بعد اللقاء الصيني الأمريكي في الرياض.. هل يتوسّع دور بكين في حرب اليمن؟
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
بالتزامن مع انطلاق مفاوضات مسقط بين وفد الحكومة الشرعية المعني بملف الأسرى والمعتقلين ووفد مليشيا الحوثي، عقد السفيران لدى اليمن الصيني شاو تشينغ والأمريكي ستيفن فاجن، لقاءً في العاصمة السعودية، الأحد الماضي، لمناقشة التسوية السياسية المتعثرة في اليمن.
عُقد هذا اللقاء الفريد من نوعه في مبنى السفارة الصينية في الرياض، بحضور المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينج، ورغم أهمية هذا اللقاء لم ترشح عنه الكثير من التفاصيل عن أجندته ونتائج النقاش الصيني الأمريكي بشأن الوضع في اليمن.
غموض وتحليلات
الكثير من الغموض ما زال يحيط باللقاء الصيني الأمريكي في الرياض، وفي حين يربط بعض المراقبين هذا اللقاء بانعقاد جولة المفاوضات الأخيرة بين الحكومة والمليشيا الحوثية في العاصمة العمانية مسقط، يرى آخرون أنه مرتبط بسلسلة من المواقف الصينية والأمريكية إزاء مستجدات الوضع في الشرق الأوسط خاصة منذ ما بعد الاتفاق السعودي الإيراني الذي رعته الصين في مارس من العام الماضي.
ربطُ اللقاء الصيني الأمريكي بالجولة الحالية من مفاوضات مسقط يكمن وراءه اعتقاد المراقبين أن تفاهمات صينية أمريكية سبقت هذا اللقاء حول الدور الذي يمكن أن تلعبه بكين في التوسط لدى إيران للضغط على مليشيا الحوثي من أجل وقف هجماتها على السفن التجارية وتحييد تهديدها للملاحة الدولية في البحرين الأحمر والعربي، إضافة إلى إطلاق سراح موظفي الأمم المتحدة والموظفين السابقين في السفارة الأمريكية بصنعاء الذين اعتقلتهم مليشيا الحوثي في يونيو الماضي. ومن ناحية أخرى تذهب التحليلات إلى مطالبة الصين للولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل لإيقاف حربها على قطاع غزة لكي تتمكن من القيام بدور الوساطة لدى إيران ووقف الهجمات الحوثية على السفن.
الثقل السعودي واحتياطات الرياض
من دلالات لقاء السفيرين الصيني والأمريكي لدى اليمن في الرياض أن الثقل السعودي على المستوى الدولي أصبح قادراً على جمع مسؤولين من دولتين متنافستين لدرجة العداء، في أراضيها. كما تأخذ دلالات اللقاء إصرار السعودية على حشد موقف دولي موحد لدعم خارطة الطريق التي وضعت خطوطها الرئيسة واستكملها المبعوث الأممي لدى اليمن هانس غروندبرج. ويظهر الموقف السعودي الداعم بشدة لإنجاز تسوية سياسية في اليمن من خلال عدة إجراءات منها الاستمرار في دعم الميزانية الحكومية وتنفيذ مشاريع خدمية وإنسانية في المناطق المحررة من أجل امتصاص التصعيد بين الحكومة والمليشيا الحوثية، ولا سيما التصعيد الاقتصادي.
ورغم قدرة الرياض على تنظيم لقاء بين دولتين كبيرتين ومتنافستين بشدة كالصين وأمريكا وسعيها إلى إنجاز تسوية سياسية للحرب في اليمن، إلا أنها أيضاً تعمل على الاستعداد لجميع الخيارات للتعامل مع التعنت الحوثي والتساهل الإيراني في عدم الضغط على المليشيا الحوثية للجنوح إلى السلم. وتشير التحركات السعودية والصينية أن علاقة البلدين لا تقتصر على مراعاة الجانبين لمصالحهما السياسية، وأن تجاوب الرياض مع بكين في مساعيها لتهدئة التوتر مع طهران قد انعكس على تقوية هذه العلاقة في المجالين الاقتصادي والعسكري أيضاً.
