قد يكون المشهد "الانتخابي" الطاغي في المنطقة والعالم، رغم الأجواء الملبّدة بالحروب والصراعات، "مستفزًا" للكثير من اللبنانيين، العاجزين عن انتخاب رئيس للجمهورية منذ تشرين الأول 2022، ففي إيران، سيُنتخَب رئيس جديد للجمهورية في غضون أيام قليلة، بعد فترة بسيطة على الشغور المفاجئ الذي أصاب المنصب بفعل مصرع الرئيس السابق إبراهيم رئيسي إثر حادث تحطّم طائرته.


 
أما في الولايات المتحدة، فالأجواء الانتخابية تبقى مسيطرة، في ظلّ المنافسة الحامية بين الرئيس الحالي جو بايدن عن الحزب الديمقراطي، والسابق دونالد ترامب عن الحزب الجمهوري، بعد أيام من مناظرة أولى جمعتهما، وشغلت العالم بأسره، في سياق السباق المحموم نحو البيت الأبيض. ولا تبدو أوروبا بعيدة عن هذه "العدوى"، وسط جو انتخابي يعمّها، وإن ترافق مع "هواجس" أثارها صعود اليمين، والذي وُصِف بـ"الزلزال".
 
أما في لبنان، فلا انتخابات ولا من يحزنون، لأنّ الانتخابات الرئاسية التي كان يفترض أن تُنجَز قبل زهاء سنتين، مهمَّشة، حتى إنها لم تعد تحظى بأولوية الاهتمام، والمبادرات على خطّها شبه مجمّدة، ولو أنّها "تتحرّك" بين الفينة والأخرى، من دون أن تُحدِث أيّ "خرق" فعليّ، فهل من جديد على مستوى الرئاسة، وهل يكون شهر تموز الحالي "حاسِمًا" على خطّها، وفقًا لتصريح رئيس مجلس النواب، الذي أعطي أبعادًا رئاسيّة؟!
 
تموز "الحاسم"
 
حين قال رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أيام، إنّ شهر تموز "حاسِم ومفصليّ"، أثير الكثير من الجدل عن "مغزى" كلامه، ولا سيما أنّ هناك من وضعه في خانة التأكيد على احتمالات "الحرب" التي كانت طبولها تُقرَع، ليهدّئ المحسوبون على الرجل من "الضجّة المفتعلة"، ويؤكدوا أنّه لم يكن يقصد حصرًا الوضع الأمني الناشئ عن العمليات العسكرية في الجنوب، وإنما قصد أيضًا ملفات واستحقاقات أخرى، من بينها رئاسة الجمهورية.
 
وفقًا لهؤلاء، فإنّ شهر تموز يجب أن يكون "حاسِمًا ومفصليًا" رئاسيًا للكثير من الأسباب، من بينها ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن في سياق مواجهة السيناريوهات المُعَدّة للمنطقة وللبنان، ولمواجهة احتمالَي الحرب والتسوية على حدّ سواء، في ظلّ اعتقاد بضرورة حسم الخيار في الأمد المنظور، علمًا أنّ الموفدين الدوليين كانوا قد أكدوا مرارًا أنّ عدم انتخاب رئيس سيفوّت على لبنان فرصة الحضور على طاولة المفاوضات.
 
وإلى هذا السبب الجوهري، ثمّة أسباب تجعل تموز "حاسِمًا"، لأنّ عدم إحراز أيّ تقدّم فيه سيعني "ترحيل" ملف الرئاسة إلى أشهر عديدة لاحقة، وربما إلى مطلع العام المقبل بالحدّ الأدنى، فالعطلة الصيفية على الأبواب، ولا أمل يُرتجى بتفعيل أيّ مبادرات داخلية أو خارجية خلالها، فضلاً عن أنّ العالم سيتفرّغ خلال أسابيع وجيزة فقط، للحملات الرئاسية الأميركية، التي قد يجدها بعض اللبنانيين "مادة رهان" أخرى، تُجمَّد الرئاسة بانتظار نضوج معطياتها.
 
