أمجد توفيق:كل العباقرة والعلماء والأنبياء جاءوا بطريقة مختلفة..وكانت أخطاءهم ذهبية
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
أغسطس 7, 2023آخر تحديث: أغسطس 7, 2023
حامد شهاب
حوار مجيد السامرائي مع الروائي والكاتب والإعلامي أمجد توفيق ضمن برنامج ( أطراف الحديث )من قناة الشرقية ، يوم الاحد السادس من آب 2023 ، عبارة عن رؤى فلسفية وحكم بلاغية ، وغوص في أعماق النفس البشرية ، وفي أعماق بحور الإبداع ، وكيف يكون الرجال العظام ، ومن يصنعون الكلمة ، ومن يختارون حروفها وثيمتها ، وكيف يتم إختيار الكلمة ، وكيف يعيدون تهذيبها وصقلها ، ليتسنى للكاتب والروائي تحويلها الى لقمة سائقة ، تتلذذ بها الأنفس وترتاح لها الضمائر ، ويجد فيها الضمآن مبتغاه!!
وحين تتمعن في خفايا حوارات الكاتب أمجد توفيق وجمله وعباراته وما ينطق به ، حتى تتخيل أنك امام رجل قادم من خارج سياقات الزمن ، حين يؤكد لك أن العظماء والعلماء ماكانوا ليكونوا على هذه الدرجة ، لو لم تكن في حياتهم ( أخطاء ذهبية ) ، هي من رفعت من مقاماتهم حتى تسلقوا قمم المجد ، من خلال ما قدموه للبشرية من إنجازات كبرى ومكانة رفيعة ، حتى أصبحوا نجوما وكواكب لامعة ، ومضرب مثل على كل لسان!!
الخطأ الذهبي
أجل.
أما مقدمة الحوار لمجيد السامرائي فكانت عن أول إبداع قصصي أو روائي تحدث عنه الروائي والكاتب والإعلامي أمجد توفيق ، مشيرا الى أن قصص : الثلج .. الثلج كانت ( مفارقة ) وفي حوار في هذا الجو القائض الذي تعدى المقاييس المعقولة لدرجات الحرارة ، حيث يتذكر أن المجموعة القصصية الأولى التي كتبها عام 1974 هي الثلج الثلج، التي كانت تجربته الأولى، التي كانت تضم تسع قصص ، وكانت تستوحي طبيعة المنطقة والبيئة ، وهي دهوك تحديدا التي تربى فيها ، وعاش مرحلة طفولته وشبابه، وهي في المنطقة الشمالية من العراق.
كاتب الجبل
وعن وصفه بـ (كاتب الجبل) يقول أمجد توفيق انه جرى توصيفي على نمط روايتي الأولى طفولة جبل وهي نمط الكتابة العراقية ، حيث نمط الطبيعة الجبلية هي الغالبة للمبدعين العراقيين.
ويضيف: الثلج الثلج ينطبق الوصف على الرواية أكثر مما ينطبق على قصص صغيرة.. قصص الثلج الثلج، عندما تتحدث في القصة كأنك تتحدث عن غرفة ، بينما في الرواية يمكنك أن تتحدث عن مدينة.. فالقصص ليست بالضرورة أن تكون معبرة عن حياة الكاتب ، برغم أن الحياة الشخصية للمؤلف هي موجودة في بقية أعمالي، ولي في أغلب روايتي كما يقول ، شخوص كثيرون مايزالون حاضرين ضمن رواياتي ، وبعضهم يرد ذكره أكثر من مرة.. أما تفسيره لرواية وعنوان” الساخر العظيم ” فأكد أن “الساخر العظيم هو الزمن الذي يسخر من الجميع “.
ويؤكد الروائي والكاتب أمجد توفيق أن العمق في الكتابة يأتي من خلال التجربة، الكاتب الحقيقي ليس فأرة كتب، ربما تقرأ آلاف الكتب ، ولكن دون موهبة حقيقية معمدة بتجربة، فالحياة وجدت لأن تعاش، لا لكي نتفرج عليها ، نحن ممثلون حقيقيون نعيش حياتنا في الزمن المكتوب علينا ، مهما طال أم قصر، وأما أن نكون متفرجين ، وانا من الناس خياري هو أن أعيش الحياة وأن أكتب عنها هذا المصير.
