باستثمارات قطرية وإيطالية.. هل تكتفي الجزائر ذاتيّا من الغذاء؟
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
الجزائر- كشف الرئيس عبد المجيد تبون، في آخر اجتماع لمجلس الوزراء، أن تحقيق الجزائر اكتفاءها الذاتي التامّ من إنتاج القمح الصلب أصبح قريب المنال، بعد إنتاج 80% من حاجتها السنوية خلال هذا الموسم.
وأوضح الرئيس أمام أعضاء المجلس الوزاري أن الإنتاج الوفير من القمح الصلب خلال الموسم الحالي سمح بتوفير 1.2 مليار دولار لخزينة الدولة.
وأبرز تبون أن بلوغ الهدف الإستراتيجي سيكون عبر توسيع المساحة المزروعة في الجنوب الكبير إلى 500 ألف هكتار، تشمل الاستثمار القطري بالأساس عبر مساحة 117 ألف هكتار بالجنوب الجزائري، والإيطالي في 36 ألف هكتار، إلى جانب الاستثمارات الوطنية في 120 ألف هكتار.
كما وجّه رئيس الجمهورية الحكومة لتحسين مردودية الهكتار الذي يجب ألا يقل في الجنوب عن 55 قنطارا في الهكتار الواحد، لِمَا تملكه تلك المناطق من إمكانات عملاقة، لا سيما الماء والكهرباء، وفق بيان لرئاسة الجمهورية.
اتفاقات شراكة أجنبيّةجاء ذلك، عقب توقيع اتفاق شراكة جزائرية إيطالية، على هامش قمة السبعة لكبار المُصنّعين المنعقدة مؤخرا بمدينة باري، لإنجاز مشروع ضخم بمحافظة تيميمون الجنوبية، باسم "مؤسسة ماتيي أفريقيا"، سيمتد من عام 2024 إلى 2028، لإنتاج الحبوب والبقوليات، وكذا الصناعات الغذائية.
وقبل ذلك، ظفرت الحكومية الجزائرية باتفاقية إستراتيجية مع الشركة القطرية "بلدنا" لإقامة مشروع منظومة فلاحية صناعية متكاملة، في محافظة أدرار الصحراوية، بتكلفة 3.5 مليارات دولار.
ويتربع المشروع الجزائري-القطري على مساحة إجمالية قدرها 117 ألف هكتار، مكونة من 3 أقطاب، على رأسها مزرعة لإنتاج الحبوب والأعلاف.
وكانت تقارير أميركية، وضعت الجزائر في المرتبة الثانية أفريقيّا في إنتاج القمح لسنة 2023، بإجمالي إنتاج بلغ 7 ملايين طن موسم 2022-2023، بينما وصل حجم استهلاكها السنوي لمادة القمح 11.4 مليون طن خلال نفس الفترة، وفق ما أورده التلفزيون الجزائري الرسمي.
وجاءت الجزائر عام 2022 ضمن أكبر 10 دول مستوردة للقمح في العالم، والثانية عربيّا، بواردات قيمتها 2.7 مليار دولار، أي 3.7% من إجمالي القمح المستورد عالميا، حسب منظمة ورلدز توب إكسبورت.
"بلدنا الجزائر".. الأكبر عالمياوعن أهمية الشراكة الجزائرية القطرية والإيطالية، وآفاقهما ضمن مخطط الحكومة للأمن الغذائي، أكد الخبير الاقتصادي، أحمد سواهلية، أن مشروع "بلدنا الجزائر" هو الأكبر في العالم لإنتاج الحليب المجفف، بـ51% للجانب القطري و49% للشريك الجزائري.
وكشف سواهلية للجزيرة نت أنه سيتم تنصيب -في غضون 15 يوما القادمة- لجنة مشتركة مع "شركة بلدنا"، تضم إداريين وتقنيين ومسؤولين محليين، للإشراف على تجسيد المشروع.
