله إن زيارة محتملة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا قد تمهد الطريق لعهد جديد من التقارب التركي السوري.

وحتى الآن، انتشرت 3 روايات رسمية بشأن قضية التسريب، كان آخرها لوزير الداخلية، علي يرلي كايا، حيث قال، الجمعة، من ولاية قيصري، إن الحسابات التي نشرت المعلومات "هي ذاتها التي أطلقت دعوات لإثارة أعمال الشغب".

وأضاف أن خبراء الداخلية "قاموا بمراجعة البيانات التي تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي منذ الخميس وحتى صباح الجمعة"، وأوضح أنه وفقا للنتائج الأولية "فإن معلومات الهوية المشتركة هي بيانات قبل 8 سبتمبر 2022". 

وأشار يرلي كايا في ذات السياق، إلى أن "البيانات الحالية التي أعدتها مديرية إدارة الهجرة لدينا وبعد التاريخ المذكور، ليست مدرجة".

وتابع: "لقد قمنا بتعيين مفتشين مدنيين لهذه المسألة، وبالإضافة إلى ذلك، تقدم مديرية إدارة الهجرة لدينا شكوى جنائية إلى مكتب المدعي العام". 

"بعد بيانين" 

جاء حديث يرلي كايا بعد ساعات من بيان نشرته إدارة الهجرة التركية، قالت فيه إن "البيانات المسربة غير متطابقة مع المعلومات الحالية الموجودة لديها".

وأضافت أنها فتحت تحقيقا واسع النطاق لتحديد السنوات التي تعود إليها البيانات، ومن أي مصدر وفي أي تاريخ تم الحصول عليها.

"عبر لبنان".. زعيم المعارضة التركية يعتزم زيارة دمشق في يوليو أعلن زعيم المعارضة التركية رئيس حزب "الشعب الجمهوري"، أوزغور أوزيل، أنه سيزور العاصمة السورية، دمشق، في يوليو الحالي، من أجل اللقاء مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد. 

وقبل ذلك، قالت الداخلية التركية في بيان أولي، إن مجموعة تحمل اسم "انتفاضة تركيا" نشرت عبر تطبيق "تلغرام" دعوة للتظاهر في منطقة سلطان بيلي في إسطنبول ضد اللاجئين السوريين.

كما نشرت المجموعة البيانات الشخصية للاجئين السوريين في تركيا. وأضافت الوزارة أنها "تقوم بعملية تحقيق واسعة بشأن هذه القضية".

وأوضح بيان الداخلية أنه "تبين أن مدير المجموعة فتى يبلغ من العمر 14 عاما"، وأن مديرية الأطفال في إسطنبول تدخلت للتعامل معه بالشكل اللازم. 

"مخاطر في أية لحظة"

ورغم البيانات الرسمية التي أصدرتها الحكومة التركية من عدة اتجاهات، لم يكن ذلك كفيلا لتخفيف حالة الصدمة والمخاوف من أية مخاطر قد تسفر عنها عملية تسريب البيانات على العلن. 

وقال محمد، وهو أحد الشبان الذين تفاجأ بوجود بياناته الشخصية ضمن القوائم المسربة، لموقع "الحرة"، إن "الأمر لا يمكن اعتباره مزحة أو شيئا عابرا.. ببساطة قد يتجه أي شخص في البلاد لاستخدام رقم القيد والاسم في عمليات تزوير لاستخدامها في قضايا جنائية".

وعلاوة على ذلك، قد يترتب على البيانات المكشوفة على العلن مخاطر أخرى ترتبط بإمكانية فتح خطوط الهاتف أو عدادات المياه والكهرباء دون علم صاحب الشأن، وفق حديث الشاب.

"التطبيع" بين أنقرة ودمشق.. مسار محفوف بالألغام والأثمان بالنظر إلى طبيعة الملفات الشائكة والخلافية بين أنقرة ونظام الرئيس السوري بشار الأسد لا يمكن أن تكون عملية التطبيع بين الجانبين "سهلة" كما يرى خبراء، ورغم أن التصريحات الرسمية الأخيرة كسرت جزءا من الجمود في العلاقة قد يختلف المشهد بصورته المعلنة عند الغوص بالتفاصيل.

وعلى مدى السنوات الماضية، كان الكثير من السوريين قد واجهوا قضايا جنائية، تعلّق القسم الأعظم منها بخطوط هاتف فتحت بأسمائهم دون أن يدركوا ذلك.

وتعتبر هذه القضية "الأخطر"، حسب حديث عبد الحميد، المقيم في تركيا منذ 8 سنوات، إلى موقع "الحرة".

وأكد أن بياناته منشورة بالتفصيل مع بيانات بقية أفراد عائلته، رغم أنهم يحملون بطاقة الإقامة السياحية لا "الحماية المؤقتة" التي تُمنح للاجئين.

وضمن منشور عبر حسابه الشخصي في "فيسبوك"، قال الحقوقي السوري، مدير "المركز السوري للعدالة والمساءلة"، محمد العبد الله، إن "إلصاق" تهمة إدارة المجموعة التي سربت البيانات بقاصر، "يحول دون الحصول على أية تفاصيل جديدة بشأن ما حدث".

كما يُمنع على الصحافة نشر تفاصيل جرائم القصّر، وفي حال تمت محاكمة الفتى القاصر فإنها ستكون مغلقة وليست علنية، مما يعني إغلاق باب معرفة مصدر البيانات المسربة بشكل محكم، وفقا للعبد الله.

واعتبر الحقوقي السوري أنه "من الواضح أن خلفية النشر عنصرية، تهدف إلى ترهيب اللاجئين السوريين وليست مادية، (مثلا ليست سرقة بطاقات مصرفية بشكل عشوائي)، وهذا الجانب أهمله بيان وزارة الداخلية".

وأضاف أنه "من غير الواضح ما إذا كان النظام المستخدم في دائرة الهجرة تعرض للاختراق فعلا، أم أن موظفا رسميا حمّل هذه البيانات ونقلها للناشرين".

مقالات مشابهة

  • قضية تسريب بيانات سوريين في تركيا.. إلى أين وصلت؟
  • هل الأتراك حزينون على الطفلة السورية لهذه الدرجة؟
  • مجموعة يديرها طفل تسرب بيانات ملايين السوريين في تركيا.. قلق يعم اللاجئين
  • مجموعة يديرها طفل تسرب بيانات ملايين السوريين بتركيا.. قلق يعم اللاجئين
  • مقتل فتى سوري في تركيا طعنا خلال أعمال عنف طالت لاجئين سوريين
  • بعد موجة من العنف.. تداعيات سلبية على السوريين في تركيا والشمال السوري
  • مقتل شاب سوري «طعناً» في مدينة أنطاليا التركية
  • الشرطة التركية تعتدي على سوريين.. ما حقيقة الفيديو؟
  • مقتل شاب سوري في أنطاليا على يد أتراك