رغم أنه لا توجد إحصاءات مؤكدة في هذه المرحلة، فإن تقديرات المجتمع المدني الفلسطيني تشير إلى أن عدد الغزيين الذين فقدوا أحد والديهم أو كليهما، يتراوح بين 15 و25 ألفا، مما يشكل مأساة أيتام وتمزقا عميقا في الأسرة والنسيج الاجتماعي للقطاع الفلسطيني.

وانطلقت صحيفة لوموند في وصف هذه المأساة من قصة آدم عفانة، وهو صبي في الخامسة من عمره مصاب تم إجلاؤه إلى بيروت، وقد توفي والده محمد متأثرا بجروحه بعد أيام قليلة من القصف الإسرائيلي الذي أودى بحياة عائلته، أما والدته شيرين المصابة بجروح خطيرة، فهي موجودة في مصر.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحيفة إسرائيلية: نتنياهو قد يوافق على مشاركة فلسطينيين في إدارة غزةlist 2 of 2غارديان: غزة تحولت إلى فشل أخلاقي وسياسي خارجي أكثر إرباكا لبايدنend of list

وأشارت الصحيفة -في تقرير لمراسلتها الخاصة في عمان وبيروت لور ستيفان- إلى أن ما لا يقل عن 17 ألف طفل -حسب تقديرات اليونيسيف– كانوا غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عن والديهم، الذين ماتوا أو دخلوا المستشفى أو أنهم محتجزون، كما قدرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة عدد اليتامى الذين فقدوا أمهاتهم بنحو 19 ألفا.

ولمرافقة آدم الذي يعالج في المستشفى الأميركي في بيروت بفضل المؤسسة التي أنشأها الجراح الفلسطيني البريطاني غسان أبو ستة، كان من الضروري العثور على عم له على قيد الحياة، وهو عيد عفانة الذي كان في مصر خارج غزة.

تحد هائل

وأمام الصحفيين، روى العم كيف نجت عائلة عفانة، من سكان مخيم جباليا من غارة أولى في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن تصيبها غارة ثانية يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول، قُتلت فيها أخت آدم على الفور، وكذلك جدته لأمه وخالته وأبناء عمومته، كما توفي والده في غرفة الطوارئ.

أما آدم، فقد التحق بعمه في مصر بعد تعرضه لخطر البتر، والعلاج بوسائل بدائية في مستشفيات غزة، قبل أن يصل إلى بيروت في مايو/أيار.

وكان الهجوم الإسرائيلي المستمر في غزة قاسيا على الأطفال الذين يشكلون 47% من سكان القطاع الساحلي، حيث قتل ما لا يقل عن 14 ألفا منهم ضمن ما يقرب من 38 ألف شهيد، كما بتر أحد الأطراف على الأقل لأكثر من 1500 طفل، حسب فيفيان خلف من صندوق إغاثة أطفال فلسطين، إضافة إلى عشرات من الأيتام والأطفال المعزولين.

والأمر الملح اليوم -حسب المراسلة- هو تحديد أقارب الأطفال المعزولين ولم شملهم وإيواؤهم، وهو ما يمثل "تحديا هائلا" كما يقول عمار عمار، المتحدث الإقليمي باسم اليونيسيف- "لأن عمليات النزوح الجماعية والمتكررة وانعدام الأمن الدائم، وتقييد الوصول إلى السكان المحتاجين، تعوق قدرة الجهات الفاعلة في مجال الحماية على تقديم الدعم للأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم ولم شملهم مع أسرهم".

أطفال من غزة ينتظرون في طابور لتلقي مواد غذائية توزعها منظمات خيرية وسط الهجمات الإسرائيلية (الأناضول)

ونبهت المراسلة إلى أن دفن بطاقات الهوية ووثائق الأحوال المدنية وغيرها تحت الأنقاض يؤثر على الرعاية القانونية للأيتام.

وتنقل هنا عن عائد ياغي، مدير فرع جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية في غزة، قوله: "إن الطفلة رهف (6 سنوات) فقدت والديها وأكثر من 30 فردا من عائلتها في ليلة واحدة، وأمضت 20 ساعة تحت الأنقاض، وتم إجلاؤها إلى القاهرة بفضل تدخل أقاربها في مصر"، ولكنها لا تستطيع أن تتعلم في مصر لعدم وجود أوراق ثبوتية".

