تسارع أحزاب المعارضة الفرنسية الخطى لعقد اتفاق اللحظات الأخيرة قبل الجولة الثانية، سعيا لعرقلة وصول اليمين المتطرف للحكم، وتجنبا لانقسام الأصوات المناهضة له.

وبدأت ترتسم معالم المعركة قبل الدورة الثانية للانتخابات التشريعية مع انسحاب أكثر من 210 مرشحين من اليسار أو معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون لصالح خصومهم لقطع الطريق أمام حزب التجمع الوطني ومنعه من الحصول على الأغلبية المطلقة الأحد المقبل.

فقد أبرمت أحزاب المعارضة الفرنسية اتفاقات سريعة -أمس الثلاثاء- لمحاولة منع فوز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد، إذ قالت إنها لن تترأس الحكومة إلا إذا فازت بأغلبية مطلقة.

وحقق حزب التجمع الوطني -الذي تتزعمه مارين لوبان- تقدما كبيرا في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت الأحد الماضي بعد أن جاءت "مغامرة" الرئيس إيمانويل ماكرون بإجراء انتخابات مبكرة بنتائج عكسية وضعت معسكره الوسطي في المركز الثالث خلف حزب التجمع الوطني وتحالف يساري تشكل على عجل.

وحلّ التجمّع الوطني (يمين متطرّف) وحلفاؤه في طليعة نتائج الجولة الأولى من الاقتراع، بنيله 33.14% من الأصوات (10.6 ملايين صوت)، وانتُخب 39 نائبا عن هذا الحزب في الجولة الأولى.

انسحاب عشرات المرشحين

وقالت وسائل إعلام محلية إن أكثر من 200 مرشح أكدوا أنهم لن يخوضوا الجولة الثانية -الأحد المقبل- لانتخابات الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) المؤلف من 577 مقعدا.

وكان معظم المرشحين من اليسار (127) أو من معسكر ماكرون (81) وصلوا في المركز الثالث من الدورة الأولى في دائرة كان حزب الجبهة الوطنية في الطليعة فيها خلال الدورة الأولى.

وإجمالا، ومع أكثر من 210 انسحابات، لم يبق سوى نحو 100 مرشح من أصل 311 الأحد الماضي.

وفي كثير من الأحيان، تهدف هذه الانسحابات إلى منع حزب التجمع الوطني وحلفائه من تشكيل حكومة ستكون تاريخية، إذ لم يصل اليمين المتطرف إلى السلطة في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.

وتوقع قائمون باستطلاعات رأي للجولة الأولى أن يحصل التجمع الوطني على ما بين 250 و300 مقعد، علما أن النسبة اللازمة لتحقيق الأغلبية هي 289 مقعدا.

وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة إيفوب لاستطلاعات الرأي أن أغلبية صغيرة ممن صوتوا للتيار المحافظ في الجولة الأولى سيدعمون المرشح اليساري الأقدر على التغلب على منافس حزب التجمع الوطني في الجولة الثانية، ما لم يكن هذا المرشح من حزب فرنسا الأبية بزعامة ميلانشون.

توجهات اليمين

ويعارض حزب التجمع الوطني تعزيز التكامل مع الاتحاد الأوروبي، وقد يقطع التمويل عن الاتحاد.

وأثارت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان مخاوف من مدى تأثير تطبيق "تفضيلاته الوطنية" وسياساته المناهضة للمهاجرين على الأقليات العرقية، كما يتساءل اقتصاديون عما إذا كانت خططه للإنفاق الضخم لديها من مصادر التمويل ما يغطيها بالكامل.

وانتعشت الأسواق المالية -أول أمس الاثنين- نتيجة ارتياحها لأن أداء اليمين المتطرف لم يكن أفضل، لكن رد الفعل أضعفه إدراك أن برلمانا بلا أغلبية واضحة قد يواجه أيضا جمودا في إقرار السياسات طوال الفترة المتبقية من رئاسة ماكرون التي من المقرر أن تستمر حتى 2027.

"الجبهة الجمهورية"

شاع غموض في بادئ الأمر حول إذا ما كان حلفاء ماكرون سيتنحون في المنافسات المحلية لصالح مرشحين منافسين في وضع أفضل من حزب فرنسا الأبية اليساري المتطرف بزعامة جون لوك ميلانشون.

لكن ماكرون قال -الاثنين- في اجتماع مغلق للوزراء في قصر الإليزيه إن الأولوية القصوى هي منع حزب التجمع الوطني من الوصول إلى السلطة، وإنه يمكن تأييد مرشحي حزب فرنسا الأبية إذا لزم الأمر.

ونجحت "الجبهة الجمهورية" من قبل، كما حدث في عام 2002 حين احتشد الناخبون من كافة المشارب خلف جاك شيراك للتغلب على والد لوبان، جان ماري، في المنافسة الرئاسية.

لكن ليس من المؤكد مدى استعداد الناخبين هذه الأيام لاتباع توجيهات الزعماء السياسيين، كما أن جهود مارين لوبان لتحسين صورة حزبها جعلته أقل تنفيرا لدى الملايين.

عواصم عالمية تراقب

وتراقب عديد من العواصم الأزمة السياسية في فرنسا، واحتمال صعود اليمين المتطرف للحكم لأول مرة منذ عقود.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن "ألمانيا وفرنسا تتحملان مسؤولية خاصة تجاه أوروبا المشتركة.. ولا يمكن لأحد أن يظل غير مبال".

وفي وارسو، دعا رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك الأحزاب المؤيدة للاتحاد الأوروبي إلى بذل جهد أكبر لمعالجة مخاوف الناخبين العاديين والتصدي للنزعة القومية المتصاعدة بعد محادثات مع نظيره المستشار الألماني أولاف شولتس.