ويرى مراقبون أن أحد جوانب الاستعدادات السعودية للتعامل مع أي تعنت حوثي أو تقلبات سلبية في العلاقة مع إيران، هو سعي الرياض إلى تقوية العلاقات العسكرية مع الصين. حيث قام وزير الدفاع خالد بن سلمان بزيارة إلى بكين في 25 يونيو الماضي التقى خلالها نظيره الصيني ونائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية. وقد ركزت المباحثات السعودية الصينية في هذه الزيارة بشكل رئيس على تعزيز "الشراكة الاستراتيجية الدفاعية"، الأمر الذي يؤكد اهتمام الرياض بتقوية استراتيجيتها الدفاعية ضد أي هجمات حوثية محتملة، خاصة بعد التهديدات الصريحة التي أطلقها زعيم المليشيا عبد الملك الحوثي بمهاجمة السعودية على خلفية اتهامه لها بدعم قرارات البنك المركزي في عدن لوقف العبث الحوثي بالقطاع المصرفي. كما ناقش وزيرا الدفاع الصيني والسعودي جهود البلدين في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. في إشارة إلى موقفيهما المتقاربين إزاء ضرورة التهدئة في أوكرانيا وفي قطاع غزة.
ومن أبرز القيادات العسكرية التي حضرت هذه المباحثات في بكين، من الجانب السعودي: قائد قوة الصواريخ الاستراتيجية، ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، ومن الجانب الصيني: نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة في اللجنة العسكرية المركزية، ومدير مكتب التعاون العسكري في اللجنة، مما يدل على نوعية الاحتياطات الدفاعية التي تسعى المملكة لتعزيزها بالتزامن مع سعيها لإنجاز تسوية سياسية للحرب في اليمن.
ويؤكد مراقبون أن الزيارة الأخيرة لوزير الدفاع السعودي إلى الصين تعكس مدى تقدم التعاون العسكري بين البلدين في ظل اتفاق الشراكة الشاملة التي وُقعت أواخر 2022، وفي ظل تنامي العلاقات الاقتصادية بينهما لتصل خلال العام الماضي إلى أكثر من 110 مليارات دولار. وتمتد العلاقات العسكرية الصينية إلى العام 1988، حيث زودت الصين السعودية بصواريخ (دونغ فينغ 3)، وفي 2017 وقع الجانبان اتفاقية شراكة لتصنيع الطائرات المسيرة، وفي 2021 تم الاتفاق على مساعدة الصين للسعودية في تصنيع صواريخ بالستية، وصولاً إلى الاتفاق على تزويد السعودية بصواريخ متطورة من طراز yj21 التي تفوق سرعتها سرعة الصوت في 2022، وتنفيذ مناورات "السيف الأزرق" البحرية في أكتوبر 2023.
حضور صيني وتراجع أمريكي
ويعتقد محللون سياسيون أن تطور العلاقات السعودية الصينية سيمنح بكين حضوراً أكبر في المنطقة العربية مع تراجع الدور الأمريكي بسبب سياساتها الداعمة بشكل مطلق لإسرائيل، إضافة إلى أخطائها السياسية الفادحة في التعامل مع الأحداث الكبيرة وتخليها عن حلفائها العرب أمام التهديدات الإيرانية لاستقرار المنطقة.
وبعد إنجازها اتفاق التقارب بين السعودية وإيران، تدخل الصين أكثر فأكثر في نطاق أحداث المنطقة العربية، فيما يرى محللون أن السفير الصيني الحالي لدى السعودية، تشانغ هوا، لعب دوراً كبيراً في عقد اللقاء الدبلوماسي الصيني الأمريكي بشأن اليمن، مستدلين بأن تشانغ هوا كان سفيراً للصين في اليمن لفترة طويلة، كما شغل منصب السفير الصيني في إيران والإمارات.
وفي مايو الماضي قال تشانغ هوا، في لقاء عقده مع إعلاميين بمنزله في الرياض، إن الصين ترى السعودية قوة مهمة في عالم متعدد الأقطاب وتضع تنمية العلاقات مع المملكة العربية السعودية أولوية في سياستها الخارجية الشاملة، وخاصة ضمن دبلوماسيتها في الشرق الأوسط. فيما يرجح المراقبون أن يأخذ الدور الصيني في الملف اليمني توسعاً ملحوظاً خلال الفترة القادمة.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الصینی الأمریکی هذا اللقاء فی الریاض فی الیمن بکین فی
إقرأ أيضاً:
السفير الأمريكي: السعودية تستثمر بكثافة في المستقبل.. ونرى فرصًا لمزيد من الشراكات
زار سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى السعودية "مايكل راتني"، والقنصل العام للولايات المتحدة الأمريكية في الظهران "جيمس سيندل"، والوفد المرافق له، محافظة القطيف، التقى خلالها المحافظ إبراهيم بن محمد الخريف.