وأوضح أن موعد انطلاق الأشغال في المشروع سيكون في أكتوبر/تشرين الأول 2024، والانتهاء من الدراسات سيكون بعد شهرين أو 3 أشهر بداية من التوقيع على الاتفاقية المذكورة (أبريل/نيسان 2024).
وقال سواهلية إن المشروع سيوفّر 250 منتجا، ويسعى ليكون بوابة لأفريقيا، مع ضمان 270 ألف رأس أبقار، باستعمال مزارع حديثة لوجود عدة محاور، بمعدّل 30 ألف هكتار لكل منها.
وتحدّث سواهلية عن إنتاج مليار و700 مليون لتر سنويّا من الحليب، مع التركيز على زراعة العلف والذرة والقمح بنظام "سكادا" للريّ، لتحسين كفاءة المياه، إضافة إلى استعمال أفضل التكنولوجيا العالمية في مجال المحالب الدوارة للأبقار.
من جهته، اعتبر الخبير الزراعي، حسان بن يحيى، أنّ الشراكة الفلاحيّة الجزائرية مع الإيطاليين نافعة للطرفين، خاصة أن إيطاليا لم تصل بعد إلى الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح الصلب، حيث تستورد أكثر من مليونَي طن لتغطية احتياجاتها المقدرة سنويّا بـ6 ملايين طن.
وأشار بن يحيى إلى امتلاك الخبرة الإيطالية أكثر من 600 صنف من القمح الصلب، منها ذات جودة وقيمة غذائية رفيعة، وهو ما تحتاجه الزراعة الجزائرية بالنظر إلى خصائصها المناخيّة، من خلال إدخال أصناف جديدة وتوسيع دائرة الإنتاج.
أولوية الزراعات الإستراتيجيةوبشأن سياسة الحكومة الجزائرية وانفتاحها على الشراكات الأجنبية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب، أكد خبير الأمن الغذائي، لعلى بوخالفة، للجزيرة نت أن الجزائر تأتي في الصدارة بالنسبة لأفريقيا والعالم العربي، حيث حققت حوالي 75% من احتياجاتها الغذائية محليا، خاصة ما تعلق بالمنتجات الفلاحية، مثل الخضروات والفواكه والبقوليات الجافة.
غير أنها لا تزال مرتبطة بتوريد مواد أخرى إستراتيجية، على غرار الحبوب والحليب واللحوم الحمراء والزيوت والسكر، والتي تكلفها سنويا فاتورة بـ10 مليارات دولار، والكلام للخبير نفسه.
وأوضح المستشار الفلاحي أنّ الرئيس تبون أصدر عدة قرارات منذ 2020 لصالح التنمية الفلاحية بصفة عامة والزراعات الإستراتيجية بصفة خاصة، من بينها رفع سعر استرجاع الحبوب إلى وحدات "الديوان الجزائري" (هيئة حكومية)، حيث بلغ قنطار القمح الصلب 6 آلاف دينار (45 دولارا) وقنطار القمح اللين 5 آلاف دينار (37 دولارا)، أما قنطار الشعير والخرطال فأصبح بـ3400 دينار (25 دولارا).
وأشار بوخالفة أيضا ضمن آليات تحفيز الاستثمار في زراعة الحبوب إلى إنشاء الديوان الوطني للفلاحة الصحراوية، ودعم الأسمدة من 20% إلى 50%، وتمويل وسائل الريّ الذكي، إضافة إلى منح تراخيص استيراد قطع الغيار والعتاد الفلاحي والجرارات التي لا يتعدى عمرها 5 سنوات، مع خفض الضرائب والرسوم على المنتوجات الفلاحية، وكذلك إدماج التقنيات الحديثة للبحث العلمي في الزراعة.
كما وقف المستشار الزراعي عند رفع قدرات التخزين من 44 مليون قنطار إلى 90 مليون قنطار، مع تسجيل برنامج إضافي بـ350 صومعة ومراكز تخزين جواريّة عبر 34 محافظة، وهو ما يسهّل استرجاع المنتج إلى وحدات الديوان الوطني للحبوب والبقوليات الجافة.