ويشير الى أنه في الرواية يكون المكان هو جزء أساسي ، إذ لاتوجد رواية بلا مكان، واذا اختفى المكان من الرواية يؤثر على صيرورة الرواية والموقع ايضا يحدد معالم الرواية وبيئتها ، والحركة هو مكانها.
الإبداع يمحني الحرية
وبشأن سؤال عن متى يشعر الكاتب بالحرية يقول أمجد توفيق : الابداع عادة يمنحني ما ينقصني من الحرية.. لاتعتقد أن هناك إنسانا ما في حياتنا أن الا وحريته بشكل ما منقوصة ، هناك العمل ، هناك العلاقات الاجتماعية السياسية ، البيئة ، حتى الجو يؤثر عليك، ويعتدي على الحرية ، ولكني أعتقد أن الإبداع قدم لي حرية ثمينة بأن منحني قدرا كبيرا من الحرية ، فأنا حر عندما أكتب بحرية ، أفتقدها في حياتي اليومية التي تتعرض الى مجموعة مؤثرات، هذه المؤثرات ليس لدي القدرة في السيطرة عليها، ولكن في الرواية لدي القدرة على أصنع عاطفة ثلجية أو عاصفة ترابية.
وعن “الخطأ الذهبي ” الذي صنعه أمجد توفيق قال أنا ككاتب أفرق بين نوعين من الخطأ ، هناك أخطاء ترابية وهي أاخطاء صغيرة وقد تنال من قيمة من يرتكبها، ولكن هناك أخطاء عظيمة ، أخطاء ترفع من قيمة صاحبها.
ويضيف ..الرواية تمنحني ما ينقصني من الحرية، حيث ينقصني الكثير من أراه ..أنا لا أنتظر من الحياة أن تمنحني..أنا رجل وانا أستطيع أن اضع نفسي في المكان الذي أعتقده مناسبا ، فالرجل حيث يضع نفسه.
وأبطال رواياتي ، كما يقول ، كانوا يمارسون حريتهم، وهم يموتون يكون لهم راي وموقف ، وهم لم يكونوا أناسا عاديين ، كانوا أصحاب مشاريع ، وكانوا محبين بطريقة رائعة ، وعشاقا لطيفين ، وهم مؤمنون أن الحياة لن تعاد مرة أخرى..وكل بطلاتي لي علاقة عاطفية معهن، وقت كتابة روايتي ينال، وهن متخيلات.
وعن علاقة القاريء بالكتاب يوضح : الكتاب عبارة عن جسم ميت ، وتبعث به الحياة في لحظة القراءة ، وليست هناك قراءتان متشابهتان، وكل قراءة تستوجب أن تستحضر خزينك المعرفي، فالكاتب ليس بمقدوره ان يطلب من القاريء ان يتمعن كتابه صفحة بعد صفحة ، مايدفعه للقراءة هو المتعة التي تتحقق لحظة القراءة ، ودون هذه المتعة فإن من حق أي قاريء أن يقرأ صفحة او صفحتين ويترك الكتاب، ليحوله ثانية الى جسم ميت.
قيمة الكلمة بقدر إنحرافها عن المعنى القاموسي
وعن كيفية إنتقائه للمفردة في الرواية يقول : المفردة التي أستخدمها ، الجملة وطبيعة التراكيب ، أمنحها شيئا من روحي ومن قدرة ميكانيكية على تعريف الأشياء ، وهناك من يقول أن القيمة الجمالية في أية ثيمة أو جملة تستخدمها هي بمقدار إنحرافها عن المعنى القاموسي للكلمة، فكلنا نتحدث عن 28 حرفا من حروف لغتنا العربية ، ولكن ليس هناك كتاب يكتبون بنفس الطريقة ، أنا أؤمن بالتامل وأؤمن بالتجربة، وما لم أأخذ إستحقاقي الى اللحظة الأخيرة قبل أن أموت.. لن أتردد في قول أو فعل أجده صحيحا، وغالب هذه الأشياء كانت من الأخطاء الذهبية أن أقرر المكان الذي أكون فيه ، وأقرر موعد المغادرة، ولن أسمح لأحد أن يتدخل.. ويضيف: كنت مدير عام مؤسسة ، وكان صاحب المؤسسة أقول له بكل وضوح، القرار النهائي هو لك وليس لي، ولكن القرار الذي أتخذه أنا ليس من حق أحد أن يناقشه معي، أنا أقرر متى أبقى ومتى أغادر، أنا الان في جو ذهبي، أعيش في مكتبتي بالبيت أقرر وأكتب كما أشاء ، وأسافر كما أشاء ،والتقي بمن أشاء.
