عربي21:
2024-12-22@22:05:09 GMT

فيلم رعب بنصف تذكرة! (قصة قصيرة من وحي المعركة)

تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT

بالكاد عانقت عيناها شيئا أصبح عملة نادرة كان اسمه قديما النوم، أصبح اليوم كابوسا ترتعب منه، فالحاجة الثمانينيّة أم عزيز ما أن يداهمها النوم إلا وتجد نفسها تقف على حبل رفيع كحدّ السّيف هو الفاصل بين الأحياء والأموات، يعود لها الشهداء وتعانق منهم من تعانق، تناجي وتحادث وتضحك وتبكي؛ ثم ما تلبث إلا وقد عادت لها روحها لتجد أن كلّ من رأتهم في منامها قد غادروا الحياة الدنيا شهداء، منهم من قُتل تحت الردم ومنهم من قطّعته صواريخ مسيّرات الموت التي تحوم فوق رؤوسهم، ومنهم من تحوّل إلى هباء منثور بعد أن أُلقي على حيّهم قنبلة الألفي رطل؛ أمريكية الإبداع وفخر الصناعة وعبقرية الموت والدمار.



كلّ يوم قبل أن تنجح بسرقة هنيهة من الرحيل من كابوس اليقظة إلى كابوس النوم، تناجي نفسها:

- علامَ تحزنين على من سبقك هناك، عاجلا أم عاجلا ستلحقين بهم، ما لك في هذه الدنيا من قرار، رائحة الموت تنبعث من كل مكان وبكل الأشكال والألوان؛ برصاص مصبوب يا ترى أم بصاروخ مدمّر؟ أُعلّق أملي بالله فقط أن أحظى بموت سريع لا يؤلمني كثيرا ولا يتعب من سيخرج جثتي من تحت الأنقاض، كلّ أشكال الموت أصبحت معروفة في غزّة. لحظة الفراق قاسية ولكن هذا كان ماضيا، اليوم من نخشى فراقه قد سبقنا، ومن تبقّى منّا فهو على شفا موت قريب، لا ينتظر لحظة وداع لأن طريقة الموت التي أبدعوها لنا لا تدع مجالا لوداع أو وصية أو حتى نظرة عابرة أو ابتسامة إشفاق أو لوعة فراق.

قبل أن يهاجمها كابوس النوم تستعرض طرق الموت وتحاول تمني إحداها وتقديمه على الأخرى، أصبحت تتمنى رصاصة طائشة في الرأس أو سقفا يخرّ دفعة واحدة فيسوّي بها الأرض، لا تريد حرقا ولا أن تُنقل جريحة محطّمة فيها رمق حياة لتموت في المشافي التي دمّروها وجعلوا من يأتيها جريحا يموت في اليوم ألف مرّة.

في المقابل تسامر الجنود مع ضابطهم، قال أحدهم:

- لقد رصدت مجسّاتنا سيدي في هذا البيت نبض حياة لشخص واحد، مسنّة طريحة الفراش، الأغلب أنها تجاوزت الثمانين.

نعق أحدهم:

- دعوها إن لم تمت رعبا ماتت جوعا.

- ولكنّها لا تستحق الموت السريع.

- هذه لو كشفت عنها لوجدت أن عشرة من مخربيهم قد خرجوا من رحمها.

- مجرمة سافلة.

- أطلقوا عليها وطهّروا الهواء من نفَسها.

- هذه كما قال بن غفير عن الفلسطينيين: "الموت عقوبة غير كافية".

- أنا لا أؤمن بهذا المجنون.

- بماذا تؤمن؟ أنتركها حيّة ترزق؟

- لم أقصد هذا، ولكن الموت وحده يكفي.

رفع الضابط صوته:

- دعوكم من هذا الجدال الفارغ، ألا ترون أننا نبالغ ونتفنّن في قتل النساء والأطفال، سألتم أنفسكم لماذا؟ أنتم بهذا تقهرون وتحرقون قلوب الفلسطينيين وكلّ العرب والمسلمين أجمعين، ألم تسمعوا ماذا قال لكم نتنياهو كما ورد في كتبنا المقدّسة؟

- نعم قال: عليكم بالعماليق، لا تذروا منهم امرأة ولا طفلا حتى دوابهم وحميرهم، اسحقوهم تحت نعالكم.

ردّ ضابطهم مغتبطا:

- أحسنت أنت فاهم الدّرس جيّدا.

- كلّنا كذلك سيدي، نمارس ذلك كلّ يوم.

- أحسنتم بدل أحسنت، هكذا رضيت؟ المهم الآن نريد أن نتفنّن بتعذيب هذه المرأة التي أنجبت المخرّبين وأرضعتهم كره اليهود، اقترحوا عليّ..

- نطلق عليها النار بطريقة تجعلها تنزف حياتها قطرة قطرة، ولا ندعها تموت سريعا.

- غيره؟

- نحرقها، نعم نشعل النيران في جسدها.

- غيره؟

- أنا أقول بقاءها في هذه الحياة البائسة المدمّرة دون طعام ولا علاج هو أفضل، تعيش حسرتها وحسرة من فقدت من أبنائها وأهلها. دعوها وشأنها تتجرّع الموت كل يوم قبل أن يأتيها موتها الطبيعي.