استجابة طويلة الأمد

وكانت اليونيسيف قد بدأت بتوزيع أساور تعريفية في نيسان/أبريل، لكن هذه العملية توقفت فجأة بسبب الغزو الإسرائيلي لرفح في بداية مايو/أيار الماضي، يقول السيد امطيرة، من منظمة التعاون إن "النظام التعليمي والصحي الذي كنا نتدخل من خلاله مع الأيتام قد تم تدميره بأكمله".

وترغب عديد من المنظمات الفلسطينية -حسب المراسلة- مثل التعاون وجمعية الإغاثة الفلسطينية وصندوق إغاثة أطفال فلسطين، في تطوير استجابة طويلة الأمد لمساعدة الأيتام عندما تنتهي الحرب، وذلك بتدريب العاملين في مجال الأطفال والصحة، وتولي مسؤولية الصدمات وإعادة تأهيل الجرحى، والنظر في بناء دور للأيتام أو مراكز استقبال مؤقتة للعائلات.

وخلصت المراسلة إلى أن المنظمات الفلسطينية، رغم الكارثة التي حلت بغزة، تعارض أي نقل جماعي للأيتام إلى الضفة الغربية أو الخارج، في إطار التبني الدولي، لأن "هذا الجيل سيعيد بناء غزة" كما يقول طارق امطيرة "نريد أن ندعم صمود السكان، في مواجهة تدمير الحياة الذي تقوم به إسرائيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات إلى أن فی مصر

إقرأ أيضاً:

التعطيش .. سلاح إسرائيلي يفاقم مأساة غزة وسط الحصار والقصف

الثورة / متابعات

في قطاع محاصر يختنق تحت الركام، لم يعد العطش مجرد معاناة يومية، بل تحول إلى تهديد وجودي يُهدد حياة السكان. غزة، التي ترزح تحت نير حرب متواصلة منذ أكثر من عام ونصف، تواجه اليوم إحدى أشد الأزمات الإنسانية في تاريخها، بعد أن أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على قطع شبه كامل لإمدادات المياه، في تجاهل صارخ لجميع الأعراف والاتفاقيات الدولية.

وسط دمار البنية التحتية، وانهيار محطات التحلية، وشحة الوقود، أصبح الوصول إلى الماء تحديًا يوميًا لأكثر من مليوني إنسان.

هذه ليست مجرد أزمة خدمات، بل مشهد متكامل لمأساة يخطط لها لتجفيف الحياة من جذورها.

استهداف ممنهج للبنية التحتية للمياه

قطاع غزة يعاني من أزمة عطش غير مسبوقة بعد قيام الاحتلال الإسرائيلي بقطع الإمدادات الرئيسية للمياه وتعطيل محطات التحلية ومنع دخول الوقود والمساعدات، خط “ميكروت” الذي يغذي مدينة غزة بنسبة 70% من احتياجاتها المائية تم إيقافه بشكل متعمد بعد أن مرّ عبر حي الشجاعية شرق المدينة، كما دُمّرت شبكات المياه والآبار بفعل الغارات المستمرة، ما أدى إلى انهيار شبه كامل في البنية التحتية المائية.

الاحتلال لم يكتفِ بقطع الإمدادات بل استهدف عمدًا المرافق الحيوية وشبكات التوزيع، ما جعل توفير المياه مهمة شبه مستحيلة.

انهيار حصة الفرد من المياه

وتشير تقارير فلسطينية رسمية إلى تراجع حصة الفرد من المياه من 84.6 لتر يوميًا قبل الحرب إلى ما بين 3 -15 لترًا فقط حاليًا، وهي كميات لا تغطي الحد الأدنى للبقاء.

الكميات المتوفرة حاليًا لا تتجاوز 10 – 20 % من احتياجات القطاع وتعتمد على توفر الوقود لتشغيل الآبار ومحطات التحلية المحدودة، النقص الحاد بالمياه أجبر السكان على الوقوف في طوابير طويلة للحصول على كميات محدودة، فيما أصبحت مشاهد نقل المياه في خزانات بدائية واقعًا يوميًا يعيشه أكثر من مليوني إنسان.

