يتجه البريطانيون إلى صناديق الاقتراع في الرابع من يوليو/تموز الجاري وذلك بعد أن أعلن رئيس الوزراء ريشي سوناك عن انتخابات مبكرة في الأسبوع الأخير من مايو/أيار الماضي. وكان ذلك على عكس توقع كثيرين بأن تكون الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه.

وتتنافس أبرز الأحزاب البريطانية على 650 مقعدا في مجلس العموم، وهو مجلس النواب في برلمان المملكة المتحدة، وتسيطر جملة قضايا على النقاش العام الخاص بهذه الانتخابات تشمل الاقتصاد وخدمة الصحة الوطنية (NHS) والهجرة وعلاقة المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي.

وتسعى الجزيرة نت في هذا التقرير إلى تقديم شرح واف يقرأ خارطة هذه الانتخابات وأبرز الفاعلين فيها، ويقدم المعلومات الضرورية عنها:

ما الذي دفع رئيس الوزراء البريطاني إلى إعلان الانتخابات المبكرة؟

يعد كثيرون الخسارة الساحقة التي تعرض لها حزب المحافظين في الانتخابات المحلية في الثاني من مايو/أيار الماضي السبب الرئيس وراء إعلان سوناك للانتخابات المبكرة.

فقد شهد الحزب الحاكم في هذه الانتخابات أسوأ خسارة له منذ 40 سنة، وحلّ في المركز الثالث بعد حزب العمال المنافس والحزب الليبرالي الديمقراطي، وذلك ما حدا بسوناك إلى البحث عن إستراتيجيات جديدة لتحسين موقف حزبه.

جعلت هذه النتائج سوناك يدرك أن تأجيل الانتخابات قد يزيد من صعوبة استعادة حزبه لمكانته الشعبية بين الناخبين، خصوصا أن الانتخابات قد أظهرت شعبية حزب العمال بزعامة كير ستارمر، الذي يعدّ أكبر تهديد لحزب المحافظين الحاكم.

كذلك يأمل سوناك بهذه الانتخابات المبكرة أن يستدرك تفاقم التوترات داخل حزبه والتصدي لأي عناصر داخلية متمردة قد تطيح به قبل الانتخابات.

واعتمد سوناك في قراره هذا على عنصر المفاجأة، معتقدًا أن جدولة الانتخابات في وقت غير متوقع -أول انتخابات عامة في بريطانيا في يوليو/تموز منذ عام 1945- قد يكون له تأثير إيجابي في نتائج الانتخابات لمصلحة حزب المحافظين.

ووفقا لتقرير لصحيفة غارديان، يبدو أن سوناك يعتقد أن حظوظ حزبه لن تتحسن في الفترة ما بين الانتخابات المبكرة ووقت الانتخابات المعتاد في نهاية السنة، وربما أمل بفعلته أن يتمكن من التفوق على حزب العمال.

ما أبرز الأحزاب المشاركة بالانتخابات؟ وما أهدافها التي تروّج لها في حملاتها الانتخابية؟ حزب المحافظين

هو الحزب الحاكم حاليا، بقيادة ريشي سوناك، ويُعرف أيضا بحزب الاتحاديين، أو "التوريز" محليا، وقد أُسّس عام 1834.

يهدف إلى التقليل من الاقتراض والدين، وخفض الضرائب بمقدار 17.2 مليار جنيه إسترليني سنويا بحلول 2029-2030، وزيادة الإنفاق على الخدمة الصحية الوطنية (NHS)، وزيادة عدد الممرضين والأطباء، وزيادة الإنفاق العسكري إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

حزب العمال

هو الحزب المتوقع فوزه، ويقوده كير ستارمر، خليفة السياسي البارز جيرمي كوربن، وقد أسس الحزب عام 1900.

تتضمن أهدافه تحسين الوضع الاقتصادي بزيادة ثروة البلد لا برفع الضرائب، وخفض أوقات انتظار مواعيد الخدمة الصحية الوطنية (NHS) بإضافة 40 ألف موعد صحي أسبوعيا.

الحزب الليبرالي الديمقراطي

هو ثالث أشهر حزب حاليا، ويقوده إد ديفي الذي كان وزيرا في حكومة 2010-2015 إلى جانب المحافظين، وقد أُسس الحزب عام 1988.

من أهدافه الرئيسة تحسين علاقة البلاد مع الاتحاد الأوروبي، وخصوصا بعد البريكسيت، والتركيز على الطاقة المتجددة، وزيادة عدد الأطباء وتحسين أوضاع العاملين في القطاع الصحي. ويأمل الديمقراطيون الليبراليون السيطرة على مقاعد السلطة والوزارة من أعضاء حزب سوناك، ومنهم مستشار الخزانة جيريمي هانت الذي يأمل الديمقراطيون الليبراليون إطاحته.