واعتبر توسك أن نتائج الجولة الأولى من هذه الانتخابات تعكس "اتجاهًا خطيرًا" تسلكه فرنسا وأوروبا.

وبدورها، أعلنت موسكو أنها تتابع "من كثب الانتخابات في فرنسا"، في حين أكّدت واشنطن أنها "تعتزم مواصلة تعاونها الوثيق مع الحكومة الفرنسية بشأن مجمل أولويات السياسة الخارجية".

وأشاد آخرون بالنتيجة التي حققها اليمين المتطرف الفرنسي، على غرار رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني التي اعتبرت أن "شيطنة" اليمين المتطرف لم تعد مجدية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب التجمع الوطنی الجولة الثانیة الیمین المتطرف الجولة الأولى فی الجولة

إقرأ أيضاً:

بحضور «ماكرون».. تفاصيل ليلة مؤلمة في باريس وفرار الإسرائيليين خلال مبارة كرة قدم

بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومسؤولين فرنسيين، وقعت اشتباكات بين مُشجعي فرنسا وإسرائيل في لقاء دوري الأمم الأوروبية بين البلدين، وشُوهد في عدد من الفيديوهات مُشجعي الاحتلال يلوذون بالفرار ويصرخون، فما تفاصيل ما حدث وما هو حال العاصمة الفرنسية بعد المباراة؟

وكانت مخاوف وقوع اشتباكات بين الإسرائيليين والفرنسيين خلال المباراة حدثًا هامًا سيطر على تصريحات المسؤولين الفرنسيين خلال الأيام الأخيرة قبل المباراة، وبعد وقوع الاشتباكات، حاول رجال الأمن في الاستاد الفصل بينهما، في أعقاب ذلك، قال شرطة باريس إنها لا تستطيع التعليق حتى تتلقى مزيدًا من المعلومات، بحسب وكالة «فرانس برس».

رغم الإجراءات الأمنية الاستثنائية، والدعم العسكري و السياسي والإعلامي الذي يحظون به أينما حلوا، فان اللعنة تطاردهم في كل مكان و زمان، في غزة وجنوب لبنان و أمستردام وباريس الليلة بمناسبة المواجهة الكروية بين فرنسا وإسرائيل والتي شهدت أضعف حضور جماهيري لمباراة المنتخب الفرنسي منذ… pic.twitter.com/nmJEA7x1qt

— hafid derradji حفيظ دراجي (@derradjihafid) November 14, 2024 وقعت الاشتباكات رغم تصريحات المسؤولين

ورغم محاولات باريس التأكيد على أنه لن يكون هناك أي اضطرابات أو اشتباكات خلال المباراة، ومع الإجراءات الأمنية المشددة، وحضور الرئيس الفرنسي وعدد من كبار الشخصيات، وتأكيد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيلو، أن تكرار ما حدث في أمستردام لن يحدث، استفز الجمهور الإسرائيلي مشجعي فرنسا أيضًا خلال أوقات عديدة من اللقاء، وهو ما تسبب في وقوع الاشتباكات، وتلقي جمهور إسرائيل «علقة ساخنة» من الجمهور الفرنسي، لكن لم يكشف عن عدد الإصابات في صفوف المشجعين.

الحالة الأمنية بعد المباراة

ونقلت وكالة «فرانس برس» الحالة الأمنية بعد المباراة، إذ يتنشر رجال الشرطة الفرنسية بشكل كبير في مُحيط الاستاد والمدينة، بينما تم تأمين خُروج المشجعين الإسرائيليين، الذين يصل عددهم إلى 150 مشجعًا فقط، بعد تعرضهم للضرب من مشجعي فرنسا، كما تواصل المروحيات التحليق فوق المدينة.

مروحيات تحلق فوق الرؤوس

وخلال المباراة، حلقت مروحيات أيضًا فوق رؤوس المشجعين، وأطلقت صافرات الإنذار، كما حذر الضباط الموجودين أحد المشجعين من أن العلم الإسرائيلي الذي كان ملفوفًا حول كتفيه قد يجعله هدفًا للاعتداء، وداخل الاستاد، استقبل النشيد الوطني الإسرائيلي بمزيج من الهتافات والاستهجان.

وشهدت المباراة حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه، والرئيسان الفرنسيان السابقان نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند.

مقالات مشابهة

  • ماكرون يزور السعودية لتعزيز الشراكة بين البلدين
  • ماكرون يلبي دعوة الأمير محمد بن سلمان
  • ماكرون يقوم بزيارة دولة للسعودية بين 2 و4 ديسمبر
  • بحضور «ماكرون».. تفاصيل ليلة مؤلمة في باريس وفرار الإسرائيليين خلال مبارة كرة قدم
  • «القاهرة الإخبارية»: ماكرون ومسؤولون فرنسيون يحضرون مباراة فرنسا وإسرائيل
  • رفض لحفل جمع تبرعات في باريس تقيمه منظمة إسرائيل للأبد.. يخالف القانون الفرنسي
  • فرنسا: نستخدم "كل الوسائل" لعرقلة اتفاق التجارة مع ميركوسور
  • ماكرون يحضر مباراة كرة القدم بين فرنسا وإسرائيل وسط مخاوف أمنية
  • النيابة الفرنسية تطلب حبس زعيمة أقصى اليمين ومنعها من تولي المناصب 5 سنوات
  • نائب يساري يطالب بإلغاء المباراة بين فرنسا والاحتلال.. ماكرون أول الحاضرين (شاهد)