منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد حكم البلاد في يونيو 2014، وضع أمام عينيه إمكانات وقدرات الدولة المصرية، وحدد مواطن الخلل، ومتطلبات بناء دولة عصرية حديثة، تقوم على تقديم أفضل الخدمات باستخدام الموارد المتاحة، وتُذلل الصعاب، ومن هنا حدد الرئيس السيسي عدة أولويات لبناء «الجمهورية الجديدة»، واختار على مدار 10 سنوات 6 حكومات تُعبر عن أولويات وضرورات كل مرحلة، إلا أن الحكومات الخمس الأولى كانت مشتركة في كونها «حكومات أزمات»، أولوياتها الأولى تثبيت دعائم الدولة المصرية، وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار، وتمهيد البنية التحتية اللازمة لأعمال الانطلاق.

بداية المشوار

فجاء المهندس إبراهيم محلب في الحكومة الأولى، ليُعبر عن رؤية الرئيس، بضرورة تواجد المسؤول على أرض الواقع، ليُحدد المشكلات، ويقف على التحديات بدقة، ثم اتخاذ القرار المناسب، وتطويع الإمكانيات، لاحتواء الأزمات والصدمات، وبالفعل نجح «محلب» في تحديد «أمراض الوطن»، من هدر الدعم ووصوله لغير مستحقيه أحيانًا كثيرة، وضعف البنية التحتية، لتضع حكومته أولى لبنات «الإصلاح الاقتصادي»، وتُطلق باكورة المشروعات القومية في مختلف المجالات.

اقتحام الأزمات

ثم جاءت حكومة المهندس شريف إسماعيل، والتي رفعت شعار «اقتحام الأزمات»؛ فاختار «الدواء المر» كما أراد أن يسميه، ويطلق برنامج يقوم على زيادة الإمكانيات، مثل حقل ظهر، وافتتاح كبرى محطات الكهرباء، وتعزيز الموارد السياحية وموارد قناة السويس ودخلها وغيرها، ليستكمل مشوار الإصلاح والبناء.

ومن حكومات «التشخيص»، و«تسكين الداء»، و«بداية العلاج»، جاء الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ذلك الرجل الذي شرفت بالتعامل معه عن قرب لقرابة 4 سنوات، كانت فترة توليت فيها مسؤولية تغطية أنشطة مجلس الوزراء.

ترسيخ دعائم الأمن القومي

د. مدبولي، حمل على كاهله منذ سنوات، مهمة إكمال «المشوار»، وبناء المدن الجديدة، والطرق، وغيرها من المشروعات، وتأسيس بنية جاذبة للاستثمار، لينجح في إكمال مهمة سابقيه في ترسيخ دعائم الأمن القومي للدولة، وحل الكثير من الأزمات، وبدء جني ثمار الإصلاح الاقتصادي، من خفض عجز الموازنة، وتحسن إيرادات الدولة، لكن أزمات فيروس كورونا المستجد، والحروب الإقليمية والدولية حالت دون مواصلة تحقيق تلك النتائج الإيجابية.

حل أزمات كورونا والحروب

وكان «القرار الوطني» هنا هو العمل على دعم الاستثمار، والتعاون مع كبرى المؤسسات التمويلية في تحسين المؤشرات الاقتصادية للدولة، وتوفير مصادر نقد أجنبي تدعم الدولة في مواجهة الأزمات، وهو ما تحقق؛ فالدولة بدأت في علاج أزمة تخفيف الأحمال التي حدثت، جراء الأعباء المالية التي تكبدتها الدولة بعد أزمات كورونا والحروب الإقليمية والدولية، ونجاح الدولة في احتواء أزمات زيادة التضخم، ووفرة السلع.

مهمة الانطلاق الوطنية

وعقب نجاح 5 حكومات متعاقبة في عهد الرئيس السيسي في علاج مشاكل أساسية عانى منها الوطن لسنوات طوال، وبدأ البناء للمستقبل.. كان القرار بتكليف حكومة، تناسب المرحلة الجديدة، وهي المرحلة التي تسعى الدولة من خلالها للانتقال لمرحلة «الانطلاق».. انطلاق من خلال مشروعات استثمارية كبرى، والانتقال للجمهورية الجديدة على كافة المجالات، وهو ما ننتظره من الوزراء الجدد، الذين جرى اختيارهم بمعايير دقيقة، بحكم كفاءاتهم وخبراتهم ومهاراتهم السابقة.. ونتمنى لهم التوفيق في مهمتهم الوطنية الجديدة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: إبراهيم محلب إصلاح الاقتصاد اتخاذ القرار الأمن القومي الأمن والأمان الإقليمية والدولية البنية التحتية الجمهورية الجديدة الدكتور مصطفى مدبولي أحمال

إقرأ أيضاً:

محمد مغربي يكتب: تداعيات «DeepSeek».. انقلاب في عالم الذكاء الاصطناعي

تحدثنا فى مقال سابق عن «DeepSeek»، مطور الذكاء الاصطناعى الذى أعلنت الصين عنه ليكون على غرار ChatGPT، كما أوضحنا الفرق بين النموذجين ونقاط ضعف وقوة كل نموذج؛ لتكون أمام المستخدم خريطة متكاملة يمكن من خلالها الاختيار حسب ما يناسب احتياجاته وما يريده.

لكن ما لم يكن فى الحسبان أن يُحدث «DeepSeek» ما يشبه انقلاباً فى عالم الذكاء الاصطناعى، انقلاباً ليس له علاقة بالمستخدمين والتقنيات وما إلى ذلك، بل فيما يتعلق بالصناعة نفسها ومستقبلها ومدى تنافس الشركات العملاقة التى اشتدت بمجرد أن نزلت الصين الحلبة، ومن خلال التصريحات التى صدرت خلال الأسبوع الماضى يمكن القول إن هناك حرباً شرسة قد بدأت ولن تنتهى سريعاً.

