لندن- تتصدر القضية الفلسطينية المشهد السياسي في بريطانيا، وخصوصا منذ العدوان المستمر على قطاع غزة، وتنضم إلى قضايا بارزة وحساسة أخرى تهيمن على الرأي العام، لا سيما اللاجئين والصحة والإضرابات العمالية والتعامل مع المثلية.

وتُعد هذه الملفات حجر الأساس في القرار الانتخابي، في وقت تعاني فيه البلاد من تضخم أدى إلى أزمة اقتصادية طاحنة، أثّرت بالتبعية على أزمة السكن وغيرها من المشاكل التي تؤرق المواطن البريطاني.

ويتبنى كل من الحزبين السياسيين الكبيرين في المملكة المتحدة، المحافظين والعمال، سياسات ومواقف مختلفة تجاه كل قضية من هذه القضايا الرئيسة، الأمر الذي يجعلها مستقطبة لفئة معينة من الناخبين ومنفرة لفئة أخرى.

اختلافات الحزبين: الموقف من فلسطين

يتبنى حزب المحافظين موقفا صريحا داعما لإسرائيل، مؤكدًا على "حقها في الدفاع عن نفسها"، ومشددا على أهمية العلاقات البريطانية الإسرائيلية من منظور إستراتيجي، وبالغ بعض قادة الحزب في تبنيهم للموقف ووصلوا إلى حد شيطنة المدافعين عن فلسطين، والتعدي على الحق في التظاهر، وهو ما أدى إلى إقالة وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان.

في المقابل، يتأرجح حزب العمال في دعمه للقضية الفلسطينية، ورغم أنه عرف سابقا بموقفه الناقد لسياسات الاستيطان الإسرائيلية، فإنه بدأ يغير وجهته بقيادة كير ستارمر، الذي تراجع مؤخرا عن وعده بالاعتراف بدولة فلسطين، وتبنى موقفًا يدعو إلى حل الدولتين والضغط على إسرائيل لاحترام حقوق الإنسان، إلا أن ثمة ضغوطات مورست على الحزب لسحب وعده بالاعتراف.

قضية اللاجئين

بتركيزه على تشديد السياسات والإجراءات الأمنية، يتخذ حزب المحافظين موقفًا متشددًا تجاه الهجرة واللجوء، ووصل إلى حد العزم على ترحيل اللاجئين إلى رواندا للحد من تدفق الهجرة غير النظامية.

بينما ظهر رئيس حزب العمال كير ستارمر في إحدى الخطب الانتخابية، مؤكدا أنه سيتخذ سُبلا أقل كُلفة على البلاد التي تعاني اقتصاديا، وأعلن أن الخطة تشمل إعادة اللاجئين إلى بلادهم، وذكر بنغلاديش على سبيل المثال، مما أثار غضب العديد من المهاجرين المصوتين من أصول آسيوية، الذين يشكلون النسبة الأكبر من المهاجرين ذوي البشرة الملونة في بريطانيا.

المثلية

يتخذ حزب المحافظين مواقف متشددة ضد الحملات التي يقودها المثليون والداعمون لهم، مثل إدراجهم ضمن مواد تعليم التربية الجنسية في المرحلة الابتدائية. وقام بإعادة النظر في هذا القانون، بالإضافة لوعودهم الدائمة بفصل الأماكن المخصصة للنساء بحسب النوع البيولوجي، ومنع المتحولات جنسيا من استخدام ما يستخدمه النساء عامة، وهو أمر يعارضه حزب العمال بشده ويعتبره "رهابا" ضد المثليين، بينما يعتبره المحافظون "حقا منطقيا".

مظاهرة في العاصمة لندن دعما للقضية الفلسطينية لم تقتصر على الجالية العربية أو المسلمة (غيتي) التأثير على الناخبين

تؤثر المواقف من هذه الملفات بشكل كبير على توجهات الناخبين في بعض الدوائر الانتخابية، وعلى عكس ما قد تبدو عليه حشود المسيرات الداعمة لفلسطين، فإن عدد المسلمين في بريطانيا لا يتجاوز 7% من إجمالي عدد السكان، وأغلبيتهم من أصول آسيوية، وهو ما يحدّ من دور الصوت المسلم في الانتخابات.

ويرى رئيس الكيانات المصرية في أوروبا مصطفى رجب، أن النسيج العام للمسيرات الحاشدة الداعمة لفلسطين في شوارع لندن يتألف من فئات مختلفة، وهي أوسع بكثير من أن تقتصر على الجالية العربية أو المسلمة، التي تظهر كأقلية في تلك التظاهرات.

