المشهد اليمني:
2025-02-12@03:25:44 GMT

جبل الرَّب السامعي! (1-2)

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

جبل الرَّب السامعي! (1-2)

ثمة شيء ساحر كان يناجيني منذ زمن بعيد.. منذ زمن الطفولة وبواكير الأحداث الأولى التي طرقت الذهن لإدراكها وصناعة المعرفة، لتعرفنا بما يدور من حولنا.

كأن شيئاً غير عادي يأخذ بتلابيب قلبي نحو قمة ذلك الجبل الأعلى التي لا ترى من مكاني بفعل حجب الرؤيا من جبل قريب ودونه في العلو والذي كان اسمه لافتاً للانتباه عاصفاً للذهن ومُثَوِّراً للأفكار.

. اسمه جبل "المُتْخَلي" نسبة للرجل العابد الذي اختلى بالعبادة، و"عَرْعَرْ" نسبة لشجر العَرْعَر البخوري (الفِرْوِشْ) القديم الذي كان يكسو الجبل في ذات زمن بعيد، وهو الجبل الذي يقسم مديرية سامع إلى قسمين؛ أعلى وأسفل، فارداً جناحيه يلف بهما عُزَل "حوراء" و"بُكْيان" و"الخضراء"، وتربض عند قدميه منطقتا "سربيت" و"حَنْوَبْ" شرقاً وجنوباً وغربا، أما شمالاً فعُزَل بني أحمد والجبل والضياء التي يعلوها جبل الرب!

تسمية الجبل غريبة بعض الشيء، لكن تفسيرها يعني الشيء الكثير.

تقول الذاكرة الشعبية إن رجلاً صالحاً عابداً من أبناء المنطقة اعتزل القرية واختلى بنفسه في قمة الجبل للعبادة والتنسك، أو رجل عابد في زمن الديانة اليهودية؛ فأسفله قرى متعددة لليهود، وإن قلنا أيام المسيحية وهرباً من اليهود فلن نجافي الحقيقة، وثمة دليل مادي يمكنه تفسير هذا الأمر.

اقرأ أيضاً عويل في إيران على مصرع اللواء أحمد الحمزي ”صهير إيرلو” .. وسفارة طهران بصنعاء تعزي عبدالملك الحوثي أول تحرك للزبيدي بشأن تعزيز أداء الجهاز التنفيذي لتسريع إستيعاب تعهدات المانحين درجات الحرارة المتوقعة في اليمن اليوم الأحد الأرصاد تحذر مما سيحدث خلال الساعات القادمة .. وتبشر سكان 15 محافظة شاب ينهال طعنا على والده حتى الموت في مدينة التربة بتعز القوات المشتركة توجه ضربات مركزة لنيران المليشيا جنوبي الحديدة وغربي تعز وفاة حارس مرمى طليعة تعز متأثرًا بالسرطان لأول مرة.. وزير الدفاع يفتح الملف المسكوت عنه ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح ناشطة حوثية تستدرج نازحًا في إب بطريقة شيطانية لا تخطر على بال تجدد المعارك بين الجيش اليمني والمليشيا شمالي تعز اندلاع معارك عنيفة بين قوات الجيش والمليشيات الحوثية.. وتدخل الدفاعات الجوية على طريقة الطفلة علا.. تعذيب وحشي لطفلة على يد زوجة والدها في تعز

هناك شيءٌ ما خلف قمة ذلك الجبل يشدني كما لو كان يلقي بجاذبيته الجبلية ليأخذني نحوه بهدوء، لكنه هدوء عاصف، قد حرك كل أحاجي الأفكار ومتاهات الخيالات التي لا تنقطع.

فجأة وكل ذلك الخيال يصبح حقيقة ماثلة للعيان، حينما أصر والدي –يحفظه الله- على شد الرحال نحو ذلك المجهول لي مكاناً المعلوم ذهناً وخيالاً، في يوم صائفٍ وبديعٍ نحو العمل وطلب الرزق السيّار، وليعرفني على المكان الذي لطالما حدثني عنه بشغف لا ينقطع.

في صيف 1986م شددنا الرحال أنا ووالدي، ذلك البائع المتجول الذي يعشق مهنته وحياته حتى الثمالة، ويكسب رزقه من لب لباب الرزق الحلال، نحو مناطق سامع الأعلى، لنصعد ذات يومٍ إلى قمة ذلك الجبل وقلوبنا تخفق شوقاً وتَصَعُّداً نحو القمة التي كان يحدثني عنها في أن الزائر للقمة يرى من عليائِها سواحل مدينة عدن في الجو الصافي والبديع بعد يوم ماطر.