حزب الخضر

يقوده كارلا دينيير وأدريان رامساي، وعادة ما يتبنّى قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الأقليات وسياسات حماية البيئة، ويكون عكس تيار سياسات الأحزاب السياسية البريطانية التقليدية، وقد أُسس الحزب عام 1990.

ويشمل ما يركز عليه الحزب زيادة الضرائب على الأثرياء، ومساعدة المهاجرين على الاندماج في المجتمع، وكان من أشد الناقدين لدعم الحكومة البريطانية لإسرائيل في حربها على غزة.

كارلا دينيير الزعيمة المشاركة لحزب الخضر ومرشحة بريستول سنترال أثناء حملتها الانتخابية (غيتي) حزب إصلاح المملكة المتحدة

هو حزب سياسي أسسه نايجل فاراج عام 2018 تحت اسم "حزب بريكست"، وأعيدت تسميته بحزب "الإصلاح" بعد خروج المملكة المتحدة الرسمي من الاتحاد الأوروبي في بداية عام 2020.

يهدف الحزب إلى تسريع مشاريع البنية التحتية، وإزالة البيروقراطية بهدف تسهيل إجراءات توظيف العمال وفصلهم، وخفض الضرائب على شراء الممتلكات، وتجنيد 30 ألف جندي جديد وزيادة الإنفاق العسكري.

الحزب الوطني الأسكتلندي

يقوده جون سويني، ومن أهم مطالبه استقلال أسكتلندا عن بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي، وأسس الحزب عام 1934.

يركز الحزب على حل مشاكل الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، وزيادة استثمار الدولة في المستشفيات والمدارس والبنى التحتية للسكك الحديد والطرق، وإلغاء برنامج ترايدنت النووي، وإلغاء خطة ترحيل المهاجرين غير القانونيين من بريطانيا إلى رواندا. كذلك يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة.

جون سويني الوزير الأول وزعيم الحزب الوطني الأسكتلندي (غيتي) ما أهم القضايا المطروحة في هذه الانتخابات؟

الاقتصاد محور أساسي في هذه الانتخابات، إذ يعاني البريطانيون من نمو بطيء في الدخل وأزمة تكاليف المعيشة المتصاعدة، ويعد الحزبان الرئيسان وهما العمال والمحافظين بزيادة الاستثمارات العامة أو تقليص الضرائب لتحفيز الاقتصاد.

ولكنّ هناك تراجعا في ثقة الشعب بمقدرة حزب المحافظين على إدارة الاقتصاد خصوصا بعد الخسائر التي تكبدها الاقتصاد البريطاني والتي سيستغرق إصلاحها سنين طويلة.

أما وضع الإسكان فيشهد أزمة مستمرة ويعاني من ارتفاع الأسعار ونقص الإسكان الاجتماعي، ويعد كل حزب ببناء ملايين المنازل الجديدة لخفض الأسعار.

وفي ما يتعلق بالصحة فإن مما يجعل منها قضية مركزية تراكم قوائم الانتظار، وارتفاع نسبة المرضى الذين يدوم انتظارهم في الطوارئ أكثر من 4 ساعات، وإضراب الأطباء المتكرر بسبب الرواتب المنخفضة. ويعد الحزبان بزيادة التمويل لقطاع الصحة وتحسين الخدمات الطبية.

والهجرة محور مهم آخر، ولا يزال الجدل مستمرا حول سياسات الحد من الهجرة غير النظامية وإدارة تدفق اللاجئين، فأبرز خطط الحزب الحاكم المثيرة للجدل تقضي بإرسال المهاجرين غير النظاميين إلى رواندا حتى الانتهاء من النظر في طلبات لجوئهم.

بينما يخالف حزب العمال ذلك ويرجح تشديد الأمن على الحدود حلا لهذه المشكلة التي اختلف عليها الشعب البريطاني.

وأخيرًا، فإن قضية الحرب الإسرائيلية على غزة محورية، مع انتقاد عالمي ومحلي لموقف الحزب الحاكم المستمر في دعمه لإسرائيل على الرغم من الدعم المحلي الهائل لغزة وفلسطين كافة.

ووفقا لتقرير سابق للجزيرة عن نتائج الانتخابات المحلية، فبغض النظر عن ملاحظات على موقف حزب العمال من غزة، إلا أن كثيرين صوّتوا لمرشحين من حزب العمال لأن مواقفهم الفردية كانت أفضل من مواقف المحافظين المجمعين على مساندة إسرائيل.

ما الذي تقوله أبرز استطلاعات الرأي وما الحزب الذي ترشحه لإحراز أفضل النتائج ولماذا؟

من المتوقع أن يخسر حزب المحافظين الحاكم، بعد حكم دام 14 سنة، على يد حزب العمال المعارض.