وعن روايته ذائة الصيت ( ينال) قال الروائي أمجد توفيق : رواية ينال كانت قضية فكرية فلسفية ، كان يبحث عن الحقوق التي لن تقرها البشرية ، فالانسان ليس صخرا ، يتغير رايه، وينمو ويرحل ، والحق في الرحيل المطلق، الذي يهضم حتى الحق في الانتحار، الذي لايقره دين أو شريعة أو منظمة مجتمع مدني او منظمة أممية، من أبطالي ينال انتحر وعندي شخص آخر في رواية أخرى إنتحر أيضا ، وفي لحظة إنتحار ينال، عادة المنتحرون هناك أسباب تدفعهم للإنتحار ، أما أن تكون أسبابا مالية، أو مشاكل عاطفية ، أو أسبابا مختلفة ، وينال كان سيئا جدا ، وعلاقاته العاطفية نال منها الكثير، ولكن كان يعتقد أن الاكتمال غائب.
الموصل رائحة التراث
وعن الموصل وذكرياته الجميلة فيها قال : أنا أعشق الموصل ، الموصل القديمة التي أشم فيها رائحة التراث والأصالة والحياة الموصلية ..الساحل الايمن هو الأصل ، الايمن الذي لايزال اربعين الف بيتا مهدما ، انا عشق البيوت القديمة المبنية من الجص والحجر، والمرمر الموصلي، الان أشياء كثيرة تغيرت، ربما نحاول إستذكار طفولتنا فيما مضى ، ولكن لن تحدد علاقتي بالموصل بدعوات لحضور مهرجان ، احتفالي في الموصل في أن أبحث عن مكان للباجة قديم، أبحث عن مطعم للكباب، أرتاح عادة لمناطق شعبية ، ومناطق رخيصة جدا ولذيذة جدا.واحب أكل اللحم على طريقة الاديب الكبير نجمان ياسين، حتى أبطالي يتلذذون بالأكل ، كما يقول.
حوار أكثر من ممتع .. وجدنا فيه انه من الحوارات المتميزة والخارقة التي يجد فيها المثقف والاديب والمتتلقي عموما ما يشفي غليله، وما يرفع من قيمة الإنسان، ومن سوء الأقدار عندما تداهم بني البشر ، وهم لديهم آمال وطموحات لم تكتمل بعد..
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: فی الروایة
إقرأ أيضاً:
أمجد الشوا: أفعال جيش الاحتلال تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي| فيديو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يتطلع ويحتاج لوقف فوري لإطلاق النار وإيقاف العدوان الإسرائيلي بجميع أشكاله، بما في ذلك رفع الحصار وادخال المساعدات الإنسانية بكل أشكالها لمناطق قطاع غزة، مشيرًا إلى أن العدوان الإسرائيلي يتصاعد بشكل ملموس، على الرغم من النداءات التي تطلق من الأمم المتحدة وهيئات دولية أخرى، وبعض الدول بوقف هذا العدوان.
وقال الشوا في حواره عبر زووم، لفضائية "النيل للأخبار" اليوم الثلاثاء، إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل غاراته، مستهدفًا المدنيين، حيث تم مسح عائلات بأكملها من السجل المدني نتيجة لهذه الهجمات المتواصلة، موضحًا أن الاحتلال يفرض حصارًا مشددًا يمنع دخول الإمدادات الغذائية والدوائية والمياه، بالإضافة إلى استهداف المستشفيات وقتل المرضى والطواقم الطبية، في شمال قطاع غزة.
وتابع، أن الوضع الإنساني يزداد سوءًا أيضًا في وسط وجنوب قطاع غزة، حيث يرتفع عدد النازحين الذين فروا من ركام منازلهم إلى مناطق يفترض أنها آمنة، ولكنهم يتعرضون في الوقت نفسه للاستهداف، موضحًا أن هذه الأفعال تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.
ودعا المجتمع الدولي إلى ضرورة احترام هذه المعايير والتحرك بشكل فعال لتلبية احتياجات المدنيين، قائلًا: "على المجتمع الدولي أن يكثف جهوده لحماية المدنيين وضمان إدخال المساعدات الإنسانية دون قيود".
وأكد الشوا أن الوضع الراهن يستدعي تدخلًا عاجلًا في كل لحظة، حيث تزداد معاناة الشعب الفلسطيني وتفقد المزيد من الأرواح.