وصلنا تلك القمة والشوق يحدونا إليها لتقع عيناي على بقايا أساسٍ لبناء موغل في القدم كانت أسطورته تملأ الآفاق، ووالدي يحدثنيها بأسلوب شيق وجاذب كأنها من حكايا ألف ليلة وليلة.

تقول الأسطورة إن ذلك المكان والبناء بقايا حصن ودرب لصاحبه وحاكمه سيف عُبادي الذي كان ربما معاصراً للدولة الرسولية أو الطاهرية، والذي التصق اسمه وفعله وأسطورته بزاجل (مهجل) شعبي يقول:

واعْمَر عُبادي

دَرْب الخَرايِب

واعمر عُبادي

دربَ الدّوايِر

والدرب هو الحصن، في الثقافة الشعبية اليمنية، والخرايب قرية أسفل الحصن نسب إليها.

تدور الأسطورة حول معركة حدثت في زمن سيف عبادي هذا، وأنه كان يرتجز شعراً لتحفيز حصانه والطيران به من قمة ذلك الجبل والحصن التي يصل ارتفاعها إلى 2770 متراً على مستوى سطح البحر إلى وادي ومنطقة الشَّعُوبة أسفل ذلك الجبل غرباً بالقرب من سوق الأحد حالياً.

تقول بعض أبيات الرجز هذه:

جُهَيمان ذي المعروف

مع شَلَّتِ الصفوف

مع الزامل المَرْدُوف تسمع صهيلها

في حسنها الموصوف

في حربها تطوف

راس العدو مقطوف وانا خيالها

(جهيمان: إسم الحصان، شَلَّت الصفوف: نهضة صفوف رجال الحرب، الزامل المردوف: زامل الحرب المحفز المصاحب للتعبئة وللحرب..البقية معروفة المعنى)..

قمة هذا الجبل هي ثاني أعلى قمة بعد قمة جبل صبر المنيف، الحاكم على كل محافظة تعز؛ مدينة وريفاً.

أخذ المكان بشغاف قلبي، وتعلق بي وتعلقت به في زيارات متعددة، وخاصة أيام دراستي الجامعية، وبعدها في أبحاثي الميدانية، وصعدته هذه المرة وثمة معلوماتٍ وقراءات متعددة كنت قد تزودت بها وملأت ذاكرتي.

بينما كنت أقلب الكتب التاريخية عن محافظة تعز في تلك المكتبة العملاقة؛ مكتبة كلية الآداب بجامعة صنعاء، التي لم أر قبلها مكتبة بحجمها عام 1994م، وكانت جديدة علي، وقعت عيناي على كتاب قديم دون غلاف لمؤلف مجهول لم يظهر اسمه مطلقاً على الكتاب، وهناك بعض الكتب مؤلفها مجهولو الهوية، لكنها ثرية معلوماتياً ويمكن للباحث المحقق معرفة زمنها.

قرأت عن دور ذلك الحصن والمكان الذي استنجد به ملك الدولة الطاهرية عامر بن عبدالوهاب الطاهري، وربما أحد ملوك الدولة الرسولية المتأخرين قبل نهايتها في قمة ضعفها، بعد أن سقطت مدينة تعز بيد خصومه الانقلابيين من أسرته، ولما لجأ إليه حشد خلفه الناس من تلك المناطق التي كانت تسمى "الشعوبة" و"الأشعوب"، وهي أشعوب السكاسك، كما عند المؤرخين، وكوّن جيشاً لا بأس به ثم صعد بذلك الجيش إلى رأس جبل صبر ثم انحدر به نحو حصن تعز قبل أن تطلق عليه تسمية (قلعة القاهرة)، واستطاع استرجاع مدينة تعز من أيدي الانقلابيين.

لم أبرح المكتبة حتى انتهيت من قراءته، وما زالت تلك المعلومات ملتصقة بمخيلتي لا تبارحني كغيرها، ولم أجدها في أي مصدر آخر.