الأمن الغذائي ممكن بشروطوفيما يخص الشروط التقنية المطلوبة لنجاح السلطات في تحقيق الرهان الزراعي، يؤكد الخبير حسان بن يحيى على إدراج الأراضي البُور في الشمال (200 ألف هكتار) ضمن المساحات المؤهلة للإنتاج، مع توفير ماء السقي التكميلي بنسبة 600 مليون متر مكعب، وهذا ما يسمح بإنتاج 800 ألف طن (نسبة مردود 4 أطنان في الهكتار).
ويشدد بن يحيى على توسيع المساحات في الجنوب بنسبة 500 ألف هكتار مسقيّة، وهو ما يتطلّب أكثر من 10 آلاف بئر في غضون 6 سنوات مقبلة، معتبرا أنها مهمة صعبة جدا وتحتاج إلى شركات إنجاز قوية، لأجل زيادة الإنتاج السنوي إلى ما يقارب من 450 ألف طن من القمح الصلب.
وفي ضوء ذلك، توقّع الخبير بن يحيى بلوغ 2.7 إلى 3 مليون طن من القمح في الجنوب خلال 6 سنوات القادمة، شريطة تنفيذ الاستثمارات الكبرى، في مجال الآبار والمنشآت القاعدية، وقواعد الحياة، وآلات الزراعة القوية، والجرارات، وتوصيل الكهرباء، وتحديد الأصناف ذات المردود الكبير والمقاومة لعوامل الطبيعة.
ونبّه الخبير إلى أن استغلال 500 ألف هكتار في الجنوب و200 ألف هكتار أخرى في الشمال يحتاج إلى ما يقارب من 3.5 إلى 4 ملايين قنطار من الأسمدة زيادة على ما هو مستعمل اليوم.
أما بالنسبة للمستثمرين الأجانب، فقد ركّز الخبير بن يحيى على ضرورة سرعة الإنجاز من طرف شركات كفؤة، في ظل قاعدة لوجستية صلبة، مع عناية بعديّة تجعل تحقيق الأمن الغذائي بنسبة متقدمة ممكنا، موازاة مع جهد كبير لتصحيح نمط الاستهلاك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ة الجزائریة فی الجنوب ألف هکتار بن یحیى
إقرأ أيضاً:
"النواب": اللجنة العليا الخبير الفني لجهات التحقيق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وافق مجلس النواب على نص المادة (18) من مشروع قانون المسؤولية الطبية وسلامة المريض التي تنظم دور اللجنة العليا.
ونصت المادة على أن "تكون اللجنة العليا هي الخبير الفني لجهات التحقيق أو المحاكمة في القضايا المتعلقة بالمسئولية الطبية، سواء من خلال الاستعانة بها أو بالتقارير المعتمدة الصادرة عن اللجان الفرعية للمسئولية الطبية التي تشكلها ، أو الاستعانة بأحد أعضاء المهن الطبية من أعضائها أو باللجان المتخصصة التي تشكلها.
ورفض المجلس المقترحات المقدمة من عدد من النواب التي تلزم النيابة بعدم إجراء التحقيقات في الشكاوى والبلاغات الخاصة بالأخطاء الطبية قبل صدور تقرير اللجنة.
وعلق وزير الشؤون النيابية والتواصل السياسي، المستشار محمود فوزي محمود فوزي على اقتراحات التعديل "هذه المادة مكتسب حقيقي لهذا القانون ولم نصل لها إلا بعد مناقشات مستمرة في مراحل كثيرة جدًا"، وتابع "المطالبات التي يطلبها بعض السادة النواب أن يكون الرأي ملزم لجهة قضاء"، موضحًا "الفرق بين رأي اللجنة ورأي المحكمة أن رأي القاضي ملزم وواجب النفاذ".
وقال فوزي: "فائدة اللجان الرأي الفني معروض على المحكمة من الناحية العملية لا يمكن أن تتجاوز الرأي الفني إلا برأي فني أقوى منه ولو فعلت غير ذلك يصبح قرارها عرضة للطعن من محكمة أعلى".