أين المبادرات؟
 
لكن، أبعد من هذه القراءة حول العامل "الحاسم والمفصليّ" في شهر تموز الحاليّ، ثمّة علامات استفهام تُطرَح عن جملة المبادرات الرئاسية المطروحة، والتي تبدو هي الأخرى "مجمّدة"، ولو أنّ القيّمين عليها بالمجمل يصرّون على أنّها لا تزال "مفتوحة"، بدءًا من مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى ما يصطلح على وصفه بحراك "الخماسية" العربية والدولية، وصولاً إلى مبادرة كتلة "الاعتدال"، وما تفرّع عنها من مبادرات ووساطات أخرى أيضًا.
 
في هذا السياق، يكثر الحديث هذه الأيام عن احتمال "تفعيل" هذه المبادرات التي سبق أن اصطدمت بحائط "الحوار" المسدود، بكلّ مسمّياته وأشكاله، من دون أن يترجم ذلك خطوات ملموسة، سواء على خط حراك "الخماسية" الذي لم تظهر بوادر تحريكه، كما أشارت بعض التسريبات، وصولاً إلى مبادرة "الاعتدال"، التي يقول البعض إنّ أيّ جديد لم يرشح عنها، ولو أنّ اجتماعًا مرتقبا لأعضائها، لتحديد خريطة طريق المرحلة المقبلة.
 
وضمن المعلومات المسرَّبة، يُحكى أيضًا عن جهد يبذله رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، الذي أعدّ "خطة" لتجاوز "الفيتو" على الحوار والتشاور، من دون أن تظهر أيضًا مفاعيلها واحتمالات نجاحها، ليبقى الثابت الوحيد وسط كلّ هذه التسريبات، أنّ المراوحة تبقى سيّدة الموقف، وأنّ كلّ المبادرات تبقى "مجمّدة" حتى إشعار آخر، طالما أنّ الرئاسة لا تحظى بالأولوية، في مقاربة مختلف الأطراف للوضع الحالي.
 
لا جديد رئاسيًا إذاً. قد تكون هذه العبارة المكرّرة منذ أشهر طويلة، الأكثر "استفزازًا" للبنانيين، ولا سيما بعدما ربط المسؤولون انتخابات الرئاسة، بكلّ الاستحقاقات في المحيط القريب والبعيد، والتي لا تبدو الحرب على غزة آخرها، في ظلّ تصاعد الحديث عن "رهانات" على الانتخابات الأميركية لتحديد "مصير" الرئاسة، فمتى يستعيد اللبنانيون زمام المبادرة، ويكفّون عن "الرهان" على خارج يرفض أصلاً أن ينتخب الرئيس مكانهم؟! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