ووضّح أن الوضع السياسي في شمال البلاد تهيمن عليه الأغلبية المهاجرة والملونة، فيما يحافظ الجنوب على نسيج بريطاني مختلف، وكلاهما يختلفان عن الوضع شديد التنوع في العاصمة لندن.

وتحدث رجب، وهو الذي يشغل أيضا منصب عضو الهيئة المستقلة لإرشاد الشرطة، للجزيرة نت، عن خطط على طاولة حزب العمال تتضمن الاستدانة الخارجية أو رفع الضرائب، "وكلها خطط لن تؤدي إلا لتفاقم الكارثة الاقتصادية".

وانطلاقا من طبيعة عمله الميداني في المجالس المحلية، قال رجب، إنهم يتلقون طلبات من بنك الطعام من فئات الطبقة المتوسطة والعاملين في قطاع الصحة، "وهو أمر لم يحدث من قبل" حسب وصفه.

وأضاف أن الأزمة الاقتصادية لن تحتمل المزيد من التدهور، وانعكس ذلك على جهاز الشرطة، الذي بدأ يفقد سيطرته على معدلات الجريمة المتصاعدة، ليس من ناحية عددية بل في مستويات عنف الجريمة.

لا اختلاف جوهري

يرى الكاتب والباحث باتريك واتس، أنه ورغم التوقعات بتشكيل حكومة من حزب العمال، فإنه لا يوجد أي اختلاف جوهري حقيقي بينه وبين حزب المحافظين، سواء في السياسة الخارجية أو التعامل مع اللاجئين أو إحداث تحرك اقتصادي إيجابي.

وأضاف أن هناك حضورا مكثفا في هذه الانتخابات لحزب "الإصلاح"، الذي يعبّر عن العديد من الأفكار اليمينية بقيادة نايجل فاراج، بالإضافة لشعبية نسبية لحزب "الديموقراطيين الأحرار"، ولكن لا فرصة لهم أو لحزب "الخضر" بالمشاركة في الحكومة. وهو ما ينطبق أيضا على المستقلين وأبرزهم جورج غالاوي وجيرمي كوربن، بالإضافة لمجموعة من المستقلين الذين فُصلوا من حزب العمال بسبب تأييدهم لفلسطين.

وبحسب واتس، فإن الغالبية العظمى ستصوت تكتيكيا لصالح العمال، بالرغم من الخلافات بين الحزبين، كما أن تفاقم الأزمة الاقتصادية يمنع ظهور أي تحسن اقتصادي في برامج الحزبين على مستوى أزمات السكن والإضرابات، والأمر نفسه في القضية الفلسطينية، حيث "يعتبر الحزبان وجهين لعملة واحدة عندما تتعلق الأمور بالتعامل مع إسرائيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب المحافظین حزب العمال

إقرأ أيضاً:

كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟

كشفت دراسة جديدة عن أن شرب القهوة يغير الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في أمعائنا، ويعتقد أن هذا التغير له عواقب بعيدة المدى على الصحة.

تؤدي البكتيريا والخميرة والفطريات -التي يشار إليها مجتمعة باسم ميكروبيوم الأمعاء- دورا مهما في الهضم وامتصاص العناصر الغذائية حركة الأمعاء، والصحة العقلية، والمناعة.

يعتقد العلماء أن ميكروبيوم الأمعاء يتغير اعتمادا على النظام الغذائي الذي يتبعه الفرد وعلى بيئته. ولكل شخص ميكروبيوم أمعاء فريد من نوعه، تتفاوت فيه أنواع وكميات من الكائنات الحية الدقيقة.

قال البروفيسور الدكتور تيم سبكتور، أحد مؤلفي الدراسة، لمجلة نيوزويك الأميركية إن "نتائج الدراسة تعزز فكرة وجود رابط محدد بين الطعام الذي نتناوله والميكروبات الموجودة في أمعائنا، مما يعني أننا نمتلك قوة هائلة لتحسين صحتنا من خلال الخيارات الغذائية التي نتخذها".

جذور القهوة العربية ترجع إلى 600 ألف سنة مضت، ولم يطلها أيّ تلاعب جيني بشري (أن سبلاش) التركيز على القهوة

اختار العلماء في شركة زوي، وهي شركة علوم التغذية الأميركية التي أجرت الدراسة، التركيز على القهوة للبحث في العلاقة بين أنظمتنا الغذائية وميكروبات أمعائنا.