وتابع: "الواقع العملي يفرض نفسه، ويقول إن الرأي اللي ييجي من اللجنة المحكمة تأخذ به، الواقع العملي يشير إلى أن اللجان تكون على قدر من المسؤولية".
أما النائب أشرف حاتم رئيس لجنة الشؤون الصحية علق قائلًا أشرف حاتم "هذه أهم مادة في القانون"، وبرر عدم إضافة هذه الاقتراحات بتجنب شبهة عدم الدستورية.
وقال: إن "إضافة أي حاجة من الحاجات الأخرى في شبهة عدم دستورية"،
وأضاف "نقترح أن نطلب من النائب العام إصدار كتاب دوري بعد صدور القانون لجهات التحقيق في النيابات المختلفة، يقول بأن اللجنة العليا يحال لها الشكوى ثم يتم التحقيق مع الاطباء بعد صدور تقاريرها".
وشهدت الجلسة العامة لمجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، جدلا واسعا بشأن المادة 20 من مشروع قانون المسئولية الطبية، والتي تتعلق بإنشاء صندوق أمين حكومي للتأمين ضد الأضرار الناجمة عن الأخطاء الطبية.
ووافق مجلس النواب، على مقترح النائب إيرين سعيد، بشأن أن يكون التأمين على الصندوق الحكومي، وليس المساهمة فقط.
وأصبح نص المادة 20 بمشروع قانون المسئولية الطبية كالتالي: يُنشأ صندوق تأمين حكومي للتأمين ضد الأخطار الأضرار الناجمة عن الأخطاء الطبية، مباشرة أو عن طريق التعاقد مع شركة تأمين أو أكثر أو مجمعة تأمين توافق على إنشائها الهيئة العامة للرقابة المالية، كما يجوز للصندوق المساهمة في تغطية الأضرار الأخرى التي تلحق بمتلقي الخدمة أثناء وبسبب تقديم الخدمة الطبية استناداً إلى الدراسات الفنية والاكتوارية التي تعد في هذا الشأن.
ويصدر النظام الأساسي للصندوق وفقاً للنموذج المعتمد من مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية.
ويخضع الصندوق لرقابة وإشراف الهيئة العامة للرقابة المالية وفقاً لأحكام القوانين المنظمة لذلك.
وأكد الدكتور أيمن أبو العلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أن إنشاء صندوق طبي تأميني يقوم بتغطية الأضرار الناتجة أمر هام، إلا أن هناك نقطة تثير مخاوف الأطباء، تتعلق بتحمل التسويات والغرامات والتعويضات.
وطالب أبو العلا، بالنص على تغطية هذه البنود أو إثباتها في مضبطة مجلس النواب، مشددا على أهمية أن يغطي الصندوق التعويضات والغرامات.
وفي هذا الصدد، أكد الدكتور أشرف حاتم، رئيس لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، أن صندوق التأمين الحكومي للتأمين ضد الأخطار الناجمة عن الأخطاء الطبية، صندوق تأميني تكافلي ويخضع للرقابة المالية.
ولفت إلى أن الصندوق سيضم كل الأطباء العاملين على أرض مصر سواء كان مصري أو غير مصري سيكون له تأمين ضد مخاطر المصري، قائلا: لا يوجد مانع لدى الصندوق أن يتحمل الغرامات الجنائية والتعويضات، إلا أن الأمر مرهون بالدراسة الاكتوارية.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزارء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان: نتمنى أن يغطي الصندوق كافة الأخطاء الطبية سواء من خلال الحكم المدني أو الجنائي، متابعا: أما إلزام الصندوق بدون دراسات اكتوارية غير مناسب.
وأشار إلى أن الأمر يرتبط بحجم وقيمة مساهمات الأعضاء في الصندوق، مؤكدا أنه سيكون هناك دراسات اكتوارية مدققة حسب حجم ودرجة مساهمته.
وأوضح وزير الصحة، أن ترك الأمر إلى الدراسة الاكتوارية قد يشمل التعويضات والغرامات بشأن الأخطاء الطبية.