الشيء الأكثر غرابة في هذه القصة أنني قرأت تاريخ الدولتين الرسولية والطاهرية من مصادر متعددة، ولم تتطرق كل تلك المصادر إلى هذه القصة والحدث مطلقاً، حتى أنني عدت لقراءة كتاب آخر مشابه في التسمية (مؤلف مجهول) في تاريخ الدولة الرسولية، وهذا يعرفه كثير من الأكاديميين والمؤرخين، وحين يستشهدون بأحداثه يقولون: لمؤلف مجهول! لكنني لم أجد تلك المعلومات فيه.

.... يتبع

المصدر: المشهد اليمني

إقرأ أيضاً:

التزلج بلا مصاعد..لماذا يزدهر هذا الاتجاه الشاق في منتجعات أمريكا؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في بلدات التزلّج، فإن "كسب دورك" يأتي مع حقوق المفاخرة غير القابلة للتصرف.

يُعتقد أن هذا المصطلح نشأ من متزلجي المناطق النائية الذين يبحثون عن ثلوج لم تمس، وغالبًا ما يتضمن تجنب استخدام مصاعد التزلج، والتلفريكات، وأي وسيلة آلية للصعود إلى قمة الجبل، حيث يفضل هؤلاء الاعتماد على القوة البشرية فقط.

عادةً ما يتطلب "كسب دورك" استخدام معدات تزلّج متخصصة ومصممة للصعود إلى أعلى المنحدرات. ويشمل ذلك ارتداء أحذية خاصة تُستخدم مع "جلود"، وهي أغطية من قماش صناعي تُوضع على الجوانب السفلية للزلاجات لمنحها تماسكًا على الثلج.

ويمكنك حمل معداتك على ظهرك وتسلق الجبل سيرًا على الأقدام، كل ذلك من أجل متعة الانطلاق نزولًا على منحدرات بكر لم تُمس سابقًا.

كارا مارز تتزلج صعودا بمنطقة التزلج في مدينة ستيمبوت سبرينغز، كولورادوCredit: Cara Marrs

ويُعد التزلّج في المناطق النائية وتسلق الجبال باستخدام معدات التزلج، ويتضمن بلوغ القمم بمعدات جبال الألب، أحد أشكال التسلق صعودا "uphill" على الثلج.

لكن هناك نسخة أقل تطرفًا وأكثر تركيزًا على اللياقة البدنية من "التسلق" تكتسب شعبية داخل حدود منتجعات التزلج الأمريكية، وتجذب المتزلجين من خارج نطاق التزلج في المناطق النائية، بحثًا عن تمرين جيد مع ميزة إضافية تتمثل في استنشاق الهواء النقي، وتمارس غالبًا قبل أن يفتح مسار الوصول إلى الجبل عبر المصاعد.

وزادت المناطق التي تسمح بالتزلج صعودا (مع تحديد مسارات وساعات يمكن للمتزلجين والمتنزهين ومحبي المشي على الجليد الصعود فيها إلى الجبل) بنحو الثلث خلال العقد الماضي، وفقًا لإحصائيات الرابطة الوطنية لمناطق التزلج، وهي رابطة تجارية لأصحاب ومشغلي مناطق التزلج، تمثل أكثر من 300 منتجع جبلي في الولايات المتحدة.

ويُظهر تقرير نهاية الموسم الصادر عن الرابطة أن نسبة 65% من منتجعات الرابطة الوطنية لمناطق التزلج سمحت بالتزلج صعودا على الأقل في بعض الأشكال خلال موسم 2023/ 2024، مقارنةً بحوالي 33% في موسم 2013/ 2014.

مقالات مشابهة

  • زعفران عمان يحصد 6 كيلوجرامات في الموسم الأول بالجبل الأخضر
  • مقتل شاب يمني على يد الشرطة الأمريكية
  • "الجبل" بالفجيرة تنوع ثقافي وإبداعي
  • الأجواء باردة والبلاد على موعد مع منخفض قادم
  • فيديو.. إسرائيل تنفذ عمليات تفجير جنوبي لبنان
  • هوية المكان العماني في رواية «زعفرانة» لهدى النعيمي .. التاريخ والسياسة والانتماء
  • التزلج بلا مصاعد..لماذا يزدهر هذا الاتجاه الشاق في منتجعات أمريكا؟
  • 203.6 ألف زائر لولاية الجبل الأخضر في 2024
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية
  • أكثر من 200 ألف زائر لولاية الجبل الأخضر خلال العام الفائت