بلدية غزة تحذر وتطلق مناشدات عاجلة

بلدية غزة أكدت أن خط “ميكروت” الذي يمر عبر المنطقة الشرقية لحي الشجاعية قد توقف عن العمل نتيجة التوغل العسكري الإسرائيلي، مشيرة إلى أنها تجري تواصلاً مع الجهات المختصة لمحاولة الوصول إلى موقع الخط ومعاينته تمهيدًا لإعادة تشغيله.

البلدية دعت السكان إلى ترشيد استهلاك المياه وأعلنت عن توزيع كميات محدودة عبر شاحنات وخزانات متنقلة بالتعاون مع لجان الأحياء وأصحاب الآبار الخاصة.

كما أكدت أنها تبذل ما بوسعها لتوفير الحد الأدنى من المياه رغم محدودية الإمكانات واستمرار العدوان.

دمار واسع في مرافق المياه والصرف الصحي

الإحصاءات تفيد بتدمير 39 بئرًا بشكل كامل وتعرض 93 بئرًا لأضرار جسيمة، ولم يعد يعمل سوى 17% فقط من أصل 284 بئرًا جوفيًا.

كما تعرضت 67% من مرافق المياه والصرف الصحي للتدمير، وتوقفت 80% من آليات البلدية عن العمل، بما فيها مضخات المياه ومعدات المعالجة.

ومع توقف 95% من محطات التحلية الدولية بسبب انقطاع الكهرباء، بات الوصول إلى مياه نظيفة تحديًا وجوديًا في قطاع غزة، مما يهدد بانهيار صحي واسع النطاق.

تحذير من كارثة إنسانية

المقررة الأممية الخاصة فرانشيسكا ألبانيز صرّحت بأن انقطاع الكهرباء يعني توقف تام لمحطات التحلية مما ينذر بإبادة جماعية، بينما اتهمت منظمات دولية كهيومن رايتس ووتش وأوكسفام الاحتلال باستخدام المياه كسلاح حرب من خلال حرمان السكان من الحد الأدنى الإنساني للحياة والذي يتراوح بين 15 و20 لترًا يوميًا حسب منظمة الصحة العالمية.

مشاهد مأساوية

اضطر آلاف السكان إلى استخدام مياه البحر لأغراض الغسيل والاستحمام، كما حاول بعضهم تحليتها بطرق بدائية كالتبخير عبر الحطب دون جدوى تُذكر.

مشاهد شاحنات المياه غير المعقّمة، والطوابير الطويلة لملء خزانات متهالكة، تنقل صورة حية لكارثة إنسانية تهدد القطاع بالكامل، في ظل غياب الأفق وغياب أي تدخل دولي فعال حتى الآن.

استمرار الحصار، ومنع دخول المعدات الثقيلة ومواد البناء، يعرقل أي محاولة لترميم ما تبقى من شبكات المياه، ويزيد من احتمالية تفشي الأمراض مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد الكثافة السكانية نتيجة النزوح المتكرر.

مقالات مشابهة

  • نهر المشرح في ميسان.. مأساة جفاف متكررة تضر بـ50 قرية والأهالي يناشدون
  • ضمن سياسة تفكيك الجغرافيا الفلسطينية وضغطًا على «حماس».. إسرائيل تمحو رفح من الخريطة وتحولها لمنطقة عازلة
  • رائد أعمال تربى في دار أيتام: أسست شركة لخدمة الأيتام
  • سفيرة دار الأيتام: مسلسل ولاد الشمس أثر إيجابيا على الأيتام
  • محافظ الدقهلية: لا ندخر جهدًا في دعم الأيتام وتوفير الرعاية الكريمة لهم
  • إعلام إسرائيلي: الجيش بدأ توسيع ممر موراج الفاصل بين خان يونس ورفح الفلسطينية
  • هواتف بلا “واتساب” في مايو المقبل
  • أسامة السعيد: زيارة السيسي وماكرون للعريش تعكس ثبات الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية
  • التعطيش .. سلاح إسرائيلي يفاقم مأساة غزة وسط الحصار والقصف
  • التدمير الداخلي.. كيف أدى الصراع بين حماس وفتح إلى تفكيك النسيج الفلسطينى؟