فقد أظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها  شركة "يوغوف" (YouGov) في 18 يونيو/حزيران 2024 أن 36% من المشاركين في الاستطلاع يعتزمون التصويت لحزب العمال. في المقابل، حصل حزب المحافظين على دعم 20%.

وحاز حزب إصلاح المملكة المتحدة على 18% من أصوات المشاركين، وحزب الليبراليين الديمقراطيين على 14%.

ويعود نجاح حزب العمال إلى نجاح حملته الانتخابية التي تركز على القضايا التي تهم الناخبين بشكل مباشر، وتراجع شعبية المحافظين بسبب سياساته الحالية التي ينتقدها كثيرون.

وبينما حاز حزبا إصلاح المملكة المتحدة والليبراليين الديمقراطيين على بعض الدعم، فإن التوقعات تشير إلى أن حزب العمال قد يكون الفائز الأبرز في الانتخابات العامة البريطانية المقبلة.

ما الطريقة التي تسير بها الانتخابات؟

تُجرى الانتخابات في المملكة المتحدة مرة كل 5 سنوات، ما لم يتم التصويت على إجراء انتخابات مبكرة.

وتشمل الانتخابات إنجلترا، وويلز، وأسكتلندا، وأيرلندا الشمالية، حيث تقسم البلاد إلى 650 دائرة انتخابية متساوية في عدد الناخبين.

يشارك المرشحون من مختلف الأحزاب في حملات انتخابية داخل دوائرهم، يناقشون فيها سياساتهم وبرامجهم التي سيتبعونها لدى انتخابهم.

وبإمكان كل مواطن مؤهل التصويت لمرشح واحد في دائرته الانتخابية، ويفوز المرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات في منطقته بمقعد في مجلس العموم.

وإذا تمكن حزب ما من الحصول على أكثر من نصف المقاعد في المجلس (326 مقعدًا) يصبح زعيم الحزب رئيسًا للوزراء ويشكّل الحكومة، أما في حال عدم فوز أي حزب بالأغلبية المطلقة فيمكن تشكيل حكومة ائتلافية بين الأحزاب.

متى تعلن نتائج الاقتراع؟

من المتوقع أن تبدأ نتائج الانتخابات العامة لعام 2024 بالظهور مساء يوم الخميس الرابع من يوليو/تموز بعد إغلاق مراكز الاقتراع في الساعة العاشرة مساء.

ويُتوقع إعلان معظم نتائج الدوائر الانتخابية في ساعات الصباح الأولى من يوم التالي الجمعة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاتحاد الأوروبی المملکة المتحدة هذه الانتخابات حزب المحافظین الحزب الحاکم حزب العمال الحزب عام

إقرأ أيضاً:

الفارسي: نجاح «البلدية» يمهد الطريق نحو انتخابات عامة في ليبيا

أكد أستاذ العلوم السياسية، يوسف الفارسي، أن نجاح الانتخابات البلدية أعطى زخما ودفعة لرأي عام محلي وإقليمي ودولي بأن الطريق مُمهد لإجراء انتخابات عامة في البلاد.

وقال الفراسي، في تصريحات لـ«العين»: “الانتخابات البلدية ليست معيارا لنجاح الرئاسية والبرلمانية، خاصة أن الأخيرتين ذات أهمية كبرى، فالانتخابات البلدية تحصيل حاصل وليست مهمة لتشكل مصير البلاد”.

وأضاف “الانتخابات الرئاسية والبرلمانية حولها صراع كبير بين الأحزاب والأفراد، فهدفها الوصول للسلطة وتحقيق مصالح كبيرة، ورغم ذلك تعد الانتخابات البلدية نقلة نوعية وتهيئة للطريق نحو انتخابات عامة مع وجود المناخ المناسب باستقرار الأوضاع الأمنية في منطقة الشرق والجنوب بشكل عام، وهو ما أنجح الانتخابات البلدية”.

الوسومالانتخابات البلدية الانتخابات العامة ليبيا

مقالات مشابهة

  • الفارسي: نجاح «البلدية» يمهد الطريق نحو انتخابات عامة في ليبيا
  • دول غربية ترحّب بنتائج انتخابات المجالس البلدية
  • الإعلان عن الرئيس الجديد لحزب السعادة التركي
  • ناميبيا تصوت في أصعب انتخابات تواجه الحزب الحاكم
  • ألمانيا.. ترشيح أولاف شولتس للمنافسة على منصب المستشار
  • هل تتجه تركيا نحو انتخابات مبكرة؟
  • حزب أردوغان يرفض عقد انتخابات مبكرة
  • انطلاق انتخابات اتحاد الطلاب في الجامعات.. تستمر حتى 28 نوفمبر
  • الحزب الحاكم في السنغال يكتسح الانتخابات التشريعية
  • الأوروجواي تشهد جولة إعادة للانتخابات الرئاسية