هل يكون الحلّ فرنسيًا لانهاء الاحتلال؟


كتبت بولا مراد في" الديار": كما كان متوقعا لن يلتزم العدو "الاسرائيلي" بمهلة 18 شباط للانسحاب من الاراضي اللبنانية التي لا يزال يحتلها. هو قرر وبغطاء اميركي البقاء في 5 مواقع استراتيجية. ورغم اعتراض لبنان الرسمي على الموضوع، اكتفت لجنة الاشراف على تطبيق قرار وقف النار، بوضع المسؤولين اللبنانيين تحت الأمر الواقع، وسيكونون مضطرين الى التعامل معه، من دون القيام بأي خطوات لردع "اسرائيل"، او اقله انتقاد عدم التزامها بالاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة.
وبعد جهود كبيرة بذلها ولا يزال يبذلها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مع المجتمع الدولي، ليضغط على "اسرائيل" ويجبرها على الانسحاب، دخلت باريس على الخط بمقترح من شأنه ان يحفظ ماء وجه لبنان، اذ اقترح وزير الخارجية الفرنسي جان- نويل بارو أن ينتشر جنود من قوة حفظ السلام الأممية في لبنان "يونيفيل"، بمن فيهم جنود فرنسيون، في مواقع ما زال الجيش "الاسرائيلي" يحتلّها في جنوب هذا البلد، وذلك لإتاحة انسحاب كامل ونهائي".وليس واضحا اذا كان رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بصدد التجاوب مع هذا المقترح، مع ترجيح مصادر متابعة للملف، ان يلجأ الى المراوغة للاطاحة به، لافتة الى ان "الجو "الاسرائيلي" يقول إن ما لم تفلح فيه "اليونيفل" طوال الفترة الماضية، اي لجهة منع تمدد حزب الله جنوبي الليطاني وفرض تطبيق القرار 1701، لن تنجح فيه اليوم". وتضيف المصادر: "هذا المقترح يمر حصرا، في حال ارتأت واشنطن ان لها مصلحة فيه، اما في حال تُرك القرار لنتنياهو فهو سيرفضه دون تردد". ويشير العميد المتقاعد منير شحادة، الى ان "اسرائيل تريد لا شك ان تمدد بقاءها في كل جنوب لبنان، لكن الضغوطات الاميركية ستجبرها على الانسحاب في 18 شباط، من هنا كان اقتراحها البقاء في 5 نقاط استراتيجية، وهو مقترح مرفوض لبنانيا بشكل قاطع". ويرجح شحادة ان يكون مقترح استلام قوات اجنبية هذه النقاط مخرجا للمأزق الحالي، موضحا لـ "الديار" انه في حال "تخيير لبنان بين بقاء "اسرائيل" في هذه النقاط ، او وجود قوات دولية فيها، فهو سوف يختار الثاني، ولكنه لن يرضخ الى ان تكون هذه القوات اميركية، انما قد يقبل أن تكون فرنسية ما دامت هي موجودة تحت راية قوات اليونيفيل، وتلبس القبعات الزرقاء لكيلا يتم خرق القرار 1701"..
ويلفت شحادة الى انه "عندما زار نتنياهو واشنطن مؤخرا، طلب من ترامب تمديد بقاء الجيش "الاسرائيلي" في جنوب لبنان، الا انه رفض وهو ما يؤكده تصريح المبعوثة الاميركية الى لبنان مورغن أورتاغوس عن التزام واشنطن بتاريخ ١٨ شباط". وتُدرك الولايات المتحدة راعية اتفاق وقف النار، بحسب المصادر، ان تمرد "اسرائيل" ورفضها الانسحاب في التاريخ المحدد بعد ٣ ايام، سيُحرج "لبنان الرسمي" الممثل راهنا برئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، اللذين تدعمهما واشنطن، كما انه سيعطي حجة لحزب الله للتمسك بالمقاومة والسلاح، ما دام كل الحلول الاخرى اثبتت عدم جدواها. لذلك ستعمد واشنطن الى حلول توفق بين ما تريده "اسرائيل" ويحقق مصلحتها، وبين ما يحفظ ماء وجه حلفائها في لبنان.
 

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: أي مبادرات تتعلق بالبلاد يجب أن تتم بالتشاور مع الحكومة وموافقتها وإلا لن يكون لها أثر
  • رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي الجديد: سنعمل على تقوية الآليات التي تخدم قضية السلام في القارة الإفريقية
  • عمار: لن يكون هذا الوطن موطئ قدم أميركية إسرائيلية
  • لبنان لن يكون “إسرائيليًا”…
  • الباروني: تحقيق المصالحة الوطنية لن يكون ممكنًا إلا بعد انتخاب رئيس شرعي ووضع دستور ينظم الدولة
  • هل يكون الحلّ فرنسيًا لانهاء الاحتلال؟
  • هجن الرئاسة تحصد سيف البشاير الذهبي في عُمان
  • ترامب يكشف كواليس اتصال إيلون ماسك به ليخبره عن تقارير تزعم تنحيه عن الرئاسة
  • رئيس أذربيجان يهنئ السيد الرئيس أحمد الشرع بمناسبة توليه مهام الرئاسة
  • رئيس «قضايا الدولة»: نؤيد موقف الرئيس السيسي تجاه القضية الفلسطينية