وكتبوا في دراستهم، التي نُشرت في مجلة "نيتشر مايكروبيولوجي" يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أنهم اختاروا القهوة لأنها تُستهلك بشكل كبير، كما يظهر أن لها فوائد صحية، فهي -على سبيل المثال- تقلل أخطار الوفاة بأمراض القلب، والإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، والإصابة ببعض أنواع السرطان. كما أن الناس يميلون إما إلى استهلاك القهوة بانتظام، أو عدم تناولها على الإطلاق، على عكس الأطعمة والمشروبات الأخرى.

وقال سبكتور "من المحتمل أن تكون الفوائد الصحية للقهوة ترجع إلى طبيعتها الكيميائية المعقدة. فالقهوة المصنوعة من تخمير الحبوب تحتوي على مئات المركبات الموجودة في كل من القهوة التي تحتوي على الكافيين ومنزوعة الكافيين. وتشمل هذه مجموعة من البوليفينول، التي تغذي ميكروبيوم الأمعاء ويمكن أن تساعد في تقليل نسبة السكر في الدم وضغط الدم".

التحقق من تأثير القهوة على بكتيريا الأمعاء

وجدت الأبحاث السابقة التي أجراها العلماء أنفسهم أن القهوة -من بين 150 نوعا مختلفا من الأطعمة- كانت الأكثر ارتباطا بتكوين ميكروبيوم الأمعاء.

وأجرى العلماء أبحاثهم باستخدام بيانات 22 ألفا و800 شخص في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، قدموا معلومات غذائية مفصلة، ​​وبيانات عامة من 54 ألفا و200 شخص آخر.

كذلك حللوا أكثر من 400 عينة من البلازما وأكثر من 350 عينة براز، وأجروا تجربتين في المختبر، لاستكشاف كيفية تأثير القهوة على أمعاء الشخص.

شرب القهوة يغير الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في أمعائنا (بيكسابي) البكتيريا أيضا تحب القهوة

وجد العلماء أن سلالة واحدة من البكتيريا، تسمى "لاوسونيباكتر أساكاروليتيكوس" ( Lawsonibacter asaccharolyticus)، كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بشرب القهوة. كان لدى الأشخاص الذين شربوا أكثر من 3 أكواب من القهوة يوميا مستويات أعلى بـ8 مرات من هذه البكتيريا في أمعائهم، مقارنة بالأشخاص الذين شربوا أقل من 3 أكواب من القهوة شهريا.

ومن بين الأشخاص الذين يشربون القهوة بانتظام، بدا أن أولئك الذين يشربون كثيرا من القهوة لديهم أيضا كثير من لاوسونيباكتر أساكاروليتيكوس، على الرغم من وجود فرق أكبر بين شاربي القهوة وغير شاربيها.

ووجد العلماء أن العلاقة كانت متسقة بشكل ملحوظ عبر مجموعات من الناس في 25 دولة مختلفة، وعندما أطعموا لاوسونيباكتر أساكاروليتيكوس القهوة -التي تمت دراستها في أنبوب اختبار- نمت البكتيريا.

تكهن العلماء بأن هذه السلالة من البكتيريا قد تكون السبب الرئيسي وراء ارتباط القهوة بعديد من الفوائد، إذ يمكن لهذه البكتيريا تحويل المكونات الموجودة في القهوة إلى مركبات أخرى أكثر فائدة، مع مزيد من الفوائد الصحية.

وأضاف سبكتور "في الوقت الحالي، لا نعرف كيف يؤثر هذا الميكروب على صحتنا، على الرغم من أنه قد يشارك في التأثيرات الصحية الإيجابية التي يمكننا أن نشكر القهوة عليها. هذا هو غيض من فيض ويُظهر كيف يمكننا، مع حجم العينة الهائل لقاعدة بيانات زوي، فتح مزيد من اتصالات ميكروبات الطعام، وإخبارنا بكيفية تناول الطعام من أجل صحة أفضل".

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع البريطاني: النزاع في أوكرانيا دخل مرحلة حرجة
  • أمير منطقة تبوك يرأس اجتماع المحافظين ورؤساء المراكز
  • وزير الخارجية البريطاني: لن نرسل قوات إلى أوكرانيا
  • الاتحاد الوطني لنقابات العمال استكمل توزيع المساعدات على العاملات والعمال
  • الصدر يفتح مضيف آل الصدر في طرابلس ويدعو الى توزيع وقود التدفئة على اللاجئين
  • محافظ الشرقية: الصحة المهنية تهدف إلي تأمين بيئة العمل وحماية المنشأت والعمال
  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
  • قاليباف: إيران ردت على الاستغلال السياسي لمجلس المحافظين بإطلاق أجهزة الطرد المركزي
  • ما هي ”الشّنة“ وكيف تُستخدم لحفظ التمور في العلا؟