بالطبع كان يوم 28 يناير الماضى يشبه زلزالاً هزّ بقوة عروش وادى السيلكون، ففيه تم طرح «DeepSeek» لأول مرة رسمياً، ووصل الإقبال عليه لدرجة أثرت على اتصاله بالإنترنت، أما الأخطر فإن صعود أسهم التطبيق الصينى أفقد أغنى 500 شخص فى العالم ما يقارب 108 مليارات دولار، وكان أبرز الخاسرين لارى إليسون، مالك «أوراكل» العالمية، الذى فقد 22.6 مليار دولار، كما خسر جينسن هوانج، مؤسس مشارك فى «إنفيديا»، 20% من ثروته، بينما كان نصيب مايكل ديل، صاحب «ديل»، 13 مليار دولار.

تأثير «DeepSeek»، كما أوضحت صحيفة الـ«واشنطن بوست»، وصل إلى أنه حطم استراتيجية وادى السيلكون التى تنص على أن الإنفاق الضخم والتمويل الكبير للذكاء الاصطناعى هو ما يضمن الريادة الأمريكية لهذا القطاع، بينما تكلف التطبيق الصينى 5.6 مليون دولار بحسب البيانات الرسمية، واستطاع أن يصل إلى مختلف أنحاء العالم وأن يحقق أرقاماً ضخمة مقارنة بغيره من التطبيقات.

وللتوضيح أكثر، يمكن اعتبار سنة 2024 سنة محورية بالنسبة للذكاء الاصطناعى بسبب تضخم حجم الاستثمارات الذى وصل إلى 400 مليار دولار، فبعد أن نجحت «OpenAI»، من خلال ChatGPT، فى تحقيق أرباح بلغت مليون دولار يومياً، أطلقت «جوجل» نموذجها Gemini 2.0 للمنافسة، وكذلك سارت على نفس الطريق شركات «أمازون وأبل وميتا» سواء بنماذج جديدة على غرار ChatGPT أو بتمويل أبحاث للتطوير، وبحسب مجلة «ذى إيكونوميست»، فمن المتوقع أن يبلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعى 1.3 تريليون دولار فى 2032.

أمام تلك الاستثمارات الضخمة لم تقف شركات الذكاء الاصطناعى العملاقة مكتوفة الأيدى وهى ترى البساط ينسحب من تحت أقدامها ليذهب إلى الجانب الصينى، بل سرعان ما حاولت إنقاذ ما يُمكن إنقاذه؛ وكانت البداية من عند مارك زوكربيرج، الذى أعلن أن نموذجه «Meta AI» سيكون هو الرائد فى العالم خلال العام الجارى، بل وأطلق نموذجه مجاناً فى الشرق الأوسط وأفريقيا منذ أيام قليلة، وبالتزامن مع ذلك أعلنت شركة «على بابا» العملاقة أنها ستطرح مطور ذكاء اصطناعى خاصاً بها خلال الفترة المقبلة لتشتعل حلبة المنافسة أكثر.

أما «OpenAI»، وهى الشركة الأبرز فى هذا المجال وتعقد شراكة منذ عام 2019 مع «مايكروسوفت»، فقررت أن تضرب «تحت الحزام» حين اتهمت «DeepSeek» بأنه قد يكون سرق بيانات من «OpenAI»، مؤكدة أنها ستحقق فى هذا الملف الشائك، وزاد من هذا التعقيد تصريح «ترامب» مؤخراً بأن أمريكا يجب أن تستعيد الريادة فى مجال الذكاء الاصطناعى، مقرّاً من ناحية أخرى بأن وادى السيلكون لم يعد فى مكانته العالمية بعد الصعود الصينى.

هكذا جاءت تداعيات «DeepSeek» خلال أيام قليلة، ثروات فُقدت، وشركات تحفزت، وأخرى استعدت للضرب «تحت الحزام»، لكن الأخطر أنه مع تنفيذ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لوعوده بفرض رسوم كبيرة واستئناف الحرب الاقتصادية مع الصين، ستكون المنافسة الأشرس فى مجال الذكاء الاصطناعى، وستخرج الحرب من كونها مجرد تصريحات بين شركات متنافسة إلى معارك تكسير عظام لن ينجو منها إلا الأكثر شراسة.

مقالات مشابهة

  • النائب علاء عابد يكتب: الرئيس السيسي.. الشعب معك وخلفك
  • متحدث الزراعة: الدلتا الجديدة مشروع مدعوم بقوة من الدولة
  • تثبيت أسعار الفائدة في ظل وفرة الدولار.. هل هو القرار الأمثل؟ خبير اقتصادي يوضح
  • الصحافي يحي العوض يكتب عن الجنيد على عمر (2)
  • محمد مغربي يكتب: تداعيات «DeepSeek».. انقلاب في عالم الذكاء الاصطناعي
  • الانطلاق من مطار القليعات هدف حكومي ووعد بتلزيم قريب
  • مجدي يوسف: مندوب إسرائيل كانت عينه في الأرض ولم يستطع الرد على كلمة النائب محمد أبو العينين
  • دراسة: أنفلونزا الطيور تنتقل عبر الهواء في ظروف معينة
  • سوريا الجديدة.. الأب ينتقد سياسات لابنه الرئيس
  • السعودية أعظم قصة نجاح في العالم.. وزير الطاقة: محمد بن سلمان صانع التغيير.. وجونسون: .. وقائد شجاع