- هؤلاء أنت لا تعرفهم، يصبرون ويتجرّعون الألم بحبّ ورضى، يعتبرون من مات شهيدا ومن بقي فهو ينتظر الشهادة. أنا قرأت عنهم أشياء كثيرة.

حرّك الضابط الأشمّ رأسه يمينا ويسارا مظهرا امتعاضه وعدم سماعه لما يشبع حقده وروح انتقامه..

- ماذا تقترح إذا؟ هلّا جلست في بيتك على "الببجي" يا "كيوت" إنت! ركّزوا معي يا شباب النخبة الطلائعية للشعب اليهودي الأغرّ، نريد إيلامها وزراعة الألم والقهر في قلب كل من يسمع عن هذه المرأة وما فعلنا بها.

هتف أحدهم مازحا:

- هل نغتصبها مثلا؟ هذه امرأة إلى الموت أقرب، والله من يغتصبها لتأخذه معها إلى القبر.

بعد تعالي القهقهات حسم ضابطهم الأمر:

- سأريكم فيلما هوليوديا لا يخرجه إلا مخرج يهودي يعرف كيف يسحق العماليق. سأُحضّركم فيلما بنصف تذكرة، هيّا اتبعوني، أرسلوا قلوبكم إلى عشيقاتكم وتعالوا معي دون قلوب، وأنت (أشار إلى المسئول عن وحدة الكلاب) أحضر لي أضخم كلب عندك.

وسار أمامهم كالديك الأمين على دجاجاته، على يمينه الكلب وضابط إيقاعه ومن خلفه جنوده الأشاوس وقد ثارت شهيّتهم لحضور فيلم رعب وكأنّهم ذاهبون إلى قاعة سينمائية، لولا الدمار الهائل الذي يحيط بهذا البيت الذي ما زال واقفا.. الليل لا يسدل ستائره بفضل بريق القصف وأصوات الطائرات التي تلقي بحممها المرعبة، أصوات بعيدة عن هذا المكان ولكن صوتها يقرّب المسافات ويجعلها أقرب إليهم من أنفسهم.. ركل بوابة البيت المتهالكة ببسطاره العسكري الثقيل فتهاوى دون تردّد، سبقته حزمة من الأشعة المنطلقة من فوّهة مدفعه الرشّاش لتصدم عينيّ تلك العجوز، حالة من الصمت يترقّبون ماذا سيفعل ضابطهم ولا تصل عقولهم إلى هذه العجوز ماذا تراها فاعلة، ثارت شهيّتهم لرؤية الرعب كيف ينتشر على وجه مسنّة فلسطينيّة، أمر مسلّ إذا في جوف هذه الليلة الطويلة المملّة، بدل تصفّح شاشة النت على فيدو مرعب، ها أنت تراه بأمّ عينيك دون شاشة، صوت وصورة.

أشار إلى صاحب الكلب أن يطلق العنان له على العجوز، فوجئت المرأة بهم أوّلا فتماسكت وتشاهدت وشعرت بأن الشهادة أصبحت تحلّق فوق رأسها، جاءتها صور الشهداء من أحبّتها فاستبشرت وأمّلت أن تلحق بهم وأن يتهيأ لها مخرج صدق من هذه الفانية، لحظات ثم رأت الكلب يتفلّت عليها ويزمجر، بدت أنيابه مشرّعة تريد التهامها، شعرت بمخالبه تمزّق صدرها وفمه يقضم ساعدها، دبّ الرعب أضعافا مضاعفة في قلبها، أعظم من كلّ الرعب الذي عاشته في هذه الحرب وكل الحروب التي سبقتها، لم تتوقّع أبدا مثل هذه الميتة، صرخت صرخة مدويّة ثم راحت في ملكوت غيبوبة لم تدرِ كم طال وقتها، ما تذكره أنها قبل أن تبيضّ عيناها وتغرق في ظلام عميق رأيت الجنود وهم يقهقهون، رقصوا وعلت صيحاتهم وكأنهم قد انتصروا ووصلوا في هذه الحرب إلى كلّ أهدافهم.

لماذا نشر جنديّ منهم الشريط المصوّر للكاميرا المثبتة على رأس ذلك الكلب؟ هل هي طبيعة هذه الأرض المقدّسة الفاضحة الكاشفة لكلّ جرائم البشر؟ أم أنهم باتوا لا يخشون صورتهم النكرة مهما تماهت مع حثالة البشر؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه النساء غزة الاحتلال نساء اعتداءات مسنة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منهم من قبل أن فی هذه

إقرأ أيضاً:

صلاحيتها شهر .. السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة مرور مجانية للعودة إلى بلادهم - تفاصيل

سرايا - أعلنت السفارة السورية في الأردن، عن منح السوريين تذكرة مرور مجانية - صالحة لمدة شهر واحد فقط - للعودة إلى بلادهم.