وخلال تواجده بالمنطقة، أجرت اليوم حوارًا خاصًا مع السفير الأمريكي، جاء فيه:ما انطباعاتك عن زيارتك للمنطقة الشرقية وكيف كانت لقاءاتك هنا مع المسؤولين السعوديين؟”هذه هي زيارتي الخامسة أو السادسة للمنطقة الشرقية، وقد سافرتُ من شمالها إلى جنوبها، من الهفوف والأحساء إلى الظهران والدمام إلى الجبيل، واليوم أنا في القطيف، إنها لتجربة رائعة حقًا”.
أخبار متعلقة الشرقية.. حملة توعوية لترشيد استخدام المضادات الحيويةفود ترك «الوفرة».. جلسات وأكلات شعبية تجذب الزوار من داخل وخارج الأحساء .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } السفير الأمريكي: التبادل الثقافي يعزز العلاقة بين السعودية وأمريكا.. ونرسل باطراد طلابنا وعلماءنا للمملكة
”لقد كانت جميع لقاءاتي، سواء مع المسؤولين أو مع سكان المدينة، رائعة حقًا، الناس هنا ودودون ومُرحِّبون، وهذا أعطاني انطباعًا جيدًا عن ثقافة وكرم وضيافة المنطقة الشرقية“.ما هي المبادرات التي يتم تنفيذها لتعزيز التعاون الاقتصادي في المنطقة الشرقية؟”الشركات الأمريكية موجودة في هذا الجزء من المملكة العربية السعودية منذ 80 عامًا، لطالما وُجدت المملكة العربية السعودية، كانت الشركات الأمريكية، وخاصة في قطاع الطاقة، موجودة هنا، ولا تزال“.
”نحن نرى فرصًا لمزيد من الشركات الأمريكية القادمة، ليس فقط في مجال النفط والغاز، ولكن بشكل متزايد في مجال الطاقة المتجددة“.
”أعلم أن المملكة العربية السعودية تستثمر بكثافة في مستقبل الطاقة المتجددة، وهذا يخلق فرصًا للشراكة، مزيدًا من الشراكة بين الشركات الأمريكية وأصدقائها السعوديين“.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; }ما هي الطرق التي يمكن بها تعزيز التبادل الثقافي بين بلدينا، وما هو الدور الذي ترى أن المنطقة الشرقية تلعبه في هذا الجهد؟”لقد أظهرت لي زيارتي للمنطقة الشرقية والقطيف اليوم، كيف يمكن للتبادل الثقافي أن يُعزز العلاقة والشراكة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، يمكن أن يتخذ هذا التبادل شكل تطوير المواقع السياحية التي تزخر بها هذه المنطقة، سواء كانت تراثًا أثريًا أو تاريخيًا، وربما العمل مع علماء أمريكيين للمتابعة“.
”نحن نُحضِر بشكل متزايد العلماء والطلاب الأمريكيين إلى المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى السعوديين الذين يدرسون في الولايات المتحدة. لذا، كلما زاد التفاعل التعليمي، كانت الشراكة الثقافية أقوى“.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } السفير الأمريكي: التبادل الثقافي يعزز العلاقة بين السعودية وأمريكا.. ونرسل باطراد طلابنا وعلماءنا للمملكةكيف تصف زيارتك للمواقع الثقافية في القطيف اليوم، بما في ذلك بيت الحرفيين، وسوق السمك، وقلعة تاروت؟
”إنها لأماكن رائعة حقًا، بما في ذلك بيت الحرفيين وسوق السمك وقلعة تاروت، في كل مرة آتي فيها إلى هذا الجزء من المملكة، أتعلم شيئًا جديدًا“.
”في كل مدينة زرتها، أتعلم شيئًا جديدًا عن تاريخ المملكة العربية السعودية وثقافتها، هذا مشروع رائع وما نحن فيه الآن هو مثال رائع على ذلك“.