وكتبت في منشور عبر صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، اليوم السبت: "الإخوة المواطنون أبناء الجالية السورية في المملكة الأردنية الهاشمية، تعلن السفارة عن تقديم خدمة إصدار تذكرة المرور للعودة الى سورية (مجانا) مدتها شهر واحد فقط غير قابلة للتجديد".

 

إقرأ أيضاً : بقيمة 5 مليار دولار .. الولايات المتحدة تُوافق على بيع مصر معدات عسكرية لتعزيز أمنها القوميإقرأ أيضاً : وزير خارجية إيران: الجيش السوري انتهى إقرأ أيضاً : نار الخلافات تشتعل داخل “فتح” بسبب الأجهزة الأمنية .. الأوضاع تشتعل والانهيار يقترب وحالة الغضب تتصاعد في الضفة



تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1268  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 21-12-2024 03:45 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
ارتفاع حصيلة قتلى عملية الدهس في ألمانيا إلى 5 و205 مصابين بينهم حالات خطرة .. (فيديو) عصابات تخطف البنات .. "كوافيرة" تفجر حالة ذعر ورعب في مصر من الشطرنج لسجون الأسد .. سر طبيبة اختفت مع 6 من أولادها "نعى نفسه قبل وفاته بساعات" .. حزن في مصر بعد وفاة إمام مسجد بالحرم المكي لحظات الأسد الأخيرة .. هرب مع ابنه وروسيا جعلته... الأردن .. عدم مسؤولية فني أشعة بقضية ادعاء... 14 اصابة جراء سقوط صاروخ على "تل أبيب"... "نعى نفسه قبل وفاته بساعات" .. حزن في... واشنطن تلغي مكافأة بـ10 ملايين دولار رصدت للقبض على... إيران تعلن مقتل أحد موظفي سفارتها في دمشقبقيمة 5 مليار دولار .. الولايات المتحدة تُوافق على...وزير خارجية إيران: الجيش السوري انتهى نار الخلافات تشتعل داخل “فتح” بسبب الأجهزة الأمنية...عين محافظاً لحلب .. من هو عزام غريب قائد الجبهة...تفاصيل جديدة عن عملية الدهس في ألمانياالسعودية حذّرت ألمانيا من منفذ عملية الدهس .. مصدر...القيادة العامة السورية الجديدة تعلن تكليف أسعد...الحوثيون أطلقوا 370 صاروخاً ومسيرة على... بطرافته المعهودة .. صلاح عبدالله يطمئن جمهوره على... بعد سقوط الأسد وغياب 12 سنة .. "الجنرال"... "جابت العيد" .. فجر السعيد تثير الجدل... تعرض الفنانة شهيرة للاختناق .. والسبب "حبة... بعد سقوط الأسد وغياب 12 سنة .. "الجنرال"... ليفربول في ورطة .. صلاح قد يغيب 8 مباريات فوز الأهلي على الرمثا بربع نهائي كأس الأردن تعادل منتخب الناشئين مع نظيره البحريني توتنهام يقصي اليونايتد من الكأس بعد مباراة ماراثونية الفيصلي يقترب من رفع عقوبة منع التسجيل عودة سوبرمان مع كلبه الخارق لإنقاذ أفلام الأبطال الخارقين عائلة من "بابا عمرو" تقيم عزاءً على أكثر من 100 من أبنائها "جريمة مروعة" .. أجبر زوجته على ابتلاع خاتم الزواج ثم قتلها سقط في وادٍ بعمق 150 مترا .. وفاة مؤسس "مانغو" الملياردير إيزاك أنديك جريمة بشعة .. مصرية تقتل زوجها سرقوا مجوهرات من أحد المنازل .. وهكذا كان مصيرهم فوضى كبيرة داخل برلمان .. ماذا حصل بين نواب! ما آخر مستجدات علاج ملك بريطانيا من السرطان؟ بعد معاناة مع الشيخوخة المبكرة .. وفاة التيك توكر بيندري بويسين عن 19 عاماً مُصففة شعر أثارت الرعب في بلدٍ عربيّ .. إليكم ما فعلته

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • تحت جسر نهر الكلب... هذا ما حدث مع المواطنين بسبب الأمطار
  • شاهد | قائد سابق في هيئة أركان العدو: اليمن لن يخسر المعركة
  • نائب قبطي يتبرع بنصف مليون جنيه لتطوير مسجد السيدة حورية ببني سويف
  • الحوثيون: مستعدون لأي اتجاه تذهب اليه المعركة مع الصهاينة
  • وزير الأوقاف يشيد بتبرع نائب قبطي بنصف مليون جنيه لتطوير مسجد في بني سويف
  • الجولاني يكلف مرهف أبو قصيرة وزيراً للدفاع ويعلن دمج جميع الفصائل في سوريا
  • السفارة السورية بالأردن تمنح السوريين تذكرة مرور مجانية للعودة إلى بلادهم
  • صلاحيتها شهر .. السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة مرور مجانية للعودة إلى بلادهم - تفاصيل
  • 4 أندية تتنافس على حجز تذكرة نهائي كأس جلالة السلطان للهوكي .. غدا
  • الكرة النسائية.. الزمالك يهزم الجونة بنصف دستة أهداف في الدوري